أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - يوم الحشر














المزيد.....

يوم الحشر


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7102 - 2021 / 12 / 10 - 13:59
المحور: الادب والفن
    


١٧ - يوم الحشر ويقظة السيد نون

استيقظ السيد نون ليجد نفسه فيما يشبه صالة إنتظار ضخمة المقاييس، حيث العشرات والمئات من البشر من كل لون ومن كل الأعمار والأجناس ينتظرون في صمت يشبه صمت الأموات أن يحدث شيء ما. منهم من يتحرك ويتمشى من مكان لآخر ومنهم من هو جالس أو مستلق على الأرض ومنهم من هو نائم ومنهم من هو جالس على المقاعد العديدة الموزعة بطريقة عشوائية على أرضية الصالة التي يبدو أنها لا حدود ولا نهاية لها. كان يشعر بالدوار في البداية وكأنه في حلم غريب بين اليقظة والنوم أو بين الوعي واللاوعي بما يحيط به، وكأن جسده بكامله كان مخدرا أو فاقدا للإحساس بما حوله. رغم الحركة الواضحة والمتواصلة لهذه الكائنات البشرية، إلا أنه كان هناك صمت مريب يخيم على المكان، وخيل إليه كأنه كان في صالة سينما يشاهد فيلم صامت أو قطع عنه الصوت. وتدريجيا، بعد ساعات أو أيام أو ربما شهور وسنوات، فليس لديه أية نقطة إرتكاز لتكوين فكرة عن الوقت، بدأت الأمور تنتظم والصورة تتضح وتنقشع الغيوم من أمام ناظريه وبدأ يحس بصلابة الأرض تحت قدميه وبدأت الأصوات ترتفع تدريجيا. في البداية كان يسمع نوعا من الطنين الخفيف المتواصل، كصوت ثلاجة من بعيد، ثم بدأت تظهر أصوات بشرية تتحدث بهمس خفيف، ثم بدأ يسمع صوت خطواته وحركة الناس الذين يحيونه ويسألونه. تحسس جسده ليتأكد من أنه ما يزال كاملا من الناحية المادية ولا تنقصه أية أعضاء، تحسس يديه وقدميه وبطنه ورأسه، جسده كامل كما هو عندما يستيقظ كل صباح. أراد أن يتأكد من إنه لا يحلم، لقد حدث شيء ما غير حالته الوجودية، إحساس غامض بأنه يتواجد فيما يسمونه العالم الآخر، أو محطة من محطات الطريق إلى العالم الآخر. إنه بكل بساطة ميت ويعد من بين الأموات. لكنه لم يصدق هذه الفكرة تصديقا كاملا، كان يراوده نوع من الشك بخصوصها أو بالأحرى لم ترقه واعتبرها مستحيلة ولا تأتي إلا في الأحلام. لقد حلم مرارا بكونه قريب من الموت أو على وشك الموت، لابد أنه يحلم وعليه فقط الإنتظار حتى يستيقظ. وبقي الوضع هكذا معلقا، مؤكدا لنفسه إمتلاكه لكل قواه العقلية، حيث من المستحيل أن يحلم الإنسان بكونه ميتا أو حتى بمجرد فقدان الوعي، وحتى في حالة السقوط من علو شاهق لابد للحالم أن يستيقظ قبل أن يلمس جسده الأرض. وتأكد بأنه لا يمكن أن يحلم بأنه ميت وفي عالم الأموات، منطقيا لابد أن يكون ميتا حقا، ميتا موتة حقيقية. والموت حالة لا يعرفها ولم يجربها من قبل، وربما هذا هو سبب إرتباكه وحيرته. إنه فقط يتذكر الإنفجار في لحظة خاطفة وبطريقة غائمة، يتذكر كيف أخرج سيارته من الكاراج وكيف نزل من السيارة تاركا باب السائق مفتوحا والمحرك مستمر في الدوران وكيف أقفل باب الكاراج ثم عاد إلى سيارته وعندما جلس في مقعده وأقفل باب السياره سمع ذلك الصوت القوي مثل زلزال مدوي والذي أعقبه ظلام وصمت مطلق لا يدري كم دام من الوقت. وتذكر أيضا صوت سيارة الإسعاف ورائحة المستشفى والممرضين والممرضات، ثم يعود ذلك الظلام الدامس مرة أخرى، إنه لا يدري ما هو ترتيب هذه الذكريات زمنيا وهل هي مرتبطة ببعضها البعض أم أنها مبعثرة هنا وهناك زمنيا ومكانيا. إنه الآن يرى ويسمع ويحس بأجساد الآخرين عندما يصطدمون به في حركتهم العشوائية، ويلاحظ انه ما يزال في ملابس المستشفى الزرقاء، حافيا وبدون نظاراته. العديد من هؤلاء الذين يهيمون في هذا الفضاء مثله يشبهونه ويشاركونه بطريقة ما فيما يحدث وفيما سيحدث له. من حين لآخر كان هناك صوت يعلن أوينادي عن إسم شخص ما ويطلب منه التوجه إلى أحد الأبواب العديدة المتواجدة على جانبي الصالة الضخمة. لم يهتم بهذه الإعلانات الصوتية في أول الأمر، وتدريجيا اكتشف أن الناس ينتظرون هذه الإعلانات وأن سبب وجودهم في هذا المكان هو أن يسمعوا إسمهم في لحظة ما ليتوجهوا إلى أحد هذه الأبواب المغلقة.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بداية الإنفجار
- الإختيار المستحيل
- صور من تحت الأرض
- القبر الذهبي
- دراكولا
- السيفيروت وعلم الأرقام
- هيا بنا نهاجر
- الحلم المصادر
- ليلة ممطرة
- اللامتناهي : الله أم العالم ؟
- المرأة الأولى
- أحزان العنكبوت الأزرق
- ثورة إبليس
- حكاية للأطفال
- سارق النار
- التمرد والأسطورة
- تمرد البروليتاريا الإلهية
- لا تنظري للوراء
- تجاوز جدلية السيد والعبد
- ليليث والصياد


المزيد.....




- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - يوم الحشر