|
ربط حل قضية فلسطين بمصير الاسلام السياسي سياسة مناهضة لتحرر جماهير فلسطين!
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
الحوار المتمدن-العدد: 1658 - 2006 / 8 / 30 - 10:59
المحور:
القضية الفلسطينية
مع صدور قرار 1701 من مجلس الامن التابع للامم المتحدة قبل ايام، اوقف الكابوس الاليم لحرب اسرائيل على جماهير لبنان رغم ان هذا القرار لم يوصد الباب بشكل نهائي وتام امام امكانية شن اسرائيل لحربها مرة اخرى. مئات القتلى، اغلبهم من الاطفال، عشرات الاف من العوائل قد شردت، ودمرت المئات من البيوت على رؤوس اصحابها. احيلت مدن باكملها الى خراب جراء القصف الوحشي الاسرائيلي وحولت الى مدن اشباح. غدت المستشفيات، المدارس، مراكز الكهرباء والطاقة، الجسور وسائر البنية التحتية اهدافاً مباشرة للماكنة العسكرية الاسرائيلية التي لم يروي ضمئها عقود من الدماء. فرض الدمار باوسع اشكاله على مدن باكملها. لم يكن ثمة حدود لاعمال القتل والارهاب. جرائم كثيرة ارتكبت تقشعر لها الابدان. تكفي كل واحدة من هذه الجرائم لاحالة كل قادة أسرائيل، مدنيين وعسكريين، إلى المحاكم بتهمة أرتكاب جرائم حرب وجرائم بحق الانسانية. إن ما جرى في لبنان هو صفحة سوداء وقاتمة من حياة البشر ووصمة عار على جبين دولة اسرائيل وقادتها وساستها القتلة المخضبة اياديهم بالاجرام والدم. لم تكن لهذه الحرب صلة باختطاف واسر جنديين اسرائيلين. اذ لم تكن هذه المرة الاولى التي يهاجم حزب الله قوات الجيش الاسرائيلي وياسر من جنودها. لم يتعدى هذا الادعاء سوى حجة ومبرر كاذب الى ابعد الحدود. كما لم تكن هذه الحرب من اجل حماية الجماهير في اسرائيل من ارهاب حزب الله. بل ان دولة اسرائيل، بظلمها واحتلالها وشوفينيتها وعنصريتها، هي اكثر العوامل اساسية لانعدام الامان والاستقرار في المنطقة، وبالاخص لجماهير فلسطين ولبنان، بل وحتى لجماهير اسرائيل نفسها. انها حجة لشن حربة مدمرة كخطوة اخرى لفرض نظام عالمي جديد بدء بانهار من الدم في حرب الخليج عام 1991 ولازال المجتمع في العراق ومناطق كثيرة من العالم تدفع ثمن باهض عنه. في هذا السياق، وقف مايسمى بـ"المجتمع الدولي"، وفي مقدمته طيف واسع من الدول الموالية والتابعة لامريكا، وبشكل واضح، الى جانب اسرائيل في حربها هذه. وعبر توجيه الرماح نحو حزب الله والقاء سبب اندلاع الحرب على ما اسموه بـ"افعاله المتهورة"، أُعطِيَ الضوء الاخضر لاسرائيل كي تتمادى في حربها وغطرستها وعنجهيتها. منح هذا الموقف زخم سياسي ومعنوي لاسرائيل بالامعان في اعمال القتل والارهاب السافر الذي دفع ثمنه بالدرجة الاولى الابرياء والعزل في لبنان. في خضم هذا، لم تتخلف القيادة الجديدة للحزب الشيوعي العمالي الايراني عن هذا الركب. اذ جاء موقفها المعلن في مجمل بياناتها وكتاباتها، والمتمثل بكون هذه الحرب هي ادامة مجابهة قطبي الارهاب العالمي لما بعد 11 ايلول، ليصب الماء في طاحونة امريكا واسرائيل وسياساتهما الدموية في المنطقة، سياسة "اقامة شرق اوسط جديد!" والذي لايعني سوى فرض "شرق اوسط جديد" تكون فيه امريكا شرطيا على العالم، شرطياً على البشرية ان تركع له. ان حزب الله ذا سجل قل نظيره في الدموية والارهاب والوحشية وسحق ابسط الحريات والحقوق السياسية والمدنية في اي مكان يتواجد فيه. ان هذا امر لاشك فيه. بيد ان وضع حزب الله على قدم المساواة مع اسرائيل في حربها الدموية الارهابية (وبالطبع بدعم كامل من امريكا) وجمعهما في سلة واحدة بوصفهما طرفي الحرب وسبب اندلاعها لهو تخندق كامل في صف امريكا واسرائيل وسياساتهما المشؤومة بالضد من جماهير لبنان والمنطقة والعالم. إن إعتبار ما حدث في لبنان، والتي لم تكن إلا هجمة سافرة شنتها اسرائيل على جماهير لبنان، حرباً بين طرفين هو لذر الرماد في العيون وابعاد انظار الجماهير عن المسبب الاصلي للحرب وضرورة النضال وحشد القوى ضده وايقاف جريمته. انها حرب احادية الجانب، حرب طرف واحد. ان مسؤوليتها تقع كاملة على اسرائيل وامريكا وتعنتهما وغطرستهما الدموية. إن إعتبار هذه الحرب إمتداداً لمواجهة قطبي الإرهاب العالمي يؤدي إلى التغاضي عن الدور الإجرامي الذي لعبته وتلعبه إسرائيل ومعها امريكا في فرض الحرب و الدمار على المنطقة في الماضي و الحاضر، واطلاق ايادي اسرائيل للإمعان في أرتكاب المجازر على أعتبار إنها لا تشكل إلا طرفاً من الحرب و ليس المسؤول المباشر والوحيد عن الحرب و الدمار الحالي في لبنان. كان من الممكن إعتبار موقف قيادة الحزب الشيوعي العمالي الإيراني موقفاً سلبياً يتجسد فيه هامشية اليسار في إكتفائه بإطلاق التحليلات و إتخاذ المواقف التي لا تغني عن جوع و لا تحرك من ساكن، ولكن التحولات المرتقبة في المنطقة و الإستعدادات الجارية من قبل أمريكا لتوسيع رقعة الحرب و الدمار ومهاجمة إيران بحجة سعي الجمهورية الإسلامية إلى إمتلاك السلاح النووي، يجعلنا ننظر إلى الموقف المذكور كجزء من استعدادات تلك القيادة للإنضمام إلى جبهة القوميين الإيرانيين والجوقة المطبلة أو على الاقل المتغاضية عن غايات أمريكا في خلق عراق آخر في إيران. في الواقع، ليس في هذا الموقف والسياسة، رغم طنبها الراديكالي المعادي لحزب الله والاسلام السياسي عموما شكلاً ولفظاً، اي معاداة لحزب الله، بل انه يصب في خدمته في المطاف الاخير. إن تجرد اليسار من تصور واضح و موقف صريح في إدانة الهجوم و المجازر الإسرائيلية يعادل في الواقع الحيلولة دون التفكير في إتخاذ سياسة عملية للتصدي لتلك الهجمة مما يعني في المطاف الأخير ترك مهمة مقاومة الإجرام الإسرائيلي-الامريكي للقوى الاخرى وفسح المجال امام حزب الله و الإسلام السياسي عموماً للإدعاء زوراً و كذباً بتمثيل مقاومة الجماهير للعدوان الإسرائيلي. لايمكن فصل هذا الموقف والسياسة عن الانعطافة الجارية في الحزب المذكور تجاه مجمل ازمة فلسطين. ان الابحاث الاخيرة لقيادة الحزب فيما يخص هذه الازمة وقضية فلسطين، والتي وردت على لسان ليدره، تستند اساساً الى عدة اسس: "لايمكن اليوم حل مسالة فلسطين بصالح الجماهير دون كبح الاسلام السياسي من جماهير فلسطين والشرق الاوسط"، و"ان سبيل حل مسالة فلسطين يمر بصورة محددة عبر حسم مصير الاسلام السياسي في فلسطين" و"طالما ان قوى مثل حزب الله وحماس تتمتع بهيمنتها على حركة فلسطين، لن يتم تامين هدف ارساء مجتمع ودولة متساوية الحقوق في فلسطين"! ان هذه الاحكام هي تخلي واضح عن سبيل حل مسؤول وواقعي لهذه المعضلة ولامبالاة واضحة بحياة ومعاناة الملايين في فلسطين، وهي انعطافة كاملة عن سياسات منصور حكمت والشيوعية العمالية. انه انحراف يميني يصب الماء في طاحونة اسرائيل. ان هذا التوجه يتعارض بشكل سافر وهو تخلي واضح عن سبيل حل منصور حكمت والشيوعية العمالية التي طالما اكدت على ان حل مسالة فلسطين يكمن باقرار اسرائيل وامريكا بتاسيس دولة فلسطين بوصفها دولة مستقلة ومتساوية الحقوق، وان حل مسالة فلسطين هو ركن اساسي لاستئصال شافة الاسلام السياسي من مجمل الجغرافيا السياسية للشرق الاوسط، وان الفاشية الاسلامية هي تتمة الفاشية الاسرائيلية ونتاج مباشر لها، وان تصاعد الفاشية الاسلامية، بحماس والجهاد وحزب الله وغيرها، نابع من بقاء جرح عقود من الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين دون اندمال. ان بوسع امريكا واسرائيل وبجرة قلم ان يغلقوا ملف هذه القضية وهذا الجرح الغائر في المنطقة كلها. ان اول ثمار غلق هذا الملف هو سحب البساط وبشكل نهائي من تحت اقدام الاسلام السياسي ودفعه نحو هامش المجتمعات في هذه المنطقة. ان النتيجة العملية لسياسة القيادة الجديدة للحزب الشيوعي العمالي الايراني هي، وبدل من ممارسة اوسع اشكال الضغط على اسرائيل وامريكا للاقرار باستقلال فلسطين، توجيه الحراب نحو الاسلام السياسي الذي لا يتعدى سوى نتاج لهذه الوضعية و يتغذى من سياسات امريكا واسرائيل واحتلالها لفلسطين. ان هذا موقف بوش وبلير وشارون وسائر الفاشيين الحاكمين في اسرائيل. ان هذه السياسة لاتليق بحزب يحسب نفسه انه يسير وفق توجهات وخط منصور حكمت. ان الحزب الشيوعي العمالي العراقي يرى في هذه الحرب امتداد لمجمل سياسات امريكا في عالم مابعد انتهاء الحرب الباردة، عالم تسعى امريكا لفرض نفسها على العالم بوصفها سيداً له. هذا السيد الذي على الجميع الرضوخ لارادته ومشاريعه حتى لو اقتضى ذلك اقامة بحار من دماء البشرية. ان حرب اسرائيل وامريكا هي خطوة لاغنى عنها من اجل تحقيق هذا الهدف. ان اي حياد عن هذه الحقيقة ما هو الا اصطفاف واضح في خندق امريكا ومشاريعها العالمية. كما يؤكد الحزب في الوقت ذاته، كما اكد مراراً، على ان سبيل استئصال شافة الاسلام السياسي بمجمل فصائله يمر عبر انهاء احتلال فلسطين واقامة دولة فلسطين مستقلة ومتساوية الحقوق. على البشرية المتمدنة ان تمارس مجمل اشكال الضغط على امريكا واسرائيل من اجل اقرار اسرائيل وامريكا بهذا السبيل الواقعي. على الحزب الشيوعي العمالي الايراني ان يسحب موقفه وسياسته المذكورة التي تصب الماء في طاحونة استمرار معاناة جماهير فلسطين ومصائبها وويلاتها وادامة مسلسل الاحتلال، الحروب، العنف، القتل اليومي، التشريد والدمار. ويناشد اعضاء الحزب ومجمل الذين يعدون انفسهم امناء لخط منصور حكمت على عدم القبول بهذا. انها سياسة غير مسؤولة ومناهضة بشكل تام لحق جماهير فلسطين والمنطقة في الحرية والتحرر.
#الحزب_الشيوعي_العمالي_العراقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ساندوا و أدعموا إضراب عمال النفط في البصرة
-
اي نجمة في سماء الشيوعية قد انطفأت! - حول رحيل الخالد سامي م
...
-
يجب محاسبة المذنبين في جريمة معمل الاسمنت في طاسلوجة قرب الس
...
-
يجب إيقاف جرائم إسرائيل فوراً
-
في الاول من ايار ؛ ساندوا قيام جيش البروليتايا في العراق !
-
البلاغ الختامي للاجتماع الدوري الثامن عشر للجنة المركزية للح
...
-
في الذكرى الثالثة لشن الحرب على البشرية المتمدنة في العالم،
...
-
فوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني خطوة كبيرة لل
...
-
لا للاستبداد الاسلامي و لا للعنصرية اليمينية عاشت حرية التعب
...
-
نداء من الحزب الشيوعي العمالي العراقي إلى الجماهير الكادحة و
...
-
محاكمة صدام وازلام البعث ليست قانونية ويجب ايقافها فوراً
-
بيان الحزب الشيوعي العمالي العراقي حول أجراء مهزلة -الاستفتا
...
-
بيان الحزب الشيوعي العمالي العراقي حول مهزلة مايسمى ب -الاست
...
-
حمامات الدم الجارية في العراق وفتوى الزرقاوي في التطهير الطا
...
-
مسودة دستور الإسلاميين والقوميين يؤكد على ضرورة النضال لإحبا
...
-
لا لمؤامرة فرض دستور فاشي قومي - إسلامي
-
بيان الحزب الشيوعي العمالي العراقي- حول مخطط صياغة الدستور
-
لنتصدى للحرب الطائفية و القومية
-
مرة أخرى يحصد الإرهاب الإسلامي أرواح الأبرياء
-
الرمح والخنجر... ومزيد من تدمير المدن وقتل الابرياء
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|