أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابتسام الحاج زكي - ما الذي أعادني لتلك القراءة؟!














المزيد.....

ما الذي أعادني لتلك القراءة؟!


ابتسام الحاج زكي

الحوار المتمدن-العدد: 7104 - 2021 / 12 / 12 - 11:29
المحور: الادب والفن
    


أمام هذا الانحدار الذي تعيشه إنسانيتنا المجهز عليها، وأمام هذا التغييب المتعمّد لكل ما يمتُّ بصلة لقيم الخير والجمال، أيحقُّ لنا أن نسأل أم أن الأسئلة صارت هي الأخرى رهينة التبريرات المقيتة؟!.
حتى بات بعضنا يجول في خبايا الأيام بحثا عن ملاذ يأمن به على باقي المتبقي من ذاكرة صار كل ما تجيده الانكفاء على مكنوناتها لئلّا تطالها جرّافة العبث الآخذة بالاستفحال في جهاتها الأربع كرة أرهقتها أقدام المارقين ركلا والغاية التمزيق والبعثرة.
كنت قد قرأته في تسعينيات القرن المنصرم كتاب ت. س. إليوت دراسة وترجمة يوسف سامي اليوسف والصادر عن دار منارات شعرية.
ت. س. اليوت الذي يعدُّ من أبرز شعراء الحداثة والمبشرين بها، لكنه وفي لحظة صفاء مع النفس وبحسب الدراسة المشار إليها أدرك عمق الخسارة التي يجنيها إنسان المدينة اللاهث خلف سراب الحياة المرفّهة سطحا، والممزّقة عمقا، منحازا إلى الروح فهي وحدها وبحسب ما ذهب إليه قادرة على التجدد، والانبعاث ( كانت رؤية اليوت للعالم واتضاع امكانيات أرضه الخربة تتطابق مع المرحلة التي تلت الحرب العالمية الأولى، وبذلك غدا اليوت الناطق الشعري باسم ذلك الجيل،كما كان همنجواي الناطق باسمه في الرواية. ففي "اليباب" يقارن اليوت علانية أمجاد الماضي بقذارة الحاضر )*.
اتذكر جيدا مدى صدمتي** حين استللت هذا الكتاب من المكتبة وكان يعنى بدراسة لبعض أعمال الشاعر مسلطّا الضوء فيه على نفوره من نزعة التمدن ونقمته على الواقع المادي الذي طغى على الحياة ليزيح فيما بعد قيما روحية ووجدانية ناعيا إياها هو وبعض ممن جايلوه من كتاب وشعراء، ولا سيما بعد الحرب العالمية الأولى وما تلاها من خيبات إنسانية كانت كفيلة بزعزعة القناعات والقذف بها في أتون الهاوية التي أتت على الأخضر واليابس، كان هذا في بداية القرن العشرين!!!، تُرى لو قُدّر لإليوت وعاصر راهن أيامنا القافز على كل ما من شأنه إضفاء الرونق الإنساني على الحياة وقيمها الجمالية، وبعد أن تطورت حروبنا وأسلحتها وصار الكل يبذل قصارى دهائه ومكره لابتكار موت يليق وتطور التقنيات التكنولوجية للحياة المعاصرة، حتى صارت حرب صناعة الأوبئة والاتجار بها هي ما نعيشه اليوم، فلو أدرك هذه اللحظة وشهد هذه المحنة الكونية التي يدّعي الجميع براءته منها، ونفض يديه عن قذارتها، فهل سنراه يلوذ بالصمت أمام جبروت هذا الانفلات القيمي والأخلاقي، أم ثمّة إبداع يفوق أرض اليباب والرجال الجوف وغيرهما من عطاء شعره الحداثوي؟!. وهنا ينبغي التذكير إلى إن بعض الدراسات النقدية لأعماله سلطت الضوء على نقطة ينبغي الوقوف عندها تأملا، وهي تأثره الكبير بالتراث وتأثيره على توجهات الشاعر وثقافته الإبداعية والإنجيل يقف في صدارة ما تأثر به بحسب الدراسات، وهذا يقودنا إلى حقيقة شاخصة مفادها أن العودة إلى الله تعالى وإن تأخرت خيرا من اللهاث وراء سراب يكرّس له رجال جوف، ففيها نأمن على باقي المتبقي من فضائل يًحَاول الإطاحة بها بقصدية تامّة.

* ت. س. اليوت، دراسة وترجمة يوسف سامي اليوسف، ط ١، دار منارات، عمان، الأردن.

** مبعث الصدمة هو أننا كمجتمع وقتذاك كنا نغبط الغرب مبهورين بما وصل إليه من تقدم تكنولوجي ما سيقود إلى الرفاهية فيما بعد.



#ابتسام_الحاج_زكي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدتي وتنور الطين
- سيرتي المشذّبة
- نفوسنا حين تتناجى!
- أين الفرار؟!
- العلوة
- ولا يزال
- عصرة أنفاس
- صفحة من دون الصفحات
- ما أشقاها من ذاكرة!
- إلامَ الحنين؟
- ومضة باهتة
- أقنعة خانقة
- بين المطرقة والسندان
- إلامَ تُشير بوصلتي؟!
- متاهة
- وتمضى
- وريقات صفراء ونقش مزعوم
- حروف يضاهي بزغ الفجر بياضها
- نلوذ وأنّى اللواذ؟
- إلامَ الحنين؟!


المزيد.....




- فيلم -Eddington- المثير للجدل سياسيًا بأمريكا يُشعل مهرجان ك ...
- وزيرة الثقافة الروسية لم تتمكن من حضور حفل تنصيب البابا
- مخرج فلسطيني: الفن كشف جرائم إسرائيل فبات الفنانون أهدافا لج ...
- لوحة سعرها 13.2 مليون دولار تحطم الرقم القياسي لأغلى عمل لفن ...
- كفى!
- وداعًا أيها السلاح: لو عاد همنغواي حياً ماذا كان سيكتب؟
- -بوذا يقفز فوق الجدار-.. لهذا السبب ترجمة أسماء الأطعمة الصي ...
- مصر.. قرار قضائي بحق فنانة شهيرة في أزمة سب وقذف طليقها
- من هارلم إلى غزة.. مالكوم إكس حي في كلمات إبرام كيندي
- -دعوة من فضلكم-... محبون للسينما يطلبون الحصول على تذاكر مجا ...


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابتسام الحاج زكي - ما الذي أعادني لتلك القراءة؟!