شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 7068 - 2021 / 11 / 5 - 15:32
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
مجموعة كتابة عن البيئة ، جريدة " الثورة " عدد 724 ، 1 نوفمبر 2021
www.revcom.us-en-glasgow-obscenity-how-dare-they-claim-climate-leadership-us-1-culprit-climate-crisis
الولايات المتّحدة أوّل المسؤولين عن أزمة البيئة :
تجتمع حكومات العالم في كلاسغو في قمّتهم العاميّة للبيئة و يجرى هذا في إطار نزاع بين القوى الإمبرياليّة حاد للغاية و تتفاقم حدّته ، رئيسيّا الآن ، بين الولايات و الصين (1) و ثانويّا ، بين الولايات المتّحدة و بلدان مثل روسيا . و هذا جزء من لماذا ما يسمىّ رسميّا ب " المجتمع العالمي " ليس بوسعه التوحّد لمعالجة مشك ارتفاع حرارة الكوكب في ظلّ هذا النظام (2) - فهذا " المجتمع " يعجّ بالنزاعات و تحرّكه مصالح متصادمة . و في حين أنّنا لا نعرف على وجه الضبط ما سيسفر عنه اجتماع كلاسغو ، نعلم من الإتّفاقيّات الماضية مثل باريس ، و من الأهداف الأوّليّة لتقليص إنبعاثات الغاز المطروحة للتدارس بكلاسغو أنّها لن تقترب من ما يحتاجه الكوكب في هه اللحظة التاريخيّة – و قد تقدّم علم المناخ و لدينا معنى أتمّ حجم الأزمة و مداها .
و كجزء من هذا ، هناك أيضا على الأرجح خداع شديد لجبهة " العلاقات العامة " بالولايات المتّحدة و جو بيدن اللذان يدّعيان بصورة تثير الحفيظة " قيادة البيئة ". فمن جهة ، الولايات المتّحدة هي أكبر متسبّب في التغيير البيئي في التاريخ الإنسانيّ ؛ و قد حاولت بصفة متكرّرة أن تخرّب و تعيق الإتفاقيّات العالميّة حول البيئة ومعدّل إنبعاثات الكربون للفرد الواحد في الولايات المتّحدة هي أعلى النسب في العالم و الولايات المتّحدة هي أكبر منتج في العالم للنفط و الغاز . و من الجهة الأخرى ، سيسعى الحزب الديمقراطي إلى تسجيل نقاط ضد منافسيه الإمبرياليّين عبر العالم لتأخير التعاطى مع تغيّر البيئة ! و في الوقت نفسه ، سيناور بيدن للتغطية على هذه التحرّكات الفاسدة و عدم إفتضاحها كثيرا حتّى يحتفظ الديمقراطيّ,ن عبر التضليل بقاعدتهم الإجتماعيّة الخاصة في الولايات المتّحدة وهي تشمل فئات كاملة من الذين هم معنيّون حقّا بمصير البيئة .
و لهذا ، من المهمّ أن يكون لدينا أفق علميّ لما هي المسألة الحقيقيّة – ما المسؤول بصفة غير مناسبة عن إنبعاثات الغاز في الجوّ و ما يرتبط بذلك من ارتفاع حرارة الكوكب – و هكذا كلماتهم و أفعالهم يمكن إخضاعها للتقييم تقييما نقديّا .
و إليكم الصورة الأساسيّة :
حسب المستويات الراهنة ، الصين هي أكبر باعث في العالم لثانى أكسيد الكربون الناجم عن إستخدام الوقود الأحفوريّ و تجد الولايات المتّحدة نفسها في المرتبة الثانية . تبعث الصين في الجوّ ضع ما تبعثه الولايات المتّحدة من ثانى أكسيد الكربون وما يمثّل أحد أهمّ كمّيات الغاز المتسبّب في ارتفاع حرارة الكوكب – 29 بالمائة للصين مقابل 14 بالمائة للولايات المتّحدة .
و الإحصائيّات الأكثر أهمّية بمعنى المسؤوليّة التاريخيّة و العامل الباعث لإرتفاع حرارة الكوكب ، هي تلك الخاصة بالكمّيات المتراكمة من إنبعاثات غاز الإحتباس الحراري منذ الثورة الصناعيّة أواسط القرن الثامن عشر . و هذا حيويّ لأنّه عندما توجد غازات إحتباس حراري في الجوّ ، يبقى بعضها هناك لمئات السنوات .
أوّلا ، الواقع هو أنّ الولايات المتّحدة و المملكة المتّحدة [ بريطانيا ] و أوروبا الغربية كانوا مسؤولين مباشرة عن 52 بالمائة من مجمل إنبعاثات ثانى أكسيد الكربون من 1751 إلى 2016. و الولايات المتّحدة وحدها سجّلت 25 بالمائة من الإنبعاثات المراكمة هذه . و باتالى ، مثلما أشار جامس هنسن وهو عالم مناخ بارز من الذين دقّوا ناقوس الخطر مبكّرا بصدد ارتفاع حرارة العالم ، " الولايات المتّحدة بدرجة أبعد من غيرها مسؤولة أكثر من أيّة أمّة أخرى عن تفاقم ارتفاع حرارة الكوكب " (3).
و وفق موقع أنترنت ، statista.com ، " بعثت الولايات المتّحدة في الجوّ أكثر من 400 مليار طن متري من ثاني أكسيد
الكربون منذ بداية الثورة الصناعيّة - ما يجعل من الولايات المتّحدة أكبر مساهم في إنبعاثات ثانى أكسيد الكربون العالمي، و أكبر من غيرها بكثير . منتجة تقريبا ضَعف حجم الإنبعاثات نسبة للباعث الأكبر الثاني ، الصين " (4) . و مثلما يشير مراسل لموقع الأنترنت إيّاه :
" إلى بدايات القرن العشرين ، كانت أوروبا هي المسؤولة عن معظم إنبعاثات ثانى أكسيد الكربون في المنطقة ، لا سيما المملكة المتّحدة [ بريطانيا ] من حيث إنتشر أوّلا التصنيع . و لم تشرع الولايات المتّحدة إلى أواسط خمسينات القرن التاسع في تسجيل مستويات إنبعاثات عالية مع تحوّل البلاد إلى قوّة من القوى العظمى ".
و إرتفع مستوى الإنبعاثات في الصين على نحو مغاير منذ هزيمة الإشتراكية في 1976 ، و كقوّة رأسماليّة صاعدة بسرعة، " مصانع " الولايات المتّحدة في البلدان الأجنبيّة تنمّى إستهلاك الفحم الحجري كمصدر للطاقة التي هي من الوقود الأحفوري الأكثر تلويثا للجوّ . (5) و كلّ ما تقدّم يدعم أكثر حتّى الحاجة إلى التخلّص من هذا النظام الرأسمالي - الإمبريالي هنا و عبر العالم.
في تضارب حاد مع ذلك ، النصف الأفقر من سكّان العالم – 3.5 مليار نسمة – ليس مسؤولا إلاّ على 10 بالمائة من إنبعاثات الكربون المتراكمة .
و معطى هام آخر هو الإحصائيّات المتعلّقة بالبلدان في إنبعاثات ثانى أكسيد الكربون للفرد الواحد . في كلّ من الإنبعاثات الراهنة للفرد الواحد و الإنبعاثات المراكمة للفرد ، الأرقام المسجّلة الخاصة بالبلدان مثل الصين و الهند أدنى بصفة دراماتيكيّة من تلك لدى الولايات المتّحدة . و مرّة أخرى ، كما يلاحظ ذلك هنسن ، هذا يعنى أنّ الولايات المتّحدة بالتالى مسؤولة من أكبر المسؤولين عن تغيّر المناخ صنيعة البشر ."
و كلّ هذا هام جدّا تذكّره مع تطوّر ندوة كلاسغو و بيدن على المنصة العالميّة يبحث عن ممارسة " قيادة المناخ " بينما يتجنّب الطبيعة و المدى الكاملين للمسؤوليّة التاريخيّة للولايات المتّحدة وهو لا يملك حلولا حقيقية أو تخفيضات مناسبة من الإنبعاثات و في المقابل يشنّ هجوما كاملا على منافسيه الإمبرياليّين من المرجّح أن يكون هدفه الصين . و إدّعاء الولايات المتّحدة " قيادة المناخ " عبثيّ و سخيف و صراحة إجراميّ – على أنّه صحيح في أحد المظاهر الحيويّة ، هو أنّها سبب أساسي في أزمة المناخ و معرقل أساسي لمعالجتها .
هوامش المقال :
1 – في ظلّ قيادة ماو تسى تونغ ، كانت الصين بلدا إشتراكيّا حقيقيّا . لكن عقب وفاة ماو سنة 1976، نظّمت القوى الرأسماليّة إنقلابا عنيفا للإطاحة بالإشتراكيّة و إعادة تركيز الرأسماليّة . و اليوم ، حتّى و إن حافظ حكّام الصين على إسم " الحزب الشيوعي " ، أضحت الصين بشكل تام بلدا رأسماليّا ، و قوّة إمبرياليّة صاعدة . أنظروا مقال ريموند لوتا عنوانه “China s Commemoration of the 100th Anniversary of the Chinese Communist Party: Not the Party of Mao and Revolution... But of Counterrevolution and Capitalism-Imperialism”
على موقع أنترنت revcom.us
[ ملاحظة : هذا المقال لريموند لوتا عرّبه شادي الشماوي و نشره على صفحات الحوار المتمدّن ]
2. See also “50 Years Since Earth Day 1: Reflections on the Catastrophe That Is Capitalism-Imperialism” (originally published for Earth Day 2020) and “Biden’s Climate Summit Chicanery: Poisoning the Planet and Deceiving the People” by Raymond Lotta.
3. Climate Change in a Nutshell: The Gathering Storm,” James Hansen, Dec. 18, 2018.
4. Cumulative carbon dioxide emissions from fossil fuel combustion worldwide from 1750 to 2019, by major country, Statista.com.
5. For a chart of China’s per capita emissions and how the emissions soared after capitalism was -restore-d, see here: https://ourworldindata.org/co2/country/china
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟