أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جيروم أنكونينا - العودة الى اللامكان














المزيد.....

العودة الى اللامكان


جيروم أنكونينا

الحوار المتمدن-العدد: 1654 - 2006 / 8 / 26 - 11:03
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


جيروم أنكونينا ، معوض، الضاحية الجنوبية لبيروت، آب 2006 .

فور اعلان وقف اطلاق النار ، عاد النازحون من الضاحية الجنوبية الى احيائهم التي هجروها خلال الاعتداءات الاسرائيلية. عودة شكلت بالنسبة الى الكثيرين منهم ، العودة الى لا مكان.

ان القنبلة المعروفة بالقنبلة الفراغية تنشر مع انفجارها ضبابا من الهيدروكربون يحترق خلال جزئية من الثانية مشعلا المحيط ، باعثا حرارة خانقة و محدثا فراغا هوائيا يؤدي ، كما يقول الخبراء، الى حرق الاشخاص و يقلبهم كما يقلب القفاز. هذه القنبلة تؤدي الى انهيار مبنى بكامله على نفسه تماما كما ينهار قصر من الورق. في معوض، تلال صغيرة لا يتجاوز علوها الخمسة امتار، تنتشر في الطرقات. هذه التلال هي ما تبقى من بناية مؤلفة من عشر طوابق انهارت بالتتابع فوق بعضها البعض و على جانبيها بقيت بنايتين منتصبتين تبدو و كأنها مشدوها مما حصل. نصعد فوق احدى هذه التلال فنجد اننا نقف فعليا فوق سطح البناية الذي اتخذ الشكل الدائري للحطام الذي نتج عن الانفجار.هوائيات اجهزة التلفاز لا زالت منتصبة فوق الركام.
فوق سطح المبنى المنهار، غرفة الخدمات الصغيرة الواقعة في نهاية الدرج لا زالت سليمة هي ايضا.لو ان شخصا سيء الحظ كان نائما فيها عند حدوث الانفجار لاستيقظ ليجد نفسه في اسفل العشر طبقات دون ان يدرك ما حدث.تنحني رانيا ، راسها بين الركام و سروالها ملطخ بطبقة سميكة من الغبار الرمادي اللون الذي يغلف المكان. تغرس رانيا يديها في الركام ، تنتشل كوبا ، ثلاث كتب من منهاج الجامعة الاميركية في بيروت و حقيبة ممزقة تحتوي على فضيات احمر لونها جراء الانفجار. رانيا كانت تسكن الطابق العاشر.
"نقف الان فوق غرفة نومي" تقول لنا رانيا. بالفعل وسط الباطون نرى راس سرير من الخشب تلتف حوله اجزاء من فرشة. ضجيج الجرافات التي ترفع الان، دون تفرقة، الركام و التراب و الذكريات لا تهبط من عزيمة رانيا، تستمر في البحث عن اوراق ، وثائق ثبوتية ، تبحث عن العودة بأي شيء.ليس من شك تقول، اننا الان نمشي فوق غرفة نومي، مشيرة الى صورة بريدية لهنجاريا كانت قد علقتها على جدار الغرفة.
اما ابراهيم فيسكن البناية المجاورة، تلك التي لا زالت واقفة مستغربة ما حدث لزميلتها. على الادراج مئات الصراصير مستلقية على ظهرها
ارجلها مرفوعة في الهواء، مغطاة بالغبار.كان الاعتقاد ان السلاح الذري لا يؤثر بها و لكن يبدو ان الاسرائيليين اقوى من الذرة. على امتداد الطوابق التي ينقسم فيها كل طابق الى شقتين، الابواب مدمرة و لكن داخلها سليم و مغطى بهذا الغبار المنتشر في كل مكان، فقط الزجاج المنثور على الارض لم يستطع مقاومة الانفجار. الحرارة و السكون يغلفان هذا العالم البائس.ابراهيم ينادي من الشرفة و على وجهه ابتسامة ساخرة.عندما ينظر من الشرفة الى الاسفل ، تختفي الطوابق السفلى عن النظر، فالبناية تميل الى الامام تماما كما تفعل في "برج بيزا"
لقد مر شهر على فرار سكان معوض من احيائهم. عاد الكثيرون منذ يومين، فور الاعلان عن وقف اطلاق النار،تاركين الملاجئ التي لاذوا اليها من مدارس و حدائق عامة في بيروت.الاكثر حظا فيهم سيجدون شققهم ، اثاثهم و ممتلكاتهم التي تركوها منذ اول يوم من الاعتداءات الاسرائيلية. شهر كامل تركت فيه الشقق و المحلات التجارية و الدكاكين مشرعة الابواب في احياء خلت من السكان.شهر لم تحدث فيه اية سرقة او اي نهب.ان "ارهابيي" الضاحية الجنوبية ليس لديهم ذات قيم "الديمقراطيين" في نيو اورلينز التي غمرتها المياه. قبل ايام خاطب حسن نصر الله كل الذين فقدوا كل شيء. حزب الله سيقوم، كما فعل عام 1996 بعد الدمار الذي خلفته الاعتداءات الاسرايلية، بوضع كافة موارده بتصرف ال 15000 عائلة شيعية و سنية ومسيحية الذين فقدوا كل شيء مقدما ما قيمته ايجار مسكن لسنة بانتظار اعادة اعمار المساكن. لكل الاخرين اعلن زعيم المقاومة الاسلامية عن قيام الحزب بمنحهم مبالغ "معقولة" للتعويض عن الاثاث و ممتلكات اخرى ضاعت جراء القصف.




#جيروم_أنكونينا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جيروم أنكونينا - العودة الى اللامكان