أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اتريس سعيد - الموت الطقسي














المزيد.....


الموت الطقسي


اتريس سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 7115 - 2021 / 12 / 23 - 13:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يقول الفيلسوف اليوناني إيامبليكوس مُعلِقاً على تجربة الموت الطقسي أن المُريد يسعى من خلال هذه التجربة لحيازة الإشراق الباطني و إدراك الحضور الإلهي في كل شئ و ذلك من خلال الطقوس و الرموز الباطنية و ليس من خلال القراءة أو التلقين أو الجدل العقلاني. منذ فجر الحضارة المصرية كانت قصة موت أوزيريس و تقطيع جسده إلى أشلاء تحتل أهمية كبرى فى الحياة الدينية للشعب المصري. تدور العديد من النصوص الدينية حول تقطيع جسد أوزيريس ثم تطهير عظامه, ثم إعادة تجميع تلك الأشلاء مرة أخرى. و هي ليست بقايا من ممارسات أضاحي بشرية أو شعائر قتل طقسي قديم للملوك كما يدّعى البعض, و إنما هي جزء من طقوس "شامانية" قديمة يمر فيها الشامان بتجربة الموت الإختياري الواعي حيث يقابل الموت وجها لوجه و يتجرع كأسه المؤلمة ليكتسب المعرفة الروحية المباشرة و يتحول من جسد فاني إلى "آخ"، أي روح مشرقة موصولة بالنور الإلهي. يقول عالم الأنثروبولوجي "ميرسيا إيلياد" في كتابه "الشامانية" واصفا الموت الطقسي عند الشامانز بإحدى مناطق سيبريا تُعرف باسم "ياكوتيا" يرقد الشامان أثناء شعائر الموت الطقسي فى خيمته لمدة ثلاثة أيام و ليالي بدون طعام أو شراب, ثم يمر بطقوس سرية يشعر خلالها و كأنّ جسده يتمزق إلى أشلاء و كأنَ أحشاؤه تُنتزَع من أماكنها بخُطّاف حديدي, و كأنّ لحمه يُكشَط من فوق عظامه لكي تكشف و تتطهر, و كأنّ سوائل جسده تنزف منه إلى أن تنضب، وكأنّ عيونه تُقتلَع من مآقيها، يتشابه هذا الوصف لتجربة الشامانز مع بعض نصوص الأهرام التي تصف مرور الملك بتجربة الموت الطقسي, حيث يعيد الملك تكرار تجربة موت أوزيريس و تقطيعه إلى أشلاء. جاء فى متون الأهرام، إنهض أيها الملك, فقد إستعدتَ رأسك و جمعتَ عظامك و أعضاء جسدك، إنفض عنك التراب، لقد إسترد الملك عينه و فمه بالقَدوم المصنوع من حديد السماء. يُرجِع الكاتب ميرسيا إيلياد السر وراء قُدرة الشامانز على شفاء الأمراض إلى تجارب الموت الطقسي التي يمارسونها في تلك التجارب يقع الشامان ضحية لطائر جارح له منقار و مخالب من حديد، يقوم الطائر الجارح بتمزيق الشامان إلى أشلاء و يلقي بلحمه إلى الأرواح التى تتسبب فى الموت و المرض و بعد أن تلتهمه تلك الأرواح، ثم تتركه و تذهب بعيدا عنه, ثم يعود الطائر للشامان مرة أخرى و يعيد عظامه إلى مكانها و يوقظه من حالة وعي خارج الجسد التي مر بها, و عندما يستيقظ الشامان يكتشف أنه أصبح يمتلك قدرة على شفاء الأمراض عن طريق الإتصال مباشرة بالأرواح التي تسببت فى تلك الأمراض. هناك العديد من القصص فى ثقافات العالم القديم تتناول موضوع الموت الطقسي و تصف تجارب روحية تشبه تجربة تقطيع جسد أوزيريس إلى أشلاء. و منها ثقافة طائفة من الإسكيمو تعرف بإسم إيجلوليك إسكيمو (Iglulik Eskimos) حيث يمر الشامان بتجربة الموت الطقسي التي تنتهي برؤية الشامان لنور يجتاحه و يسكن جسده, نور لا يمكن وصفه أو تفسير مصدره, يشبه نارا مقدسة تفتح عينه على رؤية عوالم لم يكن يستطع رؤيتها من قبل فيضحى بمقدوره الرؤية و عيناه مغلقتان, و يمكنه أيضا الرؤية في الظلام, و رؤية أحداث تقع فى أماكن بعيدة عنه و التنبؤ بأحداث ستقع فى المستقبل. هذا النور الغير مرئي الذي لا يمكن تفسير مصدره هو ما يعرف فى مصر القديمة بإسم "آخ" (Akh) وهي كلمة تعطي دلالات تدور حول النور/الإشراق/التحول. و في النصوص الجنائزية تشير إلى حالة من حالات الوعي الأسمى التي تبلغها الأرواح الطاهرة التي حازت الإشراق.

✍ﮩ₰ الماستر الأكبر سعيد اتريس

___23 ديسمبر 2021____



#اتريس_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الترددات بين المؤثر و الطبيعي
- فلسفة الماتريكس! الرؤيا من خلف الظلال
- مواعظ الحكمة من أقوال أبي مرة
- ثرثرة مع صديقي العجوز
- إستمع إلى قلبك الذي سيرشدك إلى ما تريد
- إيحاء الضمير الحر
- السحر الأسود من وجهة نظر العلم
- تأملات في علم طاقة و الوعي الروحي
- أصناف العلوم الروحانية وفق التراث العربي إسلامي
- ما الحاسة السادسة
- تكوين الإنسان الروحي
- معالم على طريق الإستنارة
- ماذا ستقول لو سكت العالم دقيقة ليسمعك؟
- ما مفهوم الطاقة السلبية
- أحلم بإمرأة هندوسية الفخذين
- أيها الإنسان أنت ظِلٌّ لاشيء؟
- نصف الحلم يسرد نصفه آخر
- في منتصف الطريق إلى القمر
- من أين للمسطرة القدرة على فرض هاته الإستقامة
- لا شيء يعجبني على الإطلاق


المزيد.....




- تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم ...
- روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
- مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا ...
- السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
- بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
- إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
- السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
- إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ ...
- حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات ...
- واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اتريس سعيد - الموت الطقسي