صلاح زنكنه
الحوار المتمدن-العدد: 7071 - 2021 / 11 / 8 - 00:12
المحور:
الادب والفن
الثقافة كمفهوم اصطلاحي تشتمل على السياسة والاقتصـاد والاجتماع والدين والاناسة, وضمن هذا الاعتبار فالسياسـة التي هي فن التدبير وفعل الممكن والاحاطة بالأشـياء, هـي فرع من شجرة الثقافة, فالمثقف سياسي بشكل أو بآخر, كونه صاحب خطاب وموقف وجمهور نخبوي, لكـن السياسـي ليس دائما مثقفا, وهنا تكمن الطامة الكبرى.
الثقافة تنبثق وتنمو في رحم الواقع والمحيط والبيئة, وتستند الى الفكر والنظرية والبحث والتقصي والمقارنة والاستنتاج, مشروعها الإنسان والوجود والحياة, بينما السياسة تعتـاش على الثقافة, لتدجنها وتوظفها لصالح برامجـها, وتسـتهلكها لغاياتها القصيرة المدى والبعيدة الأمد.
الثقافي رؤيوي جمالي مستقبلي شـفاف, بينمـا السياسـي بصري كمالي آني صلد, الثقافة تتداخل مع السياسة وتتضافر معها, السيامة تتقـاطع مع الثقافة وتنفر منها, المثقف يرصد وينظر ويشرع ويرسم, والسياسي يلتقط ويفعل وينفذ ويطبق ولهذا يركن المثقف خلف الكواليـس, ليتقـدم السياسي الى الواجهة, كون الأول يحلم, والثـانـي يقـرر, لأن الثقافة منفعة ومتعة, والسياسة جنـي المنفعـة وصناعـة المعضلة.
المثقف أعزل إلا من أفكـاره وأحلامـه ورؤاه, والسياسـي مسلح بكل ما يوفره له المجتمع من عدة وعتاد وسلطة, ليكـون الآمر الناهي المطاع, والنتيجة كتحصيل حاصل هي تبعـية المثقف للسياسي, حتى بات بعضهم تابعا ذليلا يجتر خطـاب السياسي ويعيد صياغته, والسياسي متبوعا مطاعا يملي على المثقف اشتراطاته, وفق ما يخدم عقيدته ومصالحه, وهذا ما افرزته الأحداث والمستجدات الأخيرة في الوقع العراقي والراهـن, وتغييب دور المثقف الحقيقي وتهميش فاعليـته وعدم واشراكه في رسم صورة ومستقبل بلده الذي هو أول المعينين به.
ها هو المثقف يتأمل ويرقب ويكتـوي بحرقـة, وهـا هـو السياسي يدعي ويطنطن ويفسد في الأرض, والعربات الفارغة دائما أكثر ضجيجا, ولأن السياسـة جعجعة في أكثر الأحيان والثقافة طحين أحيانا, ولكل هذا وذاك اقصـى المثقف عن صناعة القرار حتى اشعار آخر.
...
جريدة الأنباء 23 / 11 / 2003
عمودي الأسبوعي الثابت (على حافة الثقافة)
#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟