ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم
(Majid Alhydar)
الحوار المتمدن-العدد: 7111 - 2021 / 12 / 19 - 00:16
المحور:
الادب والفن
حكايات من الفولكلور الكردي 3
من مكرِ النساء
ترجمة ماجد الحيدر
يحكى أن رجلاً أخذ على نفسه أن يدور في الأرض ليبحث عن مكر النساء ويبطله، فحمل زوّادته وعصاه وانطلق في الدنيا الفسيحة. في أمسية متأخرة وصل إلى قرية صغيرة وشاهد امرأة حسناء تقف عند أحد أبوابها، فقال في نفسه:
- فلأسأل أهل هذا البيت أن يبيتوني الليلة عندهم.
تقدم من المرأة وسلم عليها، فردت بأحسن منه وسألها:
- هل تقبلونني ضيفاً عندكم؟
- الضيف ضيف الله. على الرحب والسعة.
أدخلته المرأة وأبدت ترحيبها بمقدمه. وبعد أن اتخذ مجلسه سألها:
- أين زوجكِ؟
- لقد خرج مع قافلة. وماذا عنك يا ضيفنا؟ من أين أتيت وإلى أين تذهب؟
- أنا أسيح في الأرض باحثاً عن مكر النساء كي أبطله.
حين سمعت المرأة ذلك تنحّت جانباً وهي تغالب الضحك، وقالت له حللتَ أهلا ونزلتَ سهلاً. ثم قامت وذبحت دجاجة ووضعتها على النار، وعادت لتجلس بقربه، وتدنو منه شيئاً فشيئاً، حتى اضطرته إلى الالتصاق بالجدار، ودار في خلده أنها وقعت في غرامه وتطلب وصاله.
فجأةً، سمعا أصواتا تنبئ بمقدم الزوج. وكما يقول المثل الكردي: إذا صاح أحدهم "بشت" هربت القطة السارقة، اضطرب الرجل واصفر لونه وانتصب على قدميه وقال لها:
- ما العمل؟ سيقتلني زوجكِ إن رآني.
قالت له: لا تخف.
وسارعت بإخفائه في صندوق كبير، وقامت إلى الباب لاستقبال زوجها ومساعدته في إنزال أحماله، ثم دخلا البيت، فرأى الزوج الدجاجة الشهية وقال لها:
- يبدو أن إحدى دجاجاتك مرضت فسارعتِ لذبحها في هذا الوقت.
- كلا يا زوجي العزيز. لقد نزل علينا ضيف فرحبت به وأعددت له هذا العشاء، لكن تبين أنه رجل قليل الأدب، فما أن علم بغيابك حتى تحرش بي ودنا مني وحاصرني عند الجدار، وعندما سمع صوتك سارع بإلقاء نفسه في ذلك الصندوق.
أخذ الرجل يرتعد من الخوف في مخبئه، وقام الزوج غاضباً ليفتح الصندوق، لكن الزوجة أمسكت يده وقالت له:
- ماذا تفعل؟ انتظر لأكمل كلامي.
- وماذا بقي من كلام؟
- حسناً، بعد أن تناهى لي صوتك فززتُ من نومي و...
- هل كان حُلماً إذن؟
- طبعاً كان حُلماً، وماذا ظننت؟
تنفس الضيف الصعداء، وجلس الزوجان لتناول الطعام، ثم ارتفع صوت المؤذن لصلاة العشاء، فقالت الزوجة:
- قُم لتذهب إلى المسجد وتصلي فيه جماعة.
- أنا متعبٌ للغاية، سأصلي في البيت.
- كلا، الصلاة في المسجد أكثر أجراً.
وافقها زوجها، وما أن خرج حتى فتحت المرأة الصندوق وسألت الرجل ساخرة:
- ها. أما زلت تبحث عن مكر النساء؟ هل نجحت في إبطاله؟
لم ينبس المسكين ببنت شفة، بل سارع إلى لبس حذائه ومغادرة القرية في جنح الظلام وقد أقسم ألا يعاود الكَرّة ويبحث عن مكر النساء مرة أخرى!
#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)
Majid_Alhydar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟