فتحي البوزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 7085 - 2021 / 11 / 23 - 00:35
المحور:
الادب والفن
القلب:
هذا الطّائر حبسته الآلهة في قفص صدريّ!
لا أحتاج سمّاعات طبّية لأسمع نبض أجنحة تحاول أن تطير!
منذ كانت القلوب عصافير و هي تغرّد
للشّمس..
للقمر..
لنجمة تُعبِّد بالرّيح دربا في السّماء.
أكثر الأغنيات حزنا كتبها سجين على جدار الزّنزانة بقطعة فحم اقتطعها من اللّيل.
أجمل الأغنيات أنشدها معتَقَل بحنجرة جرحتها الرّطوبة, مثلما يجرح صانع النّايات قصبة بشفرة حادّة:
"اتجمّعوا العشّاق في سجن القلعة...اتجمّعوا العشّاق في باب الخلق
و الشمس غنوة من الزّنازن طالعة...و مصر غنوة مفرّعة في الحلق..."
جئتُ متأخّرا عن الشّيخ إمام
بألف جرح و أوتار حنجرة مزّقها صمتي.
جئت متأخّرا..
بألف أغنية و قلب في القفص أصابه العمى.
لم أسمع بيانا واحدا يدين آلهة سجنت القلوب!
لهذا كفرتُ بجمعيّات حقوق الحيوان
لا لشيء إلّا لأنّها "داروينيّة" جدّا!
"داروينيّة" : لم تدافع عن الإنسان كما تدافع عن جدوده القردة.
هكذا قرّرت ألّا أكون طيّبا جدّا
ألّا أتخلّص من هوسي بتربية طيور الحسّون في أقفاص ضيّقة.
فقط لو كنت أكثر ثراء...أكثر غباء,
لطليت الأقفاص بالذّهب.
أذكر يوما أنّني كنت طيّبا, أحاول الطّيران مثل "سبارتاكوس"
أحاول أن أحرّر كلّ القلوب بأغنية للشّيخ إمام أردّدها أمام مخفر الشرطة
أذكر يومها بوليسا قادني "وراء الشّمس".
الحقيقة أنّ الزّنازين هناك كانت
أضيق من أقفاص الطيور
أضيق من صدري.
في ذلك اليوم أمضيت على اعترافي بأنّ "قيصر روما" إله خلق الطّيور...
ثمّ جعلها قلوبا سجينة.
منذ ذلك اليوم لم أعد أجد ضيرا في حبس العصافير في صدري الضيّق.
#فتحي_البوزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟