تفكيك الانتصار..!؟

جهاد نصره

الحوار المتمدن-العدد: 1658 - 2006 / 8 / 30 - 04:18
المحور: الارهاب, الحرب والسلام

ما يفعله الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان بالرغم من قرار الأمم المتحدة الخاص بوقف الأعمال العدائية والتزام حزب الله الصارم به، يهدف إلى تفكيك الانتصار الذي حققه مقاتلو الحزب في المواجهات الميدانية من جهة.. ومن جهة ثانية إلى امتصاص خيبة الأمل التي أصابت الإسرائيليين وبخاصة أنهم تعودوا على الانتصارات السهلة والسريعة في كافة الحروب التي خاضتها حكوماتهم مع العرب وذلك من خلال إنجاز بعض الأهداف كتنظيف الجنوب من كل تواجد مسلح لحزب الله.!
ثم إن التزام حزب الله بالقرار، وانسحاب مسلحيه مع معداتهم من كامل الجنوب، وعدم رده على استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، يظهره أمام الداخل الإسرائيلي في حالة ضعف ترى فيها حكومة إسرائيل عامل مساعد في عملية تجفيف نشوة الانتصار التي عمَّت في المنطقة.. لذلك، تعمل القوات الإسرائيلية على تصوير بعض عملياتها وتعميمها إعلاميا لإظهار النجاحات التي تحققها كتفجير الأنفاق المكتشفة، وتدمير مواقع مقاتلي الحزب، والتهديد بالملاحقة الجوية لتصفية قادة الحزب لإجبارهم على الاستمرار في الاختفاء، واستمرار الدوريات المسلحة في بعض قرى الجنوب لتعقب أي نشاط لمقتلي الحزب، وغير ذلك من استمرار الحصار بكل أشكاله إلى التهديد بجولة ثانية بعد استخلاص الدروس والعبر مما حدث في الجولة الأولى وكل ذلك من شأنه شحن الداخل اللبناني بمزيد من الخلافات، وإبقاء السجال الداخلي حامياً تحت مظلة الأمر الواقع وهي مظلة عسكرية تهديدية شاملة تخفي تحتها معركة حامية غير منظورة بين مختلف الأجهزة الأمنية.!
إن حكومة إسرائيل وقد قررت تشكيل لجنة تحقيق لتقصي أسباب الإخفاقات كما سمتها تحاول أن تظهر أنها بالرغم مما حصل لا تزال ممسكة بكل أوراق القوة وهي وإن تذكرت الآن فقط أنها لا تزال تحتل الجولان فإن ذلك ليس من باب الشيم أو إظهار رغبتها بالسلام بل محاولة لخلق هواجس عند حزب الله بأن عزله بات ممكناً بعد أن يفقد حليفه القريب أوتنجح عملية تحييد حليفه البعيد.!
إن إسرائيل التي تعودت على الانتصار في كل معاركها لن تقبل بهزيمة مهما كان حجمها فكيف إذا كانت على يد حزب كحزب الله..! وهي إن قبلت بالأمر الواقع بعد نجاحها في تفكيك النصر، واحتواء تداعياته تكيفاً مع حسابات داخلية ضاغطة، فإن الولايات المتحدة الأمريكية لن تقبل بهزيمة إسرائيل في أي شكلٍ من الأشكال ذلك لأن مثل هذه الهزيمة ستعني هزيمة للسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط هذه السياسات التي تتعثر في التمدد حتى اليوم من خلال مشروع التحولات الديموقراطية التي عملت عليه منذ انهيار الاتحاد السوفييتي.! وهذه الحقيقة تفسِّر لماذا كانت معارك العرب مع إسرائيل تبدو كمعارك مباشرة مع أمريكا في ذات الوقت، وهي ستبقى كذلك في المستقبل.. هذا إذا كانت هناك ثمة حروب قادمة.!

#جهاد_نصره (هاشتاغ)

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات