أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ولاد الحرام














المزيد.....

ولاد الحرام


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7108 - 2021 / 12 / 16 - 15:14
المحور: كتابات ساخرة
    


خطفوها واغتصبوها وخلفوا منها عيال كتير، ولاد وبنات. مضت الحياة والعيال ولاد الحرام كبروا وانتشروا واغتصبوا بعض وخلفوا ولاد وبنات كتير، أكتر من الأول. واستمر الخطف والاغتصاب لغاية ما بقوا كتير، كتير أوي. نشأوا وتربوا وترعرعوا وتعلموا ودرسوا وحتى حصلوا على الماجستير والدكتوراه في بيئة الحرام. أصبحوا أولاد حرام مأصلين ومحترفين، وأصبح الخطف والاغتصاب، وطرق ووسائل العيش الحرام صنعة، عرفاً وتقليداً متبعاً، لا يستنهض ضميراً ولا يستفز نخوة.

حتى الزوجة ألفت الاغتصاب، ظنته العلاقة الطبيعية بين الرجل والمرأة. إذا تأخر عنها، سعت في التودد إليه. تجسوا على ركبتيها وتطلبه لنفسها في جرأة ووقاحة لا توجد حتى وسط حيوانات البراري. هذه، كما تظن، سنة الحياة؛ وهي باليقين لم تعرف سنة أخرى للحياة غيرها. معذورة، كل ثقافتها من الحرام.

المهم، دارت بهم الحياة. أكلوا وشربوا وتكاثروا. وماذا يفعلون؟ كان لابد أن يأكلوا ويشربوا ويتكاثروا للبقاء أحياء، بأي وسيلة مهما كانت حتى لو من الحرام. وهل عرفوا غيره؟! لا شرع يحكم حياتهم، ولا قواعد ولا قوانين. وما ذنبهم؟ هم أتوا إلى الحياة ولم يجدوا أي من ذلك. بل وجدوا الخطف والسلب والنهب والغش والاحتيال والرشوة والاغتصاب العرف السائد المتبع. لكنهم في الواقع، للمفارقة، يفعلوا ما يفعلون في أنفسهم، يخطفون ويسلبون وينهبون ويغشون ويحتالون ويرشون ويغتصبون بعضهم البعض ولا أحد سواهم أنفسهم. وما الفارق، المهم أنهم لا يعون ولا يدركون، والأهم أنهم مستمرون في حياتهم ولو بمشقة.

هم لا يعرفون الحرام، حتى رغم أن عيشتهم كلها حرام، وأصلهم وفصلهم حرام من حرام. وهل جربوا أبداً غير الحرام حتى يعرفوا معنى الحرام؟ الأشياء لا تعرف سوى بالمقابلة والمقارنة، طويل مقابل قصير، ثخين مقابل رفيع، أبيض مقابل أسود، حرام مقابل حلال. وهم لم يعيشوا أبداً في حياتهم سوى في الحرام، فكيف يعرفون الحلال، إذا كانوا يعتقدون في وجود شيء كهذا من الأصل؟!

المهم، هذا الوضع الحرام لم يرضي البعض من خارجهم. حضروا ومعهم المشرع وبعض الكبار المصممين لوضع حد لهذه الحرمانية المستفحلة وقديمة العهد. النجاسة تطال حتماً بشرورها الجوار، حتى لو بعيد. فإذا كانوا يريدون اتقاء شرورها في أوساطهم، عليهم الانقضاض عليها ومحاولة استئصالها وتطهيرها في بؤرة منشأها. الهجوم خير وسيلة للدفاع. جلسوا وتداولوا، وعلت أصواتهم بالأسئلة الصعبة.

هل من سبيل لإضفاء الشرعية على وضع بذرته ونبته وغلته كلها حرام؟ لو كان جرثومة أو فيروس أو حتى مرض عضال كان من السهل القضاء عليه وبعدها سيواصل الجسم حياته نظيفاً وسليماً ومعافى. لكنه الجسم ذاته، وليس شيئاً غريباً أو دخيلاً عليه، هو الذي تحول إلى جرثوم وفيروس فاسد. هل سنقضي عليه؟ وماذا سيتبقى منه إذا فعلنا ذلك؟ أليس استمرار الحياة حتى في الحرام أفضل من الفناء؟

لا حل جذري. لابد من التوفيق والحلول الوسط. لابد من توافق ما، بنسبة ما، بين الحرام والحلال. ويتعايشان معاً، حتى يحين الأوان ويسود الحلال تدريجياً فوق الحرام ونبلغ العيشة الطبيعية الصحية. لكنهم لا يعرفون غير الحرام، لا يعرفون حتى معنى الحلال. إذن لابد من تعليمهم أولاً معنى، وفضل، العيشة الحلال. لكن هذا يستغرق وقتاً، أليس كذلك؟ ويحتاج إلى معلمين. ومن أين نأتي بهم؟ ولاد الحرام لا يسمعون إلا من أنفسهم. هل تعتقد أنهم سيصدقون أياً من كان يأتي من خارجهم، من خارج ثقافتهم الحرام؟ وكل ذلك يستغرق أجيالاً. عملية صعبة وطويلة ومرهقة ومملة جداً، على مجرد أمل جني ثمار موعودة في مستقبل لن يبلغوه! وماذا عن الحاضر؟

دعونا نأكل ونشرب ونغش ونحتال ونستمتع بعيشتنا الحرام الحالية. حرام في اليد خير من ألف حلال في الخيال.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحول من الفلسفة إلى الدين: مقتل هيباتيا
- كائنات جبارة من صنع البشر
- الكائن المفكر الأوحد
- مع إبليس- الوجود الإدراكي التطوري
- لقاء مع إبليس- المساواة في الوجود
- لقاء مع إبليس
- كيف أصبحت الكلاب من أعز أصدقائنا: رحلة ممتدة منذ القدم حتى ا ...
- الاحتكار وابن عمه الشرير
- جنرال الكتريك والإيمان بسحر الإدارة
- سفاح الحمير
- أحياة بلا خطة هي؟
- عذاب الوعي
- دين وثلاث دول
- مدينة لكن بعقل قرية
- قرويون على أرصفة المدن
- إنصافاً للتجربة الديمقراطية في العراق
- نحن البشر لن ننعم أبداً بالحياة على كوكب المريخ، أو أي مكان ...
- لا غنى عن حقوق الإنسان حتى في أوقات المحن
- شرعية حقوق الإنسان
- إلى أين أنت ذاهب يا سعيد؟


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ولاد الحرام