أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن مدن - يوم تخلينا عن ابن رشد














المزيد.....


يوم تخلينا عن ابن رشد


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 7068 - 2021 / 11 / 5 - 09:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كي ندرك بعض جذور محنتنا الفكرية والحضارية الراهنة، علينا العودة إلى صفحات من تاريخنا، أقصيت مع سابق الإصرار والتعمد، هي بالذات الصفحات التي كان يمكن أن تمهد لحال من التنوير، الذي لو سلكناه، ما وجدنا أنفسنا في الدرك الأسفل الذي نحن فيه اليوم، بالقياس لما بلغته الأمم الراقية التي استلت من تراثنا هذه الصفحات المضيئة وأحسنت توظيفها في تجديد ذاتها.

حدث ذلك حين أصدر الإمبراطور فريدريدك الثاني أمراً بترجمة مؤلفات ابن رشد، فما انتصف القرن الثالث عشر إلا وأصبحت هذه المؤلفات منقولة من أصلها العربي إلى اللغة اللاتينية. لقد ترافق ذلك مع تحولات اجتماعية واقتصادية كبرى فراجت التجارة وظهرت طبقة من أصحاب الحرف في المدن الأوروبية وانتعشت الآراء التي ترفض الحكومات الثيوقراطية والخضوع إلى روما.

أدرك الإمبراطور أن صون تلك التحولات وتقويتها يستلزمان توفر العدة الفكرية والعقلية لمقاومة التزمت والتعصب، بالإعلاء من دور العقل وحرية التفكير، وأشار عليه مستشاروه بأن يأمر بترجمة ابن رشد فمؤلفاته ستكون خير معين في المعركة الفكرية الناشبة وقتها.

أطلق الأوروبيون على ابن رشد لقب الشارح، قاصدين أنه خير من شرح فلسفة أرسطو ويسَّر انتشارها، لأنه عاد إلى أصولها وحررها مما لحق بها من تشويهات على أيدي من أتوا بعده، ولكن في الاكتفاء بوصف ابن رشد بالشارح غبن للرجل، ذلك أن شروحاته عن أرسطو كما يعرف دارسو الفلسفة الكبار كانت إضافة للتراث الفلسفي الإنساني.

ومع أن محاكم التفتيش تصدت لأطروحات ومريدي ابن رشد من الأوروبيين، لأن السلطات أدركت بغريزتها أن اتجاهاته العقلانية تشكل خطراً على مواقع الاستبداد والتسلط السياسي والفكري، إلا أنه لكون مؤلفاته باتت في متناول أيادي الباحثين والشراح بعد ترجمتها، فإن أوروبا سرعان ما تمثلتها، مستلهمة منها التراث الفلسفي الإغريقي، ومنطلقة منها في معركة التجديد الفكري والحضاري التي حملت أوروبا إلى ما هي عليه اليوم من تقدم وتنظيم وحُسن إدارة للدولة، واحترام لحرية العقل والتفكير، وإعلاء لحقوق الانسان.

لكن نصيب ابن رشد في بيئته العربية الإسلامية كان النقيض، ففضلاً عما تعرض له من اضطهاد ومن حرق لكتبه في حياته ومن ثم نفيه، فإنه جرى تعمد إسقاط اسمه من قبل الرواة الذين أتوا بعده بغية محو تراثه من الذاكرة الفكرية العربية.

كي تنجح معركة التنوير العربية، علينا استعادة ابن رشد.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي الوردي سوسيولوجي أم مؤرخ؟
- من يصنع الطاغية؟
- كيف كُتب التاريخ؟
- النفط والخليج في المنظور الأدبي
- المرأة في الخليج والحداثة
- انتكاسة الحداثة العربيّة
- الكونيّة وتشظي الهُويات
- المثقف النقديّ
- عقلانيّة التعليم كمضاد للتطرف والإرهاب
- نقد مفهوم الهُويّة الخليجيّة
- ماذا لو مكث عبد الرزّاق جورنه في زنجبار؟
- الخوف من الذكاء
- في العلاقة بين الثّقافة والدّيمقراطيّة
- تمييز ثقافي ضد المُلونين والنساء
- التقشّف ليس الإدخار
- الثّقافة كمضادٍ ل(السوبر ماركت)
- البلاهة تفكّر
- الحكّ بالخبز اليابس
- لا التاريخ انتهى ولا الجغرافيا
- تعطيل العقل العربيّ


المزيد.....




- حرب ترامب التجارية: لاغارد تحذر من الانزلاق إلى صراع تجاري ش ...
- -ارتكبوا جرائم من شأنها المساس بأمن الدولة-.. قرار قضائي جدي ...
- مدفيديف يرفض دعوة وزير الخارجية البريطاني لـ-هدنة غير مشروطة ...
- ترامب: تلقينا ردودا جيدة جدا من روسيا وأوكرانيا بشأن وقف إطل ...
- ظاهرة نقص العمالة الماهرة في أوروبا.. كيف يمكن الاستجابة لهذ ...
- الشيباني في العراق.. دعوة لفتح الحدود وتشكيل مجلس مشترك
- -الحياة لا الحرب-.. رسالة نشطاء المناخ من على مدخنة لشركة تص ...
- الإعلان الدستوري.. دستور مصغر للمراحل الانتقالية
- مرشح للرئاسة في الغابون يطالب بمحاكمة -عادلة- لعائلة بونغو
- مصطفى طلاس.. قصة وزير دفاع الأسد الذي أرعب السوريين


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن مدن - يوم تخلينا عن ابن رشد