|
قراءة نقدية لحديث .. السلام على غير المسلمين
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 7089 - 2021 / 11 / 27 - 08:27
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يتردد ويتداول كثيرا بين المسلمين ، هل يجوز السلام على غير المسلمين / الكفار - أي اليهود والمسيحيين و .. ! ، ففي هذا المقال المختصر سأبحث في تقاطعات هذا الموضوع .
الموضوع : في هذا المقام سأسرد بعض التفاسير من بعض المصادر ، حول موضوعة " السلام على غير المسلمين / الكفار " : (1) فمن موقع / حبل الله ، يجيب على هذا التساؤل ، ويبين : (( يجوز للمسلم أن يبدأ غير المسلم بالسلام ، فقد سلّم إبراهيم عليه السلام على والده ( قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ / سورة مريم ، 47 ) ، وكان المؤمنون يواجهون لوم الكافرين إياهم بالقول ( لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ / سورة القصص 55) ، وقال سبحانه لنبيه ( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ / سورة الزخرف 89) . نفهم من الآيات السابقة أنه لا حرج من ابتداء غير المسلم بالسلام ، وابتداؤه بالسلام هو جسر للتواصل والتعاون معه ، وربما يؤدي ذلك لأن يتعرف على الاسلام ويؤمن به )) . (2) وأما حديث « لا تُبَادِرُوا أَهْلَ الْكِتَابِ بِالسَّلَامِ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طريق فاضطروهم إلى أضيقه » ، (( يظهر أن النبي قال ذلك في ظرف خاص حيث كان يتجهز لحرب بني قريظة بعد انتهاء غزوة الأحزاب كما تشير بعض روايات الحديث ، ولا شك أن حالة الحرب لها مصطلحاتها وقوانينها ، ويصح أن نسمي هذا بمقدمات الحرب ، ولا يمكن أن يُعمم قول النبي في الحالة الطبيعية ، لأن التعميم يعارض ما ذكرنا من آيات )) . (3) ومن موقع / الشيخ د . خالد السبت ، - الموقع يبين أن " النهي بمعنى التحريم " ، ومنه أنقل التالي : (( فهذا باب تحريم ابتداء الكافر بالسلام ، وكيفية الرد عليهم ، واستحباب السلام على أهل مجلس فيهم مسلمون وكفار . تحريم ابتداء الكافر بالسلام ، وذلك للنهي الصريح في قول النبي في الحديث الذي صدّر به المصنف هذا الباب: لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام . فهذا نهي ، والأصل أن النهي للتحريم ... )) . (4) أما إذا سلم عليكم أهل الكتاب :(( وذكر حديث أنس قال : قال رسول الله: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم - متفق عليه . يعني : نرد عليهم ، لكن لا نقول : وعليكم السلام ، فضلًا عن أن نقول : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته)). القراءة : أولا - مرة أخرى ، هناك تقاطع دوما ، بين النص القرآني وبين الأحاديث النبوية ! ، وهنا لا بد من القول كيف تنص الآيات في جواز السلام على غير المسلم : ( سورة مريم 47 ) و ( سورة القصص 55 ) و ( سورة الزخرف 89 ) / المذكورة في أعلاه ، وكيف لرسول الأسلام أن يخالف الوحي القرآني ! ، ولكن من جانب أخر ، أن الرسول نفسه ، لا يتكلم من هواه ، وأنما : ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى / سورة النجم: 3 ، 4 ﴾ .. وهنا لا بد من القول أي القولين أصدق ! : الوحي القرآني ، أم وحي الأحاديث ! .
ثانيا - ولكن ما الوضع في حالة مبادرة غير المسلم بالسلام ، فهل يمتنع المسلم عن الأجابة ، علما أن النص القرآني يقول ( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا / سورة النساء:86 ) هذا أيضا مجرد تساؤل ! . علما من أن بعض المصادر تتساأل : " هل إذا قال غير المسلم : السلام عليكم ، نقول : وعليكم السلام ، أو وعليكم السلام ورحمة الله ، أو نزيد وبركاته / نفس المصدر السابق " .. هنا أرى أن المروث الأسلامي وضع المسلم في حيرة من أمره في موضوع التعايش الاجتماعي مع الأخرين ، وبالتحديد في موضوع كيفية وطريقة الرد على غير المسلم ! .
ثالثا – كذلك يظهر أن رسول الأسلام كان لديه " تكتيك مرحلي " ، حتى وأن خالف هذا التكتيك النص القرآني ، وهذا ماقاله المفسرون حول حديث « لا تُبَادِرُوا أَهْلَ الْكِتَابِ بِالسَّلَامِ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طريق فاضطروهم إلى أضيقه » ، يظهر أن النبي قال ذلك في ظرف خاص حيث كان يتجهز لحرب بني قريظة بعد انتهاء غزوة الأحزاب كما تشير بعض روايات الحديث / كما أشرنا في الفقرة ( 2 ) أنفا .. ويظهر أن الرسول كان يؤمن بما يطلق عليه حديثا بالمبدأ الميكافيلي " الغاية تبرر الوسيلة " . بمعنى أخر ، كان الرسول يكييف النصوص القرآنية ، بما تخدم الظروف الزمانية والمكانية للوضع القبلي السياسي آنذاك ، وأذا لم يخدم النص الحدث ، يستعيض عنه بحديث ! لكن الأشكال أن التضييق على الكفار مستمر لحد الأن.
رابعا - في بعض المصادر يذهب المفسرون الى موضوع شائك أخر ، وهو " الطبقية " ، وهذا الموضوع هو الذي تفاقم لغاية الوقت الحالي ، وجعل من المسلم يظن نفسه الأعلى شأنا والارفع مكانة من الأخر - الكافر ، فقد ورد في موقع / طريق الأسلام ، التالي أنقله بأختصار (( ولا يجوز كذلك أن يبدؤوا بالتحية كأهلاً وسهلاً وما أشبهها لأن في ذلك إكراماً لهم وتعظيماً لهم ، ولكن إذا قالوا لنا مثل هذا فإننا نقول لهم مثل ما يقولون ، لأن الإسلام جاء بالعدل وإعطاء كل ذي حق حقه ، ومن المعلوم أن المسلمين أعلى مكانة ومرتبة عند الله عز وجل فلا ينبغي أن يذلوا أنفسهم لغير المسلمين فيبدؤوهم بالسلام .. )) .
خامسا - بعض المفسرون يربط أبتداء الكفار بالتحية ، بمبدأ أخر ، وهو " مبدأ التقية " / بشكل أو بأخر ، حيث يسرد موقع / الأسلام سؤال وجواب ، التالي أنقله بأختصار " وقال ابن القيم في " زاد المعاد " (2/424) في ابتداء الكفار بالتحية :" و قالت طائفة - أي من العلماء - : يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون إليه ، أو خوف من أذاه ، أو لقرابة بينهما ، أو لسبب يقتضي ذلك " انتهى .
الخاتمة : في ختام هذا البحث المختصر ، لا يسعني ألا أن أقول ، ان الأحاديث النبوية تذهب دوما الى المناطق الخطأ في تقاطعها مع النص القرآني ، وذلك لأن تبادل السلام والتحايا ، هما من أساليب التعايش الأجتماعي الراقي والانساني معا ، كما أن مفردة " السلام " هي من أسماء الله الحسنى " هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ " سورة الحشر:23 . وفي صحيح البخاري ، أن النبي يقول : " فإن الله هو السلام . وهنا أيضا نلحظ وجود تقاطع بين بعض الأحاديث مع النصوص والأحاديث معا ! . وخلاصة القول : أن المجتمعات لا تبنى ، ولا تقوم على الحقد والكراهية والطبقية والغل واللؤم ! ، بل تؤسس على قواعد الشراكة والتكاتف والتعاضد والتضامن والتكافل ، واللبيب يفهم ! .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأخطبوط الأيراني .. بين القومية والمذهبية
-
قراءة لآية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْ
...
-
قراءة .. في حكم تارك الصلاة
-
أنعكاس مفاهيم النص القرآني على الفكر والمجتمع
-
أضاءة حول - صلاة المسلمين -
-
اللغز .. في أسماء وترتيب سور القرآن
-
خطب الرسول المفقودة .. سؤال بلا أجابة
-
سرد ونقد ل - سورة الفاتحة -
-
بغداد ... هل الشعب مخصي !!!!
-
قراءة في أسماء رسول الأسلام
-
11 سيبتمبر .. بعد عقدين
-
السلفيون وعودة نظام الخلافة الأسلامية .. قراءة أولية
-
حول النهج الأسلامي للمنظمات الأرهابية
-
تساؤلات في كتاب القرآن
-
غاية وطرق أنتشار الأسلام بين الماضي والحاضر
-
( القندرة ) ... في المفهوم العراقي
-
قراءة للجماعة السلفية
-
الأسلام .. أغتصاب حياة
-
رجال الأسلام السياسي وتدمير الأمة
-
العنف المقدس
المزيد.....
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|