|
إطلالة على المِنْدائيّين (ب)
حسيب شحادة
الحوار المتمدن-العدد: 7095 - 2021 / 12 / 3 - 17:18
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
بروفيسور حسيب شحادة جامعة هلسنكي أسفار دينية
لدى المندائيين أسفار دينية عديدة وهي: ا) چِنْزا ربّا، أي الكنز العظيم، أو سدره ربّا، أي الكتاب العظيم، وهو الكتاب المقدّس، يشمل صحف آدم وشيت وسام، وفيه ثمانية عشر سفرًا في ٦٢ سورة تقع في قرابة ٦٠٠ صفحة، وينقسم إلى قسمين، اليمين /يمينا وفيه ١٨ فصلًا واليسار/سملا ويضمّ ثلاثة فصول. أصدر پيترمان (H. J. Petermann) أول طبعة لجنزا ربّا عام ١٨٦٧. وقد ترجمه إلى اللاتينية المستشرق السويدي ماثيو نوربيرغ (Matthew Norberg) عام ١٨١٥/١٨١٦، إلا أنه حوّر النصّ المندائي إلى سريانية منحطّة، كما كتب فيما بعد ليدزبارسكي في ترجمته. وفي العام ١٨٣٩ نشر براندت (W. Brandt) بعض الأقسام بترجمة ألمانية. وأخيرًا نشرت ترجمة ليدزبارسكي الألمانية التي اعتمدت على أربعة مخطوطات في باريس ( J. M. Lidzbarsk) عام ١٩٢٥، وثمة ترجمة للإنجليزية بقلم خالد عبد الرزاق، كارلوس چلبرت (http://mandaean.dk/node/539) وأخرى بقلم قيس السادي.
يُروى أنّ چنزا ربّا قد نُقل إلى العربية في عهد هارون الرشيد ولكن لا دلائل واضحة على ذلك، إلا أنّ الترجمة الحديثة تعود إلى العام ٢٠٠٠ وقام بها يوسف متي قوزي وصبيح مدلول بادي السهيري في بغداد، وتدّعي أنّها الأولى، وصاغها أدبيًا الشاعر المندائي/الصابئي المعروف، عبد الرزاق عبد الواحد، وهي متوفرّة مجّانًا على الشبكة العنكبوتية. هذه الصياغة الأدبية التي استغرقت عامًا ونيّف، كما يعتقد بعض الباحثين، قد أبعدتها عن النصّ الأصلي. إنّها تحاول تقليد لغة القرآن وأسلوبه. وهناك ترجمة عربية ثانية عن ترجمة ليدزبارسكي، أعدّها في سيدني كارلوس جلبرت (خالد عبد الرزاق). هذا الكتاب المقدّس قد دوّن في أوقات متباينة بعد ظهور الإسلام، ويتّسم بضبابية واضحة. هناك بعض المخطوطات لهذا السفر، واحد مثلا محفوظ في المتحف العراقي وأربعة في كل من باريس ولندن ومخطوط في أكسفورد وواحد في حوزة رجال الدين في العراق، وهناك قِطع متفرقة وصلت لايدن وميونخ. ويذكر أن أقدم مخطوط لچنزا ربّا هو مخطوط زوطنبرغ في باريس ويعود تاريخه إلى العام ١٥٦٠. لا علم لنا بأي بحث لمقارنة القراءات، وهي مختلفة في هذه المخطوطات وغيرها بغية نشر طبعة علمية، يمكن الاعتماد عليها قبل ترجمتها بصورة دقيقة وأمينة إلى لغات أجنبية.
أ) يشمُل القسم الأوّل المثبت في جهة اليمين، كتاب الخليقة وتعاليم الخالق، الحيّ العظيم الأزلي، المنبعث من نفسه (هي قدمايي اد من نافشيا افراش)، ’’الحياة العظمى‘‘ والصراع السرمدي الدائر ما بين قِوى الخير والشرّ، النور (نْهورا) والظلام (هشوكا). هذا القسم يُعنى أساسًا بالحياة ويشكل ثلاثة أرباع الكتاب كله. وهناك أيضًا شرح تفصيلي لعملية حلول ’النفس / نشمثا‘‘ في جسم آدم أسيرة، أضف إلى ذلك، الأحكام الفقهية والتسابيح للخالق. وينسُِب المندائيون هذا الكتاب إلى آدم. ولا بأس في اقتباس ما ورد في مستهلّ ’’چنزا ربا‘‘, يمين، التسبيح الأوّل وفق ترجمة بغداد: التوحيد: (http://mandaeannetwork.com/GinzaRba/ ”التسبيح الأول: التوحيد، باسم الحي العظيم (بشميهون ادهي ربي)، مسبَّح ربّي بقلب نقي. (١) هو الحيّ العظيم، البصير القدير العليم، العزيز الحكيم (٢) هو الأزلي القديم، الغريب عن أكوان النور، الغني عن أكوان النور (٣) هو القول والسمع والبصر، الشفاء والظفر والقوّة والثبات (٤) هو الحي العظيم، مسرّة القلب، وغفران الخطايا. مسبّح ربّي بقلب نقيّ. (٥) يا ربّ الأكوان جميعا .. مسبَّح أنت، مبارك، ممجّد، معظّم، موقّر، قيّوم (٦) العظيم السامي. ملك النور السامي (٧) الحنّان التوّاب الرؤوف الرحيم. الحيّ العظيم (٨) لا حدّ لبهائه. ولا مدى لضيائه. (٩) المنتشرة قوّته. العظيمة قدرته (١٠) هو العظيم الذي / لا يُرى ولا يحدّ (١١) لا شريك له في سلطانه، ولا صاحب له في صولجانه (١٢) من يتّكل عليه فلن يخيب، ومن يسبّح باسمه فلن يستريب، ومن يسأله فهو السميع المجيب (١٣) ما كان لأنّه ما كان، ولا يكون لأنّه لا يكون (١٤) خالد فوق كلّ الأكوان. لا موت يدنو منه ولا بطلان (١٥) وأمامه الملائكة ماثلون، بأضويتهم يتألّقون. ساجدين خاشعين. شاكرين مسبّحين. (١٦) هو الذي لا حدّ له ولا كيل، ولا تدنو عتمة من ضوئه ولا ليل (١٧) هو الجلال والإتقان. هو العدل والأمان. هو الرأفة والحنان (١٨) الأوّل منذ الأزل. خالق كلّ شيء (١٩) والقوّة التي ليس لها مثيل. صانع كلّ شيء جميل (٢٠) ربّ أكوان النور جميعا. أسمى من الأُثريين جميعا. الههم جميعا“.
وهذه عينة من ترجمة سيدني، من الألمانية إلى العربية بقلم كارلوس چلبرت للمقارنة: ”كتاب الدين الأول: دين آدم
سبحانك ربّي ذو القلب الطاهر. ١) بسم الحياة الكبرى، الأولى، الغامضة، المؤلفة من عوالم النور، السامية، التي تعلو على كل الاعمال. لتكن من نصيبي (!) (فلان بن فلانة) العافية والنصر ونيل الغفران وكذلك من نصيب أبي (فلان بن فلانة) ونصيب أمي (فلانة بنت فلانة) ونصيب زوجتي (فلانة بنت فلانة) ونصيب ابنائي. ماندا أدهيى ... ثبّت اسماءهم في دار كنز الحياة وأخذ بأيدهم (هكذا في الأصل) إلى الطائفة الرفيعة وكن لهم سندًا ودعامة. لئن كنت أنا متوكلًا على اسم الحياة وكتبتُ هذه المخطوطات فلكي يدوم، كما اتمنى، ذكري (في صيغة اخرى: ذكرها) في تيبل قائمًا، ويبقى اسمي (في صيغة اخرى: اسمها) في دار الكمال منتصبًا. ٢) ثمّ ليكن من نصيب الكهنة المندائيين الحصول على الغفران، خاصةً أولئك منهم الذين لا يزالون يبحثون عن ارشادات من هذه المخطوطات والذين ما يفتأون ينصتون إلى صوت الحياة ويسبّحون بالحياة الاولى. ٣) أسبّحك ربّي بقلب طاهر، أنت ربُّ العوالم قاطبةً. ٤) الحمد لك، مسبّح ومبارك ومعظّم، ذو الوقار والجلال، الله الربّ العليّ، سبحانه ملك النور السامي، ذو الحول الشامل، الذي لا حدود لقدرته، النور البهي والضياء الساطع الذي لا ينضب، الرؤوف التواب، الغفور الرحيم، منقذ جميع المؤمنين وناصر كلّ الطيبين، العزيز الحكيم، العليم البصير، العارف الذي على كلّ شيء قدير، ربّ عوالم النور كلّها: العليا والوسطى والسفلى، ذو السيماء العظيم، الموقّر الذي لا يُرى ولا يُحدّ، لا شريك له بملكه ولا منازع له في سلطانه، من يعتمد عليه لا يخذل، ومن يذكر اسمه بالحقّ لا يخيب، ومن يتوكّل عليه ابدًا لا يُذلّ“.
ب) القسم الثاني الواقع في جهة اليسار، يُعنى بالموت، بما يلحق بالنفس من ثواب وعقاب، وهناك تعاليمُ وحِكم ليحيى بن زكريا، كتاب الأرواح، جسم آدم، تراتيل لطقوس الزواج، وكتاب صلوات وكرّاسات متنوّعة. وهذه بدايات هذا القسم:
”التسبيح الأوّل: عودة شيتل بن آدم إلى بلد النور. باسم الحي العظيم. (١) هو الله.. ملك أكوان النور، العزيز الغني الغفور. المياه لا تسيل، والجبال لا تميل. (٢) وهم إخوتنا الذين أحاروا، وأتقنوا وأناروا، والأرض الموحشة سلكوا، ما رهبوا ولا استجاروا. إخوتنا هيبل وشيتل وأنوش الناصورائيون..والكاملون والصادقون. (٣) قال الحي وهو مستوٍ على عرشه، بين أنواره: ليكن الموت من نصيب أهل الدنيا. إنّ آدم عاش ألف عام فليخرج من جسده قبل أن يشيخ / وقبل أن توهنه الأسقام (٤) ونفذ الصوت، نحن نسميه الحقّ، وأنتم تسمونه الموت (٥) كلّ من لعنه وضع أمام نفسه ستّة وستين معثرا (٦) الحيّ هو الذي يرى (٧) وهو الذي أمر أمرا (٨) فامتثل صورييل (٩) وصار بأمره يخلّص نيشمتا من الجسد (١٠) ويصعد بها إلى الواحد الأحد (١١) لا تُقبل لديه شفاعة ولا قربان (١٢) ولا يستبدل إنسان بإنسان. إنزل يا صورييل إلى عالم الشرّ والنقصان، نادِ آدم، وعلّمه الحكمة والإحسان. قل له: كنتَ أخرس فأنطقناك وأصم فأسمعناك وجاهلا فعلّمناك ومستوحشا فآنسناك / قل له: عشت ألف عام وآن لك أن تترك بلد الشرّ والآثام وتعود إلى بلد النور والسلام، لا تعجز فتضام ولا تهرم فتسام (١٣) غضب آدم وارتدت سيماه، ثم امتلأت بالحزن حناياه، واغرورقت بالدمع مقلتاه..وأعول وبكى، وعلى الأرض ارتمى.. وطوّح بساعديه، وضرب أضلاعه بيديه..قال: (١٤) أيها الصوت الذي إياي ينادي. أيتها الحكمة التي تخاطب عقلي وفؤادي. أفيؤكل الطلع قبل التمور؟.. وقبل السنابل تؤكل البذور؟ لم أقض في هذا العالم سوى ألف عام.. وأتمنى أن أعيش فيه ثانية ألف عام/ (١٥) صعد صورييل ماثلًا أمام الحي العظيم.. الحي الأزلي القديم. قال: ربي..أنت بكل شيء عليم. إنّ آدم، قد طاب له / المُقام في ذلك العالم. وهو يلتمس من خالقه وباريه، أن يُطيل بقاءه فيه. قال: قم يا صورييل إنزل إلى تلك الدار دار المعاثر والأشرار، قل لآدم: لا إنسان منك أحكم وربك بك أعلم لا نريد لك أن تهرم وأن تعجز فتظلم، قم فمت كأنك لم تكن لا تضعف ولا تهن ولتعد نفسك لبيت أبيها خالقها وباريها / قال آدم: ولدي شيتل يرغب في ذلك المقام، وهو ما زال ابن ثمانين عام..ما عرف امرأة، وليس له بنت ولا غلام فاذهب إليه عوضًا عني.. وخذه بدلًا مني. (١٨) بأمرنا ذهب صورييل إلى شيتل بن آدم، فناداه وكلّمه..والحكمة علّمه..ثم قال له: يا شيتل بن آدم قم فمت، كأنك لم تكن. لأن نفسك ترغب في العودة لتلك الدار..دار أبيها ملك الأنوار. (١٩) قال شيتل بن آدم: أيها الصوت الذي إياي ينادي. أيتها الحكمة التي كشفت لي عن نفسها، لتطلق روحي من حبسها. لم أزل ابن ثمانين عاما..ما عرفت امرأة، ولا أنجبت غلاما. ألا ذهبتَ إلى أبي آدم، فله ألف عام في هذا العالم..ألا ذهبتَ إليه، وعرضتَ الأمر عليه؟ (٢٠) قال: يا شيتل بن آدم .. لقد نادينا أباك آدم قبل أن ننادي عليك، وآدم أرسلنا إليك./“. وهذه عينة من ترجمة سيدني، من الألمانية إلى العربية بقلم كارلوس چلبرت للمقارنة:
”أسبحك ربي بقلب طاهر. بسم الحياة الكبرى الغامضة، السامية التي تعلو على كل الأعمال، لتجعل ثوبك منيرًا وتكرم هيئتك بالوقار هناك، عند مارا إد ربوثا. الجزء الأول: ما هي الجبال التي لا تترنح ومياه القمم التي لا تتغير، التي لا تتزلزل ولا ترتج، وجسمها لا يرتجف في ثوبه؟ إن الحياة الكبرى هي جبال لا تترنح، ومياه القِمَم لا تتغير، هي لا تتزلزل ولا ترتج، وجسدها (قامتها) لا يرتعد في ثوبه ... انهم أخواننا الذين قدّموا التبرعات والصدقات بسخاء وفير والذين أناروا البناية ومشوا على ارض تيبل المملوءة بالمثبطات وبصفة عامةٍ الكثيرة النواقص فلم يرتعدوا خوفاً ولم يجفلوا ذعراً ولم ترتج اجسامهم في اثوابهم بفعل العواصف والبروق والغيوم ولم يهتزوا فَرَقاً في مواجهة الأشرار والثائرين بحميّة السخط من تيبل ولم يضطربوا اضطراباً.“
٢) كتاب دراشه اد يهيا ويضمّ سبعة عشر قسمًا، ويحتوي على تعاليم النبي يحيى بن زكريا، الذي عمّد الآلاف المؤلّفة من البشر خلال اثنين وأربعين عامًا، وكان قد نعت نفسه بعبارة ’’صيّاد السمك‘‘.
٣) كتاب سدرا د نيشمتا/كتاب النفوس، يُعنى بالطقوس الدينية مثل: طقس الصباغة، وكيفية الدفن وانطلاق نشمثا من الجسد وحتّى وصولها إلى عالم النور، ومعلومات زراعية.
٤) كتاب آدم بچرة وهو شرح لبدن الانسان والواجبات الطقسية، فالمندائي يتّجه فيها صوبَ الشمال نحو النجم القطبي واسمه اباثر، واسمه عند السومريين نيبورو، وكذلك يكون وجه المتوفّى لأنّ عالَم النور، الفردوس، في اعتقادهم، موجود هناك. كما ويتطرّق لما في الوجبات الطقسية من معان ودلالات داخلية. ويعتقد أنّ أحفاد آدم الخفي (آدم كسيا، أدكاس زيوا) شبه الروحيين طبيعة وأصغر حجمًا من البشر، يسكنون في ذلك النجم، نجم الصبح أو المريخ.
٥) كتاب القُلَسْتا/المديحة، وهو عبارة عن مجموعة من الصلوات والترانيم للمعمودية والزواج والدفن. والصلوات اليوم ثلاث، فجرًا وظهرًا وغسقًا، ولا بدّ من الوضوء قبل الصلاة.
٦) كتاب انياني يعالج طقوس التعميد والوفاة؛ أي الصلوات والأدعية ويشمل الطهارة الصغرى أي الوضوء (الرشامة) وطقوس الغفران (المسخثا = قُدّاس على روح الميّت).
٧) وهناك دواوين مختلفة يصل عددها إلى أربعة وعشرين مثل: ديوان أباثر وهو وصف لرحلة النفس ومحطّات الدينونة، أو الطريق عبر المطهّرات الفلكية السبعة؛ وهناك ترجمة عربية له من الإنجليزية بقلم السيدة آسام داود الخميسي عام ٢٠١٠، وهي متوفّرة إلكترونيا مجّانا . ديوان نهرواثا أي ديوان النهر وهو حول الجغرافيا، التي رسمتها الأساطير المندائية، وديوان حرّان چويتا وهو بمثابة تاريخ المندائيين والتعاويذ. ونصّ التعاويذ يبدأ عادة بـ ”باسم الحياة العظمى لتكن الصحّة والطهارة والقوّة والثبات والنطق والسمع وسرور القلب وغفران الخطايا لفلان أو فلانة ابن أو ابنة فلانة“.
٨) كتاب الف تريسر شياله، أي كتاب ألف واثني عشر سؤالًا وجوابًا في خمسة أجزاء، ويتناول الأخطاء في الطقوس وطريقة غفرانها، وهو مخصَّص للكهنة فقط.
٩) سفر د ملواشي أي كتاب الأبراج أو الأسماء الروحية، كتاب فلكي يشرح مسيرة الإنسان الحياتية، ويعتقد أنّه مأخوذ عن النبي إدريس.
١٠) طومار حران كوبيثا أي حران السفلى، ويشرح في فصول كثيرة، سيرة المندائيين/الصابئة وهجرتهم من فلسطين إلى العراق. وهنالك كتب أخرى هامّة، مثل تفسير يغدا الذي يتطرّق إلى جسم الإنسان والحفاظ عليه، وكتاب الماريشابا حول تكوين العالَم، والقماها وهي تعاويذ وأدعية تردّد لدفع الشرور.
عيّنة ممّا في چنزا ربّا يمين ويسار
لا تقربوا الملوك والسلاطين والمردة في هذا العالم ولا تثقوا بهم، ص. ٢٧. أطفئوا نار غضبكم بالإيمان، ص. ٣٢. تزوّدوا لآخرتكم بالعمل الصالح، ص. ٣٢. لا يأسرنّكم جمال الأجسام فجمالها زائل، ص. ٣٢. إياكم والهزء بمعوَّق، أو السخرية من ذي عاهة، ص. ٣٤. أيّها الصادقون لا تقولوا ما لا تعرفون، ص. ٣٦. الماء لا حدّ له .. وهو أقدم من الظلام، ص. ٧٠. يا آدم، لا يصعد جسد إلى علّيين، ص. ١٢. كلّ من فقد نفسًا لا يحزن عليها.. بل يفرح لها، ويسبح لديها.. وبالصلاة يتقرّب إليها، ص. ٢٥. يا نشمثا .. كنتِ في عالم الزيف والبهتان، فماذا صنعت في عالم الضيق، وبماذا تزوّدت للطريق، ص. ٨٣. الصدقة والإحسان..وثبات قلبك في الإيمان..ذاك هو زادك في طريقك إلى الديّان، ص. ١٢٤. إفرحوا، وسبّحوا يا أصفياء الصدق وابتعدوا عن عالم الأشرار، ص. ١٤٣. الله هو الحيّ منذ الأزل، وكشطا بداية كلّ البدايات، ص. ١٤٣. السلام عليك يا يحيى. أيّها الأب والمعلّم المختار..أيّها الشيخ العظيم الوقار، ص. ١٥٩. باسم الحي العظيم. إنّه كلام مبين بوحي من ربّ العاليمن، مواعظ يحيى ين زكريا للناصورائيين، الصادقين المؤمنين، ١٩٥.
يحيى يوحنا/يهْيا يُهانا (أسوثا وزكوتا نهويلي/سلام الله عليه)
ممّا يُروى في سِفر دراشا اد يهيا/تعاليم ومواعظ يحيى، نجد أنّ اضطرابًا حلّ في أورشليم قُبيل ولادة يحيى آخر أنبياء الصابئة، نجم متلألىء يسير نحو اينِشبي، انشوي/اليصابات أمّ يحيى ابنة الثامنة والثمانين، ونور ساطع على الأب المسنّ زكريا ابن التاسعة والتسعين عاما. السماء ذرفت الدموع عند ولادة يحيى بعد الحمل لتسعة أشهر كالمعتاد، ولم تلمسه قابلة، ولم يقطع حبله السرّي. وقد ورد في كتاب تعاليم يحيى:
”ولم تكن هناك قابلة ماهرة من اليهود لتسعفني عند الولادة، كما لم تكن هناك من هي قادرة على قطع الحبل السرّي، لتفصلني عن الرحم في أورشليم (ص. ١٠٠)“. ملاك باسم أنش اثرارا اصطحب المولود إلى الجبل الأبيض/براون طورا حيث الأشجار ذات الحليب المقدّس وهناك عمّد. وفي السابعة من عمره علّمه الملاك الأبجدية المندائية آ، با، چا، دا إلخ. وفي سنّ الخامسة عشرة شرع في القراءة ودراسة الدين والعادات المندائية، وتمكّن منها، وفي سنّ الثانية والعشرين أعلن دعوته على الملأ في أورشليم بأمر من الله. وله كتاب دراشا اد يهيا وهو الثاني بعد چنزا ربّا من حيث الأهمية الدينية لدى المندائيين وقد ترجمه إلى العربية أمين فعيل حطاب وصاغه أدبيًا سميع داود سلمان في بغداد عام ٢٠٠١، وهو متوفّر مجّانًا على الشبكة العنكبوتية. وكان ليحيى ولزوجته أنهر (الأحسن) ثمانية أولاد، خمسة صبيان وثلاث بنات: هندام، بهرام، أنصاو، سام، شار؛ شارت، رهيمات هيي، أنهر زيوا. ينسب تجميع أسفار المندائيين ليحيى، الذي دعاه الله باسم النبي الصادق/ أشليها أد شراري (وقارن ما ورد في السور: مريم: ١١، الأنعام: ٨٤، ٨٨). ووالدة يحيى لم تره بعد الولادة إلا عندما كان ابن عشرين عاما. عاش يحيى أربعة وستين عاما، وقضى اثنتين وأربعين سنة منها في تعميد الناس في نهر الأردن، ومن معجزاته: إشفاء المرضى وإعادة البصر للعميان والسمع للصمّ. يقول المندائيون إنّ يحيى آخر أنبيائهم (آدم وشيت وإدريس وسام) أحيى عقيدتهم وأنقذها من اليهود. ويقولون إنّ يوهنّا مصبانا/يوحنا الصابغ، المعمدان ولد حوالي عام ٣٤ أو ٣٦ ق.م. مندائيا وعام ١ ق.م مسيحيا.
بُعيد العام ٦٠ م. اضطرّ عشرات الآلاف من المندائيين للهجرة بقيادة اردوان/اردبان الملك، إلى حرّان بسبب اضطهاد اليهود (ينظر في كتاب هران كويثا = حران الداخلية)، كما تعرّضوا لاضطهاد من قبل الزرادشتية والمانوية في القرن الثالث للميلاد. كان لديه ٣٦٠ تلميذا/ترميذيا ومقامه في الجامع الأموي في دمشق. الديانة المندائية لا تقبل الرواية المسيحية الواردة في إنجيلين حول قتل يوحنا على يد الملك هيرودس وقطع رأسه. يعتقد المندائيون أن يحيى قد توفي بشكل طبيعي. وباختصار، يمكن القول إنّ علاقة المندائيين بيوحنا ما زالت معقّدة، فهو ليس مؤسّس دينهم، ولكنّه معلّم ومصلح، ولا ذكر لمؤسّس هذا الدين. عنه قال يسوع المسيح ”أقول لكم: ما ولدت النساء أعظم من يوحنا ...“ (لوقا ٧: ٢٨)، والنبي محمد قال عنه ”وكل امرىء يأتي يوم القيامة بخطيئة إلا يحيى بن زكريا لم يقترفها أو يهم بها“.
ومن تعاليم يحيى أسوثا وزكوثا نهويلي وأقواله نذكر:
كونوا كالفلاحين الزارعين في أرضهم أجود البذور ليجنوا أفضل الغلال. يكمن إيمانك في عدم العدول عن قولك وعهدك وألا تكون محبًّا للكذب والنفاق. يقبل الله دعاءك وتضرّعك عندما تكون محبًّا للناس وقاضيًا لحاجاتهم. الويل لبطن ونفس لا تشبع من طمع وجشع هذه الدنيا. الويل لعالِم لم يعلّم شيئًا من علمه للآخرين. الناس الطيّبون يدخلون الجنّة من خلال العهد الذي قطعوه مع الله، للقيام بالأعمال الحسنة. كل من عاقر الخمر واللهو واللعب، ستُسكب في فمه في الآخرة نار حامية. كل من وظّف ذهبه وماله في الربا، سيُسجن في الآخرة في جبال مظلمة. رأس الحقيقة، لا تفسد كلمتك ولا تحبّ الفساد والكذب. رأس الصدق ألا تحرّف الكلام. رأس الإيمان أن تؤمن بأنّ الله مقيم في الفضائل جميعا. رأس ثباتك ألا تغيّر كلمتك. رأس الرجاء أن تتعلّم كلام الله وتعلّمه. رأس الصلاة والتسبيح ألا تحبّ النوم. رأس الاعتدال ألا تقول ما لا تعرف. رأس سعادتك أن يحترمك الناس. رأس الكمال ألا تتكبّر. الحكيم من لا يبني بيتًا بدون سقف. الغشّ حفرة مغطاة بالقشّ والإثم رمّانة عفنة. الشرّ شجرة مرّة الثمار. الغضب نار تتقاذفها الرياح. حكمة بلا نظام، فرس بلا سرج. إنّ الحكيم الجافّ (غير الودّيّ) كالأكل الخالي من الطعم. إنّ كلمات الحكيم إلى الأحمق هي كالفتاة العذراء للخصي. ويل لمن يقولون ولا يعلمون، ولمن يعملون عكس ما يقولون، ولمن يُبطنون عكس ما يُظهرون. إخواني ..أبعدوا أنفسكم عن شرك النساء، ومكائدهنّ، فجميع الحفر زائلة، إلا الحفر التي تحفرها النساء، فإنّها تظلّ فاغرة، كما كانت منذ آلاف السنين. يا يحيى اتّخذ لك زوجًا، ولتقرّ نفسًا، ولا تغشاها يومي الأحد والخميس، واحذر كلّ ما هو بطل في هذه الدنيا الزائلة.
الله والخلق
الله، الساكن في الشمال العلوي، لا أب له ولا ولد. وقال عبد الرزاق الحسني: ”الخالق جلّ شأنه واحد أزلي أبدي لا أوّل لوجوده ولا نهاية له، منزّه عن عالم المادة الطبيعية، لا تناله الحواسّ ولا يفضي إليه مخلوق، وأنه لم يلد ولم يولد وهو علّة وجود الأشياء ومكوّنها. ولا يختلف اعتقادهم في الخالق عن اعتقاد المؤمنين به“ (مجلة العربي، ١٩٦٨). كتاب صحف آدم المقدّسة يتناول موضوع التكوين والخلق، بعد الحديث عن الخالق، وذكر أن الخلق حدث بالكلمة، هوا بميمرا؛ بميمراخ هوا كل مندام = بكلمتك خلق كل شيء. التكوين الأوّل يوصف بالثمرة داخل أخرى عظيمة، وبداخلها عناصر فريدة، وهي كالرحم الكوني العظيم، وذكر أحيانا أن الثمرة تمثل البيضة. ويعتبر آدم ادكاس/الخفيّ النموذج الأوّل للإنسانية ثم انبثق منه آدم الأرضي. في الصحيفة الأولى من صحف آدم (سيدرا اد آدم) يرد دعاء التوحيد التالي بالمندائية وبجانبه الترجمة العربية:
مشبا ماري بلبا دخيا مسبَّح ربي بقلب طاهر
شبيت ماري بلبا دخيا سبّحت لربّي بقلب طاهر
ماريهون اد كلهون آلمي ربّ العوالم كلها
مشابا ومرورب وميقر ومقيم مسبّح ومعظّم وموقّر ومقيم
الاها ربا راما الاله العظيم العالي وشبيها ملكا راما دنهورا سبحانه ملك النور العلي
ازيزا هكيما، يدويا هزايا العزيز الحكيم، العليم البصير
اد لا اهوا كث لا اهوا ما كان لأنه ما كان (لا وجود بدونه)
ولا هاوي كث اد لا هاوي يكون لأنه لا يكون (وما من شيء لولاه)
ولله العظيم المتعالي أسماء حُسنى مثل: الحي الأعظم/هي ربي؛ المولى ذو الجلال/ماري اد ربوثا؛ الحيل أو الولي الأعظم/مانا ربا؛ ملك الأنوار/ملكا اد نهورا. ويعتقد المندائيون أنّ الله محاط بكائنات روحية لا حصر لها، وكانت بداية الخلق، والله منح أسراره في خلائقه ومنحهم الحياة. ويقول المندائيون إنّهم والمسيحيون بمثابة أولاد الخالات، وهي الرابطة التي تربط يسوع المسيح بيوحنا المعمدان، ويعتبرون يسوع المسيح رسولًا حكيمًا، ويحترمونه ويقرأون تعاليمه، إلا أنّه ليس إلهًا في اعتقادهم، إذ لا يجوز تجسيد الربّ، وهو يتحدّر من أصل مندائي (أنظر لوقا ٧: ٢٨: ’’أقول لكم: ما ولدت النساء أعظم من يوحنا المعمدان، ولكن أصغر الذين في ملكوت الله أعظم منه‘‘). ولقد تمّ الخلق بالكلمة (هوا بميمرا)، ويُنظر في ما جاء في إنجيل يوحنا ١: ١ ’’في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله‘‘، ويصوّر التكوين الأول بأنّه كان ’كالثمرة‘ التي تكوّن منها ٨٨٠٠ مليون كائن نوراني وهي تمثّل ’الرحم‘ أحيانا و’البيضة‘ أحيانا أخرى. ويعتقد المندائيون أنّ الأرض في آخر المطاف، ستفنى وتُلقى وقودًا في الجحيم المستعر، كل شيء سيعود إلى نقطة البداية، الألفباء المندائي يبدأ بالألف وينتهي به، وعدد الحروف أربعة وعشرون، وهو مطابق لعدد ساعات اليوم ونسمة الحياة، نيشمثا، جاءت من ملكوت الحي، بيت هيي، وتعود إليه، وجسم الإنسان من تراب وإلى تراب يعود.
#حسيب_شحادة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إطلالة على المِنْدائيّين (أ)
-
نظرات مقارنة بين لهجة لبنانيّة ولهجة فلسطينيّة، بِكفيا -كفري
...
-
بعض الأفكار اللغوية عند محمود تيمور
-
ليرحمِ الربُّ الصديقة دوريس ليون أغازريان
-
بِناء مظلّة من لا شيء
-
معجم لهجات فلسطين
-
لمحة عن الملفان عبد المسيح قره باشي
-
الأعجوبة في المظلّة
-
تتمة لمقال: كتاب عن اللهجة الفلسطينية
-
إصدار جديد عن العربية الفلسطينية
-
كتاب جديد عن العربية الفلسطينية
-
ما زال ٱنتهاك قواعد اللغة الأساسية والاستخفاف بها يسرحا
...
-
الكافر من حَسْپين
-
المستوى الصوتيّ للهجة كفرياسيف
-
لأنّ اللهَ أخذه
-
كتاب جدير بالقراءة
-
أمر مرسل في حلم رسول
-
عيّنة من معجم لهجة آزِخ العربية
-
الموسمية اللاذعة
-
إلى متى انتهاك قواعد العربية والاستخفاف بها؟
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|