أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل فهد - في الأماسي العتيقة..














المزيد.....

في الأماسي العتيقة..


كامل فهد

الحوار المتمدن-العدد: 7083 - 2021 / 11 / 21 - 11:36
المحور: الادب والفن
    


في الأماسي العتيقة ..

قصة قصيرة

كامل فهد

في الأماسي الأليفة.. تلك التي لم يزل عطرها عبقاً في الخيال...!

في واحدة منها.. بل وفي العاشرة والمائة منها.. يجتاحني حفيف ثوبك الحبيب يا طفلتي، حين تأتين مسرعةٍ إذ تسمعين صوتي المبعثر الحيي وأنا أحيي الكبار وانفشُ رؤوس الصغار، دخان سيجارة عمي يحوم في فضاء الغرفة الصغيرة، يتمازج بحنو مع نور المصباح الواهن والإثنين يتناغمان في خيالي مع خطوك العجل الخجل ومع صوت شادية وهي تغني لرشدي اباضة "سوق على مهلك".

يرتعش كياني كله وارتجف ويتعثر صوتي وتحتار يداي وقدماي أين تستقران ..!

يا إلهي.. أما بمقدوري أن أسوق على مهلي؟؟

أحسُّني طفلاً بليداً خائفاً في يومه الأول في المدرسة.. حائرٌ ماذا يفعل وسط هذا الجمع من الأصوات والوجوه لغرباء صغار وكبار...!

حفيف ثوبك وعيناك السوداوان غاية السواد، وشفتاك وهما ترتجفان إذ تُلقي السلام بهمس وتنظرين نظرة خاطفة متلهفة ومرتبكة...!

أباك وأخوتك وخالتي والصغار يحدقون بعيون مشرعة بقوة على تلك الشاشة السحرية البيضاء التي تحمل بشراً وسيارات وعيون عاشقة وأغاني الحُب في عصرها الجميل

وكل هذا يأتي من ذلك الصندوق الكبير الراقد على طاولة خشبية ومُدثرٍ من الأعلى بشرشف أنيق يغطيه حين ينتهي الإرسال في العاشرة ...!

الا ليت إرسالنا يستمر بلا نهاية..أتنهد ..وأكتم تنهيدتي إذ يهتف بي عمي.. أجلس يا ولدي لا تمكث واقفاً هكذا..قبالة التلفزيون...!

***

حفيف "نفنوفك" الملون المترع بالأزهار الساذجة البريئة، يبعث فيَّ شعورٌ بمزيد من الحياة...!

فيض من المرح والرجولة الباكرة.. ابحث عن مكانٍ اجلس فيه.. أنتقيه قصياً..وتنتقينه، ودخان سيجارة عمي يوشك أن يعمينا.. وقوارير الشاي تجيء، وعبق الهيل يمرق صوبي من فوهة "القوري" الخُزفي العتيق الذي أعشقه كما أعشقك ...!

وبذات الآن تتسلل كفّانا خلسةً باحثتان كُلٍ عن قرينته ...!!

بالغةُ السمرةَ دافقةً بالدفْ السحري المُبهر، بالغة العطر العبق الحرّاق.. خلسة تتسلل يسراكِ على يمناي...!

-"شلونك"..

-مشتاق لكِ

وننتشي.. وتغمرنا كلينا تهويمه غريبة لذيذة من الحنان الجنوني، ونغيب..نغيب بينما اصابعنا تتبادل الضغط، وشفاهنا ترتجف، وعيوننا تتلصص على بعضها بحذر..والآخرين مستغرقين في عالم شادية ورشدي ...!

***

توالت أيامٌ وليال.. وغابت عيناي وعيناكِ...!!

عمّي ما عاد يُلاعبني الشطرنج كما كنا، تلفاز البيت يُجافيني، عمّي يُقصيني من كفّك..يأخذني للصالة، يجالسني، يبدو مشغول الفكر.

يتكلم بدفء، يبدو وكأنه مهموم بأمر ما ...!

-خيراً يا عمي..ماذا يشغلك؟

-لا شيء، بُني.. مشاغل السياسة والعمل وو..أنت تعرف مبلغ محبتي لك، والله أنا أعتبرك صديق....

-تصور كل يوم يأتيني للبيت وللعمل الكثير من الناس يرومون الانضمام للح...، وأنتَ..أنت مثقف ولك مستقبل مرموق لو انضممت باكراً..نحن في الأيام الأولى للثو..!

أقسم أنّي سأضعك بمنصب عالي إذا سارعت بالانضمام ..!

وغبتُ زمناً..وبعث يسأل عني فذهبت وكرر ذات الرجاء، ولكن بما يشبه التهديد.. ولاحقتك في الثانوية التي كُنتِ تدرسين فيها، كان الشوق يغلي كالمرجل في صدري، وانتظرت عند الباب، حتى جاءني صوته:

-ماذا تفعل هنا...!

.......

-إذا رأيتك ثانية سأعتقلك...!

ولم يراني ثانيةً، ولم ترينني.. بلغني لاحقاً خبر زواجك..من رفيق من الرفاق...!

وكدتُ أجنّ..

وبلغك لا شكَّ خبر خروجي من البلد...!

كُنتِ بلدي يا أبنة العم وما عاد عندي بلد..

وما غابت عيناك ولا صوتك..

ما فتئت كفكِ تطبق على كفي وهي ترتجف..

وما زال قلبي يرقص حين يمرُّ طيفك في الذاكرة..!



#كامل_فهد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاعر
- عيد ميلاد شيخ القبيلة


المزيد.....




- نادي الشعر في اتحاد الأدباء يحتفي بمجموعة من الشعراء
- الفنانة المغربية لالة السعيدي تعرض -المرئي المكشوف- في -دار ...
- -الشوفار-.. كيف يحاول البوق التوراتي إعلان السيادة إسرائيل ع ...
- “المؤسس يواصل الحرب”.. موعد مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس ...
- المسرح الجزائري.. رحلة تاريخية تجمع الفن والهوية
- بفعاليات ثقافية متنوعة.. مهرجان -كتارا- للرواية العربية ينطل ...
- حديقة مستوحاة من لوحة -ليلة النجوم- لفان غوخ في البوسنة
- عودة الأفلام الرومانسية إلى السينما المصرية بـ6 أعمال دفعة و ...
- عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا ...
- كيف شق أمريكي طريقه لتعليم اللغة الإنجليزية لسكان جزيرة في إ ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل فهد - في الأماسي العتيقة..