|
ماذا قالت -مايا آنجلو- في السبعين؟
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 7083 - 2021 / 11 / 21 - 03:35
المحور:
الادب والفن
حوارٌ طريف، لا يخلو من الكوميديا والفلسفة العميقة، أجرته الإعلاميةُ الأمريكية "أوبرا وينفري" مع الشاعرة الأمريكية السمراء "مايا آنجلو" في عيد ميلادها السبعين، عثرتُ به مؤخرًا في إحدى القنوات الأجنبية، وأنقلُه لكم اليومَ، لما لهذه الشاعرة من مكانة رفيعة في قلبي، جعلتني أترجمُ لها العديدَ من قصائدها منذ سنوات بعيدة نُشرت في أكثر من أنطولوجيا شعرية إنجليزية مترجمة صدرت لي عن "الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة" منها كتابا: “أبناءُ الشمس الخامسة"، و"السماءُ كلها لي"، وغيرهما. سألتها "أوبرا" عن شعورها وهي تتقدم في العمر حتى وصلت إلى عامها السبعين؟ فقالت "مايا" إن الوصول إلى هذا العمر أمرٌ "مثير”. فبالنظر إلى التغيرات الجسمانية التي تحدثُ مع الشيخوخة، هناك العديدُ من الأحداث كلَّ يوم، مثل ما يحدث من تهدّل تدريجيّ في نهديها مثلا. وكأن النهدين في سباق محموم أيها سوف يصل إلى الخصر أولا! هنا ضحك المشاهدون في الأستوديو في هستيريا وصلت حدَّ البكاء والنشيج. اندهش الناسُ من فرط أمانة تلك السيدة وحكمتها في وصف الحزن بكلمات طريفة. ثم قطعت "مايا آنجلو" صخبَ المشاهدين قائلة: “لقد تعلّمتُ أنه ليس مُهمًّا ما يحدث، أو كيف تؤول الأمور إلى الأسوأ اليوم، لأن الحياةَ تمضي في طريقها وسوف تصيرُ أفضل غدًا. تعلّمتُ أن بوسعكَ معرفة الكثير عن شخص ما بالنظر إلى أسلوب تعامله مع أمور ثلاثة: يوم ممطر عاصف، فقدانه أمتعته الشخصية في مطار، تفكيكه تشابكات أسلاك الضوء في شجرة كريسماس. تعلمتُ أنه مهما كانت علاقتك بأبويك، إلا أنك سوف تفتقدهما حينما يرحلان عن العالم ويغادران حياتك إلى الأبد. تعلّمتُ أن "كسب العيش" يختلف تمامًا عن "صناعة حياة”. تعلّمتُ أن الحياة أحيانًا تهبك فرصةً ثانية. تعلّمتُ أن الإنسان لا يجب أن يرتدي قُفازي قنص طوال الوقت، بل عليه أن يتعلم كيف يكون قادرًا على التخلّي عن الأشياء والاستغناء عنها لغيره. تعلّمتُ أنني إذا ما قرّرتُ شيئًا بقلب مفتوح، فغالبًا سيكون القرارُ سليمًا. تعلّمتُ أنني حتى في لحظات الوجع القصوى، لا يجب أن أكون وحدي، فكل يوم عليك أن تجد شخصًا ما تشاركه لحظات يومه. الناسُ يحتاجون إلى حضن دافئ، أو تربيتة حانية على الكتف. تعلمتُ أنني مازال أمامي الكثيرُ جدًّا لتعلّمه. وأخيرًا تعلّمتُ أن الناس سوف ينسون ما قلتَ، وسوف ينسون ماذا فعلتَ، لكنهم أبدًا لن ينسوا كيف جعلتهم يشعرون. قبل سنوات قليلة، رحلت عن عالمنا السمراءُ الجميلة "مارجريت آن جونسون"، الشهيرة بـ "مايا آنجلو". وصدق قولُها إذْ جعلتنا "نشعر" بالكثير حينما نقرأ قصائدها؛ لهذا لا ننساها. حصلت "مايا آنجلو" على العديد من الجوائر الأدبية المهمة، ونالت أكثر من ثلاثين شهادة دكتوراه فخرية من جامعات عالمية مرموقة. وإلى جانب دواوينها الشعرية ومقالاتها الصحفية، كتبت سبع سِيَر ذاتية تحكي حياتها وفلسفتها الخاصة حول الوجود، منذ ميلادها وحتى أوغلت في العمر، منها "أعرفُ لماذا يغردُ الطائرُ الحبيس". حاضرت "مايا" في جامعة "ويك فورست" بولاية "نورث كارولينا" وكانت بذلك أول أستاذ يتربع على كرسي أرينولدز في الدراسات الأمريكية مدى الحياة. ولأنها شاعرةٌ حقيقية، كانت مهتمة بقضايا العدل والمساواة ومعاداة العنصرية، فتطوعت في حركات الحقوق المدنية مع "مارتن لوثر كينج". وفي عام 1993 ألقت قصيدتها الشهيرة "على نبض الصباح" في حفل التنصيب الرئاسي للرئيس الأمريكي "بيل كلينتون" وبهذا كانت أول شاعرة تُلقي أشعارها في حفل تنصيب رئاسي، بعد الشاعر "روبرت فروست" التي ألقى قصيدةً في حفل تنصيب الرئيس الأمريكي "جون كينيدي" عام 1961. والآن أترككم تتعرفون أكثر على الشاعرة الساحرة "مايا آنجلو" من خلال إحدى قصائدها الجميلة التي ترجمتُها للعربية وصدرت في كتابي "السماءُ كلُّها لي" الصادر هذا العام في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2021. “ممسوسون بملاك" "نحن/ غير المُعتادين على الجسارة/ نحن المنفيّين من البهجة/ نحيا مُتشرنقين داخل قواقع وحدتِنا/ حتى يبرحَ الحبُّ هيكلَه العلويَّ المقدسَ، ويدلُفَ إلى حيّز مشهدنا/ فيُطلقَ سراحَنا/ نحو الحياة./ ها هو الحبُّ قد جاءَ/ وفي قطارِه جاءتِ النشوةُ/ أو ذكرياتٌ قديمةٌ عن البهجة/ وحكايا عتيقةٌ/ عن الوجعْ./ سوى أننا/ لو كنا جسورين بما يكفي/ لضربَ الحُبُّ سلاسلَ الخوفِ تلك/ وألقاها بعيدًا عن أرواحنا./ نحنُ/ المفطومين على الرهبة/ في دفقة ضوءِ الحب/ نتجاسر لكي نكون بواسلَ/ سوى أننا نكتشف فجأةً/ أن الحبَّ يكلِّفُ كلَّ شيء/ وإلى الأبد/ سوف يكون هكذا/ لكنه الحبَّ/ رغم ذلك/ الحبَّ وحدَه/ وحده فقط/ هو الذي سوف يُطلق سراحَنا.”
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لعنَ اللهُ من أيقظها!
-
الرجلُ الشريرُ الذي أفسدَ الكوكب
-
مكافحةُ الغلاء … بالاستغناءِ وعدم الهدر
-
مبادرة لمكافحة الإدمان والبلطجة
-
المبادرة الرئاسية لمكافحة الإدمان والبلطجة
-
أبصرتْ العمياءُ فجأةً … ولم تجد كتابًا!
-
توم الخزين … يا توم
-
ريش ... دميانة نصار
-
لماذا تكرهون هذا الرجل؟
-
حتى لا يظلَّ التنويريون بين أنياب الظلاميين!
-
المحتسبون … ولعبةُ الخروجِ من الكوكب
-
هنا البحرين… على شرف الشِّعر واللؤلؤ
-
أنا أتبرّعُ بأعضائي بعد الوفاة
-
سيد حجاب … عِشْ ألفَ عام!
-
النصبُ على الناس بالحُسنى
-
اختطاف … متلازمة عشق الطريدة للقناص
-
حتى لا نكون مرايا عمياء!
-
قَسَمُ أبقراط … هديةُ عيد ميلادي!
-
مرضٌ اسمُه التطرُّف!
-
200 جنيه … تتلصَّصُ على المجتمع!
المزيد.....
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|