|
وخير جليس في الزمان كتاب ( أوراق لم تنشر).. للكاتب يونس عبدالعزيز
محمد سليم سواري
الحوار المتمدن-العدد: 7090 - 2021 / 11 / 28 - 20:52
المحور:
الادب والفن
في جولة ممتعة وسياحة لطيفة وسفرة جميلة مع الكلمات والكتاب والأفكار.. وليس من السهل أن يتمتع كل إنسان بمحاكات ودغدغة الكلمات وليس وارداً أن يتلذذ كل قارئ في معانقة الكتاب والأفكار إنها بحد ذاتها موهبة لا يُهب ويُمنح لكل مَن هبَ ودبَ بل هي نعمة مواتية ومغروسة في صميم النفس والمتمتعون بها كم هم محظوظون أبد الدهر ولا تُثنيهم مرور الساعات والأيام وفصول السنين ولا تثبط من عزيمتهم الشيخوخة والعمر وكل هذا البعد الدفين من كل دهر. فلا غرو أن يكون هناك الكثير من الوقفات والإستفسارات وهى : هل أن الكتابة مَلَكة يكسبها الكاتب بالممارسة والترويض وتعب السنين؟؟ هل أن التأليف صنعة يكتسبها الإنسان على أساس التعليم وذي طابع مهني يتقنها أباً عن جد ؟؟ هل أن التعامل مع كينونة الحروف والكلمات موهبة يهبها الخالق لمَن يشاء من عباده المختارين؟؟ للإجابة على هذه الإستفسارات يمكن القول بأن الكتابة الأدبية الحقيقية تتطلب وتتضمن هذه العناصر الثلاثة والواحد منه قد يكمل الآخر ولكن القدح المعلى في هذه المعادلة يكون للموهبة و هي الطريق إلى الإبداع الذي نحن بصدده في الكتاب الذي هو بين أيدينا والموسوم ( أوراق لم تنشر) للمهندس الأُستاذ يونس عبدالعزيز والذي أضاف لمؤلفه هذا عنصراً إضافياً وجديداً ليُكمل ويُتم بهذا أيقونة عهد مضى ووقت نعيشه وزمن يلوح في الآفاق ليعيش مطمئناً في أفعال الزمن الماضي والحاضر والمستقبل وهذا العنصر الرابع والبصمة المتميزة هو أن المؤلف مهندس معروف كان له صولات ووقفات وجولات حيث إمتدت أنامله لتُجسد بذلك خارطة مشاريع عملاقة على مساحة الشريان الشمالي للوطن من مضيق بالندا ومضيق زاويتة وبيسرى في كردستان إلى الحدود السورية والأردنية ثم إلى نكرة السلمان عند الغرب والجنوب ولقد كان لباعه في هندسة الطرق والجسور حافزاً ودافعاً وسنداً ليُجيد ويبدع في إختيار وهندسة الأحرف والكلمات والجمل وطوبى لِمَن أسعد وسُعد حيث بضاعته الكلمات وهل هناك شيء أبقى وأجل من الكلمات التي كانت معجزة الأنبياء والصراط القويم مع بقية الخلق في العالمين والنهج المستقيم. في الماضي كان التأريخ وإلى هذا الحاضر الذي نحن نعيشه ونلمسه يُكتب عن القادة والسياسيين والعسكريين والزعماء لتكون صورة القسم الأكبر منهم على أجمل ما تكون على حساب المظلومين والمغلوبين والمسحوقين من بني البشر ليُحدثوا الناس عن البطولات والملاحم والإنتصارات وعلى مبدأ التأريخ يكتبه المنتصر.. وليس هناك مَن يهتم بنضالات المعلمين في دحر الجهل والأُمية وسعي العلماء في مختبراتهم والأطباء بعزمهم في قهر الأمراض في عقر دارهم والمهندسين على أديم الأرض والعمران وقهر المستحيل والكُتاب والفنانين والمبدعين للأخذ بأيدي الناس من عالم تباً له إلى عالم آخر مرحى له غير العالم الذي يعيشون فيه ولكننا لو أسدلنا الستار عن الوجه الحقيقي للتأريخ فنستشف بأن ما تتضمنها المذكرات الشخصية هي أصدق وثيقة حتى من التأريخ نفسه بل وأصبحت مذكرات البعض منهم وثائق تأريخية دامغة في الصفحات الناصعة للتأريخ حيث الصدق والأمانة وقول الحقيقة نهجهم وديدنهم . عندما إطلعت على قسمٍ من هذه المنشورات على الصفحة الزرقاء للمهندس يونس إنجذبت إليها وشددت على يده بل وطلبت منه أن يجعلها مشروعاً لكتاب له في المستقبل ، والعامل الذي قربني أكثر وجذبني لتلك الكتابات من مراحل حياة الناشر هو معايشتي لنفس الأماكن والبيئة التي كان يعيش فيها المؤلف بل وسبقني إليها حيث عشت بعد ذلك في منطقة النبي يونس بمدينة الموصل كما عاش المؤلف لأتلقى دراستي الإبتدائية في مدرسة (تطبيقات دار المعلمين الإبتدائية) حيث كان المؤلف فيها طالباً وأنتقل للدراسة إلى متوسطة الكفاح ونتعلم من جدية ونزاهة الأستاذ أحمد الديري وعصاه الشيء الكثير كما درس وعاصر هو نفس الموقف لننتهل سوية من نفس المصادر والينابيع ثم كان بيان الحادي عشر من آذار عام (1970) حيث مُنح أبناء الشعب الكردي قسطاً من حقوقه القومية والثقافية تتويجاً لنضالات وشجاعة البيشمركه الأبطال وحكمة القائد الفذ البارزاني الخالد لنكون في ساحة صراع ونضال من أجل البقاء في مسيرة البارتي وإتحاد طلبة كردستان في قضاء تلكيف ليشهد لأول مرة في التأريخ تدشيناً لمسيرة البارتي والبارزاني في تلك المنطقة حيث كان الأستاذ يونس يناضل في صفوف البارتي والشبيبة الكردستانية في مدينة الموصل وتَعرض للكثير من المضايقات وكلفه كل ذلك الكثير من دراسته وبُعد العيش في كنف عائلته . وعندما نُكمل جولتنا مع خير جليس في الزمان وبرفقة إنسان صقلته تجارب الحياة وإرهاصاتها وتعلم من دروسها ومطباتها الشيء الكثير والكبير حيث العديد من المواضيع المهمة والتي قد يتابعها القارئ لأول مرة.. من حياة عائلة كانت تعيش على تخوم مدينة تأريخية حيث نينوى آشور وباب الشمس وتلة التوبة ومأساة الجدة الأرمنية الأصل التى ظلمها وقومها بنو البشر في إبادة جماعية تقشعر منها الأبدان وكل كيان للإنسان وهي تناجي الله وتعاتب عباد الله والدموع ترقرق في مآقيها.. يا ربي لماذا كل هذا ينزل علي وعلى قومي ؟؟ ولا ننسى مراحل دراسته وتفوقه منذ أول يوم دخل المدرسة وإلى مواصلته دراسة الهندسة من جامعة الموصل وجامعات دول أُخرى ودخوله في الحياة الوظيفية والمهنية مع العديد من المشاريع ليسمي كل الأشياء بأسمائها الحقيقية ومواقفها الصادقة والشجاعة من السادة عبدالوهاب المفتي ويحيى الجاف وزميله السيد مأمون البريفكاني وآخرين ولينعت مشروع الطريق السريع من جنوب البصرة وإلى الحدود الأردنية والسورية ومروراً بمدينة الرمادي كأكبر مشروع تشهده كل دول الشرق الأوسط في ذلك الحين وإلى بعد حين. ومن خلال متابعة القارئ للكتاب وفي معظم مواضيعه وصفحاته يتيقن من الوقفات الكثيرة للمؤلف بأنه متصوف في محراب البارزاني ومناضل في مسيرة البارتي وقد أفنى زهرة شبابه من أجل أن تُزهر شجرة الكردايه تي بظلالها الوارفة وثمارها اليانعة لكل أبنائها الغيارى دون فرق وتميز وألا يتمتع بتلك الثمار فئة قليلة على حساب حرمان الآخرين ومعاناتهم . وفي الختام أتمنى للأستاذ يونس عبدالعزيز المزيد من النجاح والموفقية والفلاح والتواصل مع الكلمة وأملي كما قلت له سابقاً أن يُترجم هذا المطبوع إلى اللغة الكردية ليكون شباب الكرد على دراية بسعي الجيل الذي سبقهم في نضاله وتضحياته ليستمدوا منه الكثير من الدروس والعبر وما أحوجهم إلى ذلك.. " فأما الزَبد فيَذهبُ جُفاءً وأما ما يَنفع الناس فيَمكثُ في الأرض".. وصدق الله العظيم .
#محمد_سليم_سواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وأي رثاء هذا الرثاء ؟؟
-
وهكذا إنتهت مسيرة قلم مميز ( نزار أحمد بامرني )
-
في أربعينية البروفسور أثير كساب
-
عند فضاءات الغربة والوداع
-
شخصيات في الذاكرة .. - ساده آدم الريكاني -
-
شخصيات في الذاكرة ..الدكتور صباح عقراوي
-
نادية مراد.. وهذا النبع من الدموع والآهات !
-
في عصر اللاحب دعوة للحب !!
-
بين أمواج البحر والتتر !!
-
هل مضى عصر الرثاء ؟؟
-
الكاتب والإعلامي الدكتور شعبان المزيري في ذمة الخلود
-
بغداد بين ( منعطف الصابونجية ) ومنعطفات الغربة !!
-
أبطال الحب في وطني
-
ليس بالقتل وحده يُرضى الرب !!
-
عشقي لهذا العالم
-
الوطن بين السياسة والحب ؟
-
الوعي العاطفي والوجداني
-
كوردستان والكابينات الحكومية ؟
-
المعادلة بين هي وهو !!
-
الذكرى السادس عشرة بعد المائة لصحيفة كوردستان
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|