|
استغلال المشاعر والشعائر في المناسبات الدينية سياسيأ وطائفياً
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1653 - 2006 / 8 / 25 - 11:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من المرجح أن يزداد الطلب على تحشيد اكبر عدد من المواطنين في المناسبات الدينية كما هو حاصل اليوم وان كانوا الضحايا بعشرات الآلاف فالمهم التنافس على كسب المشاعر عند المؤمنين من قبل العديد من الأحزاب الدينية السياسية قائم على قدم وساق ويعتبر هذا الكسب الوقتي قضية مهمة لإظهار القوة والتنافس والقدرة على قيادة الناس بدون الشعور بمسؤولية هذا التوجه الخطر، البعض من القوى السياسية الدينية تستغل المناسبات والشعائر الدينية لضخ النفس الطائفي وقد تجلى ذلك في مناسبات عديدة بدون اخذ الاعتبار للظروف الأمنية السيئة والظروف المعيشية والاقتصادية المتردية وبما أن الأمر مفيد للتأييد والتظاهر بالسيطرة على الشارع وإظهار القوة فلا بأس أن تنسى هذه التنظيمات والبعض من زعمائها واجبها الأساسي في زيادة اللحمة بين المواطنين وإبعاد عنهم أخطار التفجيرات والمفخخات والقتل الإرهابي بل المهم في القضية زيادة الشقاق والنفاق والفرقة من اجل قيادة المواطنين وإبعادهم حتى عن التفكير السليم بمخاطر هذه التفرقة والتنابز والحقد الطائفي، وكل مناسبة تمر يزداد التحشيد ودفع الآلاف من هؤلاء تحت شعارات ودعوات تحريضية تبث في السر والعلن وفي كل مرة تتجدد أساليب القتل والتفجير والضحايا هم المواطنين الأبرياء الذين يُزَجون بسبب استغلال مشاعرهم لثبيت مفهوم القوة والتحدي أمام الجانب الأخر من معادلة المحاصصة الطائفية فتكمن في التحرك المضاد بالاتجاه نحو دور العبادة والتحريض بطرق مختلفة الذي تصاعد مؤخراً وانفلت من عقاله بتطرف ليس له مثيل، وإذا نظرنا إلى أكثرية الخطابات السياسية الدينية لهؤلاء فسوف نجد في مقدمتها موضوعة شماعة الاحتلال إلا أن الفعل الحقيقي لإخراج هذه الاحتلال يأتي عبر قتل العراقيين ووفق الأسلوب الامثل، فجانب الإرهاب يتخذ من التفجيرات والتفخيخات والعبوات الناسفة والهاونات والقتل في المقابل تنشط المليشيات بفروعها فرق الموت واستغلال المؤسسات الأمنية لتمارس الدور الذي تمارسه الجهات الإرهابية وفي هذا المعنى يدفع المواطنون ضريبة هذا الصراع الحزبي الطائفي باتجاه إفهام العراقيين وغير العراقيين وكأنها حرب طائفية بينما والحقيقة هو صراع وتحارب بين القوى الدينية السياسية الطائفية والتكفيرية . وكما نرى فان المناسبات الدينية المعروفة ازدادت بشكل مثير وأخذت تمارس فيها طقوس غريبة عنا وعن تقاليدنا وكأنها مستوردة من دولة أخرى، وكما هو منذ نعومة أظافرنا كنا نشاهد هذه المناسبات والشعائر بشكلها الطبيعي وفي وقتها المحدد أما أن تتخذ أشكالاً عجيبة بطريقة تدعو للتسأل لغرابتها فذلك يعني أن الأهداف الكامنة من خلفها مخطط لها ولا نعرف كيف يمكن أن يتوجه مئات الآلاف تاركين أعمالهم ووظائفهم وقضاياهم لإحياء ذكرى كنا نحيها سابقاً وقبل أن يمنعها النظام الشمولي بالقوة لأهداف حزبية ووفق عقلية قومية متطرفة وليست طائفية بشكل يجسد وقوفنا إلى جانب الحق وضد الباطل ومن أجل تحقيق العدالة وضد الظلم والطغيان وجبروت أولئك الذين استغلوا الدين والدولة في حججهم لتصفية معارضيهم الذين كانوا يطالبون بالعدل وكنا مثلاً نأخذ من أيام عاشوراء واستشهاد الحسين (ع ) كمثال لتعرية الحكومات والظلم والإرهاب ونحاول أن نحشد اكبر عدداً من جماهير شعبنا للمشاركة في الصراع الدائر وبالضد من تلك القوى التي كانت تستغل وتنهب وترهب بواسطة الأجهزة القمعية أما " ميلاد أو استشهاد احد الأمة أو العلماء " فكانت المراسيم التي تعقد أكثر عقلانية ولا يوجد فيها أي تطرف أو دعاية طائفية فهل من المعقول أن تغلق العاصمة وتمنع وسائط النقل لمدة ثلاثة أيام أمام الدعوة لإحياء استشهاد الأمام موسى الكاظم (ع ) بهذا القدر من الناس الكبير بدون التفكير بمصلحتهم وحياتهم ووضعهم وهم يقبلون زرافات زرافات تحت مخاطر جمة تترصدهم وتحاك ضدهم من قبل العديد من المجموعات الإرهابية والمليشيات المسلحة التي قدرت بحوالي (20) مليشيا، وكل من له مصلحة في تأجيج الأحقاد الطائفية واستمرار الاضطرابات الأمنية، ومع كل الاحتياطيات والتدابير الأمنية فقد كان المواطنون تحت وابل من النيران والرصاص فاستشهد عدد غير قليل وأصيب من أصيب وخرج بعدها البعض من زعماء هذه الدعوات ليعلنوا الشهادة والتعويض مثلما فعل السيد الجعفري وغيره وليضعوا اللوم على التكفيرين ويحلو للبعض اتهام الطائفة الأخرى جميعها بهذا العمل الدنئ بدون محاسبة أنفسهم باعتبارهم المسؤولين الأوائل عن هذه المجازر بدعوتهم للناس ترك أعمالهم وأماكن معيشتهم ووظائفهم وزجهم في أتون النار والدم والمشي أو الركض أو الزحف إلى الأماكن المقدسة وتعريض حياتهم للمخاطر التي أصبحت معروفة حتى للرضع الصغار، ولنا في تجارب سابقة خير برهان وفي مقدمتها ضحايا جسر الأئمة. قد يتصور البعض أننا ضد هذه المناسبات الدينية المختلفة وهو تصور خاطئ جملة وتفصيلاً فنحن نريد إحياء هذه المناسبات على أساس المكانة الرفيعة لمعنى التضحية بالنفس من اجل الغير وفي سبيل الحق وبالضد من الباطل لا من اجل استغلال مشاعر الناس وهذه الشعائر بهدف سياسي طائفي وكسب حزبي، بل العكس جعلها مناسبات لتقوية اللحمة بين المواطنين وعدم تكريسها بغرض التشويش وإظهار الطائفة الثانية وكأنها ضدها وهو هدف خطير تكمن عواقبه في تفتيت النسيج الاجتماعي للمجتمع وللعائلات العراقية المتداخلة مع بعضها، خطورته تكمن أيضاً في خلق مناخ مناسب لزيادة الإرهاب وانفلات المليشيات المسلحة وفرق الموت والعصابات المنظمة وفقدان الثقة.
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المحاكمة الثانية لصدام حسين وجريمة الأنفال البشعة
-
هل انكفأت العقلية العدوانية بعد أن وضعت الحرب أوزارها؟
-
الدعوة إلى تشكيل اللجان الشعبية هذه المرة لحل معضلة الاضطراب
...
-
نزيف العقول العلمية العراقية وخسارة العراق
-
لنتفق ولكن أولاً على عدوانية حكام إسرائيل وأطماعهم التوسعية
-
الفدرالية الطائفية طريقاً يؤدي للحرب الأهلية وتقسيم العراق
-
تساؤلات عن انجلاء الموقف والمواقف قبل وبعد مجزرة قانا الثاني
...
-
العدالة الاجتماعية في برنامج الحزب الشيوعي العراقي ارتباطاً
...
-
البرلمان العراقي وتداعيات المحاصصة الطائفية والقومية
-
الفساد المالي امتنع عن فتح مركز إنتخابي في النرويج لآلاف الع
...
-
عنجهية العقلية الإسرائيلية وعمى الألوان لدى البعض ممن يكتبون
...
-
كرامة الصحافيون وحرية الصحافة تكمن في الفهم الحقيقي للديمقرا
...
-
لن تستطيع إسرائيل إنجاح المشروع السياسي المعد للبنان والمنطق
...
-
ثورة 14 تموز ما بين مفهوم الثورة والانقلاب العسكري
-
الإرهاب والمليشيات وانفلات الأمن طريقاً للحرب الطائفية الأهل
...
-
اختلاف دروب الجريمة والمجرمون هم أنفسهم
-
خطة أمن بغداد ومبادرة المصالحة الوطنية
-
الفيدرالية لإقليم كردستان ولكن أية فيدرالية
-
مغزى تعزيز العلاقة التاريخية بين العراق وسوريا عن طريق الحوا
...
-
تدقيق اتهام سوريا واكتشاف شبكة إرهابية مرتبطة بالموساد الاسر
...
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|