أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - جماعة العدل والاحسان ومشروع الخلافة الاسلامية / بمناسبة مرور تسع سنوات على رحيل شيخ الجماعية الاستاذ عبدالسلام ياسين















المزيد.....



جماعة العدل والاحسان ومشروع الخلافة الاسلامية / بمناسبة مرور تسع سنوات على رحيل شيخ الجماعية الاستاذ عبدالسلام ياسين


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7102 - 2021 / 12 / 10 - 19:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جماعة العدل والإحسان ومشروع الخلافة الإسلامية
بمناسبة مرور تسع سنوات عن رحيل شيخ الجماعة الأستاذ عبد السلام ياسين
هل الحل هو الإسلام . وهل الحل الإسلامي فريضة وضرورة ؟
أولا يجب الاعتراف بحقيقية ساطعة ، هي ان جماعة العدل والإحسان ، هي اقوى تنظيم عدة وعددا ، والانزالات في المسيرات التي تشارك فيها عن القضايا الاستراتيجية ، كالقضية الفلسطينية ، كانت بحق مسيرات لجماعة العدل والإحسان ، وباقي المشاركين مجرد توابع . وانْ حاولوا اصباغ نفسهم بالتمايز ، فهم مجرد تابعين للجماعة ، لا العكس .
ثانيا وهي كذلك حقيقة ، ان جماعة العدل والإحسان التي تمارس التقية ، بإعلان التشبث بالسلمية التكتيكية ، لا سلمية المسيرات التي تردد " سلمية سِلمية / لا حجرة لا جنوية " .. ويكفي ترديد هذا الشعار لاستبطان تهديد مُبطّن سيُحوّل " سلمية سلمية / لا حجرة لا جنوية " الى نقيضها ، وهو ما قد يلتقي في نهاية الحرب ، وليس المعركة التي تدور في الساحة ، مع تقديس العنف عندما تصبح شروطه متوافرة ، ويصبح واقع الحال دالاً عليه .. انّ ما اثارته الجماعة من تساؤلات ، ومن استفهامات ، والتشكيك في المواقف التي قد تبدو متناقضة ، في حين ان الهدف الاستراتيجي المتوخى واضح .. لم تثر مثله جماعة من الجماعات التي ناصبت العداء للنظام السلطاني ، حتى في اوج قوتها . لأنها كانت واضحة في تكتيكها ، وواضحة في الهدف الاستراتيجية التي تعمل للوصول اليه .. فمن خلال المواقف المختلفة التي قد تبدو متناقضة للجماعة ، فان الحاصل هو ممارسة فن التكتيك ، بأساليب تفرضها الظرفية ، ويفرضها واقع الحال في الساحة ، ويفرضها ميزان القوة الذي قد يبدو أحيانا في جانب السلطان ، فان الحقيقة ومن خلال المشروع الذي تشتغل عليه الجماعة ، ويشتغل عليه كل أطياف الإسلام السياسي ، يجعل من القوة الحقيقية التي تسيطر ، يكيف على ضوء نتائج الحرب المنتظرة ، والتي دخلت عدها العكسي عند حصول فراغ في الحكم ، ولا يكيف على ضوء نتائج المعارك التي تتحكم فيها الجماعة ، لإلهاء السلطان ، ورمي الغشاوة على اعينه ، حتى يفاجئه السيل الذي سيجرفه الى النهاية الغير حميدة له .. فالجماعة تعد بحق من اكبر التنظيمات التي تتقن فن المراوغة ، وفن اللعب ، المرتبطين بواقع الظروف العامة ، والظرفية التي تتواجد فيها الجماعة ، وحلفاءها الذين يشتغلون على منهاج الخلافة ..
عندما نتمعن في تاريخ الجماعة منذ نشأتها ، او تأسيسها ، على يد مرشدها الشيخ عبدالسلام ياسين ، سنجد انها من اقوى الجماعات التي تتقن فن التكتيتك . لأنها تتصرف على ضوء المعطيات المتوافرة وطنيا ودوليا .. فعندما سيؤسس الشيخ عبدالسلام ياسين ، وفي فورة الاندفاع ، تبنت الجماعة من خلال منشوراتها التي كانت تطبع في ذاك الوقت ، الطريق الإيراني في الثورة على الامبراطور الشاهنشاهي . فبدأت تروج له ، معتقدة انه سيحسم المعركة التي خسرها اليسار ، الذي حارب الحكم ، ولم تستهويه الحكومة .. فكانت ساحة العمل في حقل التعليم ، والجامعة التي ستمارس الجماعة تكتيكا سمي بفتح الجامعة ، وتطهيرها من الشيوعيين ، والملحدين ، والليبراليين ... أيْ اسلمة الجامعة في افق اسلمة الدولة . فالتعليم هو بستنة تفريخ المناضلين الجدد الإسلاميين ، ومد الجماعة بالكوادر التي ستُكوّن جيش الله الذي سينهي الحرب ، بعد عدة معارك متواصلة لصالح نظام الخلافة الراشدة ..
ورغم ان تلك الكتابات التي تميزت بخطورتها طيلة السبعينات والثمانينات . ورغم الرسالة الشهيرة التي وجهها الشيخ عبدالسلام ياسين للسلطان الحسن الثاني " الإسلام او الطوفان " ، وهي تخيره ، بين ان يتحول من سلطان تنتفي عنه صفة الامارة ، الى حاكم / ملك سلطاته محددة بعقد المبايعة المشروطة ، وليس بعقد البيعة التي تنكره عليه .. وبين انتظار طوفان لا يبقي ولا يذر ، على شاكلة الطوفان الذي ذهب بإمبراطور ايران ، الذي كانت الجماعة تنظر ظله ، في شخص السلطان الحسن الثاني ، وفي دولة السلطان البعيدة كل البعد ، عن منهاج الخلافة الذي تشتغل عليه الجماعة ، ولا تزال تشتغل عليه الى اليوم .
ورغم المراحل الصعبة التي مرت منها الجماعة ، ورغم الضربات التي تلقتها خلال فترات زمانية متواصلة ، فالجماعة لا تزال اقوى تنظيم عدة وعددا ، ولا تزال المنظمة الوحيدة التي تطبع المسيرات بطابعها . وغيرها مجرد تابع لها .. وللجماعة دورها في تحديد رهانات ، ولها دورها في الحسم في أخرى . فبعد انْ كانت خرجات 20 فبراير ، خرجات ومسيرات للجماعة ، كان خروجها منها بالكولسة مع النظام السلطاني ، ضربة موجعة لها .. فحتى من انساق يتحالف معها كالنهج الديمقراطي ، وجد نفسه وحيدا يكرر خطابات لم يعد يستمع لها احد .. اما حزب الطليعة ، وحزب الاشتراكي الموحد ، فبالإضافة الى دورهما الباهت في الحركة ، أدى انسحاب الجماعة ، وتناقضهما مع حزب النهج الذي نسق مع الجماعة في المطالب ، وفي الشعارات المرفوعة ’ الى انسحابهما من ساحة الحركة ( عشرين فبراير ) ، التي خنقوها في المهد قبل ان تبلغ التسعة اشهر عن ولادتها .. أيْ . وفي خضم هذا التناقض التي تحكمت فيه جماعة العدل والإحسان ، كان ميلاد حركة 20 فبراير ، كجنين سقط قبل موعد الولادة الطبيعي ..
وكما كان للجماعة كلمتها الفصل في حركة 20 فبراير ، كان لها كذلك كلمة الفصل عند وفاة الحسن الثاني . لان دورها حال دون حدوث اضطرابات شعبية ، قد تتحول الى ثورة عند غياب الحاكم .. فضبط الشارع ، وامام وقع الموت ، لعبت فيه الجماعة دورا كبيرا ، وسدت الباب على تحرشات اليساريين المتطرفين ، والانركيين الذين ينتعشون في مثل هكذا فواجع ، او أزمات ، او ظروفا طارئة .. فهل ستلعب الجماعة هذه المرة نفس الدور، اذا حصل فراغ في الحكم ، ام ان موقف الجماعة الحاسم والمؤثر ، سيكون على ضوء ردة الشعب الذي يخرج اليوم امواجا متراصة ، استنكارا للظلم ، وللفاسد المستشري على نطاق واسع .. فعلى دور ردة الشعب ، ونوع الشعارات التي سترفع ، ودرجة احتلال الشارع في كل المغرب ، سيتحدد دور الجماعة الذي سيكون اكثر من مأثر ..
اليوم الجماعة ترفع مطلب الديمقراطية ، وتنبذ العنف ، وتشتغل على منهاج الخلافة .. وهي مواقف تتناقض من اصلها .. فالديمقراطية التي تشتغل عليها الجماعة ، ليست هي الديمقراطية الكونية كغاية وليس كوسيلة ، والتي أساسها صناديق الاقتراع .. فالديمقراطية في مفهوم الجماعة ، تعني ديمقراطية الشورى اللاديمقراطية ، لان ديمقراطية الشورى ليست هي ديمقراطية الشعب عبر صناديق الاقتراع ، بل هي ديمقراطية الفقيه ، وديمقراطية اهل الحل والعقد ، والمرشد ... وهذه ليست بديمقراطية ، لأنها دكتاتورية اقلية ستستأثر بالحكم ، وبالدولة ، وبالجاه ، وبالنفود ، في غياب الشعب الذي سيوصلها عبر الانتخابات الى الحكم ، لتنقلب عليها عندما تصبح وحيدة مسيطرة .. وبعدها يتم الاستغناء عن الانتخابات ، لفائدة فتوى رجال الدين رغم استعمال نفحات ديمقراطية ( الانتخابات ) فارغة ، وليجد الجميع نفسه تحت سيطرة وحكم المرشد ، الذي لم ينتخب عليه احد ، ولم يصوت عليه احد ، وليصبح وحده الدولة ، والجميع تابع له كما هو عندنا ، في ديمقراطية السلطنة التي تركز عند نهاية العمليات الانتخابوية الحكم ، في يد السلطان ، لا في يد غيره الذي يصبح موظفا ساميا في إدارة السلطان . فما الفرق هنا بين ديمقراطية الشورى التي تشتغل عليها جماعة العدل والاحسان ، وديمقراطية السلطان الرافضة لديمقراطية الشورى .. مما يجعل اصل الصراع مادي ، يدور حول الجاه ، والنفود ، والمال ، والثروة .. اما الغائب والمغيب ، فيبقى الشعب الذي سيستعمل من قبل السلطان ، وسيستعمل من قبل الجماعة ، لتبرير مشروعية أنظمة معادية للديمقراطية ..
وعندما ترفض الجماعة ( العنف ) ، وتدعو الى السلمية ، فالحقيقة انها تدعو الى رفض عنف السلطان ، في حين يبقى عنفها هي مشروعا ، لأنه فتحا للقلاع التي يحتلها الكفار ، الذي يعرقلون مسيرة الجماعة في الوصول الى نظام الخلافة .. وكيف تفسر الجماعة استعمال العنف ، الذي وصل الى التصفية الجسدية لمناضلي اليسار الماركسي ، بدعوى التجديف .. فهل أصبحت الجماعة وصية عن الدين . والسؤال . كيف سيكون الوضع عندما ستسيطر على الحكم التي تبشر به على منهاج النبوة ..
وبما ان الجماعة التي تدعو الى السلمية ، سلمية النظام ، تشتغل على منهاج النبوة للوصول الى الخلافة .. فالسؤال هنا . هل من عاقل يتصور ان الوصول الى نظام الخلافة ، يتم بالسلمية التي هي الانتخابات .. والحال ان نظام المنهاج النبوي ، ونظام الخلافة استثأر بالكثير من الحيز الزمني ، لحركات الاخوان المسلمين ، وللجماعات التي خرجت عنهم بأسماء مختلفة ، كالتكفيريين والداعشيين الذي لم يكتفوا بتكفير الحكام ، بل كفروا المجتمع . لأنه يدفع الضرائب للحكام ، حتى يواصلوا نهبهم ، وقتلهم ، وقمعهم للمجاهدين أصحاب دعوة الخلافة ..
ان الوصول الى نظام الخلافة لا يكون الاّ بالعنف ، بكل اشكاله المتصورة والغير متصورة .. فهل الجماعة تفكر في الوصول الى نظام الخلافة بالسلمية ، وهذا يبقى من ضروب المستحيل ، لان الثورة الإيرانية التي تستلهم منها الجماعة ، حصلت بالدم ، وليس ب " سلمية سلمية / لا حجرة لا جنوية " ...
أذا كان نظام الخلافة على المنهاج النبوي ، يتعارض مطلقا مع الديمقراطية الكونية ، وتفهم الجماعة الديمقراطية بطريقتها الخاصة ، النابعة من فكرها ومعتقداتها . فان الدليل على اشتغالها على دكتاتورية الأقلية الفارضة لوجودها ، ولوحدها على معشر الشعب ، هو تبني الدكتاتورية السياسية في نظام الحكم ، بتغليفها بديمقراطية الشورى التي هي دكتاتورية الأقلية ، على كل طبقات الشعب .. وهنا فان قول الجماعة بديمقراطية الشورى لبناء نظام الخلافة على المنهاج النبوي ، وترديدها في أديباتها ، وفي شعاراتها للسلمية الغاندوية ( غاندي ) .. هو تناقض صارخ عند المزج بين القول بسبب التقية ، وبين الفعل الذي يكونه نظام الخلافة ، كنظام مثالي هو اوج ما تؤمن به الجماعة ، من بين النظم السياسية التي تستمد اصل حكمها من أفكار البشر، لا من الكتب السماوية المتاجر بها .. فحتى حزب تجار الدين المسمى بحزب العدالة والتنمية ، كم دغدغ عقول ومشاعر المُصطّلين ، بالدولة الإسلامية ، وبنظام الخلافة ، حين اختزل كل هذه المطالب الديماغوجية ، بدخوله حكومة السلطان ، لتنزيل برنامجه كمنفذ ومأمور ، لا بآمر ..
انطلاقا من هذه المزاوجة في اللعب بالكلمات ، وبالمفردات ، والجمل ، يبقى السؤال . هل اصبح حزب النهج الديمقراطي الذي نسق مع الجماعة في حركة 20 فبراير ، وذهب بعيدا معها عندما رافعا سقف المطالب ، من الملكية الديمقراطية بدل السلطنة الاستبدادية ، الى نظام الجمهورية التي لن تكون غير إسلامية على الطريقة الإيرانية ، التي اثرت في أفكار ، ومنهاج الشيخ عبدالسلام ياسين عند نجاحها .. ويشتغل مع الجماعة لمناقشة المواضع التي تعنيهما عبر الفضاء الأزرق .. يؤمن بديمقراطية التي لن تكون غير ديمقراطية الأقلية ، باسم اهل الحل والعقد ، او باسم المرشد ، او باسم الفقيه المتخلف المكبوت ..
ان هذا الغموض الذي يضبب المشهد بسبب فن اللعب ، وفن التكتيك الذي تتقنه الجماعة جيدا ، لتعطيل طرح مشروعها التنظيمي ، يدفع بنا كمحللين مهتمين بالشأن العام ، ان نطرح السؤال التالي :
ان الغاية الأساسية من تأسيس الجماعة هو الحكم ، الذي هو مرة جمهورية إسلامية ، كما آمن بها الشيخ عبدالسلام ياسين عند نجاح الثورة الإسلامية ، ودوّن هذا الاعجاب في إصدارات السبعينات وبداية الثمانيات ، التي كانت تصدرها مجلة " الجماعة " ، ومنعتها السلطنة .. ومرة كما اصبح متداولا اليوم حكم نظام الخلافة ..
وبما ان الجماعة تنشد الحكم وليس التربية الإسلامية كما تدعي لطمس الرؤية وحجب الحقيقة .. سنطرح السؤال التالي :
اذا كانت التنظيمات اليسارية السبعينية قد آمنت ، وعملت على إنجاح الثورة الوطنية الديمقراطية .. أي الجماهير بقيادة طبقة العمال والفلاحين .. مع العلم ان هاتين الطبقتين وبالمفهوم الماركسي غير موجودتين ، وهما جماعتين ، وصنفين من الناس لا يشكلون طبقة ، كما انهم يجهلون انّ ماركس ، وماوْ اعتبروهم طبقة . بل يجهلون وضعهم كعمال مياومين ، وكمستخدمين .. وهما جماعتين مَخْمليتين .. وهناك من رفع شعار حرب الشعب الطويلة الأمد .. وهناك من مارس البلانكية .. أي الانقلاب من فوق للانقضاض على الحكم ، وفشلوا .. فما هي خطة جماعة العدل والإحسان ، للوصل الى السيطرة على الدولة السلطانية ، وتحويلها الى نظام الخلافة الذي لم يكن دولة .. فالخلافة هي نسخة طبق الأصل لنظام السلطنة ، حيث يوجد فقط الخليفة / السلطان ، وما عداهما من مفاصل ، وفروع يدخل في الملكية الخاصة للخليفة ، وللسلطان ..
قبل ان نعالج هذه الإشكالية في الوصول الى السلطة ، يجب معرفة ان جماعة العدل والاحسان ، هي جماعة اخوانية ، او انها رغم صوفيتها ، فهي تسير شئنا ام ابينا ، على نفس خطى الحركة الاخوانية في الشرق .. وما دام ان الهدف المنتهى هو الحكم ، لإنشاء الدولة الإسلامية ، فهذا يعني ان الدولة السلطانية ، هي ليست دولة إسلامية .. أي قد يعتبرونها مارقة عن الإسلام ، اوانها دولة كافرة .. وحتى نحدد المجال النظري والمادي ، الذي يحكم نهاية مشروع جماعة العدل والإحسان بشكل أوضح ، نجد من الضروري تناول مهام ، وطرق الحركات الاسلاموية في الوصول الى الحكم ، او في مشاركته ، او في السيطرة عليه .. فالمسألة تعلق بالثقافة السياسية الإسلامية ، المتعارضة مع ثقافة اليساريين الذين اندثروا ، والباقي تحول الى أرخبيل من النسيان ..
لقد انشغل المثقفون الإسلاميون ، والحركات الإسلامية الأصولية في كل الأقطار ، بموضوع الدولة الإسلامية ، والمجتمع الإسلامي ، وطالبوا بالتغيير في اتجاه الأسْلمة .. وهو نفسه الانشغال الذي مارسته الحركة الإسلامية المغربية بمختلف اشكالها ، وتنظيماتها ، كالشبيبة الإسلامية ، ومنظمات الجهاد الإسلامي ، والحركات التكفيرية التي تأثرت بتجربة القاعدة ، وتأثرت بعدها بتجربة داعيش ، وشمل همّ الدولة من التنظير ، جماعة العدل والإحسان ، وحتى حزب العدالة والتنمية قبل ان يتلطخ عند مشاركته في حكومتين متعاقبتين ، انتهت تجربته / مؤامرته ، برمي السلطان له ، والذي يكره خطابه الفاشي في المزبلة ، عندما اصبح لا يساوي شيئا ..
لكن ان اجماع دعاة الحل الإسلامي ، او الإسلام هو الحل ، وجماعاته المختلفة ، على هذا الهدف ، لم يمنع ، ولم يحل بينهم ، وبين الاختلافات لحد الصراع والانشقاقات ، حول الطريق ، او السبيل الكفيل بإنجاز هذا التغيير المنشود ، وإقامة المجتمع الإسلامي ، والدولة الإسلامية.. وهكذا نعثر في أديباتهم الكثيرة ، على الكثير من النصوص والمؤلفات ، التي تفرغت لإشكالية التغيير ، التي تسمى عندهم بنظرية العمل الإسلامي ، يصوغونها في التساؤلات التالية : ما هو الطريق ، او السبيل لقيام دولة إسلامية ، ومجتمع إسلامي ؟ هل التغيير من فوق ، وبانقلاب مسلح بلانكي ، ينتهي بالاستيلاء على الحكم والدولة ، ومنهما يتم الإمساك بالمجتمع لأسلمته بالجبر والاكراه ، خاصة لمن يروج للنظريات والأفكار التغريبية المعادية للإسلام ؟ " الشبيبة الإسلامية " عبد الكريم مطيع ، " منظمة الجهاد " عبد العزيز النعماني ..
ام ان التغيير يتم من تحت ، بالعمل السياسي الجماهيري ، عبر المؤسسات والانتخابات ، وبالتدرج في التربية على مراحل ، دون تعجل ، وبنفس طويل ، قد يتطلب اجيالا ؟ " حزب العدالة والتنمية " و" جماعة العدل والإحسان " التي تقرن مشاركتها في المؤسسات ، وفي الانتخابات بتوافر شرط الديمقراطية في حدودها الدنيا .
في اعتقادي فان هكذا تساؤلات ، تلخص جيدا الإشكالية المركزية المهيمنة على الخطاب السياسي الإسلامي ، بمختلف تلويناته ، وهي ليست بجديدة ، اذ سبق ان فكرت فيها منذ البداية الحركة الاخوانية في الشرق ، مع تجربة حسن البنا ، وحسن الهضيبي ، وسيد قطب الذي لخص الطريق في كتابه المشهور " معالم الطريق " .. لكن ومع بروز " الصحوة الإسلامية " ، والمد الداعشي ، والقاعدي ، عادت هذه الإشكالية لتشغل حيزا كبيرا عند المثقفين الإسلاميين ، وفي الفكر السياسي الإسلامي المعاصر .. وهذا ما حذا بكاتب إسلامي الى القول ، بان إشكالية العمل الإسلامي ، او السبيل، وهو ما يسمى باللغة السياسية ، الاستراتيجية والتكتيك ، تشكل اخطر ما يواجه الفكر الإسلامي المعاصر .. انظر منير شفيق / الفكر الإسلامي المعاصر والتحديات / ص 135 ..
ان من علامات خطورة هذه الإشكالية ، هو الاهتمام الذي حظيت به من لدن المثقفين الإسلاميين ، ومن قبل البوليس السياسي المهتم بالظاهرة ، والعدد المرتفع من الكتابات ، واهمها الكتاب الاستراتيجي للداعية يوسف القرضاوي " الحل الإسلامي فريضة وضرورة " ، عرض فيه لأربعة سبل ، كانت ولا زال رائجة في ساحة العمل الإسلامي وهي :
-- الانقلاب من فوق .
-- سبيل الوعظ والإرشاد .
-- سبيل الخدمات الاجتماعية .
-- سبيل التنظيم الجماعي – الجماهيري .
وبنفس الاهتمام ، نجد دعاة اخرين سلكوا طريقا خاصا ، ومغايرا الحّوا فيه على ضرورة المشاركة السياسية ، في مؤسسات الدولة ، والانخراط فيها ، حتى ولو لم تكن تتوفر فيها الخصائص الإسلامية . وضرب هذا الفريق الحربائي مثلا بيوسف ( النبي ) الذي قبل ان يكون وزيرا لملك مصر ، مع كون تشريع وقوانين ملك مصر تتعارض مع تشريعات بني إسرائيل . ومن هنا طالب هذا الفريق الإسلاميين ، بعدم العزلة ، والمشاركة في الانتخابات ، والبرلمان ، والوظائف العامة الخ ..ومن ابرز هذا الفريق الذي استجاب لدعوته " حزب العدالة والتنمية " ، الشيخ فتحي يكن ، الشيخ محمد الغزالي ، والشيخ سعيد حوى .. هكذا وانطلاقا من الجواب عن هذه الإشكالية ، وسؤالها المركزي ، من اين يبدأ التغيير، انقسم الخطاب الاصولي الى اتجاهين ، او نظريتين في العمل الإسلامي : النظرية الانتظارية ، والنظرية الهجومية .. و" جماعة العدل والإحسان " تأخذ بالنظريتين . لكن تخضعهما لطبيعة الظروف ، وللظرفية ، والتحولات الحاصلة ، والأكيد منتظرة .. فالجماعة تشتغل على مشروع استغرق اجيالا ، قبل تأسيسها ، وحان وقت الهجوم ، او الاستمرار في قاعة الانتظار عند حصول فراغ في الحكم .. فتصرف وانطلاقة الجماعة التي ستكون مؤثرة ، ستتوقف على طبيعة المعركة التي سيعرفها الشارع ، وعلى طبيعة الشعارات التي سيتم رفعها .. وعلى درجة الاندفاع والتدافع ، اللذين سيكونان قويان ، بسبب الفساد المستشري ، وبسبب طغيان واعتداءات البوليس السياسي ، الغارق في الفاشية حتى ما فوق الاذنين .. والجماعة كأكبر واقوى تنظيم ، سيكون لها الكلمة الفصل ، تأييدا لاستمرار الحالة كما هي ، لان معطيات التغيير غير مكتملة ، كتهديد الجيش بسرقة إنجازاتها . وقد تسابق الزمن ، وتذهب بعيدا اذا خسر النظام بعض المعارك التي ، قد تسبب في خسارته لمعركة الدولة ، التي تبقى مهددة بالسيطرة الإسلامية ، لان الشارع والانسان العادي ، الذي تدغدغ مشاعره الشعارات الإسلامية البسيطة " صاحب الجلالة – الله تعالى " " الله اكبر / الإسلام في خطر " " تكبير الله اكبر " لا اله الا الله محمد رسول الله " ، سينساق تابعا للأمواج الإسلامية ..
-- اما الاتجاه الثاني ، الذي يوصف عادة بالتطرف ، مقارنة مع الحركة الاخوانية ، وقد مثله في المغرب " حركة الشبيبة الإسلامية " ، ومنظمة الجهاد الإسلامي ، وتمثله ( الحركة الداعشية ، وحركة القاعدة ) التي يكشف البوليس السياسي خلاياها النائمة في كل ثناية ودقيقة ، بطريقة تثير الريبة والشك .. فهم اكثر انتشارا في الشرق من جماعة التكفير والهجرة ، الى جماعة شباب محمد .. وعندما برزت القاعدة انظموا اليها ، وانتقلوا بعدها الى دولة داعيش التي كونت امارة لها بسورية والعراق ،، في افق الزحف على كل دول المنطقة ..
ان هذه الجماعات اختارت كلها طريق الهجوم ، والجهاد ، والعنف المسلح ، بدلا من الترقب والانتظار ، وسلوك دروب ومناورات العمل السياسي ، في اطار المؤسسات القائمة ، كالحكومة ، والبرلمان ، والمشاركة في الانتخابات .. وتنتهي بالنهاية المأساوية التي انتهى اليها حزب العدالة والتنمية . أي من القمة الى الحضيض . واي حضيض ..
وكما كان يمثل هذا الاتجاه ، باستثناء خلايا المدير العام للبوليس السياسي النائمة ، التي يكتشفها بالسرعة المفرطة ، وعجز عن كشف من اغتال الشهيد حسن الطاهري ابن قصر السوق .. كل من عبد الكريم مطيع مؤسس " حركة الشبيبة الإسلامية " خاصة كتابه " الثورة الإسلامية قدر المغرب الراهن " ، وما كانت تنشره جريدة " المجاهد " من باريس ، ومجلة " السرايا " لمنظمة الجهاد من باريس كذلك .. ومحمد عبد السلام فرج الذي اصدر كراسة وضعها للجماعة بعنوان " الفريضة الغائبة " ، يؤكد فيها بان السبيل هو الجهاد ، ويرفض قيام الأحزاب السياسية الإسلامية ، لان هذا في نظره يعطي الشرعية للدولة البوليسية التي هي دولة كافرة ينبغي محاربتها ، وتقويض أجهزتها ومؤسساتها .. ولهذا لا ينبغي على أعضاء الجماعة ، ان تولي الوظائف والمناصب في الدولة الكافرة . كما يرفض أسلوب الدعوة ، والوعظ ، والإرشاد ، او العمل في الجمعيات الخيرية . لان كل هذا في نظره لن يقود الى إقامة دولة الإسلام ، وليس لديه من طريق وحل ، سوى الجهاد الذي يعتبره فريضة كغيره من الفرائض الأخرى ، لكنه فريضة مهملة وغائبة ، ينبغي احياءها ، واعتمادها في العمل الإسلامي . فالسبيل للتغيير بالنسبة لأصحاب هذا الاتجاه ، يبدأ من فوق ، بالهجوم ، والجهاد المسلح ، للامساك بسلطة الدولة ، لأسلمة المجتمع . فالأولوية في هذا الطرح هي لإقامة الدولة الإسلامية ، انطلاقا من قولة عثمان بن عفان " ان الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن " . ولهذا تكتسي مسالة الدولة والخلافة عند أصحاب هذا الاتجاه ، الذي بلغ مراده في الدولة الداعيشية ، اهمية كبرى باعتبارها الهدف الاول الذي ينبغي ، و يجب ان يتجه له التغيير . وهنا نمسك بنقطة للخلاف بين الاتجاه الانتظاري ، والاتجاه الهجومي البلانكي ، الذي يتجلى في تحديد الاولويات . هل تكون البداية من الدولة ، ثم بعدها الى المجتمع ، ام من المجتمع في اتجاه الدولة ؟
انه على كل حال خلاف غير جوهري ،مادام الاتجاهين معا يهدفان الحكم ،ويدوران حوله . فهما معا وانْ اختلفت سبلهما ،ما بين استخدام العنف ، واعتماد الوسائل السياسية السلمية ،يتفقان في الطرح السياسي او السياسوي، الذي يرى انّ الوصول الى الحكم كفيل بحل جميع المعضلات، والمشاكل ،والتحديات . وهذا طرح اختزالي تبسيطي ، يغيّب البعد الحضاري ، والثقافي ، او بتعبير اخر " تغيير ما بأنفسنا " أولا كشرط سابق ، على التغيير السياسي للأجهزة والمؤسسات .. هكذا اذن انقسم الدعاة ، وجماعات الإسلام السياسي الذين يفكرون بأولية السياسي على الحضاري ، الى اتجاهين : الاخوان والجماعات ، بحسب اختيارهم لأسلوب العمل . فمنهم من اختار الاتجاه الانتظاري بصبر واناة ، ومنهم من اندفع في الاتجاه الهجومي ، بحثا عن الحكم ، والسلطة ، والجاه ، والمال . وهذين الاتجاهين بلغت اصداؤهما الى المغرب . وهذا ما يمكن تلمسه وقراءته ، في كتابات الإسلاميين المغاربة خاصة بأوربة . فتكونت مواقف وردود فعل ازاءهما : وتساءل الإسلامي المغربي اسوة بنظيره المشرقي من اين يبدأ التغيير ؟ من فوق بلانكي ، ام من اسفل ثوري جماهيري ؟ .
فكتب هو الاخر منخرطا في إشكالية العمل الإسلامي ، التي تعتبر اسئلته من اين يبدأ التغيير .. أسئلة خطيرة ، فطرح نفس السؤال . هل من فوق بانقلاب وبالسلاح ، او من تحت وبمختلف اشكال ما يتطلبه التغيير من تحت ، ثورة ثانية إيرانية ، او المشاركة في كل استحقاقات النظام ، ام بالتغلغل وسط الشعب بالعمل الخيري ، وبالدعوة ، والإرشاد .. فكتب " تطرح بين الإسلاميين وبحدة مسألة من اين يبدأ التغيير ؟ بانقلاب من اعلى يفرض بوازع السلطان ما يوجبه القرآن ، ام بتنشئة بطيئة صابرة لأجيال ، حتى يأتي التحول من الجذور " الشيخ عبدالسلام ياسين . " حوار مع الفضلاء الديمقراطيين ".. انه السؤال الاشكالي المشرقي ذاته ، الذي استغرق تفكير الإسلاميين ، وحركات الإسلام السياسي في المغرب ، الذي شطر الحركة الإسلامية المغربية الى شطرين ، معتدلين ، ومتطرفين . إخوان وحركات جهاد . دعاة العنف بأشكاله المختلفة ، ودعاة العمل السياسي بالمشاركة في الانتخابات والبرلمان ، انتظاريون ، وهجوميون .. الخ . ،
اذن ماذا سيكون جواب مثقف الإسلام السياسي في المغرب ، على هذا السؤال الاشكال ؟
-- وأين يمكن تصنيف موقفه ؟
-- هل ضمن دعاة الجهاد المسلح .
-- ام ضمن دعاة الثورة الشعبية الجماهيرية .
-- ام ضمن دعاة العمل السياسي السلمي ؟ .
-- هل ضمن الاتجاه الانتظاري .
-- ام ضمن الاتجاه الهجومي .
-- ام الثوري الشعبي ؟
-- ام انه وهنا مكمن الخطورة الأشد ، سيعمل في اتجاه إيجاد موقع وسط بينهما ، على أساس عقد تسوية بين الاتجاهين ؟ أي سيكون لكل مقام مقال ..
فكمحاولة للإيجاب عن هذه الأسئلة ، اعتمدنا كنموذج للمثقف الإسلامي ، على نصوص ، ومؤلفات الأستاذ عبد السلام ياسين ، خاصة ما كان قد كتبه في مجلة " الجماعة " ، التي اوقفتها الدولة السلطانية ، بعد صدور العدد العاشر حول " المنهاج النبوي " ، او ما تضمنه كتيب صدر له تحت عنوان " حوار مع الفضلاء الديمقراطيين " . فماذا يقول الأستاذ عبد السلام ياسين اذن عن العمل الإسلامي ، وسبل التغيير ؟
قبل بسط مقالته في الموضوع ، سنعمل أولا على تقديم العناصر المكونة للخطاب السياسي الإسلامي ، بمفاهيمه ، و " بمنهاجه النبوي " ، بما يتضمن من رؤية للمجتمع ، وحكمه عليه ، وسبل تغييره ..
ا – الخطاب السياسي الإسلامي في المغرب : عبد السلام ياسين نموذجا .. هنا في الخطاب ، لن اتناول ( خطاب ) الخلايا النائمة أبناء المدير العام للبوليس السياسي DGST ، ألذي يعرف كيف يربيهم ، ويحسن تربيتهم عندما يتعامل معهم ، تعامل الابن مع ابناءه عند تربيتهم .. لأننا نسمع جعجعة من دون طحين .. فلم يسبق ان قرأنا نصا لهؤلاء النائمون ، الذين استفاقوا من نومهم ليجدوا " زرواطة " البوليس السياسي تنتظرهم ب ( الداعيشية ، والموالون لداعيش ) .. لذا تبقى قراءة خطاب الأستاذ عبدالسلام ياسين ، اهم واخطر خطاب إنْ تمعنت فيه جيدا ، ستجده خطابا توفيقيا جامعا ، بين الحلين الانتظاري ، والثوري الهجومي في بعض المقاطع ( جند الله ) ..
+ تغيير الدولة السلطانية بدولة الخلافة ، وتغيير المجتمع المفتون .
1 ) هل المجتمع ، مجتمع فتنة ، ام مجتمع جاهلية ؟ :
يعتبر الأستاذ عبد السلام ياسين المجتمع المغربي ، " حوار الفضلاء الديمقراطيين " ، يعيش حالة الفتنة . أي مجتمع مفتون وليس بمجتمع جاهلي . وحالة الفتنة كما حددها في كتابه " الإسلام غدا " " مفهوم يضم مدلولات الازمة ، والتخلف ، وعدم الاستقرار ، والفوضى ، والالحاد " . والمجتمع حسب رؤيته ، غارق في اوحال الفتنة ، ليس فقط مجتمعه ، بل كل المجتمعات المسلمة يخيم عليها " ليل الفتنة " .
اذن كيف سينجلي " ليل الفتنة " ؟ أيْ كيف سيحدث التغيير الجذري والعميق للمجتمع المفتون ، او المجتمع الفتنوي ؟ .
هذا هو السؤال الذي سيقودنا الى فهم نظرية الشيخ عبد السلام ياسين في العمل الإسلامي ، وكذا خطابه السياسي .. وهذا الخطاب السياسي ، يحيلنا بالتالي على منهجه الذي يقترحه كأداة العمل ، وكنظرية تقود " العمل السياسي الإسلامي " ، او " كمعالم في الطريق " على منوال " معالم " سيد قطب التي وضعها كدليل عمل ، بعد محنة الاخوان ، ومواجهتهم مع نظام جمال عبد الناصر . فما هو هذا المنهاج الذي يسميه ب " النبوي " ، والذي وضعه كدليل عمل لجماعته ؟
2 ) المنهاج النبوي .. " معالم في الطريق " بصيغة مغربية :
بالرجوع الى العدد السابع لمجلة الجماعة الممنوعة ، سنجد الشيخ يكتب " امّا الآن والمنكر اصبح معروفا ، والمعروف اصبح منكرا ، والباطل حقا في دامس ظلام الفتنة الجبرية ، فالمنهاج لا بد ان يبنى على أساس الفرقان ، بين الحق والباطل ، على أساس كتاب الله الذي وعد به المؤمنين بالإستخلاف في الأرض ، وعلى أساس موعد رسوله صلعم ، الذي بشرنا بقيام الخلافة على منهاج النبوة بعد العضّ والجبر الفتنويين " .
وفي نفس العدد من المجلة المصادرة ، والموقوفة ، وفي الصفحة الأخيرة نجد " رسالة في المنهاج النبوي " ، وفيها يتم الالحاح على انه " لا بد من المنهاج النبوي ليشق الإسلام طريقه " ..
واضح اذن من خلال هذه الاستشهادات ، انّ ما يشكله " المنهاج " من أهمية وضرورة لدى الشيخ .. وواضح كذلك ان الهدف من هذا المنهاج الذي يصفه بالنبوي ( وهذا له معناه ، فهو يحيل على تجربة النبي في نشر الدعوة كمرجعية له ، وأيضا يعطي لمنهاجه شرعية دينية ) ، هو إقامة الخلافة الإسلامية كمشروع سياسي ، وهو يشكل عنده العلم المسبق في العمل " فهو الذي يعطي وضوح الرؤيا " ، لا نه يحدد الهدف ، ومعالم الطريق ، الى تحقيق المشروع .. وكما يقول " لا بد من تحقيق العلم المسبق ، قبل الشروع في العمل ، وعلى وضوح الرؤية ، وتكاملها يتوقف نجاح المشروع " ..
فما هي اذن الرؤية التي يحملها هذا المنهاج ؟
بتحليلنا المتواضع لهذا المنهاج ، وجدنا انه يتحرك ضمن أربعة لحظات : لحظة الاستيلاء على الحكم ، او كما يقول عنها هي يوم " القومة " الثورة ، يوم يصل جند الله للحكم ، ويعيدون بناء الهياكل السياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية .. مجلة الجماعة عدد 9 ص 104 دجنبر 1981 ..
فهذه اللحظات الأربع ، ينظر اليها الشيخ على انها اشبه بدوائر متداخلة متسلسلة . فالتربية تهيئ الأرضية الملائمة للتنظيم ( تكوين جماعة منظمة ) ، والتنظيم يهيئ للزحف ، والزحف يعني التوسع ، والانتشار ، والاستقطاب .. او كما يسميه " التغلغل في الشعب " ، و " احتلال المواقع " استعدادا للانتقال الى يوم القومة / الثورة التي يريدها كما يقول ، قومة إسلامية ( يرفض استعمال مصطلح الثورة ) .
لكن كيف ستاتي هاته القومة / الثورة التي ستكون إيرانية مغربية ، ومن سيقوم بها ؟ .
يجيبنا الأستاذ عبد السلام ياسين قائلا : ان لكل " قومة " ثورة " قائمون " ثوارا . والقائمون / الثوار عنده هم " المنابذون للحكم الجائر " ( مجلة الجماعة عدد 10 / 1982 / ص 132) ، وهم أيضا من يسميهم ب " الطليعة المجاهدة " و " جند الله " و " الطليعة المؤمنة " . وهؤلاء هم الذين يراهن عليهم الشيخ لإنجاز التغيير ، او القومة التي هي الثورة ، " القائمون بالحق " . فهم اذن " سيقدمون زناد القومة في الشعب المسلم المستضعف " على حد تعبيره .
اما الشعب والجماهير ، فدوره مقارنة مع النخبة ، المجاهدة ، والمؤمنة ( الطليعة ) دور يأتي في الدرجة الثانية . فهي ليست فاعلة . وانما مُنفعلة ، لان " القومة " ، او التغيير في منظور الشيخ ياسين ، لا يقوم فقط على الحماس ، او الغضب الجماهيري كما يسميه . واضافة الى تخوفه وعدم ثقته في الجماهير ، فهي عنده يمكن ان تتخلى ، وتتراجع ، وتخون . ويستحضر في هذا الباب تجربة الامام الحسين بن علي ، الذي خانته الجماهير في صراعه مع الامويين الجبريين ، ويعتبر هذه التجربة درسا يعضد موقفه في عدم التعويل على الجماهير .. وهو لهذا أيضا لا يؤمن بالعمل العفوي الجماهيري الغير المنظم ..
واضح اذن لماذا انسحبت جماعة العدل والاحسان محور حركة 20فبراير الرئيسي من الحركة ، عندما اتضح لها نفاد دورها .. واصبح هذا الدور بعد هذا النفاد ، مدعاة لإجهاض المشروع الاستراتيجي للجماعة لسنين عجاف الى الوراء ..
ويرى كذلك ان القومة لا يجب ان تكون رد فعل غير منضبط ، اذ يلزم التخطيط والتعبئة . نفس المرجع / ص 139 .
وتعمقا في التحليل اذا اردنا ان نختزل محتوى " المنهاج النبوي " كما يقدمه صاحبه ، فسنجده ينطلق من رؤيته ، وحكمه على مجتمعه ، بانه مجتمع فتنوي ، ينبغي تغييره في اتجاه إقامة المشروع الإسلامي ( الخلافة ) ، وذلك بالعمل السياسي المنظم ، وفق تصور ومنهاج ، يعطي وضوح الرؤيا ، ومعالم الطريق ، الى الهدف الذي هو تقويض " المجتمع الفتنوي " .. وللوصول الى هذا الهدف او المشروع ، ينبغي المرور من مراحل متسلسلة يؤدي احدها الى الاخر ، ويكمله .
فهناك أولا مرحلة التربية ، ثم مرحلة التأسيس لجماعة منظمة من النخبة او الطليعة ، هي نواة جماعة المسلمين التي ستحرك الجماهير يوم " القومة " الثورة ، والتي يعول عليها كثيرا – اكثر من التعويل على الجماهير التي تخون -- . فهي كما اكد ذلك " نواة جماعة المسلمين ، ومحركوها ، ومحيوها ، وخادموها ، وقادتها " المرجع / حوار مع الفضلاء الديمقراطيين / ص 98 .
وهذه " النخبة / الطليعة " التي يتوقف عليها التغيير ، يرى الشيخ عبدالسلام ياسين ، انّ عليها ان تعمل وسط الشعب والمجتمع ، لا ان تنعزل عنه وتقاطعه ، لان الانخراط وسط الامة – على حد قوله – يسمح بإحصاء و " ضبط المعلومات " ، والأرقام ، وتطور الاحداث ، والعلاقات " . وهذا بدوره يساعد على " فهم الواقع .. وفهم الواقع كما يقول ، يمكّن من التخطيط للمستقبل ، ووضع خطة التغيير " انظر مجلة الجماعة / عدد 9 / دجنبر 1981 / ص 106 . ويضيف في نفس الاتجاه ان " معرفة موضوع التغيير ، وحجمه ، وكمه ، وكيفه ، وتطوره ، وقوى الصراع فيه ، ومن حوله " مقدمة " ، وباب ليدخل جند الله بإرادته الايمانية على المستقبل من باب العلم " ( نفس المرجع ) . .
انها اذن دعوة صريحة لعدم اعتزال المجتمع ، وهي دعوة مخالفة لما يتردد في ادبيات بعض الإسلاميين المشارقة ، الذين نادوا باعتزال المجتمع ، وهجره ، بدعوى انه جاهلي ، وكافر ، كما نجد مثلا في كتابات سيد قطب ، والجماعات التكفيرية المختلفة . وانسجاما مع هذه الدعوة ، نجد ان الشيخ ياسين يرفض خطاب التكفير ، حيث انحاز الى الاتجاه الاخواني المعتدل الرافض ، الذي دافع عنه حسن الهضيبي في كتابه المشهور " دعاة لا قضاة " ، ردا على تطرف القطبيين . ومما قاله كثناء على الكتاب ، وأشاد به ، ما جاء كتعليق عليه في مجلة الجماعة / عدد 9 / دجنبر 1981 / ص 130 ، حين اعتبر ما جاء فيه " درس من اهم الدروس " ، وان الأولى " الجد في حمل انفسنا على الاستقامة ، لا التوجه الى المسلمين بالتكفير " . وفي نفس المجلة يكتب معلنا على لسان جماعته " اننا لا نكفر أحدا لم ينطق بكفره " . وسيظل هذا الموقف الرافض لتكفير المجتمع ، والافراد ، ثابتا وحاضرا في خطاب الشيخ ياسين ، حتى مماته التي بلغت سريعا تسع سنوات كأنّ الامس يوم .. ففي كتابه الأخير الذي يحمل دعوة لل " حوار مع الفضلاء الديمقراطيين " ، نجده لا يتوانى في نقد أصحاب الاتجاه التكفيري ، الذين يعتبرهم من الدين ينفرون من المجتمع ، ويعادونه ، ويخرجون عليه ، ويكفرونه ، ويصف حالتهم على انها حالة " التشرد النافر من المجتمع " / حوار مع الفضلاء الديمقراطيين / ص 100/ 101 .
هذه اذن هي عناصر ومكونات " المنهاج النبوي " كما يقدمه الشيخ ، وهو منهاج أراد منه صاحبه ، ان يكون دليل عمل للطليعة " المؤمنة " ، " جند الله " التي يعول عليها في انجاز التغيير الذي يريده " قومة / ثورة " ، لمحاصرة الباطل المنكر ، وتقويض حصونه ، ثم لبناء صرح الحق لبنة ، لبنة بجهاد لا يكِل " المرجع حوار مع الفضلاء الديمقراطيين / ص 97 .. و أضافة الى هذه الغاية من المنهاج ، فهو يتأسس على جهاز مفاهيمي منسجم ، يتمركز حول المفاهيم التالية :
ا – الفتنة : هذا المفهوم يختلف عن مفهوم " الجاهلية " الذي استخدمه سيد قطب . والفتنة تعني لغة الاضطراب ، والبلبلة في الأفكار ، وفي الرؤية . وقد ورد مصطلح الفتنة في القرآن بعدة استعمالات منها : الفتنة كابتلاء واختبار الانسان مثله " ونبلوكم بالشر والخير فتنة " . ومنها الفتنة كعذاب وقوله " ذوقوا فتنتكم " . والفتنة كفعل تتضمن معنى الافتتان بشيء ما لدرجة والانصراف عن غيره . وفي هذا يقال مثلا . فتنة امرأة ، او فتنة المال ..لخ . والأستاذ ياسين يستعمل مصطلح الفتنة بحمولته الدينية ، والقرآنية ، إضافة الى معناه اللغوي . أيْ الفوضى ، والاضطراب في الأفكار . أي الاناركية . والمجتمع الفتنوي عنده ، هو المجتمع الغارق في اوحال الفتنة . أي الفوضى ، والتخلف ، والازمة ، والالحاد .. ويكون المسلم فيه يعاني من الابتلاء ، والاختبار في دينه ، ونفسه .. كما يكون فيه الاخرون في حالة فتنة مولهين ومعجبين بالمال ، ولذّات الحياة ، على أساس ان الأموال ، والأولاد ، وكل مظاهر المتع الدنيوية ، ما هي الاّ فتنة تصرف ( المؤمن ) عن التفكير في الاخرة ... لخ . ويكون الحكم على المجتمع بالفتنة ، اكثر اعتدالا وتوسطا ، من الحكم عليه بالجاهلية الذي يستدعي الحكم بالتكفير ، سيما وان الحكم بالفتنة لا يستدعي ذلك . ولهذا يصرح الشيخ " اننا لا نكفر أحدا لم ينطق بكفر " ..
ب – القومة / الثورة : الشيخ يقابل القومة – القيامة ، بالثورة . أي يوم النزول العارم الى الشارع .. لكنه يرفض استعمال كلمة ثورة ، لان المصطلح علماني .
وينحدر مصطلح القومة من الجدر اللغوي ق-و-م ، وهو فعل جماعي يراد به الوقوف ، والنهوض . ويحمل المصطلح أيضا معاني نجدها متضمنة في " القومة " ، كما فكر فيها الشيخ . فهي عمل حركي يراد به النهوض ، لتحقيق النهضة ، او الصحوة .. ويهدف الى مقاومة الباطل ، واحقاق الحق ، واظهاره ، وتقويم المعوج بتقويض مجتمع الفتنة . والقومة عنده لا يريدها الاّ قومة إسلامية .. أي ثورة إسلامية تشابه الثورة الإسلامية الإيرانية .. وهي تتطلب القوم / الثوار القائمون على قيادة القومة / الثورة .. أي جند الله ، والنخبة الطليعية ، المصطفات للمحن ، والشدائد ، والصعاب .. وما النصر الا من الله .
ج – القائمون : القائمون كما يقول عنهم الشيخ هم " المنابذون للحكم الجائر " . أي القائمون بالحق الذين سينهضونه ، ويظهرونه ، ويقيمونه ، وهم أيضا النخبة ، والصفوة ، والطليعة المجاهدة ، والمؤمنة .. وهم الذين سيقدمون " زناد القومة / الثورة " ، وهم " جند الله " المكلفون بإقامة الحق ، ومجتمع " العدل والإحسان " . ولا تخفى هنا الشحنة الدينية للمصطلح ، إذ نجد مرجعيته في بعض الآيات القرآنية ، خصوصا حينما ترتبط بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وإقامة الشعائر الدينية .
د – الجهاد : هو مفهوم يتكرر في جل كتابات الشيخ عبدالسلام ياسين ، وهو يعني عنده أحيانا ، جهاد النفس بالتربية والتهذيب ، واحيانا بمعنى القتال الذي يظل حاضرا عنده ، حين يفكر في " القومة / الثورة " ، اذ لا قومة / ثورة عنده بدون جهاد . أي بدون قتال . وغني عن البيان ما يحمله مصطلح الجهاد ، من معاني دينية ، وهناك من رجال الدين من يعتبره ركنا أساسيا من اركان الإسلام . كما نجد ان هناك من الجماعات الإسلامية من اتخذته اسما لها " منظمة المجاهدين – فرع المغرب " ، كما ركز عليه الشيخ عبد الكريم مطيع في اصداراته كجريدة " المجاهد " التي كانت تدخل من باريس ..
يتخذ مفهوم الجهاد أيضا عند الشيخ ياسين صيغة الامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر . كما انه يضع تمييزا بين جهاد النفس ، وبين الجهاد المسلح ، دون ان يفصل بينهما ، على أساس انّ احدهما يكمل الاخر . وتحليل مفهوم الجهاد كما وضعه وصاغه الشيخ ، يؤدي بنا الى طرح مسألة التغيير ، او إشكالية العمل الإسلامي بسؤالها المركزي : كيف السيطرة على الدولة ؟
ب – كيف كان يخطط الشيخ عبدالسلام ياسين للسيطرة على الحكم ، بمصطلح التغيير الذي يعني تغيير نظام السلطنة ، لصالح نظام الخلافة ؟
بالرجوع الى " حوار مع الفضلاء الديمقراطيين " سنجد الشيخ ، ومن دون تردد ولا خوف ، وبصوت جهوري ، يحدد الخطة المرسومة ، للاستيلاء على الحكم ، وتغيير نظام السلطنة ، بنظام الخلافة .. مع العلم ان نظام السلطنة ، ونظام الخلافة ، كلاهما يشترك في تلخيص السلطنة ، والخلافة ، في شخص السلطان ، وفي شخص الخليفة .. لان ما عدا السلطان ، والخليفة المسيطر لوحده على الحكم ، فالباقي هم في ملك الخليفة ، وفي ملك السلطان ، وكإمبراطوريات ، الجميع مجرد خدم في خدمة الخليفة ، وفي خدمة السلطان .
فكيف للشيخ ان يجتهد في بناء نظام سياسي سيكون نظاما فاشيا ، ولن يكون ابدا نظاما ديمقراطيا ، لان في نظام الخلافة ، تعارض مع ديمقراطية الشعب / الأكثرية ، لصالح ديمقراطية الأقلية الفاشية ، التي تستولي على الحكم ، وعلى الدولة ، باسم جماعة اهل الحل والعقد ، او باسم المرشد مغتصب ديمقراطية الشعب ، او الفقيه المكبوت ، المتزمت ، الغارق في الماضوية على شاكلة الطالبانية ..
يلخص الشيخ عبدالسلام ياسين خطته في السيطرة على الحكم ، في العدد السابع من مجلة " الجماعة " الموقوفة . حين كتب " امّا الان والمنكر اصبح معروفا ، والمعروف اصبح منكرا ، والباطل حقا في دامس ظلام الفتنة الجبرية ، فالمنهاج لا بد ان يبنى على أساس الفرقان ، بين الحق والباطل ، على أساس كتاب الله الذي وعد به المؤمنين بالاستخلاف في الأرض / سطروا على الاستخلاف في الأرض / ، وعلى أساس موعد رسوله صلعم الذي بشرنا بقيام الخلافة ، على منهاج النبوة بعد العضّ والجبر الفتنويين " ، ويضيف " لا بد من المنهاج النبوي ليشق الإسلام طريقه " ...
اذن واضح الان انّ هدف الشيخ هو السير على خطى النبي ، وهو يحيل على تجربته في نشر الدعوة كمرجعية له ، وأيضا يعطي لمنهاجه ( النبوي ) شرعية دينية ، لإقامة الخلافة الإسلامية كمشروع سياسي ، وهو يشكل عنده العلم المسبق قبل الشروع في العمل ، لا نه يعطي " وضوح الرؤيا " ، لأنه يحدد الهدف ، ومعالم الطريق ، الى تحقيق المشروع .. وكما يقول " لا بد من تحقيق العلم المسبق قبل الشروع في العمل ، وعلى وضوح الرؤية وتكاملها ، يتوقف المشروع " ..
اذن ما هي الرؤية ، وما هو المخطط المبني للوصول الى قلب نظام السلطنة ، وإقامة نظام الخلافة المنتظرة ، والحتمية التحقيق في تفكيره .
بالنسبة له هناك أربعة مراحل للوصول الى نظام الخلافة ، عند الوصول الى مرحلة القومة / الثورة ، التي هي لحظة الاستيلاء على الحكم .. أي يوم يصل جند الله الى الحكم ، وجند الله هم الصفوة ، والنخبة ، والطليعة القائمة / الثورية ، ويعيدون بناء الهياكل السياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية .. أي بناء الدولة الجديدة ، مع العلم ان الخلافة ليست بدولة ..
ان خطة اللحظات الأربع ، يصفها الشيخ بأشبه بدوائر متداخلة متسلسلة ، فالتربية تهيئ الأرضية الملائمة لتنظيم ( تأسيس جماعة سياسية إسلامية / جماعة العدل والإحسان ) ، والتنظيم يهيئ للزحف ، والزحف يعني التوسع ، والانتشار ، وتعريض القاعدة ، والاستقطاب ، او كما يسميه التغلغل في الشعب ، ثم احتلال المواقع . أيْ الشارع .. استعدادا للانتقال الى يوم القومة / الثورة التي يريدها قومة إسلامية ..
اذن نعيد طرح نفس السؤال بالنسبة لمشروع الشيخ . كيف يمكن الوصول للسيطرة على الحكم ، وتغيير / قلب النظام السلطاني .. هل بانقلاب بلانكي ؟ هل بالتغلغل وسط الجيش ، من خلال التحاق المؤمنين بفكر الشيخ ، بالمدارس العسكرية ، ومدارس الشرطة ، والقوات المساعدة .. ، ام ان التغيير سيكون بقومة للقائمين عليها ، أي ثورة على الطريقة الإيرانية التي تأثر بنجاحها الشيخ كثيرا ؟
بالرجوع الى كتاب الشيخ " حوار مع الفضلاء الديمقراطيين " ، سنجده يتساءل عن طريقة التغيير بالاستيلاء على الحكم بطريقة بلانكية ، ام بحصول ثورة شعبية تقودها نخبة الصفوة ، الذين هم جند الله .. كتب الشيخ " تطرح بين الإسلاميين وبحدة ، مسألة من اين يبدأ التغيير ؟ بانقلاب من اعلى يفرض بوازع السلطان ما يوجبه القرآن ، او بتنشئة بطيئة صابرة لأجيال الخير ، حتى يأتي التحول من الجذور ؟
ان هذا السؤال الاشكالي ، ليس بجديد على الشيخ ، اذ سبق ان حاول تقديم إجابة عنه ، وفي كتاباته السابقة منذ نهاية سبعينات القرن الماضي ، من خلال قراءته لتجارب ونظريات في العمل الإسلامي ، خاصة تجربة الاخوان في مصر ، وتجربة الثورة الإسلامية الإيرانية مع الخميني ، وكذا كتابات كل من حسن البنا ، وسيد قطب ، وحسن الهضيبي ، وأبو الأعلى المودودي الباكستاني وغيرهم ..
يقف الشيخ عبدالسلام ياسين كثيرا امام الثورة الإسلامية الإيرانية ، ويقول عنها بانها قومة / ثورة ( يرفض استعمال مصطلح ثورة للائيكيته ) مباركة ، وانتصار تاريخي عظيم ، وهي عنده درس موجه للامة الإسلامية . ولم يتردد في الدفاع عنها ضد خصومها ممن سماهم بحاملي لواء الحمية الجاهلية القومية ( البعث ) .. وحين وقعت الحرب بين العراق وايران ، وضع نفسه في صف إيران المسلمة ، واصفا الخميني بسماحة الامام المجاهد ، محاولا تبرئته مما الصق به من تهم التكفير والدجل ، وادعاءه انه الامام المهدي المنتظر ، مرجعا هذه التهم الى خصومه العلمانيين والقوميين الذين يقول عنهم انهم انصار الباطل ..
وعندما يركز الشيخ على الخصوصيات المحلية ، كتأييده التام لطريقة انجاز الثورة الايرانية ، ورفض مذهبها الشيعي ، ويجزم باستحالة نجاح اقتباس النظرية المودودية بالمغرب بسبب الخصوصية .. فهو وانْ اوغل في الفكر الاخواني كثيرا ، خاصة حسن البنا ، وسيد قطب ، وحسن الهضيبي الذي اثنى كثيرا على كتابه " دعاة لا قضاة " .. فانه انتهى في الأخير الى خلاصة ، انه بالرغم من ايجابياتها ، فهي تطرح صعوبات عند محاولة تطبيقها في غير موطنها . لأنه يعتقد ان طبيعة المهمة ، مهمة تغيير النظام تختلف من قطر الى اخر .. فما يصلح في هذا القطر ، قد لا يكون صالحا في قطر اخر وهكذا .. والنتيجة انه ليست هناك نظرية واحدة وعامة في العمل الإسلامي صالحة لكل المجتمعات . بل ينبغي احترام الخصوصيات المحلية لكل مجتمع وقطر ... والخطورة هنا ، فهو يدعو الى استغلال الهامش الديمقراطي عند توفره ، لأنه يساعد اذا ما استغل بذكاء ، للتوسع ، والانتشار والتعريض .. وبسبب الخصوصية ، لا يفوت الشيخ يذكر بالحق في اختلاف طرق الوصول الى الحكم . وهنا يقول " ان هناك بلدانا يحق فيها التنظيم المسلح ، والمواجهة المسلحة ، لتذمير دولة الكفر والفساد " ، وبلدان أخرى يرى " فيها الكفر والفساد بنسب ومقادير أخرى ، لكن فيها زعم باحترام الديمقراطية . فهذه – يقول – جهادها انْ كان ذكيا ، يستعمل سلاح العدو " .. وبهذا الاعتراف ، تصبح الديمقراطية عند الشيخ مجرد وسيلة لا غير .. لان الإسلامي المغربي يعتبر الديمقراطية شيخة عليلة في بلادها ، وفقدت مصداقيتها ، او هي مسرح ، وتمثيل ، وبهرجة ، ومن وراء المسرح مصالح ، ورأس مال ، ومساومات ، وبيع وشراء من وراء ظهر الرعية ..
ورغم مرور تسع سنوات على رحيل الشيخ عبدالسلام ياسين ، لا تزال جماعة العدل والاحسن تسير على درب مشروعه ، وخطته الذكية المرسومة ، ميالين الى شعارات ( السلمية ) ، رغم الضربات التي تلقتها الجماعة في فترات متعاقبة . وتمسك الجماعة ب ( السلمية ) ، هو تمسك بمشروعها ، وتفويت فرص القضاء عليها .. لأنها تشتغل على مشروع ، ولا يهم الفترة الزمنية للوصول الى تحقيق المشروع . فالأساس هو التغلغل وسط الشعب ، والانتشار ، والتوسع ، والتعريض ، استعدادا ليوم القومة التي يرون قربها انْ حصل الفراغ الكبير في الحكم .. فالهدف هو إقامة نظام الخلافة ، وتحقيق القومة لتخليص المجتمع من اوحال الفتنة .. ومن ثم فالجماعة وعلى مسار الشيخ ، لا يقبلون بديلا اخرا ، ولو كان دولة القانون ، وكان دولة ديمقراطية حقيقية غربية ، في شكلها ومضمونها ..اما عن الاختيار بين الحل الانتظاري الانتظاري ، او الحل الهجومي الثوري ، او حل المشاركة في المؤسسات المرفوض أصلا من قبل الجماعة .. فان التوفيق بين الحلين الاولين تفرضه الظرفية والظروف ، وهنا يقول الشيخ " ولكلا النظرين اعتبار . اذ ترقب الأفق البعيد ضرورة ، واقتحام معاقل الكفر واجبة . والجمع بين المذهبين ، انما يقدره اهل الزمان والمكان . انما هذا الانتظار ، او تلك المناجزة منْ هو داخل المعركة يوازن ويحكم ، وهو في دعوته الى الجمع بين المذهبين ، حركة الجهاد ، وحركة الاخوان . أي النظرية الهجومية الغازية باستعمال القوة والعنف بكل اشكاله المعروفة ، حتى العنف المسلح الذي سيتخصص فيه جند الله عند نهاية القومة على نجاحها ، بالقضاء على جيوب مقاومة النظام السلطاني ، الذي سيكون دخل مرحلة الاحتضار .. والنظرية الانتظارية او النظرية التحتية .. وهنا يحدد الشيخ تموقعه من الحلين ، عندما ينتقد الذين يتشبثون بنظرية واحدة ثابتة ، في كل زمان ومكان . وهنا يقول " ويخطئ في نظرنا من يتخذ منْ احد طرفي المعادلة ، مبدئية ثابتة ، مغمض العين الأخرى " .. فهو بهذا يعمل على إيجاد صيغة للتسوية بين النظريتين ، ناظرا اليهما على انهما غير متفاوتتين . بل متكاملتين . لأنه وكما يقول " من ينقض على السلطة دون ان تكون له قاعدة مجاهدة ، تبلغ حدا ادنى من الامتداد ، وقاعدة معنوية خلقية ، قوامها ثقة الشعب واستعداده ، انما يغامر بتجربة مآلها الفشل والاجهاض ، ومن نظر الى الأفق البعيد ، يوشك مع الزمان ان يسترخي ويكل الى الأجيال غير المسماة ، حمل عبء كان الاحق ان يبادر هو اليه متى فتح الله .." نفس المرجع / ص 110/111 ..
ان الشيخ عبدالسلام ياسين وهو يعرض للنظريتين ، نظرية الهجوم والعنف المسلح ، ونظرية الانتظارية المتعارضتين ، نجده يتجه لتجاوز هذا التعارض ، تاركا تطبيق احداهما ، لتقديرات اهل الزمان والمكان . أي للقيادة ، و الطليعة ، وصفوة النخبة التي يحملها مسؤولية مهمة التغيير ، واختيار أسلوبه ، وتوقيته ، بحسب موازين القوى ، وما تقتضيه الظروف ، والشروط الاجتماعية ، والسياسية ، والتاريخية ، حتى لا تنتهي التجربة كلها الى الفشل والاجهاض ، ولتجنب اية مغامرة غير محسوبة المقدمات والنتائج ..
ان اهتمام الشيخ ياسين بدراسة واستنباط طرق الوصول الى الحكم ، لتغيير نظام السلطنة لصالح نظام الخلافة ، وما تطرحه من مشاكل وصعوبات بين دعاة العنف المسلح الانقلابي البلانكي ، وهم دعاة نظرية الهجوم ، لان الحاكم ، ودولته ، واتباعه كفارا .. وبين نظرية الانتظارية التي ترتبط بتحولات ظروف الزمان والمكان ، وبجدارة جيش الصفوة جند الله .. يدفع الى تأكيد التساؤلات السابقة كاحتمالات ممكنة . فالإسلام المغربي ليس مفصولا عن نظيره المشرقي . فهو يقرأ خطاباته ، ويعيد طرح أسئلة التفكير في اشكالاته ومشكلاته ، ويسعى للاستفادة من اخطاءه ، معترفا بوجود اختلافات من قطر الى قطر اخر .. كما انه حين يهتم بالخلافة بين نظريات العمل الإسلامي ، فهو يعكس الخلاف داخل حركة الإسلام السياسي بالمغرب حول الموضوع . فاهتمامه لا يعبر عن همٍّ نظري فقط ، ولكن أيضا عن مشكل قائم في واقعه يبحث له عن حل .. لخصه في التوفيق والجمع بين الحل الهجومي ، وبين الحل الانتظاري ، دون ان يغفل ثقلهما ، وأهمية حل عن حل اخر . لان من سيقرر الحل هل الهجومي او الانتظاري ، هم الصفوة الطليعة ، والنخبة المكونة لجند الله ..
والسؤال الخطير هنا . عندما صدر للشيخ عبدالسلام ياسين كتاب " حوار مع الفضلاء الديمقراطيين " ، كان يمد يده ، ويدعو ما سماهم ب ( الفضلاء ) للتحاور حول مستقبل النظام السياسي المغربي . لكن كان الجميع يتهرب منه ، وكانوا يرفضون الإجابة عن دعوته ، وكأنه ليخيل لك ، ان جماعة العدل والإحسان أصبحت معزولة ومنبوذة .. لكن الغريب ان رغم موقف ( الفضلاء الديمقراطيين ) السلبي من دعوة الشيخ ، فانه في الانزالات في المسيرات التي كانت تنظم بمناسبة من المناسبات ، كانت المسيرات بحق مسيرات للجماعة ، لا لأعدائها ، وهو عداء ليس أيديولوجي او سياسي ، بل كان عداء بتوجيهات البوليس السياسي الذي كدرت عليه الجماعة بأسلوب نشاطها ليله .. لأنها لم تعطيه فرصة الاجهاز عليها ، كما حصل لليسار الماركسي بمختلف تنظيماته ..
أدى النزول القوي للجماعة ، في المسيرات التي كانت تنظم في الشوارع بمناسبات مختلفة ، كنصرة ودعم القضية الاستراتيجية الوطنية القضية الفلسطينية ، انّ بعض الأحزاب كالطليعة ، والاشتراكي الموحد .. كانت ترفض مشاركة جماعة العدل والإحسان في تلك المسيرات . وبعد ان فرضت قوة الجماعة شعبيا نفسها في الحضور ، انتقلت عبقرية هؤلاء الى الدعوة الى عدم ترديد شعارات جماعة العدل والإحسان في المسيرات .. واستمر العداء للجماعة حتى اثناء حركة 20 فبراير ، التي كانت بحق حركة للجماعة التي كانت بقوتها ، وبحجم تنظيمها ، هي المتحكم في الحركة .. وكانت مشاركة الأحزاب المحسوبة على ( اليسار ) باهتة .. حتى عندما انسحبت الجماعة من الحركة ، حتى تعرت حقيقة الحركة ، وتفرقت لوحدها دون ان يفرقها البوليس السياسي ، الذي سلط انتقامه و غضبه على نشطاء الحركة الغير منتمين لأيّ تنظيم كأسامة لخليفي ، وزجوا بهم بمحاضر بوليسية مخدومة في السجون .. فالجماعة انسحبت لا نها رات ان حركة 20 فبراير ، استنفدت مقوماتها ، ودورها ، وان الجماهير في نظر الجماعة لا ثقة فيها ، لأنها مستعدة ان تخون ..
ومرة أخرى نطرح السؤال الخطير . لماذا انقرض جميع أعداء الجماعة من الساحة ، ولم يعد ، كما لم يكن لهم اثر ، من اليساريين الماركسيين ، الى أحزاب الفدرالية التي انتهت الى حالة اللهم لا شماتة ، الى النهج الديمقراطي الذي لا يزال يعول على الاشتغال مع الجماعة ، رغم ان مشروعها لا علاقة له بمشروع النهج الذي يتخبط بسبب عدم الرؤية ، وبسبب الضعف البين حتى امام حزب العدالة والتنمية ، فأحرى جماعة العدل والإحسان .. ولماذا لا تزال الجماعة تواصل احسن مما كانت ، حيث الانزالات انزالاتها ، والقوة والتنظيم هما لها لا لغيرها .. رغم انها جماعة لا تؤمن بالديمقراطية الكونية ، وتستعملها كوسيلة لا كغاية ، التي تبقى الخلافة ، ورغم ان ديمقراطيتها هي ديمقراطية فاشية ، لأنها ديمقراطية اقلية ، يكونها اهل الحل والعقد ، والمرشد المتسلط ، والفقيه المتزمت ..
بل ان الجماعة زادت قوة ، وهي تؤمن بجميع الخيارات المطروحة ، من خيار العنف ، والهجوم ، وحتى المسلح اذا دعت الضرورة له ، واصبح فارضا لنفسه في الصراع ، والعنف الثوري الذي تسميه بالقومة التي سيحسن انتصارها القائمون / الثوار عليها .. أي الجمع بين الهجوم بأشكاله المختلفة ، وبين الانتظارية اذا كانت طبيعة المرحلة تدعو اليها ..
لقد انقرض كل شيء ، ولا تزال الجماعة في احلى صورها ، قوة ، وعدة ، وعددا ، وتأثيرا ... لقد كانت لها كلمتها ، كلمة الفصل ، في حركة 20 فبراير التي انتهت بمغادرة الجماعة لها ، لأنها فقدت شروطها ، واستنفذت مقوماتها ، وأصبحت عاقر لن يضيف الى الصراع نقلة نوعية .. كما انها تعول على جند الله ، ولا تعول على الجماهير التي تعتبرها قد تخون .. وكانت لها كلمة الفصل في ضبط الوضع بعد وفاة الحسن الثاني رحمه الله ، لان موقفها المسؤول حال دون دعوات اناركية Anarchisme لإشعال ( ثورة ) ، فتنة مكبوتة داخل المجتمع المفتون .. واكيد سيكون للجماعة كلمتها المؤثرة عند حصول فراغ في الحكم .. فالساحة فارغة الاّ من الجماعة واتباعها ، والذين سيتبعونها في جهة ، والجيش في جهة أخرى .. وعلى ضوء التطورات التي ستحصل عند حصول الفراغ في الحكم ، كاحتلال شوارع مدن كل المغرب ، ونوع الشعارات التي سترددها الجموع ، وستكون شعارات إسلامية بسيطة " صحاب الجلالة / الله تعالى " ... لخ ، سيتبلور موقف الجماعة التي تقود مشروعا لا يرتبط بعامل المكان ، واللحظة ، والزمان .. لكنه يرتبط بدرجة التغلغل ، والانتشار وسط الشعب ، والتعريض للقاعدة ، للوصول الى يوم القومة ، للحسم في بناء دولة الاسلام ، دولة الخلافة ..
فهل اصبح الحل الإسلامي ، وفي الغياب الكلي لأحزاب ( اليسار ) المتهالك المنقرض ، فريضة وضرورة ، وحتمية لا مفر منها ؟
رحم الله الشيخ عبدالسلام ياسين ، لأنه كان ظاهرة فريدة ، لم يعرف تاريخ المغرب مثلها .. فبينما انقرض الجميع ، ساهمت خطط الشيخ في الحفاظ على جماعة العدل والإحسان بشكل اقوى ، كتنظيم يشتغل على نظام الخلافة الفاشي ، المتعارض مع الأنظمة الديمقراطية ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جبهة البوليساريو غاضبة من استئناف الاتحاد الاوربي ، قرار الغ ...
- المدير العام للبوليس السياسي
- الملك محمد السادس ابن الحسن العلوي . هشام بن عبدالله العلوي ...
- أولى نتائج وبوادر التعاون ( الاستراتيجي ) بين البوليش الشياش ...
- هل التطبيع بين النظام السلطاني المغربي ، وبين الدولة الصهيون ...
- هل فشلت زيارة وزير خارجية السلطان ناصر بوريطة الى واشنطن ؟
- هل يتعرض النظام الجزائري لمؤامرة ؟
- الحزب السياسي
- جبهة البوليساريو خسرت الحرب ، فخسرت قضيتها ، وعليها ان تعترف ...
- هل بدأ الإلتفاف على قرار محكمة العدل الاوربية ..
- من كومونة باريس الى كومونة الرباط
- تحليل خطاب الملك بمناسبة مرور ستة واربعين سنة من انطلاق المس ...
- النظام الجزائري . استعراض للعضلات ، ام تحضير للحرب ..
- إسقاط النظام . إسقاط الدولة . إسقاط الاستبداد ، أم إسقاط الج ...
- تحليل قرار مجلس الامن 2602 حول الصحراء .
- الجميع يدعو الى التغيير من دون وجود مشروع للتغيير
- إسرائيل لا تعترف بمغربية الصحراء ، لكنها تعترف بالبوليساريو ...
- من يرفض النقد الذاتي بدعوى العصمة ، ويرفض النقد بدعوى الطهار ...
- من السهل ان تردد كالببغاء الصحراء ليست مغربية . لكن من المست ...
- البوليس السياسي يمنع تعسفيا الناشط السياسي المعطي منجيب من م ...


المزيد.....




- جين من فرقة -BTS- شارك في حمل شعلة أولمبياد باريس 2024
- العثور على أندر سلالات الحيتان في العالم
- الجمهوريون يرشحون ترامب رسميا لخوض الانتخابات والأخير يختار ...
- ليبرمان: نتنياهو يعتزم حل الكنيست في وقت مبكر من نوفمبر
- هل تنهي أوروبا أزمة أوكرانيا دون واشنطن؟
- موسكو: لا يوجد أي تهديد كيميائي لأوكرانيا من قبل روسيا
- الولايات المتحدة تؤيد دعوة روسيا لحضور -قمة السلام المقبلة- ...
- غروزني.. منتدى القوقاز الاستثماري
- شاهد.. احتفالات زفاف العام الفاخرة لابن أغنى رجل في آسيا تتو ...
- انتعاش الموسم السياحي في تونس


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - جماعة العدل والاحسان ومشروع الخلافة الاسلامية / بمناسبة مرور تسع سنوات على رحيل شيخ الجماعية الاستاذ عبدالسلام ياسين