ماذا وراء واجهة -الإختراق - في إتّفاقيّات قمّة المناخ 26 – الفشل و الخداع في غلاسكو و عدم إمتلاك هذا النظام لإجابة عن ارتفاع حرارة الكوكب

شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 7072 - 2021 / 11 / 9 - 22:42
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

جريدة " الثورة " عدد 725، 8 نوفمبر 2021
www.revcom.us-en-beneath-cop26-facade-breakthrough-climate-agreements-failure-and-fraud-glasgow-system-has-no-answer

لا زالت الندوة العالميّة للمناخ بغلاسكو منعقدة إلى حدّ الآن لأكثر من أسبوع . و الإتفاقيّات التي بلغتها موضوع مديح على أنّها خطوات كبرى بإتّجاه إنقاذ الكوكب . و هذه خدعة قاسية . ما هي الإجراءات التي وقع التعهّد بها – و لنبقى في أذهاننا أنّ الحكومات التي أمضت ليست مطالبة حتّى بإنجاز ما تعهّدت به – بصفة مشوّهة خارج الخطّ مقارنة بمدى و إستعجاليّة الكارثة البيئيّة الجارية . و الهدف الحقيقي لتلك التعهّدات هو التغطية على مواصلة تدمير الكوكب على يد النظام الرأسمالي – الإمبريالي .
و إلقاء نظرة على الإتّفاقيّات المفاتيح المتوصّل إليها إلى حدّ الآن كفيل بكشف الواقع بقسوة و وضوح .
1- الإتّفاق بشأن إزالة الغابات : وعود فارغة بينما تتواصل إزالة الغابات و حرقها
وقّعت حوالي مائة بعثة حضرت ندوة غلاسكو إلتزاما عالميّا لإيقاف تدمير الغابات الكبرى للكوكب . و مدح الوزير الأوّل البريطانيّ بيانه الخاوى بوحشيّة ناعتا ذلك بأنّه " محوريّ " في " تحديد ارتفاع الحرارة عند 105 درجة سلسون " (1).
إزالة الغابات – خاصة التدمير الكبير للغابات الممطرة و الغابات النامية القديمة – مكوّن هام للتغيير البيئيّ ، إلى جانب تدمير البيئة و إنقراض أنواع من الكائنات الحيّة . رئة الكوكب يجرى تمزيقها. فغابة الأمازون التي لعبت في وقت ما دورا كبيرا في إمتصاص الكربون في الجوّ تتحوّل هي نفسها الآن و بسرعة إلى مساهمة في ارتفاع نسبة الكربون جرّاء تدمير سير الرأسماليّة – الإمبرياليّة لهذه الغابة .
تشتملّ البلدان التي أمضت الإتّفاق على 85 بالمائة من غابات العالم (2). غير أنّه ثمّة قصّة طويلة لهذه الإتّفاقيّات بشأن إزالة الغابات وهي إتّفاقياّت لا تتجاوز قيمتها قيمة الورق الذى كُتبت عليه . و بالعودة إلى 2005 ، ندوة الأمم المتّحدة حول الغابات إلتزمت بأن " تعكس خسارة الغطاء الغابيّ عبر العالم " مع حلول 2015. و في إعلان نيويورك بشأن الغابات سنة 2014 شهدنا 200 بلد و منظّمة لشعوب أصليّة تلتزم بوضع حدّ لقطع أشجار الغابات مع حلو 2020 و وضع نهاية لها مع حلول 2030. و ما الذى حدث مذّاك ؟ كمعدّل ، نسب خسارة الغابات كانت أعلى ب 41 بالمائة في السنوات التي تلت إمضاء إتّفاق نيويورك . (3)
و ينسحب ما حدث مع الإتّفاقيّات الماضية على إتّفاقيّات غلاسكو حيث هي الأخرى لا تهدف إلى إيقاف إزالة الغابات :
* الإتّفاق الجديد لا يوقف الممارسة الواسعة الإنتشار لإزالة الغابات النامية القديمة لإنشاء منابت أشجار البندق من أجل الخشب الذى يحرق للحصول على الطاقة . فالبلدان الإمبرياليّة تزعم أن حرق أشجار البندق هذه " أمر حيادي في إنبعاث الكربون " و أمر يساعد البيئة و من ثمّة يسمح الإتفاقيّات بذلك.
* بّثنيت الإتفاقيّات الجديدة وفق تحديدات الأمم المتّحدة التي تدافع عن أنّه حتّى و إن تمّ قطع الأشجار و الغابة الحيّة مدمّرة تماما ، تقنيّا لا يعدّ هذا إزالة للغابات – إذا لم تستغلّ الأرض في إستعمالات تجاريّة أخرى أو إذا وقعت إعادة زراعة منابت أشجار! (4) لكن منابت الأشجار تعنى تدمير الغابات الحقيقيّة و الحيويّة التي تطوّرت تاريخيّا كمواطن عديد أنواع النباتات و الحيوانات و تعويض هذا التنوّع البيئي بنوع واحد من الأشجار التي تقطع و تُباع . و تمتصّ الغابات الحقيقيّة الحيّة أكثر بكثير من الكربون مقارنة بمزارع الشجار من نوع واحد .
* و لا تلتزم الإتّفاقيّات الجديدة بالإعلان عن إنجاز أو عدم إنجاز التعهّدات .
* لا جدول أو مخطّط ملموس لمتى و كيف يجرى إيقاف عمليّات إزالة الغابات (5). و من الأمور العجيبة هو أنّ جاير بلسونارو ، رئيس البرازيل ، أسرع إلى إمضاء هذا التعهّد الخاوي علما و الحال أنّه خلال السنوات الثلاث لرئاسته ، ترأّس تدمير 10 آلاف أميال مربّعة من الغابات الممطرة للأمازون .
مجمل القول ، تعهّد غلاسكو بإنهاء إزالة الغابات لا يفرض أشياء حقيقيّة فيما يوفّر للإمبرياليّين غطاء للإلتفاف على العناية بالغابات . و في الوقت نفسه ، نظامهم الذى يحرّكه الربح لا يتوقّف عن إقتلاع الغابات و حرقها و تدميرها... و اللجوء إلى القمع الإبادي لقاطنى الغابات حين يسعون إلى الدفاع عن الغابات و عن طريقة حياتهم فيها .
2- الإتفاقيّات بشأن غاز الميثان : بعض التخفيضات الصغيرة التي تؤبّد الإنبعاثات الكبرى للكربون
الميثان غاز من غازات الإحتباس الحراري القويّة التي تمتصّ الحرارة في الجوّ . و يتحمّل هذا الاز جزء له دلالته من ارتفاع حرارة الكوكب الراهنة . (6) إنّه يدخ الجوّ بفعل جانبيّ لإنتاج النفط و الغاز الطبيعي و الفحم الحجريّ ؛ و الفلاحة و مواقع دفن النفايات . غاز الميثان أقوى 80 مرّة من ثانى أكسيد الكربون غير انّ لا يظلّ في الجوّ إلاّ مدّة عشرين سنة مقابل ثانى أكسيد الكربون في الجوّ الذى يظلّ في الجوّ مئات السنوات .
قب غلاسكو ، أعلنت وكالة حماية البيئة في الولايات المتّحدة جُملة من الإجراءات لتقليص إنبعاثات الميثان . و أمضى 40 بلدا في غلاسكو إتّفاقا بتقليص الميثان . و تُمدح الإتّفاقيّات على أنّها أمل في تقليصات كبرى في غازات الإحتباس الحراريّ (7) و إن جرى تكريسه عمليّا ستكون نتيجته بعض التقليص في إنبعاثات الميثان .
لكن ما هي الصورة الأشمل ؟ يقول الإمبرياليون بالفعل : أنظروا سنقلّص الميثان الناجم عن الإقتصاديّات المعتمدة على الوقود الأحفوري ... سننجز ذلك بالتشديد على تقليص التسرّبات من آبار النفط و آبار الغاز الطبيعي ... لكنّنا لن نخفّض تخفيضا جوهريّا إنتاج الوقود الأحفوريّ ". و تاليا يستخدمون تعهدّ تخفيض إنبعاثات الميثان كديل على التحرّك الحيويّ ضد ارتفاع حرارة الكوكب . و هذه كذبة كبرى .
ما لا تفعله ندوة غلاسكو هو تقليص إنبعاثات ثانى أكسيد الكربون بواسطة تقليص كبير و سريع في إنتاج الوقود الأحفوريّ و إعادة الهيكلة الراديكاليّة للإقتصاديّات لتعتمد الطاقات المتجدّدة . يُرسّخ أكثر كابوس مسار إنبعاثات الكربون غير المتحكّم فيها و بالتالى الإرتفاع السريع لحرارة الكوكب .
3- الإتفاقيّات بشأن الفحم الحجريّ : " رئيس البيئة جو بيدن " لا يلتزم حتّى بوضع نهاية للوقود الأكثر تلويثا من غيره للجوّ
الفحم الحجري أكثر وقود تلويثا بمعنى مساهمته في إنبعاثات ثانى أكسيد الكربون في الجوّ . و في غلاسكو ، وقّع 40 بلدا إتّفاقيّات إنهاء إستخدام الفحم الحجريّ . أعلن آلوك شرما ، رئيس الندوة ، أنّ " نهاية الفحم الحجري قريبة " (8) . إلاّ أنّ الواقع هو أنّ أكبر مستهلكي الفحم الحجريّ و بعض أكبر منتجيه لم يوقّعوا الإتفاقيّات . فالصين و الهند كلاهما تحرقان ثلثي الفحم الحجريّ في العالم لم توقّعا الإتفاقيّات و أيضا لم تفعل ذلك أستراليا وهي أحد أكبر منتجى الفحم الحجريّ.
و صحيح أيضا أنّ إتفاقياّت غلاسكو بشأن الفحم الحجري ليست لها أيّة تواريخ محدّدة لتطبيق العمليّ ، لا تسجّل سوى أنّ الإقتصاديّات اكبرى تلتزم ب " تجاوز طاقة الفحم الحجريّ " في ثلاثينات القرن الواحد و العشرين ( حالما أمكن ذلك ) ، بينما بقيّة العالم ستتجاوز الفحم الحجري في أربعينات القرن الواحد و العشرين . و لا تنبس الإتفاقيّات ببنت شفة في ما يتّصل بما إن كان سيمكن بلدان ستخفّض من إستعمال الفحم الحجريّ أن تحوّل أم لا ببساطة وجهتها إلى وقود أحفوريّ آخر كالغاز الطبيعي .(9)
أمّا بالنبة إلى الولايات المتّحدة فإنّها لم توقّع الإتفاقيّات المتعلّقة بإنتاج الفحم الحجريّ كذلك . و هذا معظم الناس في الولايات المتّحدة لم يسمعوا حتّى عن إتفاقيّات الفحم الحجريّ – ذلك أنّ حكومة الولايات المتّحدة لا يمكنها إستخدامها لتوجيه ضربات هجوميّة لمنافسيها و بالتالى تلتزم الهدوء بهذا المضمار . و لماذا لم توقّع الولايات المتّحدة هذه الإتّفاقيّات ؟ لأنّ الفحم الحجريّ لا يزال ينهض بدور كبير في إنتاج الطاقة في الولايات المتّحدة يوفّر أرباحا هامة – 20 بالمائة من الكهرباء في الولايات المتّحدة منبعه مصانع الطاقة المعتمدة على الفحم الحجريّ ؛ و الولايات المتّحدة هي رابع أكبر مصدّر للفحم الحجري في العالم . ألا يفضح هذا فضحا فاقعا لمزاعم الولايات المتّحدة " قيادة البيئة " ؟
لقد تبيّن أنّ الحكومات التي إجتمعت في غلاسكو غير قادرة كلّيا على مواجهة أزمة البيئة . ندوتها فاشلة و مضلّلة . إنّها أسوأ من الهراء . هذا النظام و حكاّمه يدفعون الإنسانيّة إلى الهاوية . و وحدها الثورة توفّر لنا فرصة إنقاذ الكوكب .
هوامش المقال :
1. “British Prime Minister Boris Johnson said the agreement on deforestation was pivotal to the overarching ambition of-limit-ing temperature rises to 1.5 degrees Celsius.” https://www.cbsnews.com/news/deforestation-end-pledge-2030-cop26/
2. https://theconversation.com/deforestation-why-cop26-agreement-will-struggle-to-reverse-global-forest-loss-by-2030-170902
3. https://theconversation.com/deforestation-why-cop26-agreement-will-struggle-to-reverse-global-forest-loss-by-2030-170902
4. https://news.mongabay.com/2021/11/cop26-glasgow-declaration-salvation-or-threat-to-earths-forests/
5. https://news.mongabay.com/2021/11/cop26-deforestation-ending-commitment-must-hold-leaders-accountable-commentary/
6. Methane concentration in the atmosphere is greater than any time in the last 800,000 years. Methane has more than 80 times the warming power of carbon dioxide over the first 20 years after it reaches the atmosphere. CO2 remains in atmosphere much longer. At least 25% of today’s warming is driven by methane from human actions. Only 37% of methane emissions are a byproduct of fossil fuel extraction. 36% comes from agriculture and ranching and 17% is from landfills from home waste – about 9% is other. https://www.epa.gov/ghgemissions/overview-greenhouse-gases
7. New York Times page 1 headline: “Nations Cut Deals to Slash Methane Emissions and Save Forests” https://www.nytimes.com/2021/11/02/world/europe/climate-summit-methane-forests.html
8. Over 40 Countries Pledge at U.N. Climate Summit to End Use of Coal Power
9. Gas produces about half as much carbon dioxide as coal when burned for fuel but is still a major source of greenhouse gas emissions.
----------

#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات