|
التطبع و التطبيع (3)
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 7080 - 2021 / 11 / 18 - 11:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من نافلة القول أن المواجهة بين نظم الحكم في الدول العربية من جهة و بين نظام الحكم في اسرائيل قد حسمت لصالح الثاني ، كونه جزءا ، بل واجهة أو وكيلا ، لمشروع غربي استعماري إحلالي في الفضاء السوري العراقي ، تقف وراءه دول متطورة جدا و متفوقة عسكريا . لا شك في أن الحرب الباردة بين الإتحاد السوفياتي و الولايات المتحدة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية ، و انعكاساتها في البلدان المستعمَرة ، فرضت السير ببطء في هذا المشروع الغربي إلى حد التوقف أحيانا و الرضوخ لقبول بعض التراجعات أحيانا أخرى . و لكن من المعروف أن المعوقات الإعتراضية راحت تتساقط تدريجيا توازيا مع ظهور علامات الوهن على النظام السوفياتي ، و صولا إلى انهيار مقاومة النظام الرسمي العربي نهائيا والتحاقه عدة و عددا بالمشروع الغربي ، أكاد أقول أيضا إلى انفصاله عن الناس في بلاده ، ارتدادا للزلزال الذي أطاح الإتحاد السوفياتي ، مفسحا المجال الدولي أمام الولايات المتحدة ، بما هي القطب الأوحد ، لترويض البشرية بحسب إدعائها باسم " الحوكمة العالمية " بواسطة " صراع الحضارات " ،" انهاء التاريخ"، " التدخل الإنساني " و " نشر الديمقراطية " إلى غير ذلك من اللوازِم المبتذلة .
و لكن الإشكال في تنفيذ هذا المشروع الإستعماري الغربي ، في فلسطين و البلدان المجاورة على وجه الخصوص ، أنه لا يتساوق مع وجود سكانها أي بقائهم فيها ، متساويين مع المستوطنين و مع أبناء و أحفاد هؤلاء ، في الحقوق و الواجبات ، فلا حرج في القول أن التمييز العنصري هو في صلبه . ينبني عليه أن وجود الأصليين هو بحد ذاته فعل مقاومة ضد هذا المشروع ، لن يتوقف دون التخلي عنه ، أو تصفية هذا الوجود . بكلام آخر ستستمر هذه المقاومة إلى النهاية ، فإما أن تتمكن من هزيمة المشروع الاستعماري كشرط ضروري و لازم ، لنشوء علاقة طبيعية ، اختيارية بين الناس ، دون اعتبار للأصل و المعتقد و الرأي و العرق ، و أما أن تهزم ما يعني زوالها . فهي ليست كنظم الحكم في بلدانها التي تنصلت من مبررات تصديها للمشروع الإستعماري فالتحقت به مقابل توفير حماية لسلطتها ، فهذا المشروع يقتضي بكل بساطة إلغاء جميع مقومات المقاومة كما ألمحنا أعلاه . ينجم عنه أن الأصليين صاروا موضوعيا في خطر وجودي ، حيث يتهددهم نظام الحكم الذي لن يتورّع عن التضحية بهم انقاذا لنفسه . هذا من ناحية ، أما من ناحية ثانية فإن المستعمر يريد ترحيلهم أو أنهاءهم عن طريق العزل السجن تحت نظام الغيتو .
إن هذه كله ليس بالقطع من باب الإجتهاد النظري ، و إنما هو من وجهة نظري بات حقيقة ملموسة نتيجة انتقال سلطة الحكم في معظم الدول العربية إلى جانب الدول الغربية المشاركة بدرجة أو بأخرى في المشروع الإستعماري الإستيطاني الإسرائيلي ، فالمعطيات التي تؤكده عديدة و لكن هذه المقاله تضيق عنها ، لذا سنكتفي بالإشارة إلى بعضها . ـ خذ إليك مثل السلطة الفلسطينية في رام الله التي " طبّعت " العلاقة فيما بينها و بين السلطة في الدولة الصهيونية . فما هي في إطار مقاربة عقلانية آفاق هذه العلاقة . أو بتعبير أدق ، ما هو على وجه التحديد الدور الذي تضطلع به هذه السلطة ؟ فمن المعروف أنها تتولّج مسؤولية الإدارة المدنية و المحافظة على الأمن في بعض مناطق الضفة ، بتمويل من الدول الغربية الراعية للمشروع الإستعماري ، تحت أشراف السلطات الصهيونية و توازيا مع قيام هذه الأخيرة بمصادرة أراض في الضفة لإنشاء مستعمرات وتوطيناأسرائيليين يهود فيها . كما لو أن المسأة لا تعدو اتفاقية مقاولات. ـ يمكننا أيضا التفكر في التطبيع بين امارة قطر من جهة و القيادة الصهيونية من جهة ثانية ، الذي تمول الامارة من خلاله السلطة الشقيقة الخصم في قطاع غزة . مقاولة أم مكرمة الخلافة ؟ (يتبع)
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التطبّع و لبتطبيع (2)
-
تطبُّع أم تطبيع
-
المرصد اللبناني : الأجواء رصاصية !
-
الدولة غير المرئية او الممحية !
-
المخطط الجهنمي : لبنان نموذجا (4)
-
المخطط الجهنمي : لبنان نموذجا (3)
-
المخطط الجهنمي : لبنان نموذجا (2)
-
المخطط الجهنمي : لبنان نموذجا
-
المقال رقم 200 : دور الحدث الأمني في النظام الطائفي
-
جبل لبنان العائم و خطر الذوبان !
-
نهاية الدولة المزورة 2
-
نهاية الدولة المزورة !
-
السلطة و الطائفة التي تشكل الأكثرية
-
صحيفة الميدان السودانية في عيد الإيمانيتي الفرنسية
-
الخريف العربي 3
-
الخريف العربي 2
-
الخريف العربي
-
سلوك القوي المختل عقليا .
-
العصابة و العصبية و مذلة العيش في لبنان
-
الدولة الوطنية المحلومة 3
المزيد.....
-
بلينكن يزور مصر في أول زيارة إلى الشرق الأوسط لا تشمل إسرائي
...
-
الجيش الأمريكي يكمل انسحابه من النيجر بعد حوالي سنة من انسحا
...
-
لحظة واحدة أنقذت ترامب.. فوهة البندقية كشفت ريان ويسلي روث
-
الجيش الأميركي يعلن اكتمال انسحابه من النيجر
-
البيت الأبيض يعلق على منشور إيلون ماسك المحذوف عن بايدن وهار
...
-
-ديلي ميل-: بريطانيا غير جاهزة على الإطلاق لتصعيد الصراع مع
...
-
إصابات في حادث انقلاب حافلة سياحية عائدة من موقع -ماتشو بيتش
...
-
الكابينيت الإسرائيلي يعتمد إعادة سكان الشمال لمناطقهم أحد أه
...
-
هل عادت خطة تخفيف الأحمال في الكهرباء بمصر؟ -الإدارة المحلية
...
-
بايدن يجري محادثة هاتفية مع ترامب بعد محاولة الاغتيال
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|