|
نعيق الجماعة سيقود إلى الجيَف.
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 7084 - 2021 / 11 / 22 - 15:13
المحور:
كتابات ساخرة
تختلف جماعة العدل والإحسان عن باقي تنظيمات الإسلام السياسي في قضيتين مركزيتين : أولاهما : السعي لإقامة "دولة القرآن" التي ستجسد "نظام الخلافة على منهاج النبوة" ، ويكون حاكمها "شيخ رباني" يمثل "ولي الأمر الشرعي" الذي تجب طاعته وفق تأويل مرشد الجماعة ومؤسسها وواضع إستراتيجيتها الشيخ عبد السلام ياسين ، للآية القرآنية الكريمة (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ). والحاكم الرباني في "دولة القرآن" لا يخضع منصبه للمنافسة الانتخابية أو الإقالة ، بل هو "مبعوث" إلهي خصّه الله بسرّه وله عِلْم بما يجري في الدنيا وفي الآخرة بما في ذلك مصير الأرواح في البرزخ . ثانيهما : مقاطعة الانتخابات ما لم تكن وسيلة للسيطرة على الحكم وتغيير النظام . فالجماعة لها موقف ثابت من الانتخابات ومن المشاركة من داخل مؤسسات النظام ، باعتبارها (=المشاركة) مساهمة في "ترميم صدع النظام" وتمديد أمد حكمه . ذلك أن الجماعة تستعجل انهيار النظام وتتربص به ؛ لهذا تدعو إلى مقاطعة الانتخابات بغرض خلق أزمة سياسية تقود إلى عزل النظام وضرب مشروعيته التاريخية والدينية والدستورية .موقف وضعه الشيخ ياسين وجعله ثابتا من ثوابت الجماعة لا يمكنها مراجعته أو التراجع عنه. هذا الثابت أعاد التأكيد عليه فتح الله أرسلان في حوار له نشره موقع "الجماعة.نت" في 12 أكتوبر 2021 جاء فيه ( أن هذه الانتخابات شكّلت محطة جديدة ووسيلة إيضاح أخرى، تؤكد أن الانتخابات بشكلها الذي يجري في المغرب فاقدة لكل معنى وجدوى، غايتها الإلهاء وتسويق الوهم، ودورها بلورة مؤسسات شكلية على المقاس، ومهمّتها إفراز نخبة خادمة للنظام ونواته الأساسية الحاكمة الفعلية للبلاد). فالجماعة لم ولن تراجع موقفها من المشاركة في الانتخابات ما لم تراجع عقائدها وأسسها الإيديولوجية التي صاغها الشيخ ياسين . فحتى في غمرة الحراك السياسي لما سمي "بالربيع العربي" ، دعت الجماعة في بيان للدورة الاستثنائية للمجلس القطري للدائرة السياسية يوم 9 أكتوبر 2011 : ــ " الشعب المغربي الأبي إلى مقاطعة مسلسل الكذب والتزوير وتسويق الوهم، بمقاطعة الانتخابات المزمع تنظيمها بتاريخ 25 نونبر 2011 تأكيدا لرفض نتائج الاستفتاء المزور حول الدستور الممنوح المعدل). ــ "النخبة المغربية، الدعوية والسياسية والعلمية والفكرية والجمعوية والاقتصادية والرياضية والفنية، داخل المغرب وخارجه إلى الانضمام إلى حركة الشعب المقهور، وتحمل مسؤوليتها التاريخية في عدم الترويج لكذبة التغيير من داخل مؤسسات الوهم). إن الجماعة لا تهدف أبدا إلى بناء تحالفات سياسية لإرساء أسس الدولة الديمقراطية والانخراط في النضال من أجل إشاعة قيم الديمقراطية وتربية أعضائها على تمثلها . بل الهدف الرئيسي من دعوتها إلى بناء تحالف سياسي يجمع كل فصائل "المعارضة" هو الانقلاب على النظام وهدم أركان الدولة المغربية لإقامة نظام بديل يقوم على الحكم باسم الإله وليس الحكم باسم الشعب . أي إقامة دولة دينية يكون المشرّع فيها هو "الحاكم الرباني" الذي لا تُعصى أوامره . لقد حاولت الجماعة على مدى أربعة عقود تجميع "المعارضة" السياسية ، تارة بالتهديد والوعيد ، حيث جاءت رسالة "الإسلام والطوفان" وكذا كتب الشيخ التي تلتها حافلة بهما( الإحسان ، حوار مع الفضلاء الديمقراطيين، الإسلاميون والحكم ..) والتي تقدّم للمعارضين العلمانيين واليساريين على وجه الخصوص المصير المشؤوم الذين ينتظرهم إن هم تأخروا عن استغلال فرصة التحالف والانضمام لإستراتيجية الجماعة ، وفق ما جاء وعيد المرشد ( تفوت الفرصة إن انتظرتم حتى يخفق لواء الإسلام على الربوع .. كلمة تفوت فرصتها .. خاطبنا من يعلم أن للكلم معنى ، وأن بعد اليوم غدا )( ص 8 حوار مع الفضلاء.).فلا خيار أمام كل الأحزاب : إما الخضوع لنظام الجماعة والانخراط في مشروعها ، أو المصير المشؤوم الذي ينتظر الرافضين . وهذا هو مضمون "الإسلام أو الطوفان" .لحسن الحظ والفطنة ، أن دعوات الجماعة وتهديداتها لم تزد فصائل المعارضة السياسية إلا رفضا وحذرا من أي تحالف مع الجماعة لتناقض الأهداف وتباين الأساليب .كان هذا على عهد الملك الراحل الحسن الثاني ولا يزال الرفض قائما ومتواصلا على عهد الملك محمد السادس.ففي حوار للكاتب الوطني لحزب الطليعة السيد علي بوطوالة لموقع "أنفاس بريس"، أوضح فيه أسباب رفض فيدرالية اليسار التحالف مع الجماعة كالتالي (انطلاقا من تجارب عربية أخرى، تبين لنا أن التحالف مع الأصوليين سيكون على حساب مبادئ اليسار وقيم اليسار، خاصة أن الاتجاهات الأصولية لا تؤمن بالديمقراطية، كما أن العدل والإحسان لم يسبق لها أن قامت بأي نقد ذاتي أو مراجعات فكرية فيما يخص تبنيها للعنف الذي راح ضحيته شبان من فيدرالية اليسار الديمقراطي بالجامعة المغربية. فلو أن جماعة العدل والإحسان قامت بمراجعات فكرية على غرار بعض التيارات في الشرق وعبرت عن مواقف واضحة من عدة قضايا وخاصة موقفها من الديمقراطية والدولة المدنية بالخصوص، وأعلنت صراحة وجهارا أنها مع الدولة المدنية وأنها لا تدعو إلى دولة الخلافة في القرن 21 الخ، فآنذاك يمكن أن يكون هناك فضاء للقاء والتحاور، ولكن مادامت الجماعة متشبتة أكثر من السابق بمواقفها وبخطها السياسي الذي يتعارض بالمطلق مع الخط السياسي لليسار، وخاصة مع الفيدرالية، فسيكون من الصعب التفكير في أي تنسيق أو تحالف مع العدل والإحسان). واضح إذن، أن الجماعة تسعى إلى الهيمنة على التنظيمات السياسية والجمعوية لتوظيفها أولا ، في إضفاء المشروعية على مطالبها ، وثانيا ، في حشد أكبر عدد من مناضلي هذه التنظيمات ومعهم فئة من المواطنين للتظاهر في الشارع بمختلف المدن من أجل مطالب محددة ( الإدماج في الوظيفة العمومية ، إلغاء جواز التلقيح ..) بهدف إعطاء انطباع لدى الرأي العام الوطني والدولي أن النظام المغربي يعيش "أزمة سياسية" ، ومن ثم العمل على تحويل الاحتجاجات إلى نواة "للقومة" تقودها الجماعة على الطريقة الخمينية . إلا أن وعي مكونات المعارضة السياسية ، باستثناء فصيل "النهج الديمقراطي"، بأهداف الجماعة أفشل كل خططتها وخاصة خطة استغلال حركة 20 فبراير سنة 2011 لتفجير "القومة" ضد النظام . وها هي المعارضة اليوم تُفشل خطة الجماعة لاستغلال قرار فرض جواز التلقيح لتأليب الشارع ضد الحكومة ومن خلفها الدولة والنظام . لا شيء يشغل الجماعة ، منذ تأسيسها ، سوى التربص بالنظام وإعداد القوة للزحف على الدولة والسلطة. فالجماعة تتغذى على المشاكل الاجتماعية مهما كانت طبيعتها ؛ لهذا لن تنخرط في المجهود الجماعي لحل المشكلات ولن تعمل على تأسيس حزب يشارك من داخل المؤسسات الدستورية في تحمل مسؤولية تسيير الشأن العام وتقديم بدائل وحلولا للأوضاع التي تنتقدها . من هنا ، سيكون على الحكومة الوعي بأن أي قرار خاطئ تتخذه فهو عامل مغذي "لشعبية" الجماعة ومحرك لأنشطتها. لقد ظلت الجماعة تدعو إلى مقاطعة الانتخابات ، بينما ظل الشعب يشارك فيها ، وكلما زادت حدة هذه الدعوات زادت نسبة المشاركة في التصويت والترشيح. كما ظلت الجماعة تدعو إلى التحالف فلم تزد الأحزابَ والجمعيات إلا نفورا . فالشعب المغربي وقواه الحية يدركون جيدا مغزى المثل العربي "من يتخذ الغراب دليله يقوده إلى الجيَف". من هنا يكون على الحكومة المغربية الوفاء بوعودها والتزاماتها واجتناب القرارات الارتجالية التي من شأنها أن تجعل الشعب لا يسمع غير نعيق الغربان.
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحاجة إلى قانون جنائي يرقى بالمغرب .
-
الخطاب الملكي ينهي مرحلة الابتزاز الأوربي .
-
هل سيُعيد بنكيران حزبه إلى بيت الطاعة للحركة؟
-
أطباء أفسدت الإيديولوجية إنسانيتهم .
-
الخارجون عن القانون : رجاء الانسجام في المواقف.
-
حوار لفائدة جريدة الصباح المغربية .
-
مسؤوليات الحكومة.
-
بين المغرب وطهران تنكشف خطة العدل والإحسان.
-
مصطفى الرميد خدم الإخوان على حساب الوطن.
-
إستراتيجية الإسلاميين لمواجهة انتكاستهم الانتخابية.
-
وعود البيجيدي الانتخابية وعود عرقوب (18).
-
وعود البيجيدي الانتخابية وعود عرقوب (17).
-
وعود البيجيدي الانتخابية وعود عرقوب (16).
-
أحمد الريسوني يبارك لطالبان ويشيْطن قيس سعيد 2/2.
-
أحمد الريسوني يبارك لطالبان ويشيْطن قيس سعيد 1/2. سعيد الكحل
...
-
وعود البيجيدي الانتخابية وعود عرقوب (15).
-
محاربة الإرهاب في إفريقيا مسؤولية أممية.
-
وعود البيجيدي الانتخابية وعود عرقوب (14)
-
هزيمة بقوة الصدمة .
-
وعود البيجيدي الانتخابية وعود عرقوب (13).
المزيد.....
-
الجزيرة 360 تعرض فيلم -عيون غزة- في مهرجان إدفا
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|