أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فتحى سيد فرج - الحضارة المصرية القديمة 00استمرارية ام انقطاع المقالة الثالثة - أسباب الانقطاع















المزيد.....

الحضارة المصرية القديمة 00استمرارية ام انقطاع المقالة الثالثة - أسباب الانقطاع


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 1654 - 2006 / 8 / 26 - 07:54
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


وإذا كان العصر الفرعوني والذي يمتد من حكم الملك " مينا- نرمر" حتى فتح الإسكندر لمصر في عام 332ق.م قد حدثت به بعض الانقطاعات أو ما تسمي عصور الاضمحلال فإن أسبابه تعود إلي ضياع مقومات الحضارة المصرية السابق الإشارة إليها أو بعض منها .
ففي عصر الاضمحلال الأول ما بين 2280 إلي 2152ق.م ويشمل الأسرات من السابعة إلي العاشرة ، يرجع السبب فى هذا الاضمحلال إلي تعدد العواصم الملكية في وقت واحد ، وظهور الأسرات الإقطاعية في الأقاليم واشتداد نفوذها بمعني ضياع الوحدة القومية والنظام وأسس الدولة المركزية للدرجة التي وصل عدد ملوك الأسرتان السابعة والثامنة حوالي 85 ملكاً حكموا في أقل من أربعين عاماً .
وفي عصر الاضمحلال الثاني تعاصرت الأسرتان الثالثة عشر والرابعة عشر خلال الفترة من 1788 إلي 1625ق.م وحكمت الأولي في طيبة وبلغ عدد ملوكها 76 ملكا ً، بينما حكمت الأخري في مدينة سخا وبلغ عدد ملوكها 76 ملكاً وذلك خلال أقل من 50 عاماً ، وأما الأسرتان الخامسة عشر والسادسة عشر فكان ملوكها من الهكسوس وهم غزاة أجانب وكانت عاصمتهم أواريس في شمال الدلتا ، وقد عاصرت الأسرة السابعة عشر ملوك الهكسوس وكانت تحكم من طيبة.
أما عصر الاضمحلال المتأخر والذي يقول د. عبد المنعم : أنه كان عصر الاضمحلال النهائي نظراً لشيخوخة الدولة الفرعونية واتجاهها نحو الزوال ، فقد كانت معظم أسراته أجنبية ففي الأسرة الواحد والعشرون 1087- 945 ق.م انقسمت البلاد إلي قسمين ، كما كانت قبل عصر التوحيد ، وقد حكم ملوك الوجه القبلي من طيبة وأهمهم "مريحور" الذي كان كبيراً لكهنة آمون ثم اغتصب العرش من آخر فراعنة الأسرة العشرين. أما ملوك الوجه البحري فقد اتخذوا عاصمتهم في تانيس وقد أدي هذا الانحلال إلي أن تكون الأسرة الثانية والعشرون 945- 720ق.م من أصل ليبي واتخذت من مدينة بوبكا عاصمة لها ، وعاصرت الأسرة الثالثة والعشرون الحكم الليبي . وبدأ الضعف والانحلال والتفتت في نظم الحكم الفرعوني وكانت الأسرة الخامسة والعشرون 751 إلي 656ق.م والتي أسسها الملوك من سلالة الكهنة المصريين الذين فروا من اضطهاد ملوك الأسرة الليبية واستقروا في النوبة .
هذا وقد حاول بعض ملوك الأسرة السادسة والعشرون إحياء تراث البلاد بالرجوع إلي الماضي وذلك في الأسرة السادسة والعشرون 664 إلي 525ق.م والتي تعرف بالعصر الصاوى نسبة إلي "صا الحجر" ولكن كثرة استخدام اليونانيين كمرتزقة في الجيش المصري أدي إلي غزو الفرس لمصر بقيادة ملكهم قمبيز.
ولذلك جاءت الأسرة السابعة والعشرون 525- 440 ق.م بأسرة ليست مصرية بل فارسية تنسب إلي ملوك الفرس رغم أنهم كانوا يحكمون مصر من بلادهم ويولون عليها ولاة نم قبلهم ، ورغم أن مؤسس الأسرة الثامنة والعشرون 404- 399 ق.م ملك مصري اشترك في حرب التحرير ضد الفرس إلا أن من جاءوا بعده كانوا ملوك ضعفاء إلي أن تمكن الفرس من استعادة مصر في الأسرة الثلاثون ، وكان ملوك الأسرة الحادية والثلاثون من أباطرة الفرس مثل الأسرة السابعة والعشرون ، وفي آخر العهد الفارسى غزا الإسكندر المقدوني مصر وبهذا الغزو انتهي العصر الفرعوني .
ويري بعض المؤرخين أن مراحل الاحتلال الفارسي أو الإغريقي أو الروماني لم تمثل انقطاع حقيقي في تاريخ مصر، وإنما مرحلة ذات طابع خاص من تاريخ مستمر اندمج فيها المصريين في بوتقة العالمية ، ولكنهم ظلوا كما هم يقاومون الغزاة والاحتلال الأجنبي ، غير أننا ما أن نصل إلي العصر العربي الإسلامي في القرنين السابع والثامن الميلادي حتى نجد فجوة كبري تفصل بين حاضر مصر وماضيها ، فقد تغير المصريون وجدانياً ومادياً وقطعوا وشائج ارتباطهم بتاريخهم السابق ، حتى لا نكاد نعثر بين طبقات التاريخ على أثر بارز وكيان ملموس لهذا الشعب ، إن مصر التي ألفتها العين سواء مستقلة أو كانت مستعمرة تبدو وكأنها اختفت تماماً وفقدت أي تميز قومي وأصبحت جزء من العالم الإسلامي الذي تنازعته ومزقته بعد ذلك الحروب والخلافات وعوامل التحلل والانهيار .
وهناك رأى أخر يرى إن أخطر محاولتين أثرتا على الحضارة المصرية القديمة هما الإغريق والعرب اللذان يتفردان معاً بأنهما حاولا استبدال اللغة وكان كلاهما مسلحاً بكتاب مقدس ، وإذا كانت مصر قد بدأت تدفع الجزية للأجانب بشكل منتظم في أعقاب الهزيمة المريرة التي منيت بها أمام جحافل الفرس في عام 525 ق.م لكن الفرس لم يأتوا إلي مصر بديانة جديدة ولم يرموا الديانات المصرية القديمة بالوثنية ، كما أنهم لم يحاولوا فرض لغة وثقافة أجنبية على أهل البلاد الأصليين ، لكن التغيير الخطير حقاً بدأ مع وصول الإغريق من جنوب أوروبا ثم العرب من غرب آسيا .
الإغريق والعرب كانوا في مستوي أدني حضارياً من المصريين لدي تسللهم ثم غزوهم دون أن ننفي بطبيعة الحال ما كانوا عليه من تسليح أفضل ، وكان أخطر ما فعله هؤلاء وأولئك هو محاولة فرض لغتهم على السكان المحليين ، فقد انتشرت المسيحية في مصر عن طريق اللغة اليونانية مما أدي إلي استبدال اللغة المصرية المحلية- الديموطيقية باليونانية - وكان طبيعياً أن تقف الديانة الجديدة ضد الديانات المصرية القومية بدعوى أنها ديانات وثنية ولا تزال المعابد التي حولها المسيحيون الورعون إلي كنائس شاهدا يوازى ذلك الشاهد الآخر على تحويل الكنائس إلي جوامع على أيدي العرب المسلمين ، كما أن اللغة العربية حلت محل اللغة القبطية مما دعي كثير من الدارسين إلي التساؤل عن هذه الظاهرة ، وهي تنازل شعب عريق في المدينة كالشعب المصري عن لغته واتخاذه لغات شعوب لا توازيه في الحضارة.
ولعل ذلك ما جعل جمال حمدان يري أن انقلاب التعريب إنما يشكل انقطاع هام للغاية في الناحية اللامادية أي في الحياة الثقافية والروحية للشعب المصري ، صحيح أن الانقطاع لم يكن بالمعني الجنسي بقدر ما كان بالمعني الحضاري ، ولكن هذا الانقطاع يظل أعظم حقيقة في تاريخ مصر الثقافي والروحي ، ويمثل نقطة تحول حاسمة وخط تقسيم فاصل في وجودنا اللامادي .
وهكذا نجد أن كثير من مقومات الحضارة المصرية قد تم طمسها ، وأن الإنسان المصري أصبح بلا ملامح وإن الهوية الوطنية قد تم تغيبها أو استلابها ، إننا ما نكاد نبلغ القرن الثامن بعد الميلاد حتى نجد مصر وقد تحولت إلي مجتمع عربي أهل هذا المجتمع عرب وتفكيرهم عربي وتقاليدهم عربية ، وابن عبد الحكم يكتب تاريخ مصر على أساس أنها سامية عربية منذ أن كانت الخليقة وليس في تاريخها الطويل ما يستحق أن يذكر سوي قصص إبراهيم وإسماعيل وموسي ويوسف ومريم القبطية وإيثار النبي لقبط مصر وبغض الله كفر المصريين الأولين ، والمصريين من أبناء هذا المجتمع الجديد حتى من دخل منهم الإسلام بالأمس ينتسبون لأصل عربي ويسمون أنفسهم ابن عبد الحكم وشمس الدين وبهاء الدين ، وهم لا يعون أنهم أصحاب قومية خاصة ويرجع صبحي وحيدة أسباب ذلك إلي ثلاث عوامل : أولها أن مصر كانت تسير منذ القرن الثالث الميلادي إلي خراب اجتماعي رهيب ، والعامل الثاني أن هجرات القبائل العربية المتتالية عقب الفتح والتي استأثر بعضها بالحوف الشرقي واستولوا على القري الواقعة بالشاطيء الغربي للنيل ، بينما كان أهل البلاد الأصليين يثورون المرة تلو الأخري فيسبون أو يقتلون أو يدخلوا الإسلام فيصيرون عرباً في الروح والتفكير والتقاليد ، وقد لحق بهذين العاملين في نهاية العهد الفاطمي وعهد المماليك وبني عثمان عامل ثالث لا يقل عنهما أثراً وهو ما كان يعقب اضطراب أمور الدولة من خلل في توزيع المياه كان ينتهي بالفلاحين إلي ترك أراضيهم فتتسع مساحة الأراضي التي لا تزرع ويجد هؤلاء البدو المجال الذي يحتاجون إليه لرعي قطعانهم أو مزاولة الزراعة الهينة التي يحسنونها وينمو بذلك مجتمعهم على حساب المجتمع المدني المصري .



#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسكندرية مدينتى (1) بيروت الإسكندرية 00 التنوع يصنع الازدهار
- الحضارة المصرية القديمة 0اسمرارية 00أم انقطاع- المقالة الثان ...
- الحضارة المصرية القديمة ..استمرارية أم انقطاع- المقالة الأول ...
- لماذا سؤال الهوية ؟! ( المقالة الأخيرة )0
- لماذا سؤال الهوية ؟! ( المقالة الرابعة )0
- لماذا سؤال الهوية ؟! المقالة الثالثة
- لماذا سؤال الهوية ؟ المقالة الأولى
- الفكر الغربى وسوسيولوجيا الفشل المقالة الثانية النهضة المست ...
- التنوع الثقافى الخلاق
- الفكر العربى وسوسيولوجيا الفشل - المقالة الأولى
- المسرح فى مصر الفرعونية المقالة الأولى
- علوم جديدة... وتعليم مغاير
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 8 من 8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 7 من 8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 5 من 8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟4-8
- لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 3 من 8
- إشكالية النهضة عند الطهطاوى
- قراءات ورؤى حول مشروع النهضة


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فتحى سيد فرج - الحضارة المصرية القديمة 00استمرارية ام انقطاع المقالة الثالثة - أسباب الانقطاع