أياد الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 7103 - 2021 / 12 / 11 - 01:05
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
قبل البدء في تناول أستخدام الدكتور الماجدي للأسطورة , يكون من المهم أن نعرج قليلآ الى تعريف ووظائف الأسطورة. لا شك هناك تعريفات كثيرة لكني أختار التعريف البسيط والشامل للأسطورة عند الباحث السوري فراس السواح , كما ورد في كتابه (الأسطورة والمعنى), فالأسطورة كما يعرفها السواح بأنها "حكاية مقدسة, ذات مضمون عميق, يشف عن معاني ذات صلة بالكون والوجود وحياة الأنسان".
لابد للأسطورة من وظيفة برزت لأجلها , فهي كانت الأستجابه الأولى للأنسان الواعي , الذي بدأ يدرك ويحس فيما يحدث من حوله من أحداث وما يشاهده من ظواهر طبيعية هزته من الأعماق عن أسباب حدوثها ومن الذي يقف ورائها , وبسبب عدم وجود معطيات عما يشاهده من ظواهر, وبعدم توفر أدوات معرفية يستعين بها في معرفة أسباب ما يحدث , كانت أستجابته تتمركز على مخيلته البسيطه وعلى يمتلكه الذهن الأنساني من بعض القواعد العقلية المجبول عليها , والتي منها قاعدة السببية , من هذا المخيال , والمسلمات العقلية التي زُودت بها الطبيعة البشرية , أطلق الأنسان الأول العنان لمخيلته في محاولة لتوفير أجابات عن أسئلة ملحة تضغط بالأجابه عليه لكي تهدأ عليه روعه وتدخل الأطمئنان على قلبه والقناعه على عقله, من هنا وُضعت أُسس وبدايات الأسطورة , وهي التعبير الأول عن الوعي الأنساني عبر الشعور الواعي لمحيطه أنتقالآ الى التفكير الواعي كأستجابه واعية لهذا الشعور. لا أريد أن أطيل في معنى الأسطورة ووظيفتها التي وضعت لها , فهناك من الكتابات ما يغني في هذا المجال , ولكن من الضروري الأشارة الى بعض الوظائف الرئيسية للأسطورة والتي منها كمحاولة تفسير ما يحدث من ظواهر كونية أخافت وأدهشت الأنسان,محاولأً معرفة أسبابها , وما هي القوة التي تقف خلفها ؟ فالأساس هو أستفهامي , معرفي , فهي كانت بالحقيقة كمقدمه للتفكير الفلسفي , أوذلك التفكير الذي سبق التفكير الفلسفي , فالأسطورة أستخدمت الخيال والعاطفة , وشيء من العقلنة, في حين أستخدمت الفلسفة الأدوات العقلية والمعرفية, كما تُستعمل الأسطورة كأداة لترسيخ مفاهيم دينيه معينه , وعندما أقول دينيه أقصد فيه الدين بمعناه الشامل بما فيه الأديان منذ بداية الخليقه , كما توظف الأسطورة في صناعة رموز بطولية تعبر عن تاريخ الشعوب وظهور أمجادها مقابل الأقوام والشعوب الأخرى وخاصة المناوئه لها , ولاشك هناك أسباب أخرى كثيره , ولكن ما أستوقفني هو أتجاه بعض الكتاب الذين تناولوا الأسطورة ووظفوها في دعم أو توهين أيديولوجيا معينه , وهذا ما لمسته في توجه الدكتور خزعل الماجدي من خلال كتابه (أنبياء سومريون) , حيث لمست منه توجه علماني متطرف يختزن قبليات لمفاهيم علمانية تسعى الى نسف الأديان السماوية عبر تأويل متعسف للأسطورة , من خلال تفسيرات لا عهد حتى لواضع الأسطورة بها , ومشحونة بالتلفيقات والتحويرات الغريبة والعجيبة , وهي تأويلات لا تمت للعلمية بصلة ولا للمنطق بوصال, فالرجل مخلص لعلمانيته البعثية , ومن شواهد أخلاصة هو نسف مرتكزات الأديان عن طريق ألحاق الأديان السماوية بمصاف الأساطير , حيث يقول في حوار مع خضير الزيدي أن الكتب المقدسة الحالية هي أمتداد لهذه الأساطير , الى أن يقول أن أغلب الأدب المؤسس للتوراة هو رافديني بالدرجة الأساس , الى أن يقول (فأذا علمنا أن نصوص التوراة هي أساس المسيحية والأسلام ,أيضاً فبذلك تكون الأساطير ونصوص الرافدين هي أساس الأديان الموحدة كلها ) , وأنا من خلال ما قرأته للدكتور الماجدي وما لمسته من تلفيقات , وجدته لا يبتعد كثيراً , بل يماثل ما يوظفه اليهود من أستخدام للأسطورة في تثبيت حقوق مزعومة , وهكذا أصبحت الأسطورة أداة لنسف أصول معتقدات , وتغير حقائق تاريخية لأغراض أيديولوجية وسياسية ,حتى يبدو أن الماجدي يتلاعب بشكل مزاجي في تكوينات الأسطورة , حتى أدهشني بما يعبر عنه بما يسميه بالمرايا العاكسة , حيث كما يقول أن الاله دِموزي هو الاله دامو , وهو الاله آدابا , ولا أعرف من أعطاه هذا التخويل بنقل مهام كل اله الى آخر , بل وأدمج بضعة آلهه والتي هي دِموزي ودامو وننكشزيدا وآدابا في شخص آدم , حيث (تتماهى هذه الكائنات الأسطورية الأربع في بعضها وتنعكس أسماءها وصفاتها في مرايا متقابلة) أنبياء سومريون ص122 .
أن هذا المبحث سيكون جزء من عدة أجزاء لبحث مطول قد يأخذ عدة أجزاء والذي سيكون أنشاء الله تحت عنوان ( مزاعم التناص بين الأديان القديمه والأديان السماوية) ولكن هنا سيكون موضوعنا أسطورة الخلق السومري كموضوع لكشف تناقضات ومزاعم الدكتور خزعل الماجدي , ومدى علاقة التناص المزعومة مع التوراة والتي سيمتد بهذه التناصيه الى المسيحية والأسلام , ويحمل هذه الديانتين , وخاصة الأسلام وزر ترهات وتأويلات , وما حصل من عملية تناص قام بها الكهنوت اليهودي , حيث هم تقولوا على موسى من أقواويل وعلى نصه المقدس من سرديات اسطورية لا قِبل لدين موسى بها.
فقد أشرنا في المقدمة الى دوافع ظهور الأسطورة , والتي عبرت عن شوق الأنسان للمعرفة والنزوع لكشف كنه الحوادث وما يختفي وراءها , وبما أن الأنسان الأول كان خالي الوفاض من كل معرفة علمية , لذى أتجه الى تصوراته الغير واعية , وما تفيض به مشاعره من خيالات عن وكون يجهله , لذلك أخذ على عاتقه تفسير ما يرى على أساس الحدس وما يمتلكه من طاقة تخيلية كبيرة. وأنا لا بد أن أعطي الحق للأنسان الأول بها للجنوح في الخيال وذلك لقلة ما يتوفر له من معطيات وأدوات معرفيه ولكن الذي لا أستطيع قبوله هو أستخدام الدكتور الماجدي لخياله في أستنتاجات خلق آدم بالأضافة الى حواء التي جاءت من ضلعه كما يزعم والتي يدعي جذورها من اسطورة الخلق السومرية , في حين أن هذه النظرية هي توراتية ومن متبنيات وتأويلات حاخامات بني أسرائيل , وفي كتاب (أنبياء سومريون) يزعم الماجدي أن ما موجود بالتوراة هي فكرة سومرية أستلهمها كتاب التوراة بعملية تناص واضحة.
يمكننا أن نتطرق الى فحوى نظرية الخلق السومرية بأيجاز من خلال أسطورة الاله أنكي , كنموذج تلفيقي يتبناه الدكتور الماجدي , وكما هو معروف بأنه اله الماء الذي تزوج الآلهة ننخرساج , حيث تمخض هذا الزواج عن ولادة الآلهة (ننسار) وهي سيدة الخضار والنباتات التي تؤكل) , وعندما تكبر ننسار يضاجعها أبوها أنكي فيولد لهم الآلهة (ننمو) سيدة النباتات ذات الألياف , وهكذا تتكرر العملية مع حفيدته ننمو فينجب منها (أوتو) , وأخيراً يضاجع أنكي أتو فتنجب منه ثمانية أنواع من النباتات , وتدعي الأسطورة بأن هذه النباتات التي أُنجبت من نسل أنكي بمقام الهة , وأن أكلها محرم.
تسرد لنا الأسطورة بأن الاله أنكي أكل من هذه النباتات والذي أصبح مريض بسبب أكله لها وكان عدد الأمراض التي أصابته ثمان أمراض تتوزع على (الرأس, الشعر, الأنف, الفم, الحنجرة, الذراع, الضلع, المتون) , وهنا تقوم زوجة الاله أنكي الالهة ننخرساج التي عادت له بعد أن غضبت عليه وهجرته بواسطة الثعلب , بخلق ثمان آلهه , كل اله منها متخصص بمعالجة مرض من هذه الأمراض الثمانية , وفي النهاية يشفي أنكي من كل أمراضة بواسطة آلهة الطب الثمانية . الذي يهمنا بالأمر هو الاله ننتي التي تضطلع بتطبيب ضلع أنكي , والتي يطلق عليها كما هو مذكور في كتاب (أنبياء سومريون) سيدة الضلع أو السيدة التي تحيي (حواء) ص109 , هنا محل القصد , وأنا أسأل الدكتور الماجدي كيف للآلهة التي خُلقت بواسطة ننخرساج لغرض تطبيب ضلع أنكي تتحول الى حواء , فهي لم تخلق وأنما تقوم بعملية التطبيب لا غير , وهي لم تخلق حسب الأسطورة من ضلع أمرأة فكيف جوزت لنفسك أن تحمل الأسطورة السومرية فعلآ لم تدعيه هي , وأن أدعاء أن الالهه ننتي هي حواء من عندياتك , وهو فعل لا يقل عن تخريفات ما جاء به حاخامات بني أسرائيل في أدعاءاتهم بأن حواء هي من ضلع أدم, وهنا أحب أن أتوقف قليلاً عند هذه النقطة لأبين بُعد المقاربة وغياب التناص المزعوم بين الرواية التوراتية التي تدعي خلق حواء من ضلع آدم كما جاء في النص التوراتي في الفصل الثاني من سفر التكوين (فأوقع الرب الاله سباتاً على آدم فنام فأخذ واحدةً من أضلاعه ومَلأ مكانها لحماً) , كذلك (وبنى الرب الاله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها الى آدم), فالأسطورة لم تذكر أن حواء جاءت من ضلع بل هو تأويل غير موفق من قبل الدكتور الماجدي , وهو بالحقيقة تلفيق , وهذه أصبحت عادة يلجأ اليها البعض من الباحثين للخروج بنظرية يدعيها , وهذا بغير بعيد في عالم سرديات الأسطورة ,فكما الأساطير حررتها أقلام نقلاً عن حكايات شفوية تناقلتها الأجيال عبر آلاف السنين تعرضت خلالها للتحريف والأضافة والطرح , وهذا أمر طبيعي جداً ونحن نرى اليوم أن الحوادث تُحرف بين ليله وَضحاها و فكيف بنقل سرديات بقت تتناقل على الشفاه للآلاف السنين , أما التأويلات التي حدثت عليها فحدث بلاحرج ولأسباب كثيرة تبدأ من أخطاء الترجمه الى أهداف يتوخاها الباحث لأسباب منها أيديولوجيه على سبيل المثال . أن سبب نفي النظرية بل أدعاء الدكتور خزعل الماجدي هو ما نصته الأسطوره السومرية نفسها , حيث تنص الأسطورة بأن الالهه الأم (نمو) أوصلت شكوى الالهه الصغار الذين عانوا من الأجهاد الشديد جراء ما منوط بهم من أعمال من قِبل الآلهه الكبار , وهذا ما دعى الأم نمو بأن تدعو أبنها أنكي الى خلق الأنسان ليساعدهم في تحمل الأعباء , ونورد هنا نصاً ذكره الدكتور خزعل في كتابه (أنبياء سومريون) في ص 112 نقلاً عن (رشيد 19:1981)
نهض الاله انكي على كلمات والدته الالهة نمو
الى أن يقول :
جلب الأيدي وصاغ صدره (أي صدر الأنسان).
فالاله أنكي حسب الأسطورة السومرية قرر شكل الأنسان وزرعه في رحم الالهه (ننماخ) وجعل هناك سبعه من الالاهات مساعدات لتوليدها , ثم يقيم الاله انكي حفلة ليريهم كيفية ولادة الأنسان وأُطلق على هذا الأنسان الأول (أومول) , وكما يقول الدكتور الماجدي في كتابه الآنف الذكر تعني هذه الكلمة (يومي بعيد) وهذا المعنى واللفظ لا علاقة له بآدم لا من قريب ولا من بعيد. أن خلاصة هذه الأسطورة تتلخص بأن الأنسان هو من صنع الاله أنكي , وقد ولد من قبل الالهه ننماخ , وهذا ما يتعارض تماماً مع تأويل الدكتور الخزعلي لأن وحسب الأسطورة أن عملية الولادة أستمرت وأتت ولادات جديدة ذكور وأناث ولم يرد للضلع أي ذكر بأنه أصل حواء .
ننتقل الى تأويل آخر من تأويلات الدكتور خزعل الماجدي والذي يخص أدم بعد أن بينا بأن الأسطورة السومرية لم تتبنى حكاية أن حواء جاءت من ضلع انكي وانما الاله ننتي هو مداوي للضلع فقط لا غير. ينقل لنا الدكتور خزعل الماجدي أسطورة أخرى عن البشر الأوائل , والتي تحكي بأن الاله أنكي الذي هو أقرب ما يكون للبشر , حتى يقول عنه في ص 115 كان بمنزلة الأب للبشر . هذا الاله السومري كان له أربعة أولاد هم ( دِموزي, دامو,ننكشزيدا, آدابا) , ودِموزي هو محور نقاشنا بأعتباره هو المزعوم الأول لأدام , في حين أن دِموزي هو اله الرعي والخصوبة, وهو زوج اللالهة انانا والذين هم أبطال أسطورة الحب الشهيرة , هذه الأسطورة يمكن أن نلخصها بأختصار شديد بأن دِموزي تزوج بأنانا وأصبحوا حبيبين , ولكن حين غابت انانا في رحلة الى العالم السفلي , وعندما رجعت شعرت بأن دِموزي لم يكترث بها فغضبت عليه وعاقبته وذلك بأنزاله الى العالم السفلي , ولكنه تضرع أليها وتوسط أبيه أنكي فعطفت عليه وأرجعته الى العالم العلوي , هذا النزول كان لمدة ستة أشهر فكان يمثل الشتاء والخريف من فصول السنه , حيث الجفاف والقحط , أما خروجه الى العالم العلوي فكان يمثل فصل الصيف والربيع , حيث الزرع والثمار وأشراقة الزهور. تؤكد الأسطورة هنا دور الاله دِموزي بأنه اله الفصول , والحب , وهو كبقية الالهه القديمه حيث كل اله متخصص بشيء معين , فهناك اله للشمس واله للقمر واله للفصول واله للماء واله للحِرف واله للنبات واله للحيوانات وهكذا , والسؤال من أين جاء بنظرية أن دِموزي هو آدم , وهو أدعاء أراه بلا دليل لأن الأسطورة صنفته كأله , وأن أدعاء الدكتور خزعل بأن كلمة (دِمو) قريبة من كلمة آدم معتمداً على مقاربات أشتقاق الكلمة , وهي مقاربه لا يمكن الركون أليها , وخاصة أن فحوى الأسطورة تُشير الى شيء آخر , وأن دكتور خزعل أشار في كتابه الى أن معنى دِموزي تعني باللغه السومرية الأبن البار أو الأبن الشرعي , وهذا لا علاقة له بالمعنى الأول ,كما أن الرجل وقع في تناقض آخر الا وهو أدعاءه بأن دِموزي يمثله ملك أورك في الأحتفال السنوي لكي يبرر سلطانه وصلته بالآلهة , وهذا يتنافي وآدمية دِموزي الذي أدعاها الماجدي لأن دِموزي هنا بموقع اله يضفي الشرعية على الملوك , وأن صفة الألوهية قد أكدها الدكتور خزعل في كتابه (أنبياء سومريون ص118) , وفي مكان آخر يغير رأيه الماجدي ويدعي أن دِموزي يمثل ملك الزواج المقدس أكثر مما يمثل ملك حقيقي , وفي مكان آخر يدعي الماجدي أن الاله دامو أبن أنكي وأخو دِموزي هو نفسه دِموزي الذي تحول الى أنسان , في حين يُشير في ص 119 أن دامو هو اله الطب والشفاء , وهو أبن للآلهة (نن – سينا) آلة الشفاء وهذا بالحقيقة يظهر مدى تخبط الدكتور خزعل , ولكنه يحاول تلافي هذا التخبط نراه يذهب الى خلق توليفه لأربع آلهه وهم ( دِموزي,دامو, ننكزيدا,آدابا) وهم أبناء أنكي , محاولاً دمجهم في شخصية واحده هي آدم , حيث يبرر هذا التماهي لهذه الشخصيات الأربعة بشخصية واحدة بأنه أمر مألوف في عالم الأساطير (أنبياء سومريونص122) , وهذا معناه أنه يفتح المجال واسعاً لتبرير كل التفاسير والتأويلات التي يدعيها الكاتب , ولكن أنا كقاريء أسأل الدكتور خزعل ياليت شعري ما الصحيح , فهل آدم الخليط من أكثر من اله ,هل هو اله؟ أم أنسان؟ أم رمز ملكي للزواج المقدس؟ أم هو يمثل الخصوبة والعشق والرعي والفصول الأربعة؟ أم هو شخصية أسطورية ؟ لا تمت للواقع بصلة , وأنما هو محض خيال صنعه أنسان ذلك الزمن القديم كأستجابه لهاجس البحث عن الحقيقة . من كل ما ذكره الدكتور خزعل الماجدي من أدوار لدِموزي لا تقترب من الفكرة التي جاءت بها التوراة , وهي فكرة الخلق المباشر من الله والتي تمثل أرادة الخلق الألهية , ومن هنا يتضح لنا أن الدكتور خزعل لم يفلح بدراسته من أيجاد مقاربه ولو في أدنى مستويات المقاربه فيما يخص فكرة خلق آدم , وكذلك حواء , وأن ما سطره من تأويلات لم يكون الا بوحي ما يحمله من قبليات ومباديء أيديولوجية علمانية متطرفة , لأن أفكاره تتسم بأستعمال أساليب وأدوات قسرية وتعسفية في تفسيراته للأساطير , ولا أستبعد هناك حس واضح يقف وراءه دافعاً أيدلوجياً , لا دافعاً علمياً محضاً . كما أني لم أقصد في مقولتي هذه أن أدافع عن التوراة لأن التوراة في نظري هي الأخرى من تأويلات وبنات أفكار حاخامات بني أسرائيل , ولكني أردت أن أفك الأشباك بينها وبين الأسطورة السومرية , وفي الوقت نفسه لا يمكنني أن أنفي أن هناك تناصاً قد حصل في كتابة التوراة من مصادر أخرى , ولكن كان للحاخامات دوراً وئيسياً في تحريره , وخاصه كتب اليهود من أمثال ( الترجوم والمشنا, التلمود والآجادا, الكابالا والمدراش...) وهي كتب لعبت مخيلة الحلخامات دوراً رئيسياً في تحريرها , ولو تطرقنا الى ما سطره كتاب الهجادا في شرحة لخلق الأنسان , والذي يتلخص ببعث الله للملاك جبرائيل بأن يأتي بطين من زوايا الأرض الأربعة , وحينئذ أمتنعت الأرض فأصبحت ملعونة , مما حدى بالله بأن يمد يده الى الأرض ويأخذ طين من جوانبها الأربعة ويخلقه وينفخ به من روحه, وهذه الفكرة هي الأخرى لا تتفق لا من قريب ولا من بعيد مع فكرة الأسطورة السومرية في نظرية الخلق , ما عدى مقاربه صغيره في النص الذي ينقل بأن الاله أنكي صنع الأنسان من طين , ولكن بسيناريو مختلف , ولعل التوراتيون وأصحاب الأسطورة السومرية أعتمدوا على فكره سابقه لهم ذات مصدر توحيدي , بأعتبار أن هناك أنبياء سبقوا السومريون والتوراتيون بألاف آلاف السنين , وأخيراً يبقى موضوع التناص بين الأديان الوضعيه القديمه والأديان السماويه فيه الكثير من المزاعم والأقاويل التي لا تصمد أمام البحوث العلمية الرصينه ولنا أنشاء الله دراسات أخرى في هذا المجال نبين فيه مزاعم التناص.
#أياد_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟