فرح تركي
كاتبة
(Farah Turki)
الحوار المتمدن-العدد: 7095 - 2021 / 12 / 3 - 11:46
المحور:
مقابلات و حوارات
من مدينة الجمال والفن والأدب ، بصمودها المعروف مدينة الناصرية ، أستهل البداية للحرف والكلمة والفن عاش فصولها ودون سير جمالها بقصصه وأعماله ، فكانت لنا وقفة وحديث مع الكاتب والقاص الاديب هيثم محسن الجاسم الذي أستجاب مشكورا للحديث بصدر رحب وبساطته المعهودة وتواضعه الكبير
1 -هيثم محسن الجاسم الأديب والقاص والمسرحي في هذه الرحلة نحو الأدب والفن والجمال ومن الناصرية
حدثنا عن نفسك بأسطر ليعرف عنك ما كان مخبأ؟
- لدي بدايات بلا نهايات , في الفن : ممثلا مسرحيا , والأدب : قاص, وكذلك إعلاميا . ولازالت معي وتشكل سمات حياتي ونواة ديناميكيتها , ولا اخطط أو تشغلني النهايات كما هو المعتاد في انشاء المشاريع المادية .
سفري بالحياة له محطات ثابتة روحيا وبدونها لا أستطيع أن أعيش , ربما يحصل انحسار أو جزر هنا أو هناك ولكن لا يستمر, فسرعان ما يأتي مد بدفع جديد كما حصل لي بعد انقطاع عن الوسط الأدبي لمدة 17 عاما ,عملت فيها بالأعلام ولكن عدت بقوة وأكثر مثابرة الى الأدب , والواقع الثقافي في العراق سجل ملامح بارزة لعودتي إعلاميا وانجازيا بصدور مجموعتي القصصية الخامسة (موت أخر أمراء الأكشاك) . أما الناصرية ولماذا ؛ فاجزم ؛لولا الناصرية ما كنت ولا أكون . أنها الملهمة ومستودع سر الإبداع الخالد .
س2- كتب عنك وعن أعمالك القصصية عدد كبير من النقاد والأدباء وابرز ما شاع عنك أنك تنتمي لأدباء الثمانينات, لكنك اختلفت في أسلوبك السردي؟
- كتبوا عن منجزي القصصي عدد لأبأس به من المبدعين العراقيين والعرب .
قبل 2003 ؛ كانت الكتابة خجولة وقلقة وسُجِل للناقد المرحوم حسين سرمك السبق والتميز بجرأته نقديا في الكتابة عن اخطر نص قصصي لي بعنوان المأزق الذي اختزل الحرب بإدانة بارزة وواضحة وكان مصدر قلق من رد فعل النظام المقبور وأزلامه في الوسط الأدبي خوفا من كشف دلالات وإيحاءات النص .
وكانت هناك كتابات متواضعة لبعض كتاب القصة من جيل الثمانينات لا ترقى للنقد بل قراءات انطباعية .
اما بعد 2003 وفي فترة متأخرة أي عام 2021 بعد قرار العودة للوسط الأدبي وخاصة لكتابة القصة بأنواعها , كنت مثابرا واستفدت كثيرا من خبراتي الإعلامية في الترويج لمنجزي السردي , أعدت طباعة مجاميعي القصصية الأربع وأضفت لها مجموعة خامسة متنوعة لفنون السرد من القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والومضة القصصية , فوجئت باتساع ساحة القراء والكتاب اكثر من السابق ومساحة ردود الفعل لافتة من خلال الصفحات التفاعلية عبر الفيس والماسنجر والوا تساب وغيرها .
س3 - الفترة التي عملت فيها في المسرح.. كيف كانت ولماذا انقطعت عن المسرح؟
- عملت في المسرح بصفة ممثل حيث كانت الحركة المسرحية في اوج نجاحها, لوجود عمالقة المسرح وتلامذتهم من خريجي الأكاديمية ومعهد الفنون الجميلة , آنذاك ,طبعا كنت طالبا في المرحلة الإعدادية والمعهد الفني وكانت الحرب مشتعلة ,تهدد مستقبل الطلبة الخريجين بالانخراط عنوة في الخدمة الإجبارية ثم الالتحاق بجبهات القتال , وحققت انجازا شخصيا من تراكم الخبرة في التمثيل وحصدت عددا من الجوائز في المهرجانات الوطنية والمحلية, توجت بجائزة معنوية كبيرة من عميد المسرح العراقي الفنان المرحوم حقي الشبلي بمنحي عضوية نقابة الفنانين بالرغم من صغر سني وعدم حصولي على شهادة أكاديمية تخصصية بالفن المسرحي . وانقطعت بسبب التحاقي بالخدمة العسكرية بصفة ضابط مجند ولما تسرحت منها انشغلت بتامين لقمة العيش إبان الحصار الظالم ووجدت متنفسا لي بكتابة القصص وليومنا هذا, ولم اعد لخشبة المسرح الا عام 2010 بعمل لأحدى منظمات المجتمع المدني ثم انكمشت من جديد وأرحب بأي مخرج عمل اذا دعاني للمشاركة .
س4 - ما هي أعمالك المنشورة والتي تتوفر الآن وسابقا في المكتبات
- أعمالي معروفة وواضحة بسبب الكتابة المستفيضة عنها في الصحف والمجلات وصدور كتاب نقدي يضم الدراسات والقراءات التي تناولت مجاميعي القصصية الخمس ,جمعها الكاتب والاعلامي صلاح غني الحصيني ,وهي (عودة طائر الفجر وربما يطلع الفجر وسؤال بعد الأخير وموت الاسم وموت آخر امراء الاكشاك).
التي صدرت بطبعتين بل ان عودة طائر الفجر مجموعتي البكر سجلت ثلاث طبعات لحد الان من دور نشر مختلفة , طبعا كلها صادرة من مؤسسات معروفة ( اتحاد الكتاب العرب -اصدر مجموعة قصص ربما يطلع الفجرط1 ) و(دائرة الشؤون الثقافية اصدر -موت الاسم وسؤال بعد الأخير ط1)و( اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين - نشر مجموعة قصص موت أخر أمراء الأكشاك ط1) وأما عودة طائر الفجر فأنها صدرت على نفقتي الخاصة لثلاث مرات متباعدة امتدت ل 23 عاما .
س5 - القصة القصيرة جدا فن أدبي أجدته وتميزت فيه ,لماذا القصة؟
- كتبت القصة القصيرة جدا منذ بداياتي الأولى ولكن لم ترتق لمستوى القصة القصيرة التي اكتبها بتأثير ما قرأت من أدب عالمي أثناء مرحلة صقل موهبتي , و وجدت أن ذائقتي وأسلوبي اخذ يميل للنص القصير جدا من خلال الاختزال باعتقاد مني ان القراء لهم ميل ذوقي لهذا الجنس السردي بالرغم من حداثة الاعتراف به , اما مواظبتي على كتابتها بدأت والفضل فيعود للموبايل طبعا , احيانا ,اكتب نصا في اليوم او اكثر, صرت أراقب كل شيء من حولي وأتوجس أعماقي لاستلهم فكرة نص او فنية نص قد تكون مفارقة او تناص وغيرها .
س6 -ماذا لو صادفك يوم وشعرت بأنك لا تمتلك قصة لترويها أو لتكتبها
ما الاسم الذي ستطلقه على هذا اليوم؟
- يوم مناسب للقراءة . أنا أتابع كل جديد من خلال صفحات التواصل , نظرا لتواجد أصدقائي وزملائي في صفحاتي وعددهم بالآلاف وهم مصدر معلوماتي عن جديد الوسط الثقافي وجديد الإبداع الأدبي وخاصة في مجال السرد والنقد .
س7 - أول ملامح الإبداع الأدبي الذي لفك نحوه دون مقدمات.. هل كانت القراءة او هناك مصادفات لا نعلمها؟
- ظهرت ملامح الإبداع الأدبي في وقت مبكر من خلال المذكرات التي اكتبها واحتفظ بعشرات الدفاتر في مكتبتي , لأنها كتابات تختلف عن أي نص مجنس لأنها مباشرة وتكشف سلم ارتقاء الوعي وما يمكن ان يتبلور عنه , كنت كاتبا متفلسفا حينذاك ابحث عن ذاتي لأثبت وجودي في العالم , اكتب سطورا لا يمكن ان نطلق عليها خواطر او شعر او قصة بل نصوص حرة خاصة لا تصلح للنشر او الطباعة , اما كيف برزت ملامح شخصيتي الأدبية فيعود ذلك لدور رواد الأدب في الناصرية بصقل وتوجيه بوصلة مواهبنا الفتية والتزامنا بملاحظاتهم وتوجيهاتهم ونصحهم بالقراءة المزيدة للاطلاع على ما يغذي مواهبنا ويشد من عضدي اخص بالذكر أستاذي ومعلمي المرحوم الأديب احمد الباقري الذي اكتشف موهبتي والزمني بها .
س8 - في مجموعتك القصصية عودة طائر الفجر حملت قصة "الجرذان" بعدا رمزيا يشير إلى قضية أكبر من هم انسان عادي يود التخلص من القوارض في داره!
- لما نضجت أدوات الكتابة عندي, صرت أتنقل من أسلوب لآخر في مجال التجريب وهذا ديدن الأدباء في العراق . لقد تميزوا بالتجريب ولازالوا, هذا رأي النقاد الكبار في العراق ,و لم يخرج التجريب عن النماذج التقليدية للقصة العراقية واقصد الرمزية والغرائبية والكابوسية والفلسفية والصوفية والواقعية وغيرها . ووسط هذا الكم الهائل من الكتاب لابد ان اعثر على الاسلوب الذي يميزني عن مجا يليني, هذا البحث بدأ في اعماقي لاكتشف مدخراتي وتثمين قيمتها من خلال كتابة نصوص تمثلني بقوة ولم اك يومها أفكر بالنشر أو الصحافة بل كان أوراق متفرقة وغير منتظمة .
وللجواب عن سؤالك تحديدا, اعود لقصة الجرذان المأخوذة فكرتها من التراث الشعبي الشفاهي ,وجدت لها شكلا مناسبا كان عنوان لها "الجرذان" . انا لا اكتب حكايات للتسلية بل أريد أن أرى القارئ مشاركا بأفكاره والنص الذي اكتب يمده بأسباب التواصل والاتصال ليكون مواطنا نوعيا لا خاملا يبحث عن المتعة والتسلية .
هذا النص ملعون بانزياحه , فكرة القصة نصيحة شريرة لإنقاذ صديق من مأزق القوارض ,والمعنى المضمر الغزير بالدلالات والإيحاءات يكشفها القارئ اللبيب لما احفز ذهنه لاستنطاق النص وهنا تكمن المعلومة والمتعة الجمالية فيه متعة الجمالية فيه .
س9- ما هو رأيك في وضع الأدب والنتاج العراقي بصفتك قارئ ومتلقي وكأديب وقاص؟
- هناك فسحة من الحرية توفرت للادب ان ينطلق بقوة لوفرة دور النشر اكثر من وسائل النشر السابقة الصحف والمجلات التي بالكاد تقرا ,وتوفرت وسائل اكثر تقنية وانتشارا وترويجا وهي " الفيس بوك والوا تساب والانستجرام وتويتر الخ" . ولكن غياب التخطيط والتنظيم الابداعي خلق فوضى عارمة في النتاج العراقي اضافة لغياب النقد البناء والنوعي لتقييم وتقويم النتاج كان سردا او شعرا .
س10 - قدمت لك دعوة لحضور مؤتمر للقصة القصيرة جدا بمناسبة مرور مئة عام على نشأتها.. ما هو رايك في هكذا مهرجانات وفعاليات؟
- بعد 2003 المؤتمرات والمهرجانات في العراق لاتقام او تعقد لتقييم النتاج سنويا بل لقاءات ودية بين الادباء المتجايلين لمعرفة احوالهم وقضاء وقتا ممتعا في ضيافة الجهة المنظمة . اما قبل 2003 فكانت المهرجانات والمؤتمرات اعلامية لخدمة النظام وراس النظام واستمرت تلك السياسة على نفس الوتيرة وهكذا الفشل يلاحقها دائما . ولكن هناك مؤتمرات ادبية جانبية مصغرة تعقد بدعوات محلية وبرعاية وزارة الثقافة او مؤسسة ما بحضور مناطقي او وطنية تركز برنامجها على عينات اكاديمية جاهزة لا ترقى لمستوى التقييم بل مقيدة بأصول البحث العلمي الصرف وتكون مخرجاتها اعلامية . حضرت مؤتمرا في النجف الاشرف مؤخرا بمناسبة مرور مائة عام على نشأة القصة , تزامن مع اصدار كتاب لرئيس اتحاد الادباء محمود جاسم النعيمي بنفس العنوان
وكانت الدعوة لفرع اتحاد الادباء في ذي قار وكلفنا كممثلين عنه بالحضور فقط لم تك هناك مشاركة عملية في فقرات المؤتمر بل اقتصر على دراسات مقتضبة عامة لا ترقى لمستوى البحث والفائدة لضيق الوقت المخصص لكل باحث وعدم صلاحية القاعة للحوار والنقاش اضافة لعدم انضباط الحضور داخل القاعة مما يحول دون التركيز والجدية في اثراء البحوث وخرج بموافقة لتسمية شارع باسم رائد القصة النجفية محمود احمد السيد .
س11 - لماذا الناصرية هي بالذات تحمل كل أسرار الجمال والإبداع والفن... بغزارة تختلف عن باقي المدن مهما كثر نتاجهم وحبهم للفن؟
- اختلفت الناصرية بمعاناتها وظلمها وشدة وقعه على اهلها مما خلق بيئة إبداعية متميزة تجسدت في كل المجالات من السياسة الى الفن والادب حتى صارت طابعها وسمتها البارزة والمميزة بين مدن العراق , ولان طبيعة سكانها عاطفيون بالفطرة وهذه تجعل منهم متطرفون بكل شيء جديد عليهم , خرج منها نجوم الغناء والشعر والادب والفن وغيرهم . هذا المخاض الصعب أرسى قاعدة متينة للفنون والآداب مكونه من الاعمال الكبيرة والشخصيات الرائدة بقوة في الساحة الادبية والفنية صارت اساسا متينا للأجيال المتعاقبة .
س12 - ولأن الامور الجميلة لا تدوم فهنا نحن وصلنا في نهاية حوارنا.. واترك لك الخاتمة لتقدم لنا فيه رأي او كلمة او مبدأ
منك ونشكرك ونتمنى لك دوام التألق والعطاء؟
- نصيحة للأدباء الشبان والشابات, ارجوكم لا تستعجلوا النشر حتى يشتد عضدكم , لان الانطباع الاول عنك وعن نتاجك لا يمحى بسهولة لدى الناقد والقارئ والقارئة .
اجعلوا صوركم جميلة من اول نشر ومحل احترام لدى المتلقين ,لأنكم في مستقبلكم الابداعي تحتاجون للمادحين لرد الذم من القادحين كانوا حاسدين ومنافسين لنجاحكم لانهم شركائكم في النتاج الابداعي وهي ساحة مفتوحة للمنافسة من جهة والتسقيط من جهة اخرى .
شكرا لك للمبدعة فرح تركي على حسن المقابلة والجهد لبناء جسور التواصل بين الاجيال .
#فرح_تركي (هاشتاغ)
Farah_Turki#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟