عزيز سمعان دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 7084 - 2021 / 11 / 22 - 23:16
المحور:
الادب والفن
يُحكى عن جزيرة كان اعتماد اقتصادها ومعيشتها على قطف ثمار أشجار عالية. وبالتالي كان الهدف التعليمي الأساسي لمدرسة الجزيرة هو العمل على زيادة نمو الطلاب في الطول، فكلما كان الطالب أطول تكون عملية القطيف أحسن. وعليه كان مقياس التحصيل في نهاية السنة هو مدى ارتفاع الطالب، فمن كان طوله وِفق المعدّل حصل على علامات متوسطة، ومن كان طوله فوق المعدل حصل على علامات تقدير وامتياز، ومن كان طوله تحت المعدل تمّ توبيخه لأنه لم يبذل جهدًا كافيًا لتحقيق الهدف والتقدم حسب الخطة والمعايير.
عندما كان يحين وقت القطيف كان الطلاب ذوي الأطوال العالية يقومون بالقطيف باذلين أفضل ما بوسعهم، في حين كان الطلاب الأقصر طولًا يقومون بالتشويش عليهم، مما يقلل نتاج القطيف.
بعد حصول الأمر مرارًا وتكرارًا وعدم وجود حلول مناسبه، عندها طلب أهل الجزيرة مشورة حكيمهم: ماذا نفعل؟ فأجاب: بالإمكان غرس أشجار منخفضة الطول مما يُمكّن الطلاب الأقصر طولًا للقيام بدورهم في القطيف. وبالإمكان أيضًا توفير سلالم تُساعد الطلاب الأقل طولًا لكي يتمكنوا من قطف الأشجار العالية. عندها سأل أهل الجزيرة: وكيف نُحدّد نتائج الطلاب؟ كيف نعيّن العلامات؟ هل نعطي للطلاب الذين قطفوا من الشجر القصير مثل الذين قطفوا من الأشجار العالية؟ هل نعطي للطالب الذي قطف بقوة ذاته مثل الطالب الذي استعان بالسُلّم؟
عندها أجاب الحكيم: أسئلتكم مهمة. عليكم اتخاذ قرار في هذا الأمر الهام، ما هو الأهم بالنسبة لكم: الثمار أم العلامات؟ (مترجمة بتصرّف).
كثيرًا ما نعتمد أسلوب تربية ومعايير تقيم معيّنة، ونلتزم بها كأنها مُنزلة، وننسى الغاية الأساسيّة من أصول التربية، لنقع في مصيدة تحديد العلامات، فيتحول جُلّ هدفنا إلى عملية التقييم بدل عملية التقويم والتطوير.
"لِيَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أَخَذَ مَوْهِبَةً، يَخْدِمُ بِهَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ." (1 بطرس 4: 10).
#عزيز_سمعان_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟