أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر الشريف - في اليوم العالمي للغة العربية














المزيد.....


في اليوم العالمي للغة العربية


ماهر الشريف

الحوار المتمدن-العدد: 7115 - 2021 / 12 / 23 - 09:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


برزت إشكالية تحديث اللغة العربية منذ عصر الازدهار العلمي العربي الإسلامي بالارتباط مع ظهور الترجمة وتطورها، وذلك في مناخ شاعت فيه الحرية الفكرية وشهد انتصار أنصار المعارف الحديثة، الذين شرعنوا الاقتباس عن الأمم الأخرى، على أنصار المعارف التقليدية، الذين وقفوا في وجه العلوم "الدخيلة". وفي ذلك العصر، انفتح العرب على "الآخر" من دون أي تردد، وهو أمر ساعدهم عليه واقع أن زمام المبادرة التاريخية على الصعيد العالمي كان في طور الانتقال إلى أيديهم. وقد ساهمت حركة الترجمة في تلك الفترة، وخصوصاً النقل عن العلماء والفلاسفة اليونانيين، في تطوير اللسان العربي، كما كانت مقدمة لانتقال العرب إلى الإبداع الذاتي في علوم وفنون شتى.

وفي عصر النهضة العربية الحديثة، طّرحت إشكالية اللغة في سياق المقارنة بين اللغة العربية ولغات الأمم التي قطعت شوطاً على طريق التقدم الحضاري، إذ اعتبر النهضوي الشامي بطرس البستاني، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، "أن كثرة المترادفات في العربية ليست دليل غنى لأنها لا تفيد زيادة في المعاني التي هي المقصود الأصلي من اللغات، واللغة التي فيها ألفاظ كثيرة لمعنى واحد وهناك معان كثيرة لا ألفاظ للتعبير عنها هي في الحقيقة فقيرة لا غنية". وتبلور الوعي آنذاك بضرورة تحديث اللسان العربي وجعله مواكباً للعصر وعلومه من خلال عملية ثلاثية الأبعاد، تستهدف إيجاد المصطلح وإغناء العبارة وتمثّل الفكرة. وشكّلت الترجمة، إلى جانب المدارس الحديثة والبعثات والرحلات، قناة رئيسية لانتقال الأفكار والنظم الحديثة إلى البلدان العربية. ولم يكن لهذه الأفكار والنظم أن تنتقل لو لم يقبل المثقف التنويري الحديث مبدأ التفاعل الحضاري ويشرعن الاقتباس عن الآخر المتقدم، ويتعامل تعاملاً نقدياً مع التراث، ويتحرر من أسر إشكالية العلاقة بين التراث والمعاصرة ويتطلع بصورة لا لبس فيها إلى المستقبل.

فقد برز اهتمام النهضوي المصري رفاعة رافع الطهطاوي بالمسائل اللغوية خلال سنوات إقامته في فرنسا، إذ كان مطلوباً منه أن يقوم بترجمة بعض النصوص الفرنسية في مواضيع مختلفة كي يحصل على إجازة الترجمة. وفي مواجهة افتقاد المعاجم الفرنسية – العربية، وغياب المصطلحات العربية المناسبة للتعبير عن الأفكار والنظم الحديثة، اضطر الطهطاوي – مثلما يرى محمد سواعي في كتابه: "أزمة المصطلح العربي في القرن التاسع عشر"– إلى الابتكار، فلجأ بصورة أساسية إلى طريقتين في إيجاد المصطلح العربي: الأولى تمثلت في استعمال المفردات العربية الواردة في اللغة الفصحى أو في اللهجة الدارجة، والعمل على توسيع معاني هذه المفردات أحياناً لتشمل الأفكار الجديدة، والثانية تمثلت في اللجوء إلى تعريب المصطلحات الفرنسية عندما لم تتوفر المفردات العربية. ورأى الطهطاوي أن فن الترجمة لا يقتصر على معرفة اللسان المترجم عنه بل يشمل معرفة العلم أو الفكر أو الأدب المترجم فيه؛ ففن الترجمة "يعني ترجمة الكتب وهو من الفنون الصعبة، خصوصاً ترجمة الكتب العلمية، فإنه يحتاج إلى معرفة اصطلاحات أصول العلوم المراد ترجمتها فهو عبارة عن معرفة اللسان المترجم عنه وإليه، والفن المترجم فيه"

بيد أن الانقطاع الذي شهده مسار حركة النهضة والتنوير، والذي تزامن مع بدء مرحلة الاستعمار الأوروبي، ترك تأثيره على إشكالية تحديث اللغة وأضعف مساهمة الترجمة في حل المسائل اللغوية، وذلك على الرغم من الدور الهام الذي صارت تضطلع به مجامع اللغة العربية التي راحت تتشكل في دمشق والقاهرة وبغداد، ومن التطور الذي طرأ على حركة تأليف المعاجم العربية. فبعد أن طغى الوجه الاستعماري للغرب على وجهه التنويري، برز تحفظ تجاه مبدأ التفاعل الحضاري والاقتباس عن "الآخر"، كما أن غلبة ما أسماه ناصيف نصار بالتصور اللغوي للأمة على الحركة القومية العربية قد أعاد إحياء النظرة اللاتاريخية إلى اللسان العربي، الذي أضفيت عليه قدسية قومية أو دينية. وهكذا، ظلت إشكالية تحديث اللغة العربية من الإشكاليات العالقة في مرحلة ما بعد الاستقلال، علماً أن التقدم الهائل الذي يحصل في ميادين العلوم والتقنيات والتطور السريع الذي يطرأ على وسائل نقل المعارف، صار يفرض بإلحاح التصدي لهذه الإشكالية وإيجاد حلول لها، ليس لأن اللغة العربية لم تتطور خلال القرنين الماضيين، وإنما لأن تطور اللغة – كل لغة – هو مسألة مفتوحة، ولأن هناك هوة لا تزال تفصلنا، من زاوية التقدم المجتمعي والمعرفي، عن "الآخر".



#ماهر_الشريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يريدون تكريس الاحتلال الإسرائيلي وجعله أمراً واقعاً؟
- أول اتفاق أمني بين دولة عربية وإسرائيل
- المستوطنون اليهود: عنف متزايد بحماية جيش الاحتلال
- أفريقيا: دبلوماسية إسرائيلية موازية مزدهرة
- كيف استغل أريئيل شارون -الحرب على الإرهاب- كي يلحق -الهزيمة- ...
- لقاء بينت - بايدن: حضور إيران وأمن إسرائيل وغياب فلسطين
- هل يمكن أن يدوم خيار التعايش الإسرائيلي مع الصراع؟
- تقرير أممي يعيد تذكير المجتمع الدولي بأن الاستيطان الإسرائيل ...
- إسرائيل دولة فصل عنصري: حقيقة يزداد الاقتناع بها
- فضيحة بيغاسوس ومسؤولية إسرائيل عن انتهاكات حقوق الإنسان
- سلوان: معركة مفتوحة منذ سنوات ضد التهويد والاقتلاع
- اغتيال بنات قد يبدد مكاسب الفلسطينيين ويضعف التضامن الدولي م ...
- حكومة هشة لا ينتظر الفلسطينيون منها شيئاً
- حروب إسرائيل على قطاع غزة: قتل وتدمير من دون تحقيق أهداف سيا ...
- معاني النكبة
- ما الذي تغيّر على بنية الإمبريالية بين الأمس واليوم؟
- الشيخ جراح: مقاومة التطهير العرقي... قصص معاناة وصمود
- إميل حبيبي: الثقة بالشعب والدعوة إلى الاعتماد عليه
- الحركة العمالية النقابية الفلسطينية 1920- 1948
- استفزازات المستوطنين تشعل الصدامات في القدس المحتلة


المزيد.....




- إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل ...
- ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
- حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
- عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا ...
- ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
- أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
- تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
- مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس ...
- العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
- ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر الشريف - في اليوم العالمي للغة العربية