أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هشام الصميعي - ذكريات الشقاوة عندما ختنت و عندما أحببت1/2














المزيد.....


ذكريات الشقاوة عندما ختنت و عندما أحببت1/2


هشام الصميعي

الحوار المتمدن-العدد: 1654 - 2006 / 8 / 26 - 07:38
المحور: كتابات ساخرة
    


كل واحد مننا ليه ذكرى كما تقول الأغنية المصرية الشهيرة ، و الذكريات كفاكهة الرمان فيها الحلو الطازج الذي نستعيده بحنين دافق ، كما لو أننا نريد استعادة أجوائها القزحية من جديد ، واحتضان لحظاتها الجميلة لحظة بلحظة . ومنها تلك الحبات المرة التي نود لو أن بيننا و بينها سدا منيعا و عندما نتذكرها نتألم و نشقى ، لدلك يقول علماء النفس أن الإنسان يخفف عن نفسه بهده اللعبة المسلية التي تسمى النسيان.
دعوني أشاطركم بعضا من ذكرياتي الأليمة على أن أحرمكم من السعيد منها حيت أنني و في هده اللحظات أشعر بأنني نكدي للغاية . فالتمسوا لي عذرا في دلك لأنه( وهده بيني و بينكم) لم يعد في أيامنا هده ما يفرح.
أول الذكريات الدموية التي صادفت حياتي و أنا طفل صغير ، كانت بمناسبة الختان الطبيعي نعم هكذا يسمى لأنه كان قاسيا و بدون بنج ، أو أدنى مسكن للألم ، فلكي يوفر والدي عنه بعض التكاليف المصاحبة لهده الأجواء الاحتفالية و الحزينة في نفس الوقت حسبها في السماء ، و استقر رأيه على أن يختنني و أخي الأكبر في يوم واحد وبدلك سوف يضرب عصفورين بحجرة واحدة ، أو جلدتين بمقص واحد و يجوز الوجهين .
بقي هدا اليوم مسجلا في ذاكرتي لقطتا بلقطة لأنه من خلاله ، ولأول مرة في حياتي سأنظر إلى الدماء ، وهي تنزف مني بضربة مقص فاصلة على عضو حساس ولحمة حميمية من جسمي . كان الجو حارا في إحدى مسائيات صيف السبعينات بالدار البيضاء غصت باحة بيتنا الصغير عن آخرها بالمدعوين احتفاءا بهذا الحدث السعيد. سربلونا أنا و أخي في جلباب أبيض ناصع ، وطربوش أحمر تركي من النوع الذي كان يضعه سعد زغلول و رفاقه من الوطنيين ، ولا أعرف لمادا كل ما أرى هدا الطربوش على رأس رجل يتسكع في الشارع إلا و تذكرت هدا اليوم الحزين في حياتي . بينما تضمخت أيدينا بالحناء ، كنت سعيدا للغاية و مزهوا بهذا اللباس ولا قارون في زمانه قبل أن يخسف به. كان الكل يبتسم في وجهي ، و يطبطب علي دون أن أعلم مادا يخبئ لنا الحضور الكريم و راء هده الابتسامات الرقيقة وهدي النظرات الحنونة للغاية. في الحقيقة راودت رأسي الصغير حينها بعض الشكوك ، لكنني لم أتأكد منها لغاية ما تم سحب أخي الأكبر بكل رفق للمقصلة عفوا للعملية. بقيت أنا مختبئا وراء دفة البيت أتابع ما يجري ويدور لأخي ، فقد وضعوا المسكين على كرسي صغير بعد ما رفعوا رجليه إلى السماء وهو حائر لا يعرف سر هده المداعبة الغريبة لمركزه الحساس ، أخرج الفقيه مقصا كبيرا من محفظته و قال له بخبث : أنظر فوق هناك طائر و ما إن رفع أخي بصره إلى السماء ، سمعت صك المقص وبعدها صرخة مدوية أطلقها أخي و هو يبكي و ينوح و يسب الفقيه بكلام نابي للغاية ضحك له الحضور ، وعندما تأكدت من أن المسألة جدية بل صعبة ، و مكلفة للغاية ، لا أخفيكم جبني هربت لأجد نفسي بدون شعور في غرفة النوم مختبئا تحت سرير نوم الوالدين .كانت أطرافي ترتجف و قلبي الصغير يخفق بشدة وكأني به يريد الخروج من تحت إبطي ، ومن الصدف المسلية التي لازلت أذكرها أنني وجدت أطباقا من الحلوى و الفاكهة أعدت خصيصا لهده المناسبة ترنح معي تحت السرير فبدأت اقضم ما لد منها و طاب من هنا و هناك فادا كان لا بد من المقص ولا مناص منه ، المهم الواحد ينتهز الفرصة على الأقل حتى يواجه ضربة المقص و هو شبعان .
بقيت و أنا مسمر تحت السرير على هده الحالة طيلة ساعتين ، و الكل يبحث عني أستمع إليهم ينادونني باسمي و يصرخون عسى أن أرد لكن بقيت ساكتا محتسبا مفضلا الفرار بجلدتي . حتى أنهم فتشوا عني المنازل المجاورة بعد ما يئسوا من عملية البحت داخل البيت إلى غاية ما دخلت خالتي إلى الغرفة لجلب الحلوى التي كانت مخبئة تحت السرير للمدعوين وهي تطل برأسها تحت السرير عثرت علي بالصدفة ، لتبلغ عني بسرعة فائقة ، وما هي إلا تواني حتى سحبوني من رجلي بقوة و أنا أقاوم و أنتفض وقادوني تحت الإكراه العمدي إلى أن أجلسوني بين يدي القصاص الماكر... شهر المقص في وجهي ، و قال لي : أنظر فوق هناك طائر. فبقيت تابتا غير مبالي بحيلته أرتجف وعيناي مسمرتين على أسفل بطني ، لأنني رأيت صنيع حيلته الماكرة مع أخي فهوى بمقصه وبكل قوته على جلدتي انهمر الدم و صرخت ، بكيت ، تمرغت في الأرض ، وبعدها مباشرة بدأ الطرب و الرقص. لكن أنا و أخي أدكر أننا بقينا منشورين على السرير نكابد جراحاتنا التي لم تلتئم إلا بعد مرور أسبوعين نتألم حينا و نتسلى أحيانا بحساب المبالغ النقدية التي أهدانا إياها الأحباب و المدعوين . وبعدها وفي كل مرة كنت أقوم فيها بشقاوة أو أرفض الحفظ كان أبي يهددني بإعادة جلب القصاص فكنت أنضبط لأوامره كالمأمور لأنني كنت مغفلا حينها و أعتقد جازما أن الختان يكون اختياريا في كل سنة . و الحمد لله أنه مرة في العمر ..الحلقة القادمة الحب الأول وفلقة المعلم









#هشام_الصميعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مادا يعني أن تكون شابا بالمغرب؟؟
- ميلاد جبهة المعارضة السعودية الديمقراطية
- ما قل و دل من سياسة الرباط
- التلف..زة المغربية في العهد الجديد
- كابوس مرعب
- حكومة عيانة
- أمم متحدة ضد من؟؟
- أخبار غير عادية من المغرب
- غجري أنا في و طني
- أكذوبة العهد الجديد بالمغرب
- نساء و فتاوي عن تحرير الرجل و زواج المسيار
- نداء لكل المثقفين الأحرار
- مناصب شاغرة بالمغرب..مطلوب مفتي سينمائي وممثلين بلحى طويلة
- سيناريو لحكومة أصولية بالمغرب 2007
- الهوامل و الشوامل


المزيد.....




- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...
- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...
- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته
- فرنسا: جدل حول متطلبات اختبار اللغة في قانون الهجرة الجديد
- جثث بالمتاحف.. دعوات لوقف عرض رفات أفارقة جُلب لبريطانيا خلا ...
- المدينة العتيقة بتونس.. معلم تاريخي يتوهج في رمضان


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - هشام الصميعي - ذكريات الشقاوة عندما ختنت و عندما أحببت1/2