أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - خطيئة المرأة غير القابلة للغفران















المزيد.....


خطيئة المرأة غير القابلة للغفران


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7068 - 2021 / 11 / 5 - 15:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


---------------------------------------


رجل تفوح منه رائحة العرق ، أو رجل تفوح منه أرقى العطور، رجل عالى المقام أو رجل بسيط ، رجل على باب الله أو رجل مشهور، رجل يحب رابطات العنق المستوردة ، أو رجل يفتح أزرار قميصه ، رجل وسيم ورشيق ، أو رجل خاصمته الوسامة والرشاقة، رجل إلى كل الأجواء يسافر ، أو رجل كامن فى عقر داره .
رجل يعشق الكونشرتو والسيمفونية والسوناتا فى الموسيقى الغربية ، أو رجل يعشق الطقطوقة والدور والمونولوج فى الموسيقى العربية، رجل يقرأ الكتب أو رجل يقرأ صفحة الوفيات، رجل موهوب أو رجل معدوم الموهبة، رجل يحب السجائر أو رجل ضد التدخين، رجل متخم بالخبرات أو رجل نحيل التجربة، عيون بلون البحر ، أو لون العسل ، أو لون الليل ، رجل بداية القرن الخامس عشر ، أو رجل نهايات القرن الواحد والعشرين .
يتعدد الرجال والقلب واحد ... الجميع يفضلونها " خاضعة " .
أكبر دليل على ذلك ، أن الرجل " المحب " والمرأة " الحرة " ، أمران لا يعيشان لا يعيشان معا ، تحت سقف واحد ، الا اذا كان هذا السقف " خلوة غير شرعية " ،
محرمة ، مجرمة ، معاقبة ، منبوذة . ويلجأ لها الرجل ، لفترة مؤقتة محدودة ، حتى يستقر تحت سقف واحد ، فى " خلوة شرعية " ، تكون الأسرة الأبوية المحمودة ، ونسبها الأبوى المشرف ، نواة المجتمع .
وكلما زاد نصيب المرأة من الحرية ، كلما أسرع الرجل ، فى الهروب ،وكأنها " فيروس" خطير أشد فتكًا من فيروس «كورونا». .
إن العجز الحقيقى للرجل ، ليس فى نقصان القدرة الجنسية، ولكن فى عدم القدرة على حب امرأة حرة التفكير والإرادة والمصير، وفى العجز عن إقامة علاقة مع امرأة ند له أو تفوقه .
إنه عجز تتوارثه الأجيال المتعاقبة من الرجال ، ليصبح مثل «الجينات»، وأصبح مرادفًا لمعنى «الرجولة»، فالرجل الحق هو الذى يرى المرأة الحرة «زائدة» وجودية من الواجب استئصالها، و«الرجولة» الكاملة ، هى النفور من النساء الأحرار ، والتنديد بهن ومحاصرتهن بالشكوك والاتهامات.
تتحرك مشاعر الرجل لامرأة ، لا تحب أن تطيع أحدا ، الا نفسها . ولكنه حين يقرر أن يكمل نصف دينه ، كما يُقال ، يذهب إلى امرأة له عليها الكلمة العليا، وتعتبره الها ، يُعبد ، ويُسجد له .
لا يستطيع الرجل أن يتصور ، كيف يكمل نصف دينه مع امرأة ترى الطاعة " رذيلة " . أو كيف يواجه على الملأ مجتمع الرجال ، بامرأة ضد مجتمع الرجال.
إن تعريف الزواج للرجل هو كيف يعثر على امرأة «مريحة» لا تثير تساؤلات أو مشاكل، امرأة مغمضة العينين ومغمضة الكرامة ومغمضة الوعى ومغمضة الجسد.
أما المرأة الحرة التى تعول نفسها وتعول كرامتها ، فهى «وجع دماغ» يزيد الحياة تعقيدًا وصراعا ، لا داعى لهما.
وإذا ألحّت مشاعر الرجل وطالبت بالمرأة الحرة ، فإنه يساومها إما هو ، أو حريتها، ويشترط عليها إما أن تكون له ، أو أن تكون لحريتها.
قد يغفر الرجل للمرأة الخيانة والذهاب إلى رجل آخر- الطامة الكبرى فى عُرف الأخلاق الذكورية- لكنه لا يغفر لها الذهاب إلى مخدع " الحرية ".
فالحرية للمرأة هى «العشيق» الذى لا يحتمله الرجال، وهى الخطيئة التى تقترفها المرأة فى لحظة طيش ، غير القابلة للغفران.
إذا اختارت المرأة أن تمد يدها وتقطف الثمرة المحرمة ، واسمها «الحرية»، فما عليها إلا أن تدفع الثمن راضية ، وتعيش فى استغناء عن الرجل المحب.
يعود جزء كبير من بقاء وضع المرأة دون تغير كيفى، أو ما نشهده من انتكاسات متكررة، إلى تراجع منْ يسمين أنفسهن نساء أحرارًا ، أو المحسوبات على ذمة الحرية ، عن دفع ثمن الحرية.
عند أول فرصة يظهر فيها الرجل ، فإنهن يقبلن دخول المزاد والمساومة، وينتهى بهن الأمر إلى الخضوع لشروطه فى الحب ، أو فى الزواج.
والغريب أنهن يزددن إصرارًا على أنهن على درب التحرر ولا يتوقفن عن إسداء النصائح لغيرهن من النساء، والأكثر غرابة أنهن يبدأن فى معاداة النساء الصامدات، والهجوم على أفكارهن وتصرفاتهن، ووصفهن بالتطرف أو الشذوذ أو الفهم الخاطئ للحرية ومعطيات الواقع.
وبذلك تتشكل «جبهة تضامن» من رجال يكرهون حرية المرأة ، مع مدّعيات الحرية من النساء ضد كل امرأة لا تتنازل عن حريتها مقابل «رجل».
" ماذا تعنى حرية المرأة ؟ ". سؤال يٌستخدم لتضييع الوقت والجهد ، وسلاح خبيث النوايا ، للتشتيت ، والضرب والنبذ . بكل بساطة أقول ، لمنْ يسأل هذا السؤال ، أن حرية المرأة ، هى أن ترفض " الطاعة " ، الا لعقلها الحر ، وقناعتاتها الفكرية الشخصية ، وطموحها المتفرد ، وتدرك أن الطاعة كلمة مهينة
من ميراث العبودية ، عصر الغاء الانسانية ، وعصر الأسياد والعبيد والجوارى ، وأنها ليست مستعدة لاعادة انتاج هذا العصر .
ان "الطاعة"، بالنسبة إلى النساء، ليست مجرد عنوان" للفضيلة في أسمى معانيها.
لكنها هى التي تمنحهن أصلاً، انتمائهن البيولوجي، إلى جنس النساء . هي "الرخصة"، التي لابد أن تُجدد يومياً، حتى لا يُسحب من المرأة وجودها الإنساني، وتظل "مصنفة"، في خانة "الأنثى". هى معادلة بسيطة يجب الحفاظ عليها ، كلما زادت " طاعة " المرأة ، زادت " أنوثتها " ، كلما زاد " ثمنها " فى سوق الزواج .
أما بالنسبة للرجل ، فلابد أن يكون له شخصية مستقلة ، نابعة من أفكاره ، ومزاجه ، وطباعه ، ليبقى مسجلا ، فى خانة " الذكر " .
المرأة نفسها ، لا تحب الرجل " المطيع " . بل " تزدريه " ، وتتجنبه ، ولا تجدسببا واحدا ، يدفعه الى " الطاعة " ، التى تراها خادشة للرجولة ، معيبة للذكورة ،التى تسقطه من " عينها ". حتى الأطفال فى البيت ، لا يحترمون الأب المطيع ، اليست هذه كارثة أخلاقية ، وانسانية ، وأسرية ، يجب تدميرها ؟؟.
الرجل ، على عكس المرأة ، لابد أن يتحرر من " الطاعة " ، حتى يثبت رجولته. هو لا يطيع الناس ، بل يطيع نفسه . وكلما، تساؤل، وجادل، وناقش، وعارض، وتمرد، وشاغب، وشاكس، يعتبر "بطلاً" ، و "شجاعاً" . بالطبع ، يوجد " خط أحمر " ، لعدم طاعته ، تحدده السلطات السياسية ، والدينية . لكنه على الأقل ، لا يُقذف بالاتهامات ، والادانات ، التى تُقذف بها ، المرأة التى تسأل ، وتجادل ، وتعترض .
فالمرأة التي لا تطيع، إلا عقلها، وعواطفها، ومزاجها ، هى " مريضة " ، مرضاً متأصلاً .. لديها اختلال عقلي .. وارتباك عاطفي .. واضطراب في الهرمونات .. عندها ميول انحرافية ، وعُقد منذ الطفولة . تعانى من تشوش البوصلة البيولوجية .. تكره الرجال .. تكره الحياة .. تكره النساء .. وتكره نفسها .
وهذا كله، يجعلها " منبوذة " ، حتى تزف الى العريس المتاح دائما ، "القبر".
و تصبح مغضوبا عليها ، من الله ، والرسل ، والأنبياء . وتستنكرها الأعراف ، والعادات ، والتقاليد ، ومقررات التعليم ، ونظرات الجيران .
وفى بعض الأحيان ، يجرها بالقوة ، واحد من ذكور العائلة ، لتصبح سجينة احدى المصحات العقلية .
أليس تعبير " بيت الطاعة " يشد المرأة الغير مطيعة ، لزوجها ، رغما عنها ، بقوة البوليس ، وجبروت القانون الذكورى ، وتسلط التقاليد الموروثة ، خير دليل على أن " الطاعة " ، هى " هوية " النساء ؟ .
المفروض ، أن هناك مقياسا واحدا للأخلاق ، يطبق على الرجال ، وعلى النساء . فكما نمتدح الرجل الذى " لا يطيع " . علينا أن نمتدح أيضا ، المرأة التى " لا تطيع " .
استثناء هى المرأة التى تدفع فى كبرياء وشموخ ، ضريبة الحرية وتتحمل البقاء نارًا متأججة . استثناء هى المرأة التى تكمل نصف دينها مع الحرية، وتظل منتجة عاملة مبدعة متألقة ، وسعيدة ومتفلسفة.
واستثناء أيضا ، هو الرجل ، الذى شطب كلمة الطاعة ، من قاموسه الفكرى، والسلوكى ، وينفر من المرأة المطيعة ، التى تعطيه امتيازات الأسياد الفاسدة.
إنها لبطولة صامتة أن تسبح المرأة المكتفية بحريتها ، ضد التيار دون أن تتشكك فى قواها على المقاومة والوصول شامخة إلى شاطئ التفرد.
ماذا يفيد المرأة ، لو كسبت حب العالم وخسرت نفسها ؟ . ماذا ينفع المرأة ، اذا ربحت «رجلًا» يموت ، وخسرت الحرية أبدًا لها الدوام والخلود ؟ .
-------------------------------------------------



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين كل الأشياء ؟ .... ست قصائد
- العجز عن الحب .. أزمة محلية عالمية
- حبيب ليلة الأحد ..... أربع قصائد
- الاساءة الى - سُمعة الوطن - وصاية ارهابية
- رجل فى بيتى لا أتذكره ..... سبع قصائد
- انتقام من وراء الكواليس
- حياتى .. السًفاح الجلاًد .. ثمالة .. وردة قلبى ........ أربع ...
- الى - نوال - امى فى يوم ميلادها 22 أكتوبر
- بدمى أكتب
- ابن الريف وابنة المدينة ....... قصة قصيرة
- اللصوص .. رؤساء التحرير .. أوراق الشجر ثلاث قصائد
- أنعيها .... كأننى أنعى نفسى
- الاثنين 13 أكتوبر 2008 ..... قصيدة
- لم نلتق الا فوق سحابات المنام - قصة قصيرة
- أنا قلبى دليلى قاللى ده أنور وجدى
- الأمومة - المقدسة - مشروطة بانتفاخ بطن المرأة !
- ليس ماذا نأكل ؟ ولكن الثمن الذى ندفعه لنأكل
- الغرور والالتواء والتبرير لنساء يزعمن التنوير
- - غاندى - زعيم ساحر عجيب من أرض السِحر والعجائب
- لا أحب - التفكير العلمى - .. أحب - التفكير العادل -


المزيد.....




- فيديو مراسم ومن استقبل أحمد الشرع عند سلّم الطائرة يثير تفاع ...
- نانسي عجرم وزوجها يحتفلان بعيد ميلاد ابنتهما..-عائلة واحدة إ ...
- -غيّرت قراراتنا في الحرب وجه الشرق الأوسط-.. شاهد ما قاله نت ...
- ماذا نعلم عن الفلسطيني المقتول بالضربة الإسرائيلية في الضفة ...
- باكستان: مقتل 18 جنديا و23 مسلحا في معركة بإقليم بلوشستان
- واشنطن بوست: إسرائيل تبني قواعد عسكرية في المنطقة منزوعة الس ...
- قتلى وجرحى في غارات جوية إسرائيلية في الضفة الغربية
- أحمد الشرع إلى السعودية في أول زيارة له خارج البلاد
- ترامب يشعل حربا تجارية بفرض رسوم تجارية على كندا والمكسيك وا ...
- -الناتو- يطالب ألمانيا بزيادة الإنفاق على الدفاع


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - خطيئة المرأة غير القابلة للغفران