أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - السباحة عكس التيار أم حصاد الفاشيست















المزيد.....


السباحة عكس التيار أم حصاد الفاشيست


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 7089 - 2021 / 11 / 27 - 08:25
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لانني تعديت الثمانين بعدة سنين .. و لم يصبني الزهيمر أو عته الشيخوخة .. رغم الحياة القاسية التي عشتها في مصر تحت حكم ديكتاتورية عسكرية مستمرة لسبعين سنة ..أضاعت عمرى في مغامراتها و تقلباتها .. و قصر نظرها .
و لانني لم أعد أطمع في وظيفة أو منصب أو سلطة أو في أموال تزيد عما كسبت ..و لأن العالم أصبح يبدو لي كبيت ضيافة (عكس ) مقام دائم سأغادره قريبا .
لهذا سأحاول أن اقدم دون وجل أو خوف أو حرص .. بعض من أفكارى و قناعاتي التي جمعتها خلال هذا العمر..فقد تكون الكلمات الأخيرة الواعية التي سيتركها طاعن في السن ..للابناء و احفاد من الذين لازالوا يجدون أن ما أكتبه يستحق القراءة.
أكثر متعه يشعر بها الإنسان و تميزه عن الهوام و الضوارى و الحيوانات هي مواصلة التعلم و المعرفة و الإستفادة من تجارب الأخرين ..و أجل ما في هذه الأنشاطية (بالنسبة لجيلي) .. كانت القراءة .. التي تختلف بعدها قناعات الشخص .. و تتعدل بسببها رؤيته للحياة.
سلامة موسي و قد يكون خالد محمد خالد .. و طه حسين ..هم أول من تعلمت منهم ..أن اسبح عكس التيار .. و أورثوني أن اواجة النقد و التعنت و الإخفاق .. بعقل ومنطق .. لا يجعلني أتعثر .
لقد غيروا توجهات الشاب حديث السن ..و جعلوه .. يدمن علي القراءة .. يتخطي النمطي و المألوف..و لا يسير في طابور العادة و التقاليد و الإصول .. ما لم يهضمها من خلال عقلة .. و يقتنع بجدواها و ملائمتها للزمن و الظرف الذى يعيشه .
الحديث سهل .. خصوصا لو جاء من شخص يستطيع أن يجد من يكتبون له كلماته .. و لكن ممارسة الأفكار في الحياة شديد الصعوبة .. و في بعض ألأحيان تكون الفكرة غير دقيقة أو عملية .. فتسبب للشخص المصرعلي إستكمالها و تحقيقها ..العديد من المشاكل التي كان في غني عنها .
كتب التاريخ تحكي الألاف من مثل هذه الأحاديث التي تحولت إلي كوارث لأهلها ..و هم لسوء تقديرهم يتصورونها إنتصارات و إنجازات .
لقد حدث لي هذا أكثر من مرة .. أن أتصور أن ما توصلت إليه من فكر .. هو المناسب للظرف .. ثم يتضح بعد الممارسة و العناد أنه من البداية كان إنحرافا عن الصواب .. وأنني أصل إلي ما لم أخطط له و أدفع الثمن غاليا .
عدم هجرتي في شبابي .. و الإنتقال إلي مجتمع أفضل ( إنسانيا ) .. كان الخطأ الأساسي في حياتي .. و الذى أعقبه عدة أخطاء .. أطاحت سدى بأيام القدرة علي العمل و العطاء .. فأضعتها في إنتظار الفرج .
عملي كمهندس بسبب انني عندما كنت شابا صغيرا في الخامسة عشر قد إخترت هذا الطريق .. بإصرار .. خطأ أخر جعلني أعمل في هذه المهنة اللعينة ( في بلدنا ) لستين سنة .. لم أحقق فيها أى إنجاز سوى ضمان توفير لقمة العيش لي و لعائلتي .
أن أتزوج و أنجب .. و أصبح مسئولا عن كائنات حية أعيلها و أربيها و أتعهدها بالرعاية .. خطأ لا يغتفر لي و لهم .. ربطني في عجلة انتاج مجتمع فاسد .. أعمل دون كلل أو توقف لثراء الأخرين و غناهم بعد أن يرمون لي فتات من ناتج العمل ..و انجبت من إستمر يتحمل المعاناه في ظرف غير مواتي
كنت أود أن أكون حرا .. في مجتمع يشجع الحرية و الإبداع .. و لا يسحق من يخالفونه ..أعمل دون إهتمام بتحصيل ما يشترى به القوت.. فهو سيأتي في مجتمع العقلاء دون مذلة أو إبتذال .. أكون مبدعا.. أسرد ما أراه و أدونه و أعرضة علي هيئة فن ( رسم أو نحت أو موسيقي ) أو فلسفة .. أو علم .. قادر علي المساهمة مع النابهيين علي تغيير العالم لافضل .
إنها وظيفة البشر الحقيقية .. أن يطوروا حياتهم .. لتصبح فترة تواجدهم القصيرة ذات فائدة ..و لكنني للاسف وجدت في المكان و الزمان الخطأ .. و لم أصوب مسيرتي و طريقي في الوقت المناسب .. و ها أنا في الختام أبتسم خجلا من نفسي .. و أواسيها .. معلهش..لقد فشلت .
أفضل الحكائين عندى هم من يتحدثون عن الماضي بصدق وعمق و معرفة يرسمون من خلاله طريقا للحاضر و مستقبل يتوقي الأخطاء .
نهرو كتب خلال سجنة (من الذاكرة ) كتابا لإبنته أنديرا .. يحكي لها قصة الحياة علي هذا الكوكب .. و كان بالنسبة لى مبهرا قرأته عدة مرات في صدر شبابي ..حتي أنني تمنيت لو أنني كنت قد ولدت إبنا لهذه السيدة .. وزوجها و كان جداى .. نهرو و غاندى ..أعيش فلسفتهما في الحياة .. و أنعم بعلمهما .. و أرى الحاضر من خلال حكمتهما .. و أشارك في مستقبل حر ديموقراطي في بلدى كالذى سعيا لتحقيقة .
((الحرب العالمية الثاتية من وجهة النظر السوفيتيه)) كتاب أزال الغمام الذى كان يغلف بصيرتي عن هذه الفترة المصيرية في عمر البشرية .. و تعلمت منه الكثير ( لازال ذخيرتي) و أنا أفهم التطورات ألإقتصادية و السياسية في العالم .. أوأتأمل مخازى الحكم الفاشيستي عسكرى الصبغة في منطقتنا والذى لم يجر علي قومة إلا الخراب و الفساد .. و الدمار
و أنه.. مع وصولي للعالم .. في بداية أربعينيات القرن الماضي خرج منه الملايين .. بسبب الأسلحة المميتة و الخراب الذى حل بكل من أوروبا و الإتحاد السوفيتي ..و أن الرابح الوحيد كانت أمريكا التي صنعت السلاح و باعته للطرفين .. و راكمت المليارات .. و تغلبت علي الأزمة الإقتصادية التي كانت تعيشها ..
أمريكا لا زالت رغم مرور ثلاثة أرباع القرن هي المصنع و المورد الأول لأسلحة الدمار التي تستخدم دون روية .. لصالح حكام .. لا يهتمون أو يعرفون .. ما وظيفة الإنسان علي الأرض .. و يستدينون و يتركون للأجيال القادمة تلالا من المشاكل في سبيل الحصول علي مهمات غير مفيدة و سيصبح بعد قليل خردة .
بونابرته في مصر ..و بدائع الزهور في وقائع الدهور .. و موسوعات سليم حسن و جمال حمدان عن بلدنا .. جعلتني أخرج من السحر الشوفوني الذى يصور لي أن مصر الأجداد كانت فجر الحضارة .. و أنها معلمة الإنسانية الأولي ..فأراها علي حقيقتها بلد مسكينة مغلوبة علي أمرها .. إحتلها و إستنزفها .. كل طغاة التاريخ و تركوا أبناءها في تخلف .. و أنها لذلك عانت من تراجع ممتد لالاف السنين .. لم ينتهي رغم الإحتفالات باهظة التكاليف التي يغنون فيها بلغة غير مفهومة ..و الكبارى و القصور و الأبراج التي تبني بالجباية .
الأبناء لا يعرفون تاريخ بلدهم الحقيقي .. يعيشون في أوهام العظمة الشوفونية علي أساس أن أجدادهم من ثلاثة الاف سنة .. إستعبدوا و إستغلوا الجيران في بناء صروح ضخمة لازالت مبهرة .. لمن لا يعرف الحقيقة ... ثم يحتفون بغباء بموكب جثث هؤلاء الطغاة أو أعيادهم بمراسيم ضحلة و كلمات فخمة جوفاء عن الفخار وتصدير شفونية مذرية للناس .
موسوعة فراس سواح عن تاريخ الأديان .. أضاءت أنوار كاشفة أخرجت خفافيش الظلام التي إستوطنت عقلي ..و جعلت الأمور أكثر وضوحا ..
إن الأديان كانت دائما إحتياج بشرى ..للإجابة علي أسئلة وجودية محيرة للعقول البسيطة ..و أنها مثل كل الأشياء تطورت عبر التاريخ من الساحر و الشامان وتقديم القرابين و إحترام التابوهات والإلتجاء إلي الطواطم أو الأصنام ..إلي عبادات التجدد و الخصب في الشرق ( أوزيريس، بعل، تموز، دوموزى) الذين قاموا بعد موت
أو العبادة المتصلة بالسماء ( حورس، ست ، نو، رع ، أمون، إيل ،يهوه، شبس، تيامات، أنكي، آن ،إنليل ، آنو ، مردوخ، ذو الشرى ، سن ،اللات ، العزة، مناة و ود )
أو إلي الهة اليونان و الرومان و اوروبا قبل المسيحية (اودن و لوكي و ثور و زيسا ) الذين كانوا يخالطون البشر و ينجبون منهم .. في أساطير و روايات .. لازالت طازجة حتي اليوم .
ثم ديانات جنوب و شرق أسيا الفلسفية الطابع (الهندوسية ،الجانية ، البوذية ، التاوية، الكونفوشية ، الشنتو و المانية و الزراشستية )
و إنتهت بالديانات الإبراهيمية (اليهودية و المسيحية و الإسلام ) بمذاهبها المتعددة و المتقاتلة في بعض الأحيان.
عشرات الأديان والنحل .. التي تبغي رقي البشر و تعلية قدراتهم علي الصمود .. تجتمع في النهاية في وجود كهنة ( رجال دين) يمتلكون الثروات لقاء بث الطمأنينة في نفوس مريديهم . و تنظيم أداء الطقوس المقدسة
و هكذا تعلمت خلال الستين سنة الماضية من كتب عديدة .. و تطورت رؤيتي عدة مرات ..و لكن الأبدع و الأعظم و الأقيم ..هو ما قدمه العبقرى المعلم الصادق ((ول ديورانت)) في موسوعته ((قصة الحضارة ))
هذا الكنز إشتريته من مطبوعات مكتبة الأسرة مع مطلع القرن الحالي ..و تركت أغلب مجلداته ( كما نرجيء الحلوى و الفاكهه لنهاية الوجبة ).. دون فحص ودراسة لتكون سلوتي في نهاية العمر .
و الأن بعد أن توقفت عن عبودية العمل و إدارة سواقي الزيت التي إستهلكت عمرى .. جاء أوان المتعة .
أقرأ المجلد السابع ( الجزئين 13 و 14 ) من الموسوعة بعنوان (( عصر الإيمان )) والذى يتكلم بالجزء الأول منها ( في 389 صفحة )..عن نشأة الإسلام و تاريخ المسلمين عبر الزمن.. لأجده الأكثر إستيعابا و ترتيبا و حيادا و فهما للحضارة الإسلامية عن ما دونه المشايخ أو الرواة المسلمين الذين قرأت لهم أو المدون في الكتب المدرسية الرسمية التي كرهتنا بتشتتها في دراسة التاريخ .
يقول المؤلف في البداية (( من بين الأغراض التي يهدف لها الدين أن يكون سبيلا إلي الحكم الأخلاقي و ليس من شأن المؤرخ أن يسأل هل هذا الدين أو ذاك حق أو باطل و أني له العلم المحيط بكل شيء و الذى يوصله للمعرفة ؟
و إنما الذى يسأل عنه هو العوامل الإجتماعية و النفسانية التي أدت إلي قيام هذا الدين و إلي أى حد أفلح في تحويل الوحوش إلي أدميين و الهمج إلي مواطنين صالحين و الصدور الفارغة إلي قلوب عامرة بالأمل و الشجاعة و عقول مطمئنة هادئة و ما مقدار ما تركه بعد ذلك من الحرية لتطور عقول البشرية و ما هو أثره في التاريخ )) .هذا ما يجب أن يبحث عنه الدارس الواعي .. و هو ما كان منهجا إحتفظ به ديورانت خلال مناقشته أسباب صعود و إضمحلال دولة المسلمين .
كنت أود أن أنقل عن المعلم بعض من ما كتبه بفهم و مقدرة .. في عدد من المقالات طبقا لترتيب فصول كتابه السبعة و لكنني وجدت أنه مهما حاولت التلخيص فلن أعطي لهذا العمل حقة .. فرجعت عن الفكرة مكتفيا بعرض عناوين فصول الكناب و بعض الأفكار المبهره التي دونها
الباب الثامن .. بعنوان ( محمد صلي الله علية وسلم ) .. يروى فيه عن جزيرة العرب و زمن الرسول في مكة و المدينة و إنتصاره .
الباب التاسع ( القرآن الكريم ) شكله ،العقائد ،إرتباطة بالأخلاق و الدين و الدولة
الباب العاشر ( سيف الإسلام ) الخلفاء الراشدون ،الخلافة الأموية، و العباسية ، و إضمحلال الدولة العباسية و أرمنية .
الباب الحادى عشر ( أحوال البلاد الإسلامية ) الإقتصادية ، الإيمان ، الشعب ، الحكومة و المدن ..
الباب الثاني عشر ( الفكر و الفن في بلاد الإسلام الشرقية ) التعليم ،العلوم ،الطب، الفلسفة، التصوف ، الإلحاد ،الأدب، الفن و الموسيقي .
الباب الثالث عشر ( الإسلام في الغرب ) فتح إفريقية ،الحضارة الإسلامية في إفريقيا ، الإسلام في البحر المتوسط ،الإسلام في أسبانيا ، الحضارة في بلاد الأندلس .
الباب الرابع عشر ( عظمة المسلمين و إضمحلالهم ) الشرق الإسلامي ،المسلمون في الغرب ، نظرات خاطفة في الفن الإسلامي ،عمر الخيام ، السعدى ،علوم المسلمين ، الغزالي و النهضة الدينية ، إبن رشد .. غارة المغول و الإسلام و العالم المسيحي .

اول الملاحظات التي لفتت نظرى (( أن العرب إنتشروا في سوريا و العراق قبل الإسلام بزمن طويل )) .وعاشوا و إختلطوا بالسكان
بمعني أن نشأة القومية العربية من هذين المنطقتين له ما يبرره .. فالعرب شكلوا جزءا له إعتباره من المكون السكاني هناك.. و يظهر هذا أن من المنطقي أن تصبح عاصمتي الخلافة الأوائل بعد المدينة هما ( دمشق و بغداد ) لأن هذين المكانين متصلان بشكل أسرى عضوى بقبائل شبه الجزيرة العربية منذ زمن طويل
علي العكس مع مصر فقد كانت ((هناك تجارة بين العرب ومصر منذ عام 2743 ق.م )).كذلك مع الهند .بمعني أنهم جيران العلاقة بينهم قائمة منذ أربعة الاف سنة علي تبادل المنافع ..و لكنها ليست إثنية .. أى ان المصريين القدماء ليسوا بعرب كما أن الهنود لم ينادوا بالقومية العربية .
((خمسة أسداس السكان كانوا بدوا رحلا )).. و (( العربي قبل الإسلام كان أميا و لكن حبه للشعر لم يكن يزيد عليه إلا حبة للخيل و النساء و الخمر ))..أما النساء ((فحين تبلغ السابعة او الثامنة كانت تتزوج لأى شاب من شبان القبيلة )).من هذا يمكن فهم ما ترسب لدينا و ينادى به مشايخ السلفية بأن الزواج من البنات الاطفال عرفا مسموحا به بين قبائل العرب قبل و بعد الإسلام
((و كان للعربي ساكن الصحراء دينه الدال علي حذقه و دهائه رغم بدائيته فكان يعبد أربابا لا حصر لها في النجوم و القمر .. و كان يطلب الرحمة من السماء المنتقمة .. و لكنه في الغالب يستبين سبل الرشد بين (الجن) المحيطين به و لا يرى أملا في إسترضائهم .. فغلبت علية نزعة الجبرية والإستسلام .. فإذا دعاهم ..دعاهم في رجولة و لم يطل الدعاء)).
هذا يتوافق مع ما جاء في موسوعة فراس سواح أن ( اللات ، العزى، مناة و ود) كانوا أربابا سماوية تماثيلها في الكعبة ..يلجأ لها العربي لتحقق له أغراضة ..أما موضوع الجن في وادى عبقر .. فقد كان لكل شاعر مجد رفيق منهم يلهمه ما يتلو .
و هو ((يستهزيء بالأبدية و لايعبأ و يبدو أنه لم يكن يفكر كثيرا في الحياة بعد الموت.. علي أنه كان في بعض الأحيان يطلب أن يربط جمله بجوار قبره و يمنع عنه الطعام حتي يلحق بصاحبه بعد قليل في الدار الأخرة و ينجيه من مذلة السير علي قدميه في الجنة )).
الرسول (صلعم ) كان ينتمي إلي ((أقلية أرستقراطية هم بني قصي يتولون زمام الحكومة المدنية في مكة )) .. (( و كانت قريش في بداية القرن السادس منقسمة إلي فئتين متنافستين أحدهما يتزعمها تاجر ثرى (الخير هاشم) والأخرى يتزعمها إبن أخيه أمية و كان لهذا التنافس شأنه العظيم في تاريخ العرب بعد الرسالة
و لما توفي هاشم خلفه في الزعامة إبنه أو أخوه الأصغر عبد المطلب و في عام 568 م تزوج عبد اللة بن عبد المطلب من آمنة وهي أيضا من قصي و أقام عبد اللة مع عروسه أياما قليلة سافر بعدها في بعثة تجارية ومات و هو راجع .. و بعد شهرين من وفاته 569 م ولدت آمنة أعظم شخصية في القرون الوسطي))
ثم يحكي عن رسول الإسلام
((لقد كان محمد من أسرة كريمة ممتازة لكنه لم يرث منها إلا ثروة متواضعة .. فقد ترك له عبداللة خمسة من الإبل و قطيعا من الماعز و بيتا و أمة عنيت بتربيته في طفولته ))..
((و لكن يبدو أن أحدا لم يعن بتعليمة القراءة و الكتابة و لم يكن لهذه الميزة قيمة عند العرب في ذلك الوقت و لهذا لم يكن في قبيلة قريش إلا سبعة عشر يقراءون و يكتبون ))
((كان محمد كما كان كل داع ناجح في دعوته الناطق بلسان أهل زمانه و المعبر عن حاجاتهم و آمالهم)).

حديث ديورانت عن نبي الإسلام مستمد من كتابات القدماء خصوصا سيرة إبن هشام أو الترمدى أو الغزالي .. نجد في نهاية الكتاب قائمة بطول عشر صفحات للمراجع التي أخذ عنها
و هو قد قرأ جيدا ما كتب المؤرخون العرب خصوصا إبن سينا الذى إفتتن به ((و لقد بز الرئيس إبن سينا جميع أقرانه بوضوح الإسلوب و حيويته وبقدرته علي جعل التفكير مشرقا بعيدا عن السآمة و الملل بما يبثه فيه من القصص الإيضاحية و أبيات الشعر التي لا نرى عليه مأخذا في إيرادها و بإتساع مجالة الفلسفي و العلمي إتساعا منقطع النظير و لقد كان إبن سينا عظيم الأثر فيمن جاء بعده من الفلاسفة و العلماء و قد تعدى هذا الأثر بلاد المشرق إلي الأندلس حيث شكل فلسفة إبن رشد و إبن ميمون و إلي العالم المسيحي اللاتيني و فلاسفتة المدرسيين و إنا لندهش من كثرة ما نجده من أر اء إبن سينا في فلسفة البرتس مجنس و توما الإكويني و يسمية روجر بيكون أكبر عميد للفلسفة بعد أرسطو )) .
ديورانت يرى أنه مع الدولة العباسية حدث تغير واضح في حياة العرب بسبب نفوذ الفرس و تأثير البرامكة علي الخلفاء .. (( سرعان ما إستوعب العرب ذوو البديهه الوقادة ثقافة الأمم التي فتحوا بلادها و بلغ من تسامح المغلوبين أن أصبحت منهم الكثرة الغالبة من الشعراء و العلماء و الفلاسفة الذين جعلوا اللغة العربية أغني لغات العالم في العلوم و الأداب و إن كان العرب الاصليون أقلية صغيرة بين هؤلاء الفلاسفة و العلماء و الشعراء
علماء المسلمين توصلوا إلي نتائج لم يعرفها الغرب إلا بعد خمسائة سنة عددها المؤلف في كتابة .. منها ((وإتخذوا كروية الأرض أساسا بدءوا منه بأن رصدوا موضع الشمس في تدمر و سنجار في وقت واحد ))
و(( لقد سبقوا رحلات ماركو بولو بأربعمائة و خمسة و عشرين عاما ))
وهو قد تحدث عن الرازى و الكندى و الفرابي و فكر المعتزلة حديثا شيقا و طويلا .. ثم الإنتكاسة الكبرى للفلسفة الإسلامية مع عام 847 عندما تولي المتوكل علي اللة إبن هارون الرشيد الحكم بعد أخوه المأمون .. و إنتصر هو و الواثق الذى تلاه في قضية خلق القرأن .. لإبن حنبل .. و أطاح بالمعتزلة
بعد أن (( أفتتن المأمون نفسه بهذه العقلية الأخذة في القوة و بسط عليها حمايته و إنتهي الأمر بأن جعل عقائد المعتزلة مذهب الدولة الرسمي ... في عام 832 أصدر أمر يفرض فيه علي جميع المسلمين أن يعتقدوا بأن القرآن قد خلق في وقت بعينه و إتبع الأمر بألا يعين قاضيا في المحاكم من لا يعلن قبوله لهذه العقيدة .. و صدرت بعد هذين القرارين قرارات أخرى تحتم قبول عقيدة حرية الإرادة و عجز النفس البشرية عن رؤية الله رأى العين و إنتهي بأن جعل رفض هذه العقائد من الجرئم التي يعاقب مرتكبها بالإعدام .))
نختتم هذا المقال بما كتبه ديورانت سنة 1949 و يبدو أنه لازال طازجا في 2021 .
(( إن المجتمع الذى يرتبط فيه نظام الحكم و القانون و الأخلاق بالعقيدة الدينية يرى في كل خروج علي تلك العقيدة تهديدا خطيرا للنظام الإجتماعي نفسه
و لقد عادت إلي النشاط من جديد جميع القوى التي طغي عليها الفتح العربي و هي الفلسفة اليونانية و المسيحية الغنوسطية و القومية الفارسية و الشيوعية المزدكية و كان نشاطها عنيفا فاخذت تجادل في الفرآن ... غير أن عوامل ثلاثة من هذه الأزمة جعلت النصر النهائي لأهل السنة و هي .. وجود خليفة محافظ مستمسك بدينه ..و إشتداد ساعد الحرس التركي .. و ولاء الناس الطبيعي لعقائدهم )) .
نعيد أسباب إنتصار السنة علي المعتزلة ) ديكتاتور محافظ .. حرس غير واعي .. ولاء العامة لعقائدهم دون تطوير(
و هكذا لا نتعلم من الصعود أو الإنتكاس إن إنتصار فكر إبن حنبل علي عقل المعتزلة .. أنهي الصحوة التي حدثت من بداية الدولة العباسية .. و تركتنا حتي اليوم في قبضة أحفاد إبن حنبل و الأتراك ..



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ مذهل و حاضر تعس (2 )
- تاريخ مذهل و حاضر تعس
- إفساد أهل الدولة للدرهم (2 ).
- إفساد أهل الدولة للدرهم (1 ).
- تأملات في دفاتر مهجورة
- أفكارغيرمترابطة ..و لكنها مرتبطه (5)
- أفكارغيرمترابطة ..و لكنها مرتبطه (4).
- أفكارغيرمترابطة ..و لكنها مرتبطه (3)
- أفكارغيرمترابطة ..و لكنها مرتبطه (2) .
- أفكارغير مترابطة ..و لكنها مرتبطه .
- أخبارلا نتداولها عمدا
- ثاروا.. ثم أقاموا قصورا وسجونا
- ما فائدة إضاءة الانوار في منزل يقطنه عميان.
- أحاديث ما بعد التقاعد (4)
- أحاديث ما بعد التقاعد (3)
- أحاديث ما بعد التقاعد (2).
- أحاديث ما بعد التقاعد (1) .
- و تعفنت عراجين البلح علي أكمامها .
- المتوافق مع مجتمع مريض .. هو نفسة مريض
- أن نفر حتب في قاعة ماعت (3)


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - السباحة عكس التيار أم حصاد الفاشيست