|
وظيفة شكلية - تصحيح صورة الاسلام والمسلمين -
محمد فُتوح
الحوار المتمدن-العدد: 7090 - 2021 / 11 / 28 - 23:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وظيفة شكلية " تحسين صورة الاسلام والمسلمين " ------------------------------------------------------
نعلم جميعاً ، كيف كان تاريخ 11 سبتمبر 2001 ، بداية مواتية ، لتكثيف الإعلام الأمريكى والأوروبى ضد الإسلام والمسلمين . وقد وصل هذا الإعلام المضاد إلى صورة تكاد تكون يقينية ، أن كل ما هو إسلامى بالضرورة مرادف ، لكل ما هو متعصب أو متطرف وعنصرى ومتخلف وإرهابى. وتترسخ هذه الصورة الإعلامية ، مع سلسلة التهديدات والأحداث الإرهابية الدموية ، التى وقعت منذ ذلك الحين ، ومازالت تقع فى أماكن متفرقة من العالم . أحداث خططت لها جماعات وتيارات إسلامية ، بأطياف متعددة ، ضخمة التمويل والموارد ، تاركة وراءها الخراب والتدمير وجثث القتلي ، والمناخ المشبع بالفزع وعدم الأمان والعداء والكراهية . وبعد كل حدث إرهابى ، وبعد أن تعلن جماعة إسلامية معينة ، إنها المدبرة له ، يكون رد فعل المسلمين فى واقعنا العربى الإسلامى ، أو المهاجرين المسلمين فى أمريكا و أوروبا ، أن تلك الجماعات التى تخطف وتهدد وتذبح وتقتل فى كل مكان ، وتدعى أنها تدين بالإسلام ، ليست إلا جماعات خارجة ضالة الفكر والغاية ، إجرامية ودموية ، وهى " دخيلة " على الإسلام ، حيث إن الدين الإسلامى الصحيح ، هو دين التسامح والسلام والأمان لكل الناس ، والمساواة بين البشر والعدالة ، وطهارة اللسان واليد والنفس والجسد. لكن المشكلة التى لا نفطن إليها ، أن الصورة السلبية التى يبثها الإعلام الأمريكى والإعلام الغربى ، لا تعرف ما هو " الصحيح " من الإسلام ، وما هو " الدخيل " . حتى نحن أنفسنا ، لا نعرف ما هو ذلك الاسلام الصحيح ، المجهول عدة قرون طويلة ، ولا نعرف منْ هو الممثل الحقيقى المتحدث باسم هذا المستتر عن الأعين ، اسمه الاسلام الصحيح . ولا نعرف لماذا هو مجهول الى هذا الحد ؟؟؟. فالناس مثلاً فى العالم الغربى ، لا يعرفون إلا ما يرونه بأعينهم ، فإذا كان ما يرونه هو التفجيرات والتهديدات والخطف والذبح والقتل وترويع الآمنين ، بفعل جماعات وتيارات تعرف نفسها بالإسلام ، وتحمل فى اليد اليمنى السكين ، وفى اليد اليسرى القرآن ، فكيف نتكلم معهم باسم " الصحيح " من الإسلام و " الدخيل " على الإسلام ؟! الأمر ليس بالكلام والتصريحات والشجب والاستنكار . وأيضاً ، منذ تاريخ 11 سبتمبر 2001 ، وكرد فعل للصورة السلبية الإعلامية فى أمريكا والغرب عن الإسلام ، بدأنا نسمع عن مصطلح جديد اسمه : " تحسين صورة الإسلام " فى الخارج ، و " تحسين صورة المسلمين " فى الغرب ، و " تحسين صورة المجتمعات الإسلامية " فى العالم . ومن كثرة استخدام هذا المصطلح ، أشعر أن " تصحيح صورة الإسلام والمسلمين " فى العالم ، قد أصبحت " الوظيفة " الرسمية ذات الأولوية الكبرى ، لدى جميع المؤسسات الإسلامية الرسمية والأهلية ، وسواء كانت تعمل داخل المجتمعات الإسلامية نفسها أو فى خارجها . والهدف هو تصوير المسلمين العاديين ، على عكس حال المسلمين الارهابيين . وأعود مرة أخرى للمشكلة التى ذكرتها مسبقاً ، كيف ينجح مصطلح " تحسين صورة الإسلام والمسلمين " عن طريق قنوات إذاعية وتليفزيونية تتكلم عن الإسلام الصحيح ، والقاء المحاضرات عن رفض الإسلام للإرهاب ، وأن تعطى الفرق بين " المسلم العادى الصحيح " و " المسلم الإرهابى غير الصحيح ، ومنْ يقومون بهذه المهمة ، وهم المؤسسات الدينية ، قد فشلوا فى تربية المسلمين على اسلام حضارى ، داخل مجتمعاتهم الاسلامية ؟؟. وفى تعليمهم مبادئ قراءة الأديان والتراث الاسلامى ، بشكل نقدى ، مساير لتجدد الحياة ؟؟. ألم أقل لكم إن " تصحيح صورة الإسلام " أو " تصحيح صورة المسلمين " قد أصبحت" وظيفة " ؟! ورأيى الشخصى أنها " وظيفة " شكلية عاجزة ، تستر الفشل ، وتتجنب الوضوح والحقائق ، و لا تدل إلا على الفكر " التقليدى " ، " المتجمد " ، " السطحى " ، " المكرر " ، " المستهلك " ، الذى يقابل به المسلمون مشاكلهم فى جميع نواحى الحياة . وظيفة شكلية ، ترسخ وتعيد انتاج الفكر الدينى المتسبب فى التأخر الانسانى ، وفى اشاعة الارهاب الدينى . إن مصطلح أو وظيفة " تصحيح صورة الإسلام " أو " تصحيح صورة المسلمين " استسهال للأمور ، واختزال لقضايا كبيرة معقدة متداخلة ، وترسيخ لمقولة أن المسلمين ظاهرة صوتية فقط ، ومحاولة متكررة لإخفاء عيوب المسلمين ، وإعفائهم بكل الدرجات والأشكال عن الواقع المتخلف المتردى ، الذى يمسون فيه ويصبحون عليه . نحن نقول إن الإرهاب الدينى ظاهرة عالمية ، فهناك التيارات الأصولية المسيحية ، والتيارات الأصولية اليهودية ، والتيارات الأصولية الهندوسية والبوذية ، التى تمارس الأعمال الإرهابية ، ويحكمها الفكر المتعصب المتطرف المتزمت العنصرى . ولكن لماذا فقط مع التيارات الأصولية الإسلامية التى تمارس الإرهاب ظهرت نبرة" تصحيح صورة الإسلام " أو " تصحيح صورة المسلمين " ؟! هل سمعنا عن شىء أسمه " تصحيح صورة المسيحية " أو " تصحيح صورة المسيحيين " ؟! أو شىء اسمه " تصحيح صورة المسيحيين " ؟! أو شىء اسمه " تصحيح صورة اليهودية " أو" تصحيح صورة اليهود " ؟! ، أو " تصحيح صورة الهندوسية " ، أو " البوذية " ؟؟. أليس هذا سؤالاً يحتاج إلى رد ؟!. لماذا فقط ، ينبرى المسلمون دفاعاً عن الإسلام ، وعن أنفسهم ، بحيث أصبح هذا الدفاع هو" وظيفتهم " ، و " شغلهم الشاغل " ، و " قضيتهم الأولى " ، التى يهدرون بها الموارد ؟؟ ، وكأن كل شىء فى الواقع الإسلامى المُعاش ، على خير ما ينبغى ، وكأن حال المسلمين فى أروع حالاته لا يحتاج لإصلاحات جذرية ؟؟. وكأن المسلمين كيان مقدس ، لا يخطئ ؟؟. أو كأن المسلمين هم الوحيدون فى العالم ، الذين يغارون على " صورة " دينهم ، لماذا لا نرى جزءاً ضئيلاً من هذه الغيرة على " الصورة " موجهاً إلى " الأصل " الذى نعيشه كل يوم ..أى إلى الواقع الفعلى بمفاهيمه ، والذى جعل المسلمين فى ذيل التخلف الحضارى ، وفى قاع استنارة الفكر. وإعمال العقل ، وفى آخر قائمة الفصائل المرشحة للتقدم الانسانى . من كتاب " الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الدينى " 2002 --------------------------------------------------------------------
#محمد_فُتوح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلمانية صمام أمن للمجتمع وشرط للتقدم
-
لولا ثورة 23 يوليو 1952 ما كنت تعلمت
-
امامة المرأة للصلاة ... نساء تستعذبن الصفوف الخلفية
-
الاسلاميون فى تركيا وتعريض المكتسبات العلمانية للخطر
-
حفيدات حسن البنا
-
الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الدينى
-
الجماعات الاسلامية والصيد فى الماء العكر
-
ثقافة الحجاب والوعى الزائف للمرأة
-
- ثقافة القبح - تفسد حقوق المواطنة
-
متى ندفع الثمن لنستحق الديمقراطية أو العدالة أو الحرية ؟؟
-
مروجو الفتاوى واحتلال الاسلام الشكلى الخليجى والأفغانى لمسلم
...
-
مجهولو النسب .. ضحايا غياب العدالة
-
للزوجات فقط .. نصائح للسعادة الزوجية منتهية الصلاحية
-
تطبيق الشريعة الاسلامية فى بلاد الأمريكان
-
الشرط الأوسط .. الشرع الأوسط .. الشرخ الأوسط الجديد ؟؟!!
-
النقاب أهو معركتنا الجديدة ؟؟؟؟.
-
اختلاف الفقهاء ليس رحمة ولكن تخبط
-
تنويعات على لحن الصمت العربى
-
الفكر الوهًابى الارهابى يجتاح مدارسنا
-
- أمى - وأنا فى مجتمع ذكورى
المزيد.....
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|