|
انتهت الحرب في لبنان مؤقتا ولكن دوافعها لا تزال تهدد سكان المنطقة
مؤيد احمد
(Muayad Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 1655 - 2006 / 8 / 27 - 14:50
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
انتهت الحرب في لبنان مؤقتا ولكن دوافعها لا تزال تهدد سكان المنطقة
تم وقف الهجوم العسكري الوحشي لاسرائيل على لبنان بعد ان استمر اكثر من شهر وبتنسيق عملي ودبلوماسي كامل مع امريكا . وافقت اسرائيل على ايقاف الحرب بعد ان استمر القصف الجوي والصاروخي والهجوم العسكري على لبنان 34 يوما مستخدمة آلة الدمار الجيش الاسرائيلي الكبير ضد سكان لبنان الابرياء وقتل وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها في مختلف مدنها من الشمال الى الجنوب بما فيها بيروت تحت ذريعة الحرب ضد حزب اللـه. و جاء قبول اسرائيل لوقف اطلاق النار والحل الدبلوماسي للنزاع بعد مراوغات مكشوفة وبشروط من جانبها يؤمن لها معاودة حملتها الوحشية على لبنان متى رات ذلك ضرورية. وفي المقابل وخلال كل تلك الفترة لم يتردد حزب اللـه لحظة عن قصف المدن وقتل السكان الابرياء في اسرائيل بالصورايخ. ان نتائج الحرب لم تكن غير المزيد من الماسي وتقوية الرجعية السياسية على طرفي الصراع وخاصة الاسلام السياسي وحزب اللـه. كانت واضحة منذ البداية بان الحرب على لبنان تم التخطيط لها بشكل كامل مع امريكا وادارة بوش قبل ان يقوم حزب اللـه باسرالجنود الاسرائيلين. يعود تاريخ وضع خطط شن الحرب بين اسرائيل وامريكا الى ربيع هذا العام حسب بعض المصادر الصحفية الغربية. ان دفاع امريكا الكامل عن ما قامت بها اسرائيل من جرائم في لبنان والمراوغة بهدف تاخيرالحل الدبلوماسي للحرب لاتاحة الفرصة الكافية للجيش الاسرائيلي للقيام بمهمته مفضوحة للغاية، ليس هذا فقط، بل قيام الامم المتحدة بالمراوغة وغضها الطرف عن جرائم اسرائيل وغطرستها كانت واضحة بشكل كبيرايضا. ان دوافع واسباب الحرب على لبنان لم تكن مجرد اسر الجنود الاسرائيليين من قبل حزب الـله ولا هدف ازالة خطر وتهديدات حزب الـله على حدود اسرائيل الشمالية رغم كون هذه الاهداف مهمة وحيوية بالنسبة لاسرائيل. ان الحرب على لبنان كانت حربا مشتركة لامريكا واسرائيل وحددت دوافعها الاساسية سياسات واستراتيجية امريكا العالمية وتتطابق تلك الدوافع مع استراتيجية اسرائيل في منطقة الشرق الاوسط. ان شن الحرب من قبل اسرائيل لا يمكن ان يكون معزولا عن ازمة امريكا وتورطها الحالي في العراق وعن ضرورة ايجاد مخرج اخر بالنسبة لامريكا تستعيد من خلاله قسما من جبروتها العسكري لغرض الحفاظ على سيطرتها الحالية وهيمنتها كقوة عظمى وحيدة في العالم. وباختصار، ان الحرب في لبنان وضرب حليف وصنيعة ايران في لبنان، اي حزب اللـه، لا تنفصل عن اهداف امريكا الاستراتيجية في ضرب ايران بحجة السلاح النووي. التقت مصالح اسرائيل الاستراتيجية مع امريكا في هذا الشأن بشكل كبير فقامت بالهجوم والحرب على لبنان كمقدمة لتحقيق تلك الاغراض الاستراتيجية والعالمية لامريكا وحليفتها اسرائيل. ان امريكا كقوة عظمى تريد ان تبقى بمثابة القوة العظمى الوحيدة المسيطرة في العالم، وفي سياق واطار سعيها لتحقيق ذلك، تبنت سياسة احتلال العراق وتستعد حاليا لضرب ايران. ان الصراع بين قطبي الارهاب العالمي، الاسلام السياسي من جهة وامريكا واسرائيل من جهة اخرى رغم كونه يشكل واقعا موجودا غير انه لا يمكن ان يكون مبنى ومحرك الحرب التي جرت في لبنان وبالتالي لا يمكن استنتاج سياسات وشعارات مبنية على مجرد توصيف الحرب بانها كانت حربا رجعية وجرائمية بين الطرفين الارهابيين. ان ادخال واقع ومفهوم صراع قطبي الارهاب العالمي لا يساعد في تحليل دوافع هذه الحرب ولا على استنتاج الموقف الصحيح الماركسي تجاهها. واضح بان الحرب والفاشية المفضوحة في اسرائيل تغذي وتقوي فاشية الاسلام السياسي والقومي في العالم العربي والمنطقة، كما وان ايران، بوصفها نظام اسلام سياسي فاشي وحزب اللـه، لهما مصلحة كبيرة في تشديد الصراع مع اسرائيل وامريكا وفرض مصالحهما الرجعية، كما وانهما يستفيدان من كل عمل اجرامي تقوم به اسرائيل وامريكا لتقوية نفوذهما داخل الجماهير. غير ان هذا لايغيرشيئا من واقع كون الحرب التي جرت في لبنان حركتها دوافع سياسية استراتيجية لامريكا واسرائيل في المنطقة. ان هذا التحليل للحرب على لبنان يؤدي الى الاستنتاج السياسي الذي هو الوقوف بوجه امريكا واسرائيل وفضحهما والضغط عليهما لايقاف الحرب بغية سد الطريق امام المزيد من الماسي وغرق المنطقة في الرجعية السياسية واستسلام الجماهير لقوى الاسلام السياسي. فهذا هو جوهر الموضوع واهمية تبني السياسة الماركسية الصحيحة بشان الحرب التي جرت في لبنان. ان هذا الموقف لا يقلل ابدا، ولا علاقة له، بالنقد الموجه لتيارات الاسلام السياسي وحزب اللـه والجمهورية الاسلامية في ايران بوصفها قوى فاشية تلعب دورا اساسيا في فرض الماسي على الجماهير في لبنان واسرائيل والمنطقة. ان الديمقراطية والاستقرار وفضائل العولمة التي ينادي جورج بوش تحقيقها في الشرق الاوسط الكبير باتت تنفضح بشكل مدعي للسخرية. ان الهيمنة الامريكية على العالم وارهاب امريكا واسرائيل في منطقة الشرق الاوسط، قوت تيارات الاسلام السياسي والقوموية بدرجة لم يسبق لها المثيل في المنطقة. مع تصاعد وتيرة الاعمال الاجرامية والسياسات الفاشية والامبريالية لامريكا في الشرق الاوسط تتصاعد قوى الرجعية ونفوذ فاشية الاسلام السياسي والقومي. ان ما نراه في الشرق الاوسط نتيجة لدور امريكا وسياساتها لتثبيت النظام العالمي الجديد ليس الا الارهاب والقمع والمزيد من غرق المجتمعات في اتون الحرب الطائفية والقومية والرجعية السياسية. فما الذي انتصر في المنطقة؟ هل هو طوباوية "الحرية والرفاهية" في ظل الذيلية لسياسات امريكاواستراتيجتها ام اصبحت المآسي والمجازر اليومية للسكان الابرياء والتراجع المادي والمعنوي وتقوية الاسلام السياسي هي السائدة. لقد بينت تجربة ما يقارب 17 سنة من تاريخ النظام العالمي الجديد، بان الاعتماد على الغرب وامريكا والامم المتحدة على الاقل لتامين الحرية والرفاهية في الشرق الاوسط هو ليس فقط ضرب من الخيال وطوباوية خالصة, بل جريمة بحق الجماهير والتطور الاجتماعي العالمي .
ان صعود اليمين البرجوازي الامريكي والاسرائيلي الى الحكم رافقه صعود الفاشية الاسلامية والنتيجة هي الماسي الكبيرة للجماهير في المنطقة. فليس هناك الا بديل واحد، بديل قيام الجماهير بالدفاع عن نفسها بوجه هذه القوى المجرمة. ان الفكرة التي تقول بان البديل للاسلام السياسي هو سيادة امريكا في العراق والمنطقة والتطابق مع استراتيجة امريكا واهدافها هي في الحقيقة دعاية سياسية، حيث ان سياسات وممارسات امريكا هي التي تعيد انتاج الاسلام السياسي وليست البديل للاسلام السياسي. طريق الخروج بالنسبة لمئات الملايين من الجماهير في المنطقة ليست هي الخيار بين البديل الامريكي والبديل الاسلامي والقومي. ان كلا هذين البديلين يكمل احدهما الاخر. ان البديل الواقعي هو مبادرة الجماهير ومبادرة الاحزاب الشيوعية العمالية لقيادة اعتراض الطبقة العاملة والجماهير المسحوقة من اجل الخلاص من براثن هذه القوى.ان الطريق الوحيد بوجه هذه الاوضاع هو صعود بديل اخر بديل الحركة الشيوعية العمالية. بدون حزب سياسي ماركسي يقود نضال الجماهير ويقودها نحو الانتصار لا يمكن الخلاص من ايدي هذه القوى المغرقة في الجرائم. انتهت الحرب في لبنان مؤقتا ولكن دوافعها لا تزال تهدد سكان المنطقة بمزيد من الماسي.
#مؤيد_احمد (هاشتاغ)
Muayad_Ahmed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بصدد مظاهرات جماهير كردستان الحالية ضد الحزبين القوميين الكر
...
-
الاول من ايار يوم الاقتدار والتضامن الطبقي للعمال
-
تأسيس الحكومة ام تعميم وترسيخ الطائفية الاسلامية والقومية
-
بعد ثلاث سنوات من الدمار لا زال التغيير مرهونا بمبادراتنا ال
...
-
الثامن من ذار يوم المراة العالمي
-
لا يفيدنا الترقب اننا في مازق دمار حياتنا المدنية فيجب التصد
...
-
يجب التصدي للخنق البعثي للحريات في كردستان على ايدي الحزبيين
...
-
التصويت لحماس تراجع مؤقت لآمال الجماهير التحررية في فلسطين
-
لنقف بوجه من يمس حرية التعبير لا للاستبداد الاسلامي
-
تشكيل -الحكومة-! الاسلامية الشيعية في العراق خنق لارادة الجم
...
-
الحكومة المؤقتة الحالية، حكومة تشديد السيناريو الاسود
-
كلمة مؤيد احمد في المؤتمر الثاني لاتحاد المجالس و النقابات ا
...
-
حديث مؤيد احمد في مراسيم الذكرى السنوية الثانية لمنصور حكمت
...
-
اغتيال رفيقنا العزيز محمد عبدالرحيم وصمة عار كبيرة على جبينك
...
-
لا، للقوات الامريكية في العراق وحكومتها الانتقالية
-
راية 1 ايارهي الجواب على ما يجري في العراق ايضا
-
الشيوعية هي الحياة ليس هناك أمر في المجتمع لا يهم الشيوعية ا
...
-
قانـون -ادارة الدولة العـراقية- تقيـيـد اسلامي وقـومي للمجتم
...
-
مهزلــة -شيوعية- الحـزب الشيوعـي العراقـي - ردٌ على عبد الرز
...
-
تفجيرات بغداد الانتحارية جرائم ارهابية ضد المواطنين!
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|