|
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة 14
محمد نور الدين بن خديجة
الحوار المتمدن-العدد: 7070 - 2021 / 11 / 7 - 01:33
المحور:
الادب والفن
ــــ جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ـــ التماعة 14
ــــ دونكيشوط ومعركة قطع التيار الكهربائي الصغرى .. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
... في التسعينات بداياتها ...أصبحت أعاني العطالة بعد حصولي على الإجازة في الآداب العربية سنة 1990 ... في تلك الأثناء الكلية أعادت وهجها الطلابي بشكل مبهر ... نقاشات نقابية وسياسية متطورة وأنشطة ثقافية وفنية ... وكان القاعديون يمثلون الأغلبية بين الفصائل الطلابية التقدمية .. كما كانت لهم حماهيرية ملفتة للانتباه ... وكان بالامكان أن يدفعوا بالنهوض النقابي العارم نحو إعادة هيكلة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ورفع الحظر العملي عنه لولا الانقسامات والتكتلات داخله واختلاف وجهات النظر في تدبير المرحلة .. سيزيد الأمر تعقيدا سقوط الاتحاد السوفييتي والمحور الداسر جوله ... كما أن حرب الخليج ألقت بظلالها على المشهد بالاضافة لقبول منظمة التحرير الفلسطينية بتطبيع السلام مع إسرائيل ... كل هذا سيعقد الأمر كثيرا في قراءات هذه التحولات وكيفية التعامل معها في وضع متحول ... لم أفك الارتباط بالكلية ولا بالرفاق القاعديين ... فكانت يومياتي تتم مابين الكلية وبيوتات الطلبة القاعديين بالداوديات خاصة .. وجمعية الحياة المسرحية مساءا في الغالب .. ثم بورشة الوالد أحيانا ... ففي أواخر السبعينات شغل أبي آلات لسبك المعادن التي يعمل عليها الصناع التقليديون في صنع الخناجر أو السيوف او الخواتم والدماليج وغيرها ... فطان أغلب صناع المدينة يحجون لمحل الوالد وكانت المنافسة في هذا الميدان بين الوالد وأحد اليهود بحي الملاح ... بل أن الوالد كان يأتيه الصناع من كل نواحي مراكش ... وكنت أساعده أحيانا لأستقر في الأخير في الورشة ... وكان عملا مضنيا خاصة حين تتكاثر طلبيات الصناع .. مع العلم أن هناك مساعد كان يشتغل مع الوالد مند الطفولة ... في السوق مسرح آخر يموج ويهيج بشكل دائم ... حكايات وطرائف يستدعيها الموقف واللحظة ... شخوص تبز شخوصا في السخرية ونسج الكلام و ــ ضريب المعنى بالفصيح المراكشي ـــ كما يقال ... مسرح حي يشخص في الكدح اليومي والذؤوب لهؤلاء الصناع الذين يجعلون حتى الموقف المحزن مضحكا .. نشتغل على قدم وساق حول العرض المسرحي ـــ يا مد البحر متى تأتي ـــ نشارك به في ملتقيات وأيام ثقافية تنظمها جمعيات خارج مراكش بتحناوت وزاكورة وورزازات ... كما سيستدعينا الاتحاد المغربي للشغل بالقنيطرة لتقديم هذا العرض للطبقة العاملة ... سنشد الرحال إلى هناك سيستقبلنا بمنزله أحد الرفاق اللنقابيين .. وفي المساء اي السابعة او الثامنة سيبدأ الحفل بمقر النقابة لكن سنفاجأ بأن الحفل منظم في إطار الاحتفال بعيد العرش ... وبدون مقدمات تجمع كل الأعضاء في نقاش سريع وكان القرار عطم المشاركة لأن الرسالة التي توصلنا بها لم تتضمن هذا المعطى سننادي على الرفاق الديمقراطيين بالنقابة ونخبرهم بموقفنا .. سيخبروننا أنهم كذلك فوجئوا بهذا الأمر ... وقالوا بأن جهات رجعية داخل النقابة هي التي تصرفت بشكل غير مسؤول وغير تنظيمي . المهم اخبرناهم موقفنا ... وجماهير العمال تنتظر ... وبعد مايناهز النصف ساعة سيأتي محموعة من أعضاء النقابة ويزيلون الإعلان الذي أشير فيه لمشاركتنا في هذا الاحتفال الرسمي .... ينطلق العرض والمتابعة اليقظة والنتيهة بادية على الوجوه ....لحظة ينقطع التيار الكهربائي ويعم الظلام .... بسرعة البديهة يرتجل الممثل القدير عبد القادر منير حوارا فرديا دالا لم أعد أتذكر محتواه لكن أتى في صميم شخصيته ـــ دونكيشوط ـــ الحالم المصارع في معزل عن الجماهير ..... الرفيق لحسن الفرساوي وكعادته في علاقته بالانارة كان قد تعرف على قاعات النقابة وخبر ما يتعلق بالكهرباء فيها ...ركض بسرعة إلى مكان الموصل الكهربائي حيث وجد الموصل منزوعا من مكانه فأعاده واشتعلت الإنارة زجلس بقربها حارسا لايتزحزح .... ذاك لحسن الفنان التشكيلي من بال يوما على محطة كهرباء وقال أنها مؤسسة نظام على عادته الساخرة ... هاهو يحرس ضوء الطبقة العاملة من أن يعبث بها عابث من خفافيش الظلام . تحمس الممثلون أكثر جراء هذا الموقف فكان الأداء مبهرا : عبد القادر منير ـــ دون كيشوط ـــ الحبيب أمساي ـــ سانشو ــ وأبو جمال وحسن مجدي وعبد الله الدراوكي ورشيد البوهي في ادوار مختلفة ... بعد هذا العرض سيستدعينا عمال الماء والكهرباء لعرض ثان بناديهم في ليلة ثانية ...وكذلك كان الأمر ... وتم العمل بنجاح رغم كيد الكائدين . إن عملية إطفاء الكهرباء ستتم مرة أخرى في أحد عروضنا بتحناوت وهي قرية أمازيغية بضواحي مراكش . . سنعرض هناك بدار الشباب .... وأثناء العرض سينقطع التيار الكهربائي مرة أخرى ويعم الظلام وسيجده عبد القادر منير نفسه في نفس الموقف ويرتجل مرة أخرى بشكل طريف وأخاذ ... سيسرع أحد شباب القرية باستقدام قنينات غاز تستعمل في الإضاءة كما كان شا ئعا في القرى والبوادي ... حيث أصبحت تعوض المصابيح الانجليزية ـــ لامبة ـــ وتم التحدي مرة أخرى وكانت إضاءة شاملة ولكنها إضاءة تحدي على كل حال ... العجيب هو أنه خشبة المسرح كانت محفرة ... وحين كان عبد القادر يشخص دونكيشوط ممتطيا جواده كان الغبار والأتربة تتطاير حوله فيرتجل مرة أخرى ... في القرى يكون اللقاء حميميا وأكثر شعبية فالأمهات القرويات يحضرن بقوة ويتابعن باهتمام كبير رغم أنهن كلهن أميات ولكن ذكيات ومتفطنات ... وكل مرة في تنقلاتنا نكتشف أهمية المسرح ..ونكتشف بأن المهم الأساس هوأن يدهب المسرحي للناس وأن يجعل مسرحه متنقلا خفيفا كنحلة سائحا متجردا من كل ما يثقله ويعوق مسيره ومحجه في البحث عن الحقيقة في قلوب الناس الكادحين وفي أ.دمغتهم ادمغتهم التي تطرح السؤال الحراق لماذا كتب علينا الشقاء والعذاب في حين آخرون ينعمون بالنعيم بدون أي مجهود يقدمونه ؟... ذاك هوالمسرح الفقير ..وتلك كانت تجربة لم يتم لها أن تكتمل لعوائق كثيرة ... ربما أن نأتي على ذكرها في التماعات قادمة ... في هذه التنقلات سنكتشف دونكيشوطيتنا في أعماق ذواتنا كشباب مثقف مثقل بالنظريات أكثر بعدا وفي اغتراب مهول عن المعنيين الحقيقيين بالتغيير ... الطبقة العاملة والفلاحين المعدين في البوادي والمداشر والقرى ... تلك أسئلة حراقة بقيت في البال ولم تفعل اعلى أرض الواقع لأسباب كثيرة في جزء منها نخبوية المثقف والفنان أصلا ..ثم قمع السلطة وابعاد أي فن يعمل على تنوير الكادحين المعنيين بالأمر ... أكنا حالمين أكثر من اللزوم ... أكنا دونكيشوطيون ولم نعر الأمر انتباها ؟؟؟؟؟؟...... في بداية الألفين سيعاد ظرح السؤال بالحاح بورزازات بمدشر تابونت مع الفنانة القديرة كنزة فريدو ... وتلك حكاية أخرى سيستدعيها حسن المقال لما يتطلبه مايوافق المقام .
ــــ محمد نور الدين بن خديجة 6 نونبر 2021 المغرب ــــ يتبع ...
#محمد_نور_الدين_بن_خديجة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة 13
-
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة 12
-
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة11
-
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة 10
-
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة 9
-
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة 8 تتمة
-
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة 8
-
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة 7
-
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة 6
-
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة 5
-
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة 4
-
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة 3
-
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة 2
-
جمعية الحياة المسرحية مدرستنا الأولى ... التماعة 1
-
خبرني العصفور ..
-
إلا قيل سلاما سلاما
-
والشعراء يتبعهم ...
-
افتح بابا بعد باب ..
-
وتجيب الريح ...
-
جرفك العالي !!...
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|