عبدالرحمن محمد محمد
الحوار المتمدن-العدد: 7079 - 2021 / 11 / 16 - 13:20
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
تحتفظ عامودا بذكرياتها، تُودِعَها في القلب، تُسدل الستائر على نوافذ الروح، ترخي عليها وشاح الليالي، ولكنها تأبى أن تنسى، فهل لجرح في القلب أن يستكين؟ وهل لقلبِ أمٍّ أن يغفوا؟ وأنين أولادها يحزّ في قلبها وعينيها، ويلقي المزيد من الملح في الجرح.
عقود سته، وبعدها عام، مرّت، لا الذكريات المتّقدة تغادر موطنها في القلب، ولا القلب يوصد أبوابه دونها، ففي مساء الأحد في 13 تشرين الثاني من عام1960، كانت عامودا على موعد مع الألم والوجع، كانت على موعد مع الموت والنار، كانت مدعوة لمساء يفوح منه رائحة شواء للبشر، وصرخات أبرياء، واستغاثة فلذات أكباد، لم يكن لها ذنب سوى إنها “كردية”.
في عامودا كانت مواليد ذلك اليوم، وما زالت تُعرَف تاريخ ميلادها بيوم مرير، يوم رددت الأمهات، والجدات، والآباء اسمه كثيرا “حريق سينما عامودا- شواتا سينمي” وكم احترقت قلوب على احتراق تلك الأجساد الغضّة، والأبدان الناعمة، وكم من الأحلام اُغتِيلت في يومها، اغتالتها أشباه بشر، بقلوب من حجر، وضمائر ميتة، ومخططات دنيئة، فكانت عامودا على موعد مع الموت والاحتراق؛ موت اختطف مئات الأبناء، وبات تاريخاً ومرجعاً، و مستنداً لتأريخ أحداث تليه، وهكذا قُدر لعامودا، أن يكتب تاريخها بالموت، والالم والنار، فكيف له أن يمحى؟
هكذا هي عامودا التي تصحو على أمل وضحكة، وتنام على حسرة ودمعة، تزدان بيوتها بصور الشهداء، شهداء حريق السينما، وشهداء عشاق الحياة والحرية، تحتفي بيوتها بلقاءات الأدب، والفن، والإبداع، وتعلو ضحكات مجانينها البريئة وهم يعبرون الجسر، أو يتجولون في سوق الفاتورة، و”شرمولا” يراقبها في صمت. هكذا عامودا العاشقة للحياة، تبقى على موعد في كل عام؛ لتلوح لشهدائها بمناديل بيضاء، كما قلوب أبنائها، مناديل كتب عليها بأحرف من نور لا يراها إلاّ من يعشق الحياة: “لأن غادرتم وفي قلوبكم رجاء، سنحيا لأجلكم ونواصل –رغم الموت- الحب والغناء”
#عبدالرحمن_محمد_محمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟