|
قرأت لكم : مقاربة أسس الشرعية
عبد العاطي جميل
الحوار المتمدن-العدد: 7070 - 2021 / 11 / 7 - 01:12
المحور:
الادب والفن
قرأت لكم : من كتاب مقاربة أسس الشرعية في النظام السياسي المغربي للباحثة والشاعرة المغربية هند عروب ... مع محبتي الشعرية ............................................................................... خلاصة عامة : النظام السياسي المغربي ، شرعية أم شرعنة ؟ ............... .................................................... إلهي ، ديني ، مقدس ، تاريخي ، شرف ، راع ، رعية ، رقابة ، إكراه ، تملك ، قوانين صورية ... سمات مندغمة في شرايين النظام السياسي المغربي تعكسها مرآة المسرحة السياسية ، التي تجعل من الحاكم البطل المطلق في المشهد السياسي والبقية عرائس يحركها هذا البطل المحوري ، قلنا إن هذه السمات تنعكس في الواقع السياسي المغربي ، الذي لا يعدو أن يكون مجرد مشهد عرائسي ، كملامح استبدادية شرقية تلك الملامح جردها وبحثها karl wittfogel في كتابه le despotisme oriental حيث خلص إلى ( أن الأنظمة الاستبدادية ــ الشرقية تتسم بالغياب الكلي لفعل الرقابة الاجتماعية الفعالة ، ولا يوجد مركز قادر على إخضاع السلطة المطلقة للرقابة وتحجيمها ، ووجود دساتير لا يعني حضور الرقابة الدستورية ولا الالتزام بمتضمنات الدستور ذاته أو أن تنحد سلطة النظام عند المتاح به وفق المساطر الدستورية ) +1 فهذه الأنظمة الذي ينتمي إلى قائمتها النظام المغربي تركن إلى الميثولوجيا والدين والتاريخ والمقدس والعنف ... لتبرر وجودها وإطلاقية سلطتها ، فتجعل من هذه العناصر التبريرية أسسا لتأسيس شرعيتها التي هي في حقيقة الأمر شرعنة معدة لتصدق من قبل أولئك الخاضعين لهذه السلطة التقليدية المشخصة حسب التصنيف الفيبري . فالشرعنة كمجموع إجراءات تجعل من وجود السلطة القهرية سلطة مرغوبا فيها ، تدفع الآخرين لإدراكها كضرورة اجتماعية وكخير عام +2 ، انطلاقا من " مسلسل الشرعنة " processus de légitimation " " الذي يبدأ " بمدخل " Input " مشرعن ( مقدس ــ رموز ــ إلهي ... ) وينتهي ب " مخرج " " Out put " شرعي من حيث هيأته ( مؤسسات تغليفية ــ قوانين صورية ... دساتير غير فاعلة ... ) . فما ترومه الشرعنة يكمن أساسا في " الاعتراف بشرعية السيطرة وإخفاء علاقات القوة الكامنة في أعماق هذه الشرعية + 3 ، وأيضا تولد " الشرعية " من قبل النظام المتسيد ، فالنظام المغربي وتحديدا المؤسسة الملكية تولد شرعناتها وتبثها ثم تعود لاستقبالها وكأنها شرعية مكتسبة ، والحقيقة أن هذا الاختلاق والوهم جزء من عملية التسييج والتحصين من أجل الاستمرار . إن الأمر هنا يحيل على العمليات الحادثة في مجال " السحر " والمسجلة لنجاعة فائقة ورهيبة في التأثير على المسحورين . يكتب ليفي شتراوس في " الأنتروبولوجيا البنيوية " أن ( نجوع السحر ينطوي في الوقت نفسه على الاعتقاد بالسحر وظهوره بثلاثة مظاهر متممة : اعتقاد الساحر بنجوع تقنياته ، ثم اعتقاد المريض الذي يعالجه أو الضحية التي يعذبها الساحر نفسه ، وأخيرا ثقة الرأي الجماعي ومقتضياته التي تشكل نوعا من حقل جاذبية تتحدد داخله علاقات الساحر بالذين يسحرهم وتحتل مكانها فيها ) + 4 . وبذلك تسجل التماثلية بين البنية الاعتقادية للسلطة وبنية السحر ، تماثلية نابعة من اعتقاد تشرعه مجموع الرغبات والحاجيات التي لا يستطيع الناس توفيرها بذواتهم ، متضارعة في لبس عجيب مع مجموع الميزات التي للمتنفذ + 5 . وهكذا كما في السحر تتأكد السلطة متخفية في عملية أسطورية كوسمولوجية ، ضخمة ، حيث تتدخل الأرواح والآلهة لتأكيد مصداقية وقوة إقناع الأوامر والممنوعات + 6 ، وحيث يتم استثمار الأعراف والطقوس والاحتفالات إلى جانب الإكراه والقسر حتى تتمكن السلطة من الاستمرار وتجديد دورها في المجتمع ، فهي تستخدم جملة من الرموز المعبرة عن وجهها " الماسخ الممسوخ " حسب توصيف هنري لوفيفر ، وذلك في معرض بحثها عن الوحدة الداخلية للجماعة وفي التصدي للمخاطر الخارجية القائمة والمحتملة . ولقد أجمل جورج بالاندية خصائص السلطة ــ خاصة التقليدية ــ في المحافظة واللاتساوق والقداسة واللبس + 7 . وكل هذا من أجل التعالي الرمزي والسياسي للحاكم وضمان ديمومته وتأمينها . وهو الهاجس الذي سجلنا حضوره الجاثم في نفسية النظام السياسي المغربي ذي الطبيعة الباتريمونيالية المجددة عبر متغيرات دائمة للاستمرارية " المشهد العرائسي " وأيضا ذهنيته وأفعاله وخطاباته وتحركاته ... الأمر الذي يفسر غياب الفعل العقلاني ــ المؤسساتي لطغيان الطابع الشخصاني للنظام ، وحق مساءلة الحاكم وكذا انعدام المشاركة الشعبية الفعلية في الحياة السياسية خاصة على صعيد الأسس المشكلة ل " شرعية " النظام ، لتصنف الجماهير / الرعايا ضمن أملاك الراعي الذي يتموقع فوق الجميع وخارج دوائر المنافسة والمشاركة والمحاسبة . والسلطة الرعوية الواحدية التي تمثل الملكية المغربية إحدى نماذجها لا تقبل ذاتها إلا متسيدة في إطلاق ومتفردة ومنفردة بالحكم ، فغاياتها ومآربها لا تتفق وفكرة المشاركة الشعبية ولا أن تكون السيادة الشعبية ممتح وجودها وأس شرعيتها . يؤكد ذلك الحسن الثاني الذي عبر بوضوح وصراحة جليين عن منطق الملكية المغربية وتصوراتها حول ذاتها ومهمتها بقوله : ( ففي بلدنا لكي يستطيع الشعب أن يعيش ولكي تكون الدولة محكومة ، يجب أن يعمل الملك وأن يأخذ بين يديه سلطاته ، ويتحمل مسؤولياته ... ) + 8 . ويستنتج روسو في عقده الاجتماعي أن ( الملوك يرغبون أن يحكموا حكما مطلقا ، وينبههم صوت عميق بأن أفضل وسيلة لأن يكون كذلك هي اكتساب محبة شعوبهم ، هذا المبدأ جميل جدا بل وصحيح جدا من بعض الوجوه . إلا أنه مع الأسف مثار سخرية دائما في بلاط الملوك . ( ... ) إذ أن مصلحتهم الشخصية هي أولا في أن يكون الشعب ضعيفا بائسا وأن لا يكون الشعب في وسعه أبدا مقاومته ) + 9 . وقد نجح النظام السياسي في الإبقاء على الرعية بائسة ، عاجزة لا تفقه أهميتها ولا الدور الذي ينبغي أن تقوم به لتحقيق عملية قلب تاريخي على وضعيتها كرعية مقهورة ومضطهدة لتصير مجموع كيانات إنسانية متآلفة بحس المواطنة والتماسك والتواصل الاجتماعيين ، تعبر عن وجودها بإرادة ، وتبادر بحرية ، تفعل في الحقل السياسي باختيارية وعن وعي ، وتراقب كما تراقب ... ، مفاهيم تؤسس بحق شرعية ذات بنيان قوي وقويم ، وتؤمن الأنظمة من التآكل والاهتراء أو الموت والانمحاء وتضمن ديمومتها على أسس واضحة منفتحة وعقلانية ، لا لبس فيها ولا أساطير ولا سماوات ... ، فاليقين أن لا شيء أبدي لا الخنوع ولا الرعب ، ولا الاستبداد ولا القهر . وما معول الهدم والبناء ، هدم الأنساق التقليدية للسلطة واقتلاع الخوف الذي زرعته الاستبدادية والقهرية من سيكولوجية الجماهير ، ثم بناء سرح التغيير ، إلا بوعي وحرية وثورة وساعد مجدد ثوري ، وأوردة التضحيات والتفاني وروح المساواة في الآلام والآمال وفرص العيش ، ف ( التجديد لا يمكن أن يكون إلا على أسس ثورية أو لا يكون ) + 10 . ( ص 334 / ص 338 ) . ................................................................................ + 1 130 --ــKarl Wittfogel Le despotisme oriental op 128 + 2 Jacques lagroye la ligitimation op cit p 402 -- + 3 ـــ jacques sallois et Michel Cretin Le role social des hauts fonctionnaires in Nicolas poulantzas La crise de L etat op cit p 242 + 4 ــ ليفي شتراوس ، الأنتروبولوجية البنيوية ، ترجمة مصطفى صالح ، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي ، دمشق 1977 ص : 200 ــ 201 . + 5 ــ عبد العزيز العيادي ، ميشال فوكو : المعرفة والسلطة ، دار الأمان 1994 ، ص 46 . + 6 ــ Edgar Morin Le paradigme perdu Ed Seuil 1973 p : 182 + بالاستناد إلى المرجع السابق ، ص : 46 . + 7 ــ عبد العزيز العيادي ، ميشال فوكو ... م . س . ذ . ص : 47 ( بتصرف ) . + 8 ــ الحسن اا ، التحدي ، ص : 242 . + 9 ــ جون جاك روسو، في العقد الاجتماعي ، م . س . . ذ . ص : 63 . + 10 ــ عبد الله إبراهيم ، الإسلام في آفاق ألفين ، مطبعة النجاح الجديدة ، ط اا ، 2004 ص : 19 . ...................................................................................................................
#عبد_العاطي_جميل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إملاءات بأخطائها الحسنى
-
مسودات مصيف 2021
-
من شرود الحروف
-
من فوضى حب ..
-
لي وجه آخر
-
كأنها مقبرة
-
لم تكوني طريدة
-
من يم الهوى
-
قناص عاشق
-
كأني أنظر
-
مسودة كيانات ...
-
من مسودات كائن افتراضي
-
طارق باب مدينة قديمة
-
قطة وموجة على شط المحيط
-
من سحابة شتاء
-
غرافيكيات أخرى
-
غرافيكيات
-
من رسالة إلى غريكو
-
ربما
-
بوح حزن مباح
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|