|
أحد المحاربين القدماء في الفيتنام : كنّا قتلة أطفال لمصلحة الإمبرياليّة الأمريكيّة
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 7100 - 2021 / 12 / 8 - 19:52
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
نشر المقال أوّل ما نُشر في 15 فيفري 2016 بجريدة " الثورة " عدد 426
-" حياة الأمريكيين ليست أهمّ من حياة الآخرين." ( بوب أفاكيان ،" الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " 7:5)
-" من الشائع أن نسمع هذه الأيّام من موظّفى الحكومة و غيرهم أنّ واحد بالمائة فقط من السكّان يشكّل جيش الولايات المتحدة لكن هذا الواحد بالمائة يقاتل من أجل حرّية التسعة و تسعين بالمائة الباقين . و الحقيقة مع ذلك هي التالية : أوّلا الواحد بالمائة فى الجيش فى الواقع يقاتل من أجل الواحد بالمائة الآخر : الرأسماليّون - الإمبرياليّون الكبار الذين يسيّرون هذه البلاد – الذين يتحكّمون فى الإقتصاد و النظام السياسي و الجيش و وسائل الإعلام و المؤسسات المفاتيح الأخرى – و الذين يهيمنون على أجزاء كبيرة من العالم و يعيثون فيها فسادا متسبّبين فى عذاب أليم لمليارات الناس تماما . إنّها " حرّية " هؤلاء الرأسماليين – الإمبرياليين – حرّيتهم فى الإستغلال و الإضطهاد و النهب – هي التى يقاتل عمليّا هذا الواحد بالمائة فى الجيش من أجلها و أحيانا يموت أفراد منه من أجلها ." ( بوب أفاكيان ،" الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " 5:1) ----------------------------------
قبل حوالي خمسين سنة ، في جانفى 1967، شرعت القوّات المسلّحة الأمريكيّة المحتلّة للفيتنام في هجوم عسكري ضخم ضد القوّات المقاتلة من اجل تحرير الفيتنام . و سيفضى نضال الشعب الفيتنامي مترافقا بنهوض معارضة قويّة للحرب داخل الولايات المتّحدة إلى هزيمة الإمبرياليّين الأمريكان في الفيتنام . و الحرب العدوانيّة في الفيتنام جزء من مجمل التاريخ الدمويّ لحروب الولايات المتّحدة و غزواتها و إعتداءاتها على البلدان و الشعوب المناضلة من أجل تحرّرها . و تقع على كاهل الناس في الولايات المتّحدة مسؤوليّة فهم أنّ " أمريكا لم تكن أبدا عظيمة " و كذلك مسؤوليّة معارضة كافة الجرائم التي يقترفها الإمبرياليّون الأمريكان عبر العالم . و نعيد نشر هذا المقال الذى كتبه أحد المحاربين القدماء في الفيتنام ، سنة 1967 لم يكن قد إلتحق بعدُ بذلك البلد إلاّ أنّه لديه أشياء هامة عبّر عنها بصدد المجازر والفظائع الأخرى التي إرتكبتها الولايات المتّحدة أثناء الحرب ضد الشعب الفيتنامي. --------------------------- أرسل هذه الورقة التي كتبت إلى جريدة " الثورة " و موقعها على الأنترت revcom.us لأنّها الفضاء الوحيد الذى يقف بصراحة إلى جانب شعوب العالم ضد كلّ أشكال الإضطهاد و من أجل عالم مغاير راديكاليّا و أفضل بكثير . و السبب المباشر لهذه الرسالة هو الموجة الراهنة من الوطنيّة المستخدمة للجنود و المحاربين القدماء لتبرير أيّة جريمة أو فظائع يمكن تصوّرها من تلك التي تقترفها " فيالقنا " أي جيش الولايات المتّحدة . أتحدّث من خلفيّة تجربة كبيرة بأكملها – عشت المعارك السياسيّة من الجانبين – من مساندة حرب الولايات المتحدة و الخدمة في صفوف الجيش الأمريكي في الفيتنام إلى التعرّف على الحقيقة بشأن تاريخ أمريكا الدمويّ و الإباديّ. و الآن بالذات ثمّ’ حملة كبرى لتجميع ملايين الدولارات ، حملة المحارب الجريح لأجل الرعاية الطبّية للجرحى من المحاربين القدماء للحروب الأمريكيّة المخاضة عبر الكوكب . و قبل كلّ شيء ، لنضع الأمر بصفة مباشرة : لا وجود لأبطال فهم مجرمون و قتلة أطفال . و لا تجدون في أيّة وسيلة من وسائل الإعلام السائدة و الثقافة السائدة حديثا عن الذين نقتلهم و نعذّبهم و نقصفهم بواسطة الطائرات بلا طيّار و نغتصبهم – شعوب العالم لا أهمّية لها في المسيرة الأمريكيّة عبر كوكب الأرض . لا شرف في أن نكون جنودا في الجيش الأمريكي الذى غزى كلّ ركن من أركان العالم و تقريبا مجمل بلدان الكوكب . لا فخر في تعذيب الناس عبر الكوكب و في غزو أوطان الشعوب و إهانة الذين يقع إحتلال بلدانهم باسم " الحرب على الإرهاب " . و تخوض الولايات المتّحدة عمليّا " حربا على الإرهاب " ضد شعوب العالم . و بالفعل ، يمكن أن نجزم تاريخيّا أنّ كامل قتل عشرات الملايين من البشر بالجملة هو " الطريقة الأمريكيّة" و بإستثناء الحرب الأهليّة، لم يوجد أيّ شيء مشرّف في الخدمة العسكريّة في جيش الولايات المتّحدة . و مثلما أصرّح للشباب حينما أتوجّه إلى المعاهد كجزء من حملة لسنا جنودكم ، ستنضمّون إلى صفوف جيش يقتل البشر عبر العالم من أجل الربح و الإمبراطوريّة ! و يمكن أن تكونوا متأكّدين من أنّه كلّما تصاعدت حملة وطنيّة و حملة رفع الراية الوطنيّة ، كلّما جرى التصعيد في العمليّات العسكريّة التي تحتاج إلى دعم الذين لا يعملون فكرهم و ذوى الإمتيازات بينما يفترض أن تتراجع بقيّتنا و أن لا تعلن الحقيقة بينما ترتكب الفظائع بإسمنا . و في الوقت الراهن بالذات ، عبر كامل أفريقيا و الشرق الأوسط تنظّم مئات العمليّات العسكريّة السرّية و الإغتيالات و الإختطافات و الكثير من الجرائم على يد فرق عمليّات مختصّة بينما يجرى الترويج لأسطورة " لا وجود لقوى سرّية " في تلك الأماكن . هناك " فيالق موت " أمريكيّة إلى جانب قصّة الحاجة إلى حماية " أنفسنا من الإرهابيّين " و الحال أنّ الحقيقة هي أنّ الولايات المتّحدة أكبر إرهابيّ على وجه الأرض . ما أقوله هنا ليس رأيى الشخصيّ و إنّما هو تاريخ و أجل علم . فالأمر لا يتعلّق بطبيعة إنسانيّة أو بأناس سيّئين أو حتّى بطبيعة الإنتماء إلى الجيش .لا . لقد تعلّمت دروسا مريرة في الفيتنام ولمّا عدت إلى هنا ، إلى الإمبراطوريّة الأمريكيّة ، أنّنا نعيش في إطار نظام رأسمالي- إمبريالي سيستمرّ في إقتراف جميع أصناف الجرائم المتصوّرة دفاعا عن هذه الإمبراطوريّة و توسيعا لنفوذها ، إمبراطوريّة الربح و الإستغلال عبر الكوكب . من حقول الموز في غواتيمالا إلى المعامل الهشّة في بنغلاداش ، إلى نفط الشرق الأوسط ، تملك الولايات المتّحدة أكثر من 700 قاعدة عسكريّة مبثوثة عبر الكوكب للدفاع عن ما يسمّيه الوحوش المسيّرون لهذه الإمبراطوريّة " مصالحنا " .و للقيام بذلك ، يحتاج الجيش و تحتاج القوى القائمة إلى أجساد و أذهان الشباب أساسا الرجال و بعض النساء لتنفيذ الجرائم . و بالتالى ، كيف يفعلون ذلك ؟ إنّهم يفعلون ذلك بطرق عدّة متباينة و خاصة من خلال العنصريّة و الأكاذيب و المؤامرات و بثّ الرعب و هذا خبز يوميّ للثقافة و التعليم الأمريكيّين . و يتعزّز هذا بعمليّات غسل الأدمغة بشكل عنيف و قاسي للجنود الشبّان يسمّى " تدريب أساسيّ" ليغرسوا فيهم الطاعة العمياء للأوامر و عدم الاهتمام إلاّ لحياة الأمريكيّين و ذهنيّة " أطلقوا النار أوّلا و أقتلوا الجميع " . فثمّ ، عندما يعود هؤلاء الجنود إلى ديارهم يُستخدمون مجدّدا و بالخصوص منهم الجرحى / قتلة من أجل الإمبراطوريّة ، لحشد التعاطف و الرأفة وتبرير مواصلة القتل والتعذيب . و الرسالة هي أنّ الحياة الوحيدة المهمّة هي حياة الأمريكيّين . و أعلم أنّ البعض سيقولون إنّ هؤلاء الجنود ضحايا هم كذلك للنظام الإمبرياليّ . و ردّى هو أنّ لهؤلاء الجنود المحاربين القدماء خيار : إمّا العبور إلى ضفّة شعوب العالم و الإصداح بالحقيقة بخصوص ما شاهدوه و ما فعلوه و إمّا المواجهة الأبديّة للإدانة العالميّة لهم كقتلة أطفال و مجرمين فعلا . صحيح أنّ جيل اليوم الذى وُلد عقب 11 سبتمبر لا يملك ذاكرة حقيقيّة عن نهوض ستّينات القرن العشرين و كيف أنّ عشرات الملايين توصّلوا إلى معارضة الحرب في الفيتنام و الإمبراطوريّة الأمريكيّة بطرق عدّة متباينة و منها المعارضة الجماهيريّة للحرب بالذات صلب جيش الولايات المتّحدة . و بالنسبة لهذا الجيل نفسه ، ما حدث في الفيتنام قبل نصف قرن تاريخ قديم مثلما كان الأمر معى أنا حين كنت أستمع إلى المحاربين القدماء في الحرب العالميّة الثانية يروون قصصهم . عقب هجمات 11 سبتمبر على مركز التجارة العالمي ( قُتل 3 آلاف إنسان بريء على يد مجموعة من الإرهابيّين الأصوليّين الإسلاميّين ) ، وظّفت الولايات المتّحدة ما حدث لتنفّذ و تبرّر غزوات العراق و أفغانستان و قتلت آلاف الطائرات بلا طيّار البشر في عديد البلدان الآسيويّة و الأفريقيّة و الشرق أوسطيّة و قام الجيش الأمريكي و المخابرات الأمريكية بتعذيب و قتل الناس في السجون و " الأماكن السوداء ". هذا واقع العالم الذى نعيش فيه اليوم و الدروس المستقاة من الماضى يجب أن تخدم حقّا المساهمة في وضع نهاية لكلّ هذا الجنون . لا مزيد من " قصص الحرب " السخيفة و العبثيّة . و سيرورة سفرى إلى الفيتنام مفيدة يمكن تعلّم العبر منه لأنّ الجنود الشبّان اليوم و المحاربين القدماء بسوعهم ملاحظة أوجه شبه بشأن كيفيّة التلاعب بهم و مغالطتهم . و بالعودة إلى وقتذاك ، و أنا أتابع دراستى ، الأفكار الوحيدة التي تعلّمتها في ما يتّصل بحروب أمريكا كانت ضرورة و الإندهاش و عظمة خوض تلك الحروب . و بواسطة جهاز التلفاز تعلّمت أن أهلّل لرعاة البقر و هم يقتلون أعدادا كبيرة من سكّان أمريكا الأصليّين [ الهنود الحمر] ، أنّ أفلام الحرب كانت ترسم الأمريكيّين على أنّهم على حقّ و على أنّهم يدافعون على نمط حياتهم . شاهدوا شريط " القلب الأرجواني " و الصورة العنصريّة المقدّمة عن اليابانيّين . فى السنة الثامنة من سنوات دراستى ، تحصّلت على جائزة فيلق أمريكي لقاء بحث كتبته عن الوطنيّة . و في المعهد الثانويّ ، كان أستاذا التاريخ ، السيد غافيغان و السيّد مورفى يعرضان خارطة تبيّن الشيوعيّة كشيطان يستحوذ على كامل آسيا ، خاصة الفيتنام . و إثر الدراسة بالمعهد الثانوي ، عملت حتّى من أجل باريغلواتر عندما ترشّح للرئاسة سنة 1964 . و حضرت أوّل مسيرة مناهضة للحرب في الفيتنام في مدينة نيويورك في ربيع 1966- و كنت واقفا إلى جانب مساندى الحرب . و إنضممت إلى الأمريكيّين الشبّان من أجل الحرّية وهي مجموعة يمينيّة بالمركّب الجامعيّ . لذا ، بينما يقع تدريب معظم الشبّان في هذه البلاد على الوطنيّة العمياء فيظلّون على جهل للتاريخ و لطبيعة النظام الذى يعيشون في ظلّه ن كنت منشغلا بالسياسة منذ سنّى المبكّرة و كنت أعتقد أنّى أعرف التاريخ الأمريكي و أعرف لماذا يستحقّ البلد الدفاع عنه . و إلتحقت بالقوّات الجوّية الأمريكيّة و إنتهيت إلى حراسة الأسلحة النوويّة في الولايات المتّحدة في قواعد صغيرة على الساحل الشرقي . بيد أنّى قلت لنفسى إنّه ليس بوسعى أن أعيش ذلك الزمن و لا أتّبع نداء جيلى و لا أتوجّه إلى الفيتنام . و صادف وصولى إلى هناك إنطلاق هجوم التات لسنة 1968 – عمليّة عسكريّة نظّمها الثوريّون الفيتناميّون ضد كافة القواعد العسكريّة الأمريكيّة الكبرى في الفيتنام . و إثر وفاة أربعة من زملائى الجنود و الأصدقاء في ذلك الهجوم، إنهارت كلّ نظرتى إلى العالم لأنّنى بدأت أدرك أنّ لا شيء ممّا تعلّمته أو آمنت بصحّته بشأن طبيعة أسباب وجود الولايات المتّحدة في الفيتنام . لم أكن أعلم أيّ شيء عن الشعب الفيتنامي و ثقافته و تاريخه . كنّا نسم كافة أنواع الناس بنعوت عنصريّة . و لم نكن أبدا نعدّهم بشرا . و قضيت ال 11 شهرا التالية للتوصّل إلى معارضة الحرب ، إلى رؤية إنسانيّة الشعب الفيتنامي و أخذت أعارض كذبة أنّ الأمريكيّين أفضل الناس في العالم . و أدين بقدر هائل لدافيس و جنسن و هما من عديد السود في وحدتى اللذان رفضا تحيّة العالم الأمريكي ( حينما جرى عرض شريط في قاعدتنا ). و جادلانى في ما يتعلّق بالحرب و بتاريخ السود و أعلمانى أنّهما سيعودان إلى الولايات المتّحدة ليعملا من أجل الثورة . و بعد العودة من الفيتنام ، إنضممت إلى المحاربين القدماء بالفيتنام ضد الحرب و أصبحت أحد القادة الوطنيّين لهذه المنظّمة. و إلى جانب محاربين قدماء آخرين و حركة الجنود المتنامية في صفوف جيش الولايات المتّحدة عبر العالم ، تعلّمنا جميعنا ليس معارضة الحرب و حسب بل كذلك مقاومتها عمليّا . هنا إكتشفت حقيقة تاريخ الولايات المتّحدة و ليس تاريخ الفيتنام فقط بل مجمل تاريخ ما إقترفته الولايات المتّحدة . و تعرّفت على ما فعلته بعثة سوليفان صائفة 1779 حيث أصدر الجنرال جورج واشنطن ( أجل ، ذلك الرجل – مالك العبيد ) أمرا بالهجوم الإبادي على أكثر من 40 قرية إروكوا [ من الهنود الحمر ] – ساحقا البشر و مدمّرا المباني و المحاصيل الزراعيّة . و صار هذا ممارسة سائدة لدي جيش الولايات المتّحدة في القرون الثلاثة التالية مذّاك من الحروب ضد السكّان الأصليّين بغرب الولايات المتّحدة ، و في الحرب الإسبانيّة – الأمريكيّة في جزر الفليبين سنة 1898 ، و إستخدام الحشرات و الأسلحة الكيميائيّة و البيولوجيّة في الحرب الكوريّة بين 190 و 193 ، و الغزو الأمريكي للفيتنام و كلّ فظائعه . و بوسعكم العثور على سلسلة هذه الجرائم على موقع أنترنت جريدة " الثورة " ، revcom.us ، وبوسعكم أيضا أن تجدوا على الأنترنت عدّة قوائم توثّق مئات الغزوات العسكريّة و عمليّات الاحتلال و " عمليّات الوحدات الصغرى " و القصف بالقنابل جوّا و بحرا ؛ تقريبا ثلاثة قرون من العمليّات العسكريّة للولايات المتّحدة حول العالم . و كان المحاربون القدماء و الجنود الذين كنت ألتقى بهم و أنظّمهم يدرسون تاريخ الولايات المتّحدة ، تاريخ العبوديّة و القتل بوقا و إضطهاد السود و يتحدّثون حول كيف أنّ هذا نمط حياة إمبريالي – قتل الناس من أجل الربح و الإمبراطوريّة . و قد إلتقيت عديد الذين كانوا يتكلّمون صراحة عن لماذا يبدو أنّ الثورة ضروريّة لوضع حدّ لكلّ هذا الوضع الرهيب الذى نفرضه على شعوب العالم . و تنقّلنا مشيا على الأقدام طوال سبعين ميلا عبر مدن صغيرة في نيوجرزى ، في مهمّة تشبه البحث – التحطيم لنرسم صورة " الوطن الأم " و ما كنّا نفعله في الفيتنام من مجازر في حقّ الشعب هناك و من تعذيب للفتناميّين . و تاليا ، أخذنا 125 من المحاربين القدماء إلى مدينة دترويت سنة 1971 ، إلى بحث الجندى الشتويّ حيث قدّم المحاربون القدماء شهاداتهم لأيّام ثلاثة حول الإغتصاب الجماعي للنساء الفيتناميّات و القتل الجماعي و تحطيم القرى و المحاصيل الزراعيّة و قنابل النابالم و التسميم الكيميائي للأرض و للبشر و أجل القتل عمدا للأطفال على يد الجنود الأمريكيّين .و فيما هناك عدّة أمثلة قويّة و هامة عن المقاومة و المعارضة من طرف جنود و محاربين قدماء للحروب الإمبرياليّة ، كان تلك هي المرّة الأولى في التاريخ التي كانوا فيها منظّمين ذاتيّا بهدفين إثنين : قول الحقيقة بصدد ما شاهدوه و ما فعلوه و دعوة الأمريكيّين للعمل على وقف الجرائم . قبل بحث الجندي الشتوى ، فكّرت في أنّى فهمت مدى ما قمنا به في الفيتنام غير أنّى بعد أياّم ثلاثة من سماع المتدخّلين ، شعرت بأنّى صرت حطاما لمدى عمق خيانة شبابنا و طموحاتنا و ذواتنا ، و بـأنّنا لم نكن أكثر من قتلة و كبش فداء لدى الإمبراطوريّة . و إثر " بحث الجندي الشتوى " ، عرفنا أنّه علينا أن نقوم بشيء يضع المحاربين القدماء في الفيتنام على واجهات الصحف ، بشيء دراماتيكي سيبعث برسالة حول العالم ، أنّه لمّا كنّا قتلة أطفال ، بدأنا فهم من نحن و ما كنّا مسؤولين عنه حقّا . طوال أسبوع كامل من ربيع 1971 ، أقمنا مخيّما بالمركّب التجاري الوطني قبالة كنغرس الولايات المتّحدة و أطلقنا على ذلك إسم دوى كانيون الثالث – " غزو في بلد الكنغرس ". و فضلا عن ذلك ، جرى قذف الميداليّات معيدينها إلى أدراج الكابيتول كجزء من إحتجاجات دوى كانيون الثالث – " غزو في بلد الكنغرس ". و بعد أسبوع كامل من المظاهرات في كلّ مكان راسمين صورة مسرح حرب الأنصار لكيف تعاطينا مع الفيتناميّين و قتلناهم ، في اليوم الأخير، بين 800 و 1000 محارب قديم بالفيتنام إصطفّوا خارج الكابيتول ليتّجهوا تاليا إلى أدراج الكابيتول و يقذفوا بميداليّاتهم بإتّجاه كنغرس الولايات المتّحدة و حكّام أمريكا . و من تعليقات المحاربين القدماء بالفيتنام المتميّزة و هم يقذفون بميداليّاتهم من وراء السياج المضروب حول الكنغرس قول أحد المحاربين القدماء السود " هذه علامة معارضتى لسياسات هذه البلاد ضد شعوب العالم غير البيضاء " ؛ و صراخ آخر " إسمى بيتر و لدي قلب أرجواني هنا و أتمنّى أن أحصل على قلب آخر في قتال هؤلاء المجرمين " ؛ " و آخر " لا نرغب في القتال مجدّدا و إن فُرض علينا القتال فسيكون لإقتحام هذه الأدراج ". ثمّ ، في صائفة 1971 ، وقع إنتخابي من جمعيّة المحاربين القدماء في الفيتنام لأمثّل الجمعيّة في بعثة سلميّة إلى هانوي – عاصمة فيتنام الشماليّة – " العدوّ ". و كأوّل محارب قديم بالفيتنام يتوجّه إلى فيتنام الشماليّة في بعثة سلميّة ، إلى جانب ناشطين إثنين آخرين من " قبضة النساء من أجل السلام " و " رابطة مقاومي الحرب " ، لم أتردّد في الذهاب . و قد قضقينا أيّاما ثمانية في هانوي متنقّلين إلى هايبهونغ هاربور و معاينين حياة شعب كامل بتاريخه و ثقافته المصبوغين بقيم مقاومة الغزات الأجانب . و مثّلت تلك اللحظة لحظة تحوّلى التام " إلى الصفّة الأخرى " و تحوّلى إلى داعية لإنتصار الشعب الفيتنامي ضد الولايات المتّحدة . و أقول هذا اليوم لأنّه بينما توجد أمّه أو مجموعة مساوية يمكن أن نقدّم لها الدعم الآن بالذات ضد الجرائم التي تقترفها الولايات المتّحدة ، يمكن لكلّ إمرء و خاصة الجنود و المحاربين القدماء لهذه الحروب و يجب عليهم أن يتحدّثوا إلى شعوب العالم فاضحين جرائم الولايات المتّحدة . و يعنى هذا عدم تقديم الدعم لفيالق اجيش الأمريكي لأنّها تقتل الناس . و إنّى لأمقت حقّا شعار " لندعم الفيالق و ليس الحرب " ذلك أنّه يجعل محور هذه الحروب حياة الأمريكيّين و إنسانيّة أناس الذين نقتلهم ثانويّة أو لا أهمّية لها أصلا . و في الختام ، بالنسبة إلى الذين لا يرون سوى قوّة الإمبراطوريّة في التآمر على و في التحكّم في الناس الذين تجعل منهم عن عمى يرفعون الراية الأمريكيّة أو يبدون معارضة طيّعة ، أودّ أن أعبّر عن مدى أهمّية إعلاء الحقيقة و التصريح بها و دعوة الآخرين لفعل الشيء نفسه و إلى القتال من أجل مصلحة الإنسانيّة قاطبة . فقد كنت شاهدا على شيء لا يمكن للكثير من الناس تصوّره اليوم : رأيت قسما كبيرا من قتلة الأطفال سابقا و من مجرمي تلك الحرب يتحوّلون إلى مناهضين للإمبراطوريّة و يقفون إلى جانب تحرير الإنسانيّة . +++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا نحتاج قطعا إلى حزب طليعي للقيام بالثورة
-
تحمّل مسؤوليّة خطّ الحزب على أعلى مستوى
-
لنجعل اليوم العالمي للتحرّك – 24 نوفمبر لمناهضة - حملة براها
...
-
الماركسيّة الحيّة مقابل الماركسيّة المبتذلة – ثورة تحريريّة
...
-
- التحكّم الديمقراطي للعمّال - وهمٌ ضارٌ : من غير الممكن تحق
...
-
لماذا يؤمن الناس بالهراء الأكثر سخافة و شناعة ؟ التشويهات ال
...
-
أمّة الإسلام ليست قوّة من أجل التحرير بل قوّة ضده – نحتاج ثو
...
-
ماذا وراء واجهة -الإختراق - في إتّفاقيّات قمّة المناخ 26 – ا
...
-
لماذا العالم مضطرب جدّا و ما الذى يمكن فعله لتغييره تغييرا ر
...
-
حركة الشمس البازغة و سياسات الضغط على النظام لإنقاذ البيئة ذ
...
-
مجون كلاسغو ... كيف يجرؤون على زعم - قيادة البيئة -
-
ندوة غلاسغو للمناخ في الحسبان – الحكومات و الناس و الكوكب ..
...
-
إلغاء العبوديّة – الحقيقيّ و الخياليّ
-
تشجيع الناس على عدم التطعيم بالتلاحيق يبقى على جائحة الكوفيد
...
-
لا حقّ لقتل البشر باسم الدين – - الإستثناءات الدينيّة - ليست
...
-
نضال و نداء و تعبئة في مدينة المكسيك ضد تغيّر المناخ العالمي
-
حول وفاة أبيماييل غوزمان ، - الرئيس غنزالو - [ رئيس الحزب ال
...
-
اليعاقبة ( Jacobins ) الأمس ، اليعاقبة اليوم : ملخّص مقتضب
-
الشوفينيّة – الإمبرياليّة ليعاقبة - jacobins - اليوم
-
بوب أفاكيان : مرّة أخرى حول لماذا ليست كلّ الدكتاتوريّات سيّ
...
المزيد.....
-
م.م.ن.ص// من يمول الإبادة الجماعية؟ ومن يسهلها؟
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي المكتب السياسي :بيان للرأي العا
...
-
بلاغ إخباري للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع
-
لا لإعادة تسليح الاتحاد الأوروبي! لا لاتفاقية ترامب – بوتين
...
-
صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 14 أبريل 2025
-
هجوم جديد على الفقراء والعمال بزيادة أسعار الوقود والاشتراكي
...
-
مكاسب الشغيلة المهددة، وتكتيك بيروقراطية المنظمات العمالية،
...
-
في أجواء عائلية حميمية.. الجالية العراقية في فرنسا تحتفي بال
...
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 596
-
الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع ترفض “سفن الإباد
...
المزيد.....
-
الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة:
...
/ رزكار عقراوي
-
متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024
/ شادي الشماوي
-
الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار
/ حسين علوان حسين
-
ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية
/ سيلفيا فيديريتشي
-
البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية
/ حازم كويي
-
لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات)
/ مارسيل ليبمان
-
قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024
/ شادي الشماوي
-
نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم
...
/ بندر نوري
-
الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية
/ رزكار عقراوي
المزيد.....
|