عبدالكريم الكيلاني
شاعر وروائي
(Abdulkareem Al Gilany)
الحوار المتمدن-العدد: 7072 - 2021 / 11 / 9 - 16:20
المحور:
الادب والفن
الانسان بطبيعته كائن باحث عن الجديد المبهر مهما كان شكله، أناني وطماع الى أبعد الحدود، يميل الى الاندماج مع من يرسم في مخيلته واقعاً أجمل وأفضل حتى وان شعر بأن الرسام لا يزال يحبو في الصفوف الأولى من مدرسة الرسم.
عندما كنا صغاراً كان واقعنا مختلفاً عن الواقع الحالي، لم نكن نملك هواتف ذكية ولا شبكات عنكبوتية تلتف حول أدمغتنا الصغيرة كأفاعي كوبرا نشيطة تنفث سمومها في عيون وعقول ضحاياها كما يحدث الآن، كنا نجلس لساعات طويلة مع أهالينا نستمع لآبائنا وهم يتنصتون بامعان لجهاز الراديو الذي كان ينقل لنا آخر أخبار العالم البعيد، وأحيانا نقرأ ما استطعنا الحصول عليه من كتب اشتريناها بعد توفير المصروف اليومي الذي كان مخصصاً لنا لشراء احتياجاتنا كصغار ومراهقين.
صديقي الذي يجلس قبالتي في احدى الكافيهات الجميلة يشكو لي من ابنه الذي يقضي النهار والليل سائراً،حافياً في شوارع الانترنيت دون هدى، بالرغم من نصائحه الكثيرة له وتقريعه المستمر وتذكيره بالالتفات لمستقبله وأهمية التركيز على الدراسة والابتعاد عن العبث وبذل جهد أكبر لتصحيح مساره والارتقاء بنتائجه المخيبة في المدرسة.
صديقي يقول وأنا أصغي له :
تعبت وأنا أحاول ابعاده عن اصدقاء السوء وعن تمرده على نفسه، أحيانا أجزم بأن عصام ( ابنه) فارغ العقل بالرغم من مجادلته لي في المواضيع السياسية والاجتماعية التي يقرؤها على النت فهو يشطح دائماً بعيداً عن المنطق وكأنه في عالم آخر، وأحياناً أخاف عليه من انطوائيته المفرطة وعدم جلوسه معنا لأيام طويلة.
أحياناً أشعر بأن فمه الصغير يسيل كذباً دون توقف وكأنه لا يدري بأنني أعرف بأن تبريراته واهية أو يدري بأنه يكذب ولا يدري بأنني أتألم من كذباته المستمرة، تصوّر بأن عصام يستمع لنصائح أصدقاء السوء ولا يأبه لنصائحي ودائما هو الخاسر لكنه لا يتْعظ ولا يتوب.
تخيلتُ بأن ابن الوردي هو الذي جالس بدلاً مني مع ابو عصام الآن وهو يردد :
انما الورد من الشوك ولا ينبت النرجس الا من بصل
لكني صمت عن الكلام.
لم استطع مساعدة صديقي هذا في محنته ربما لأني أشعر بأن كل ماحولنا ذاهب الى العبثية ( كمقالي هذا ) والسطحية واللامبالاة والفوضى واللا منطق.
عبدالكريم الگيلاني
9/11/202
#عبدالكريم_الكيلاني (هاشتاغ)
Abdulkareem_Al_Gilany#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟