أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - تمرد البروليتاريا الإلهية














المزيد.....

تمرد البروليتاريا الإلهية


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7078 - 2021 / 11 / 15 - 14:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


جدلية السيد والعبد
2 - تمرد البروليتاريا الإلهية

من المهم أن نذكر أن القصة السومرية لثورة الآلهة الممثلة للطبقة العاملة الإلهية "الإيجيجي" على الآلهة الكبرى "الأنوناكي" الممثلة للآلهة البرجوازية أو النبيلة إن صح القول، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون مجرد أسطورة أو قصة خيالية تكونت بالصدفة وتناولتها المجتمعات المتعاقبة على مرالعصور، إنها تعكس بالضرورة أحداثا حقيقية، وتمردا لطبقة من العبيد على الطبقة التي تستغل قوة عملها وتمتص عرقها ودماءها، أو على الأقل تتنبأ وتنذر الطبقة الغنية الحاكمة بما يمكن أن يحدث لو دام الإستغلال أو كثر الشقاء والعذاب الناتج عن العمل، أو أزداد قهر الطبقة التي تبني السدود وتشيد المعابد وتحفر مجاري الأنهار وتحرث وتزرع الحقول. الأسطورة تستند في الكثير من الأحوال على حوادث سياسية وإجتماعية وظواهر طبيعية حقيقة. وتتركز في هذه الأسطورة كل مكونات ديالكتيك السيد والعبد، والذي يعتبر مفتاحا لقراءة تاريخ البشرية وفهم محتوياته المعقدة. ومن هذا المنظور، ودون مبالغة غير ضرورية، يمكن إعتبار "الإيجيجي" وتمردهم ضد ظروف عملهم القاسية، أول حركة عدمية فكرية، تعكس ولا شك ثورة إجتماعية حقيقية في بلاد الرافدين قبل أربعة آلاف سنة من الحركات السياسية المتتالية التي أدت إلى إلغاء ظاهرة العبودية وتجارة الرقيق في أوروبا وأمريكا وظهور العدمية الثورية في روسيا في القرن التاسع عشر. ويجب أن نذكر أيضا أن إشكالية "العمل" تعتبر مركز هذه الأسطورة والأساس الذي بني عليه صرح ميثولوجيا بداية الخلق السومرية. ذلك أن الحل الذي تفتق عن عقل الآلهة العظام، هو بطبيعة الحال حل من وجهة نظر الآلهة العظام، ولكنه سرعان ما ظهر بأن هذا الحل ليس حلا، ليس فقط من وجهة نظر الإنسان الذي عليه أن يعمل ويتعذب محل الإيجيجي، ولكن من وجهة نظر الآلهة نفسها. حيث بدأت هذه الكائنات البشرية في التكاثر وأصبحت مصدرا دائما للصخب والإزعاج المستمر للآلهة التي لم تعد قادرة على النوم بهدوء في قصورها السماوية، نظرا لمهمتهم الأساسية التي خلقوا من أجلها وهي العمل والإنتاج الدائم والمستمر، مما يسبب في حركات التمرد والثورة مثلهم مثل الإيجيجي على الآلهة الكسولة، مما اضطر هذه الآلهة في لحظة من لحظات الإحباط الكبرى إلى التخلص من هذه المخلوقات الصاخبة عن طريق إغراقها بطوفان مدمر.. وثورة البشر على الآلهة لم تكتمل بعد، ولن تنتهي، فهي تندلع من وقت لآخر، والآلهة العظام يلفقون في كل مرة حلولا مؤقتة لتهدئتهم لفترة قصيرة .. لقد صدرت القوانين لعتق العبيد وتحريم الرق وإعلان المساواة بين كل البشر، غير أن ذلك كان نظريا ومجرد حبر على ورق، فالعبد الذي فقد سلاسله قانونيا وأصبح حرا، عليه الآن أن يشتري سلاسل جديدة ويتضرع لسيده ليقبله كعبد وكعامل.
وقد عبرت نوال السعداوي في مقال لها قبل رحيلها بقليل عن هذه العلاقة الوطيدة بين الآلهة والحكام : "ومثلما يغيب العدل فى الصراع المحلى، الدائر حول حقوق النساء داخل الأسرة، يغيب أيضا العدل فى الصراع الدولى العالمى، حول حق الشعوب فى الاستقلال، والنهضة والتحرر. صراع لم يخمد طوال التار يخ، والذى بدأه العبيد والنساء، ضد نظام الرق أو العبودية. وأدى التراكم المتتالى من هذا الصراع، إلى انتهاء عصور العبودية. لكن مازالت العلاقات فى الأسرة، على المستوى الشخصى، والعلاقات بين الدول على المستوى العام، علاقات بين طرف أدنى، وطرف أعلى، علاقات غير متكافئة، فى جذورها علاقة بين «أسياد»، و«عبيد». ولا بد من الإضافة هنا بأن علاقة العمل، أي العلاقة بين العامل وسيد العمل ما تزال علاقة بين السيد والعبد، ولم تتطور هذه العلاقة حتى في المجتمعات التي تدعي اليموقراطية والعدالة.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تنظري للوراء
- تجاوز جدلية السيد والعبد
- ليليث والصياد
- بطن الحوت
- سيزيفوس
- الصمت
- صاحب السلم
- اللعنة على العالم
- الفيض الإلهي
- شرعية القبيلة وشرعية الإقتراع
- غربة الله
- القمر الأسود
- فكرة الله في التصوف الكابالي
- لغة الأحجار
- الأسد المقدس
- تماثيل الملح
- النوارس وحدها لا تركب القوارب
- كابالا - إسحق لوريا
- مسرح الجريمة
- المركبة النارية


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - تمرد البروليتاريا الإلهية