|
في الذكرى السابعة بعد المائة لاستشهاد الشيخ - القومي -
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7100 - 2021 / 12 / 8 - 10:42
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
السيرة الذاتية الشيخ عبد السلام محمد عبد السلام البارزاني ، او عبد السلام الثاني ، ولد بقرية بارزان عام ١٨٧٨ ، وكان الأخ الأكبر لكل من الشيوخ ، والقادة ( أحمد ، محمد صديق ، بابو ، مصطفى ) ، وخلف والده في زعامة منطقة بارزان ، ومشيختها ، الذي توفي عام ١٩٠٣ بعد عودته من منفاه – ببدليس – بكردستان تركيا حيث نفاه العثمانييون ، وقد ترعرع في بيئة تميزت من بين مناطق كردستان الأخرى ، بالتماسك العائلي ، والالتزام بتقاليد أصيلة متوارثة في قبول الآخر المختلف ، والتعايش السلمي ، والاحترام المتبادل بين الأديان الثلاثة ( الإسلام ، المسيحية ، اليهودية ) التي كانت لها اتباع في ذلك الزمان بقرية بارزان التي شهدت جامعا ، وكنيسة ، وكنيسا ، ، في نفس الوقت الذي كان اتباع الديانات غير الإسلامية ، تتعرض للابادة ، والتهجير في بلدان ، ومناطق مجاورة . وفي هذا المجال يكتب القس الانكليكاني الأمريكي – ويغرام – في كتابه عن رحلته الطويلة في بلاد الكرد قبل اكثر من مائة عام ونيف ومروره بقرية بارزان ، حيث قصد الكنيسة وطلب من راعيها ان يدله على شيخ المسلمين عبد السلام ، فاراد راعي الكنيسة ان يصحح سؤاله بالقول : هذا شيخ المسيحيين أيضا ، وانه قائد صالح لايفرق بين الديانات الثلاث ، ويقدم المعونة لاتباعها بالتساوي من دون تفضيل دين على آخر ، وقد تاكد القس من صدق راعي الكنيسة عندما اجتمع مع الشيخ مطولا وتعرف على أفكاره المتقدمة ، وثقافته الواسعة ، وحرصه على الجميع من دون تمييز ، وبحسب معرفتي فقد انتهج قادة ومشايخ بارزان هذا السلوك المنتفح بقبول الاخر الى يومنا هذا . التحول نحو الدعوة القومية يقول الصحفي والمؤرخ الفرنسي الشهير - كريس كوجيرا -، " إن "الشيخ عبدالسلام البارزاني، هو صاحب أول وثيقة لحركة التحرر الوطنية الكوردية " ويقصد جملة المطالب التي قدمها الشيخ الى البلاط العثماني ، بعد لقائه مع وجهاء منطقة دهوك والبلدات المجاورة ، والحصول على موافقتهم ، وهي عبارة عن جملة من المسائل التي تعبر عن إرادة الأهالي في التأكيد على الهوية القومية الكردية ، والحصول على ضمانات وقرارات بشأن المطالب الثقافية ، والاجتماعية ، وبذلك يكون الشيخ عبد السلام قد حسم امره وللمرة الأولى كمدافع ليس عن مطالب قريته ، وأبناء طريقته ، وأهالي منطقته فحسب ، بل عن الكرد كشعب محروم من الحقوق ، وغير معترف به من جانب السلطنة العثمانية . ولاشك ان الوعي القومي الكردي قد ظهر وتبلور منذ القرن الثامن عشر وترسخ في اشعار وقصائد – احمدي خاني – وملايي جزيري - وعبد القادر كويي - وشعراء آخرين من مختلف أجزاء ومناطق كردستان التاريخية ، وتجسد في جمعيات قامت باستانبول ، وديار بكر - ،. وحركات ، وانتفاضات البدرخانيين ، والشيخ عبيد الله النهري ، والشيخ سعيد ، والشيخ عبد السلام بارزاني ، وغيرهم . كان الشيخ عبدالسلام وحتى قبل الانخراط في العمل القومي ، يحمل توجها اصلاحيا ، ومارس ذلك على ارض الواقع مثل حماية الغابات ، ومنع الصيد الجائر ، ومنع زواج القاصرات ، وتطبيق مصالحة الدم من خلال الزواج ، وتحديد المهر عند الزواج ، وتأمين حرية العقيدة ، وممارسة الطقوس الدينية للمسيحيين واليهود الى جانب المسلمين . مذكرة المطالب القومية وقد تركزت المطالب في المذكرة المرفوعة الى البلاط العثماني على الأمور التالية : أولا - أن اللغة الكُردية لغة رسمية في منطقة بهدينان .. ثانيا - جعل التعليم باللغة الكُردية في المدارس . ثالثا - - تعيين الموظفين الكبار من الكُرد حتى يتفاهموا مباشرة مع السكان المحليين . رابعا - تجري الأحكام وفق الشريعة الإسلامية . خامسا - - أن تجري معاملات القضاء على المذهب الشافعي في المنطقة . سادسا - جباية الضرائب من السكان حسب الشريعة الإسلامية . سابعا - - تبقى ضريبة بدل الخدمة العسكرية كما هي على أن تخصص لإصلاح الطرق في منطقة بهدينان . والمطالب كانت بجوهرها قومية ، واضيفت اليها بنودا ذات الطابع الديني بناء على طلب الوجهاء ورجال الدين وهم الفئة التي كانت تقود المجتمع في ذلك الوقت . الشيخ الدبلوماسي عندما اصطدم الشيخ عبد السلام بالبلاط العثماني بسبب نشاطه الاجتماعي ، وتوجهه القومي ، حاول ان يجد أطرافا دولية تناصر قضيته ، وتدعمه في وجه الطغيان العثماني ، فبادر الى الاتصال بالبريطانيين الذين لم يتجاوبوا معه ، وتوجه الى الروس ، والتقى بممثليهم في – تبليسي – ولكن تمسكهم بمصالحهم مع العثمانيين أدى الى عدم التجاوب ، وكان جوابهم سلبيا برفض تقديم أي دعم للممثل الكردي الشيخ عبد السلام . النهاية المؤلمة لقد واجه الشيخ العثمانيين بوسائل دفاعية مسلحة ، ودبلوماسية ، وسياسية ، وشعبية بشجاعة بالرغم من عدم تكافؤ القوى ، وفوق كل ذلك تعرض الى خيانة افراد من بني قومه حيث ساعدوا في تسليمه الى السلطات العثمانية ، والمثير للانتباه ان من نفذ حكم الإعدام بحق الشيخ كمسؤول وحاكم على الموصل ينحدر من أصول كردية أيضا ، ولكنه كان عضوا بالاتحاد والترقي ذي الآيديولوجية القومية الطورانية المتطرفة ، وقد قام الشيخ الجليل المناضل بواجبه القومي ، والاجتماعي على اكمل وجه ، وحاول جاهدا ، ولم يترك وسيلة الا واستخدمها بكل شجاعة واقدام ، ووقف شامخا امام جلاديه حتى النهاية ، وستخلد ذكراه في قلوب الكرد أينما كانوا . وقد شكلت مسيرة الشيخ عبد السلام ، منطلقا مضيئا لاسلافه من البارزانيين ، على الاستمرار على خطاه وتطويرها ، وفي عهد زعامة الملا مصطفى من بعده ، توضحت الرؤية القومية بشكل كامل ، ودشن نهجا قوميا ، وطنيا ، ديموقراطيا ، حاسما في مسيرته الطويلة ، التي بدأت في مواجهة الاستعمار البريطاني ، والحكام الشوفينيين ببغداد ، والمرتزقة الكرد من بعض العشائر بالمنطقة ، مرورا بمساهمته في إقامة جمهورية مهاباد الكردستانية في ايران ، ومسيرته الأطول مع صحبه نحو الاتحاد السوفييتي ، وعودته الى العراق بعد ثورة الرابع عشر من تموز ١٩٥٨ ، وقيادته لثورة أيلول عام ١٩٦٣ ، وتحقيق الحكم الذاتي باتفاقية آذار عام ١٩٧٠ ، ومواجهة النكسة ، وحتى رحيله . وقد اثمر ذلك النهج المزيد من المكاسب والإنجازات لشعب كردستان العراق ، من المشاركة مع المعارضة العراقية في الإطاحة بالنظام الدكتاتوري ، وإقامة برلمان كردستان ، وإعلان الفيدرالية ، والاستمرار في تحقيق المزيد من الخطوات التي ولاشك انها بالنهاية تصب في مجرى الكفاح الكردستاني بكل مكان .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مخاطر الإسلام السياسي على تجربة كردستان العراق
-
نموذج يحتذى به في الحركة التحررية الكردستانية
-
القضية الكردية في ندوة - دهوك -
-
قراءة أولية لوثيقتي - التطبيع العربي - مع النظام السوري
-
شعوب الشرق الأوسط والقلق المشروع
-
شركاء السطو على الشرعية في سوريا : النظا
...
-
نداء برسم الاشقاء في أربيل قبل فوات الاوان
-
في تصدعات أحزاب المجلس الكردي
-
كردستان العراق : من القومية الى الثنائية الوطنية
-
هل بقي مايجمع بين عامة الناس والنخب الحزبية
-
القضية السورية في ذروة التجاذبات الخارجية
-
نيجيرفان بارزاني من البحث عن الهوية الى تجسيدها
-
قراءة في ظاهرة التجارب الفاشلة
-
- اللاثابت - في المتحول الأمريكي ( كرديا )
-
محاولة في فهم مجريات ومآلات الحدث الافغاني
-
حراك - بزاف - ماله وما عليه
-
مبادرة حراك - بزاف - لترتيب البيت الكردي السوري
-
الحدث التونسي اختبار اضافي لطبيعة الفئات المثقفة
-
نصف قرن ونيف على كونفراس الخامس من آب
-
إشكالية الدعم الخارجي للحركات التغييرية - بزاف - نموذجا
المزيد.....
-
موسكو: ألمانيا تحاول التملّص من الاعتراف بحصار لينينغراد إبا
...
-
مظاهرات بألمانيا السبت وغدا ضد اليمين المتطرف
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 589
-
تحليل - فرنسا: عندما يستخدم رئيس الوزراء فرانسوا بيرو أطروحا
...
-
برقية تضامن ودعم إلى الرفاق في الحزب الشيوعي الكوبي.
-
إلى الرفيق العزيز نجم الدين الخريط ومن خلالك إلى كل مناضلات
...
-
المحافظون الألمان يسعون لكسب دعم اليمين المتطرف في البرلمان
...
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
-
استمرار إضراب عمال “سيراميك اينوفا” لليوم السابع
-
جنح مستأنف الخانكةترفض استئناف النيابة وتؤيد قرار إخلاء سبيل
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|