أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فتحى سيد فرج - الحضارة المصرية القديمة 00استمرارية آم انقطاع المقالة الأخيرة - شواهد الانقطاع















المزيد.....

الحضارة المصرية القديمة 00استمرارية آم انقطاع المقالة الأخيرة - شواهد الانقطاع


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 1657 - 2006 / 8 / 29 - 09:48
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


المقالة الأخيرة - شواهد الانقطاع

1- توقف حركة الإبداع والتطور الحضاري
قامت الحضارة المصرية الفرعونية على أسس ومقومات نتيجة تفاعل حي وإرادة عقلانية وكانت سباقة في الوصول إلي لغة حضارية وعلوم متقدمة وفنون راقية ونظم سياسية واقتصادية وإدارة سليمة لعوامل الإنتاج والإبداع الحضاري ، وارتقت من مستوي التجمع البشري المعتمد على الأفراد في نشاطهم التلقائي إلي مستوي المجتمع الموحد .
والحضارة بطبيعتها فعل إبداعي متجدد ، أما أن تستمر في تقدم وازدهار أو إلي تدهور وانحسار إذا ما أصاب أحد مقوماتها أو بعضها أي تحلل فالمجتمع في فترة تحضره يكون كل فرد فيه كيان فاعل ومنتج وكذلك تكون المؤسسات محصلة الفاعلية العامة في المجتمع وقادرة على حل كل ما يواجهها من صعوبات ومشاكل ، ويتولد فى للمجتمع إطار معرفي وقيمي متجدد ومتطور بشكل دائم .
ولكن ما حدث بعد أن أصبحت مصر محتلة أن عم الانحلال في أغلب الأسس والمقومات الحضارية ، وسقطت الإدارة السياسية والاجتماعية للفرد والمجتمع وتوقف الإبداع في الإنتاج وفي الفكر. وتحولت مصر من مجتمع منظم ومتحضر إلي مجرد تجمع بشري وانكفي الفلاح المصري على العمل الزراعي في ظل ظروف صعبة ونتيجة للانحلال الحضاري والقهر الخارجي تفتت الروابط الاجتماعية وتعطل الإنتاج المعرفي والتطور الحضاري والإبداع العلمي والفني ، وسادت مصر ثقافة ذات مرجعيات غريبة عن الشعب المصري وخارجه عن صلب تكوينه ومصالحه وتشتت القدرات وغاب الإطار المنظم وبرزت ظواهر الاستلاب المعنوي وأصبحت تعيش في سلفية منسوبة إلي تأويلات دينية تجعل من النص والثقافة الشفاهية والكلمة والصوت بديلاً عن الفعل والعمل ، وطوال فترات الانحلال الحضاري لم يبرز أي فرد مصري في مجال العلوم أو الفنون بمساهمة حقيقية في تطور الإنسانية .
2- ضياع الروح القومية والانتماء الحقيقي لمصر
تؤكد كل الشواهد أن تفتت الوحدة القومية كانت دائماً أول عوامل الانحلال الحضاري ، فمنذ عصور الانحلال الأولي كان انفصال الأقاليم وتعدد العواصم وتعاقب الأسرات الحاكمة تؤدي إلي ضعف الدولة وتردي الأوضاع وتدهور الإنتاج .
كما أن تفتت الوحدة القومية وضعف الدولة كانت دائماً مقدمة إلي أن تحقق القوى الطامعة أهدافها في غزو مصر ثم الاحتلال الأجنبي وما يترتب عليه من سلب ونزوح للفائض إلي خارج البلاد مما كان يصيب مصر بالمزيد من الضعف والاضمحلال .
وقد أدي احتلال الفرس واليونان والرومان والعرب لمصر إلي ضعف الإحساس بالروح القومية وضاعت ملامحها التي كانت تستمدها من خصائصها الذاتية ويذهب صبحي وحيدة إلي القول بأن المجتمع المصري في القرن الثامن عشر أصبح مجتمعاً عربياً بارز المعالم ، وأن المصريين لم يعودوا يعون أنهم أصحاب قومية خاصة وقد تغيروا مادياً ومعنوياً إلي حد ذهب بكثير من معالم حضارتهم وشعورهم بوحدتهم كامة ، ويؤكد ذلك حسين فوزى بقوله : لقد حدث تحول كامل في حياة مصر فصلها فصلاً تاماً عن تاريخها السابق. وأصبح المصري المسلم ينظر إلي الإسلام كأساس لحضارته ، ويعتبر العصور السابقة على الإسلام كأنها تاريخ شعب آخر انتهي أمره .
3- ضياع اللغة المصرية القديمة
يشير الآن جاردنر. عالم المصريات الكبير وصاحب " النحو المصري " إلي أنه : ظل التاريخ يعد في حكم العدم حتى اكتشف المصريون قبل نهاية حقبة ما قبل الأسرات مبدأ الكتابة .
ويحار علماء المصريات أمام حقيقة أن المصريين القدماء قد توصلوا إلي نحو 24 علامة هجائية تشير كل منها إلي صوت منفرد متميز كانت تكفل لهم أن يكتبوا بها لغتهم بأبجدية سليمة وواضحة ، وقد ظل المصريون يحافظون على كتابة لغتهم لما يزيد عن أربعة آلاف عام بالخط الهيروغليفي الذي احتاج إلي جهد شاق ووقت مديد لتخريج ناسخية والأفضل راسمية حيث بلغت علاماته نحو 700 علامة مختلفة سجلوا بها كل ما توصلوا إليه من علوم متقدمة وفنون راقية وآداب عظيمة، وأصبحت هذه اللغة هي أرقي الأشكال التعبيرية عن الحضارة المصرية مما أدي جيمس هنري بريستيد إلي القول : أن قهر المصريين للمعادن وتقدمهم في اختراع أقدم نظام كتابي قد وضع في أيديهم السيطرة على طريق التقدم الطويل نحو الحضارة .
وأنه ليوم حزين وقاسي على النفس ذلك اليوم الذي صدر فيه القرار بتغيير لغة المصريين ، ومن دراما التاريخ أن يكون أحد عناصر القوة في التكوين المصري هو العامل الرئيسي في هذا الأمر ، فنظام مركزية الدولة وقدرتها على فرض قراراتها وتشابك ذلك مع مصالح المتعاملين مع دواوين وأجهزة هذه الدولة هو الذي أدي لتحول المصريين إلي استخدام اللغة العربية ، وضياع هذا المنجز الحضاري الفريد المتمثل في اللغة المصرية القديمة والتي كانت ما تزال تحمل بقايا روح الحضارة وجوهر منتجاتها من المعرفة والعلم والفن ، والتي بفقدها خبي آخر نفس وانطفي المشعل، وكان من المنطقي أن تسقط الحضارة .
وأصبح الإنسان المصري بعد ذلك يقف مشدوهاً أمام ما هو منحوت من رموز وكتابات على المعابد وفي البرديات التي خطها أجداده ووضعوا فيها خلاصة جهدهم مثله في ذلك أي أجنبي لا ينتمي إلي هذه الحضارة .
4- اندثار أفرع النيل
يقول حمدي أبو كيلة في دراسة له عن " النيل والمصريون- دراسة في التاثير المتبادل "من الثابت أن أفرع النيل قبيل العصر البطلمي كان عددها سبعة. ويضيف محفوظ أبو كيلة إلي ذلك أنه كانت توجد شبكة كاملة من الترع والمجاري المائية ويحكمها جميعاً نظام دقيق لإدارة أعقد شبكة ري عرفها العالم ، وعندما دخل العرب مصر كانت هذه الفروع والمجاري والبحيرات العذبة على حالها .
وبقدوم العرب واستيلائهم على الدولة ونظرتهم إليها نظرة وحيدة كأداة للجباية ومنهجهم الذي لا يرد فيه فكرة النفقة العامة التي تتولاها الدولة المركزية بدأت الدولة تتخلي عن مهامها الساسية ويتقلص العمران وهكذا نجد أن أغلب هذه الفروع والترع قد انطمرت أو طمست وتهدمت جسورها واختفت نهائياً خلال عصور الاحتلال المختلفة ولم ينج من الإطماس والاندثار سوي فرعي رشيد ودمياط.
5- انخفاض مساحة الأرض الزراعية
كان من أهم أسباب اندثار أغلب فروع النيل أن زحفت البراري على منطقة شمال الدلتا حيث التهمت حوالي 1.5 مليون فدان تحوات من أراضي خصبة مزروعة إلي برك ومستنقعات ، كما زحفت رمال الصحراء على الأراضي التي كانت تزرع على مياه الآبار بامتداد الساحل الشمالي حتى العصر الروماني .
كما كان اضطراب أمور الدولة والخلل في توزيع المياه ينتهي بالفلاحين إلي ترك اراضيهم فتتسع مساحة الأراضي التي لا تزرع ويجد البدو المجال الذي يحتاجون إليه لرعي قطعانهم أو مزاولة الزراعة الهيئة التي يحسنونها وينمو بذلك مجتمعهم على حساب المجتمع المدني المصري ، وبسبب هذه العوامل وغيرها انخفضت مساحة الأرض الزراعية من 6.5 مليون فدان عام 150ق.م إلي حوالي 3.5 مليون فدان عام 1821م .
6- انتشار المجاعات
يذكر حمدي أبو كيلة أن التاريخ المكتوب قد سجل منذ القرن الرابع عشر الميلادي إلي القرن الثامن عشر نحو 50 مجاعة بمعدل يصل إلي مجاعة كل 8 سنوات وذلك خلال الحكم المملوكي والعثماني أي أنه كان على المصري الذي يعيش 30 سنة ( وهو تقريباً متوسط العمر في ذلك الوقت ) أن يعايش ثلاث مجاعات على الأقل خلال عمره القصير .
ولمن يود الاستزادة والاطلاع على التفاصيل فعليه مطالعة تاريخ المجاعات في مصر في الكتاب الصغير الحجم والبالغ الأهمية " إغاثة الأمة بكشف الغمة " للمقريزي والذي صدرت له طبعة أخيرة في مكتبة الأسرة عام 1999.
7- انخفاض عدد السكان:
كانت النتيجة الطبيعية للعوامل السابقة مجتمعة أن أنخفض عدد المصريين من 18 مليون نسمة عند أواسط القرن السابع الميلادي إلي حوالي 2.5 مليون نسمة عام 1821م .
وبانتهاء أغلب المقومات الأساسية للحضارة المصرية وكمون بعضها الآخر لم يتبقي للشعب المصري إلا بعض العادات والتقاليد والطقوس والممارسات التلقائية والتي نراها واضحة في الجوانب الاجتماعية خاصة فيما يتعلق بالموت والجنازة والدفن وزيارة المقابر، وكذلك في عادات الزواج والولاة ، وبقايا الديانات الشعبية في الرهبنة والطرق الصوفية والاحتفالات والأعياد القومية مثل ، وفاء النيل ، الغطاس، شم النسيم، وكلها من تراث البيئة المحلية وترتبط بالنهر ودورة الفيضان السنوية ، كذلك ظلت هياكل بعض النظم السياسية والاقتصادية مفرغة من مضمونها الحقيقي وقدرتها الفاعلة .



#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحضارة المصرية القديمة ...استمرارية آم انقطاع المقالة الراب ...
- الحضارة المصرية القديمة 00استمرارية ام انقطاع المقالة الثالث ...
- اسكندرية مدينتى (1) بيروت الإسكندرية 00 التنوع يصنع الازدهار
- الحضارة المصرية القديمة 0اسمرارية 00أم انقطاع- المقالة الثان ...
- الحضارة المصرية القديمة ..استمرارية أم انقطاع- المقالة الأول ...
- لماذا سؤال الهوية ؟! ( المقالة الأخيرة )0
- لماذا سؤال الهوية ؟! ( المقالة الرابعة )0
- لماذا سؤال الهوية ؟! المقالة الثالثة
- لماذا سؤال الهوية ؟ المقالة الأولى
- الفكر الغربى وسوسيولوجيا الفشل المقالة الثانية النهضة المست ...
- التنوع الثقافى الخلاق
- الفكر العربى وسوسيولوجيا الفشل - المقالة الأولى
- المسرح فى مصر الفرعونية المقالة الأولى
- علوم جديدة... وتعليم مغاير
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 8 من 8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 7 من 8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 5 من 8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟4-8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 3 من 8
- إشكالية النهضة عند الطهطاوى


المزيد.....




- الملكة رانيا تعايد الأميرة إيمان والأمير الحسين يعايدها بصور ...
- رصدها -صائد أعاصير-.. شاهد منازل تطفو بعيدًا في مياه جراء عا ...
- تفجير -البيجر- في لبنان.. مسؤولون يكشفون التفاصيل: إسرائيل ز ...
- مصر.. ضجة وغضب بسبب فيديو لأطباء يتحرشون بفتيات مريضات والدا ...
- هجوم صاروخي وبالمسيرات: روسيا تستهدف مدينة إزميل الأوكرانية ...
- سوريا تتحول إلى ملاذ للفرار من الحرب!
- شاهد.. تفاعل كبير مع فيديو لهاريس تبدو في -حالة سكر-.. فما ...
- قائد الحرس الثوري الإيراني: لو اجتمع كل شياطين العالم لما تم ...
- صواريخ الخنجر الروسية دمرت طائرات F-16 الأمريكية وماذا أيضًا ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير 4 بلدات جديدة في دونيتسك والقضاء ع ...


المزيد.....

- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فتحى سيد فرج - الحضارة المصرية القديمة 00استمرارية آم انقطاع المقالة الأخيرة - شواهد الانقطاع