أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - المعرفة وماهية الوعي














المزيد.....

المعرفة وماهية الوعي


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7066 - 2021 / 11 / 3 - 18:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المعرفة وعلاقتها بالوعي والعقل والوجود أولا من القضايا التي أستغرق فيه الفلاسفة بحثا واستغراقا وأختلافا دون أن يتفقوا على فكرة أشبه بالكاملة أو المجمع عليه، المشكلة ليست في ماهية المعرفة من كونها ظاهرة رافقت الإنسان وألتصقت به دون سائر المخلوقات، على الأقل من جانبها العقلي أو الجانب الذي يكشف للإنسان قيمة ما يملك من قابلية للتعامل بها، أو حتى أنتاجها وخزنها ونقلها وتطويرها، فالمعرفة أصلا تتميز عن غيرها من المواضيع البحثية أنها هائمة في بحر من اللا محدد الشيئية بحسب ما ينظر الباحث لها من زاوية خاصة، البعض يرى أن لكل وعي معرفة ولكل معرفة أمتداد مادي حسي أولي، ينجح العقل في كل مرة أن يكتشف شيئا منها ليس لأنها قريبة منه فقط ولكن ليتخلص من شبح المجهول واللا معلوم الذي يطارده في واقعه، هنا نسجل للمعرفة نقطة أنها تصنع الدافع بل هي أحيانا ذات الدافع بصورة حاجة.
البعض يزيد أكثر أن لكل الموجودات معرفة خاص بها حتى التي لا ادرك لها من قبلنا ولها وعي يتناسب مع وجودها وماهيتها، مع حقيقة أن وعي كل كائن هو وعي أصيل فيه لا يشاركه أحد ولا يماثله أحد، لأن الوعي الذاتي من طبيعة التكوين والكيفية التي وجدت التكوين أو أوجدته، فالحجر الذي لا نرى فيه إلا مجرد جماد لا إحساس له ولا وعي لا يمكن أن يكون خاليا من وعي بذاته لذاته ومن ثم للماحول الطبيعي، هذا فهم غريب حقا، ولكن من جرب أن يكون حجرا مرة واحدة وأكتشف أنه أي الحجر لا وعي له؟ ولا معرفة بوعيه، هذا سؤال للفلاسفة أولا ولا يحتاج لتأكيد أو نفي لأنه حالة خاصة بواقع خاص، الحيوانات لها وعي ولها إدراك ولها معرفة، ولكن لا يمكن أن نقيسه بمقياس إنساني، فوعي الحيوان لا نستطيع كشف معرفته بنفس الوسائل والأساليب والقيم العلمية التي نمارسها مع الإنسان الطبيعي.
إذن الوعي محكوم بالوجود الذاتي والوجود محكوم بقانون الكيف والكون، وقانون الكيف والكون محكوم بالعلة، وبالتالي هذه السلسلة المترابطة تختلف من كائن لكائن، قد يرى البقر نفسه أكثر وعيا من كل الكائنات وأكثر معرفة بواقعه، ولذلك لم يسعى لتجديد الوعي والمعرفة عنده لأنه وصل الكمال فيهما، الإنسان وحده هو من يمارس عملية التجديد وعملية التنوع والأختلاف في مصادر الوعي وطرق المعرفة لسبب بسيط جدا، هو أنه وضع مقياس الكمال في النقطة اللا نهائية، وبالتالي فهو مستغرق تماما في السعي لها دون أن ينجح في حصاد أو الوصول لتلك النقطية التي في ما بعد البعيد، لو أمن الإنسان أن وعيه نهائي ومعرفته كاملة لتوقف عن النمو وصار من ضمن الكائنات النهائية وتنقطع لدية سلسلة المعارف، فهو يكتشف كل يوم أن ما يحيط به يدعوه لتجديد الحاجة وتجديد معرفته في طريق الوصول للجديد.
البعض ينطلق من فكرة أن المعرفة سبقت الإنسان لأنها موجودة قبله، والإنسان فقط مكتشف لها عقلا وبالتجربة، الأخر يبني نظريته على أن المعرفة ذاتها وليدة عملية معقدة تحتاج للعقل أولا وعند ما وجد الإنسان نفسه قادرا أن يستخدم عقله صار القانون الوجودي معرفة، وصار التعامل به على أنه ماهية بفضل عملية العقل، فالطريق للمعرفة وتحديدها يبدأ من أول حركة للعقل حين يعي ذاته، أخرون حاولوا الدمج بين الفكرتين بوضع المعرفة في دائرة المجهول اللا معلوم، ووظيفة العقل ليس أكتشافها بل تسميتها باسمها بعد أن مارس دورا تعقليا لإعطائها الهوية الماهوية.
أخرون يفترضون مثلا أن المعرفة لا يمكن أن تكون موجودة بذاتها لسبب بسيط، أن المدلول لا يدل على وجوده إلا بدالة، فهو وإن كان حقيقة فإنه محتاج للدلالة عليه حتى يكون كذلك، المعرفة بدون وعي بها لا تسمى معرفة لأنها ما عرفت بعد ولم يقربها تعريف العقل لها، ولولا وجود الإنسان لبقيت المعرفة في حدودها المجهولة عند نقطة الأنتهاء التي يتمتع بها كل كائن بحسب وعيه الذاتي، وبما أن الإنسان بعقله صار واعيا، هنا تتضح جدلية الوعي والمعرفة وجدلية الماهية والوجود، بمعنى لو لم يكن الإنسان قد وجد بعد لم تكن لعملية أو حقيقة وجود الوعي أي قيمة لأنها بلا أداة للتقييم.
هناك رأي أخر وهو الرأي المثالي الذي يستند في مقدمته للدين، حيث يطرح رؤيته الخاصة بفرضيتين، الأولى لولا وجود الله خالق للوجود لا يوجد وجود ولا يمكن أن يحكم هذا الوجود قانون أو وعي ذاته بوجوده، فالمعرفة أولا هي نتاج خلق خارجي رتب الأشياء بمنظومة تسلسلية جدلية تبدأ من الخلق وتنتهي به، الفرضية الثانية تقول أن المعرفة كائن خلقه الله أيضا وزجه بالنظام الوجودي ومنح لكل موجود ما يلائم وجوده تناسبا وتكاملا، فلا يمكن للحيوان مثلا أن يتحول إلى كائن معرفي أكثر مما فيه بالتكوين مهما حاول أو جرى زجه في محاولة لذلك، كذلك الإنسان لا يمكن أن يتسافل في معرفة للحد الذي يتحول إلى حيوان مشابه لغيره كقاعدة عامة مطلقة وكلية، قد يفقد جزء من هذه الواقعية الفرضية ولكن كفرد لا ينقل معه موروثه إلى سلالته من بعده.
ويبقى سؤال المعرفة بدون جواب شاف حتى أن نحاول فهم ودمج والجمع بين النظر من الزوايا المتعددة بنظرة بانوراميه تكشف كل الحقيقة، عندها يمكن أن نفهم بداية الجواب ونفهم لماذا أختلفنا أصلا في البحث وتقديم أجوبة جزئية عن حقيقة كلية، المعرفة بكل الأحوال هو الأنتقال العقلي من دائرة المجهول لدائرة اللا معلوم ثم دائرة العلم ليستقر لاحقا في دائرة ما بعد العلم به، حيث يغادر العقل الموضوع إلى مرحلة أكثر بعدا من مجرد موضوع الماهية والوجود، المعرفة إذن سلسلة لا تتوقف تبدأ من أول ذرة خلقت وتنامت وتطورت وأستحدثت قوانين عملها معها لتكون العالم الكلي بمعرفة كلية، إنها سيرورة الوجود حين يكشف هويته لنفسه وذاته، فالمعرفة ليست فقط ظاهرة خارجية عن الموجود داخلا وخارجا بل هي حقيقة ذات الوجود كيفا وتكوينا وعلة ونتيجة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوعي التوصيفي والوعي الجوهري
- أنا وسارتر من جديد
- الظاهرة السارترية ح 10 في الوجودية الواقعية ج2
- الظاهرة السارترية ح 10 في الوجودية الواقعية ج1
- رواية جان فالجان البغدادي ح المتحف البغدادي 2
- رواية جان فالجان البغدادي ح المتحف البغدادي 1
- رواية جان فالجان البغدادي ح الطوبجي
- رواية جان فالجان البغدادي ح البيروتي
- الظاهرة السارترية ح9
- الظاهرة السارترية ح 7
- الظاهرة السارترية ح 8
- الطاهرة السارترية ح 6
- الظاهرة السارترية ح5
- الظاهرة السارترية ح3
- الظاهرة السارتية ح4
- الظاهرة السارترية ح2
- الظاهرة السارترية ح1
- مسك الختام
- وجودية أم طبيعية
- عبد الله


المزيد.....




- بايدن يعترف باستخدام كلمة -خاطئة- بشأن ترامب
- الجيش الاسرائيلي: رشقات صاروخية من لبنان اجتازت الحدود نحو ...
- ليبيا.. اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في سرت (صور)
- صحيفة هنغارية: التقارير المتداولة حول محاولة اغتيال أوربان م ...
- نتنياهو متحدثا عن محاولة اغتيال ترامب: أخشى أن يحدث مثله في ...
- بايدن وترامب.. من القصف المتبادل للوحدة
- الجيش الروسي يدمر المدفعية البريطانية ذاتية الدفع -إيه أس 90 ...
- -اختراق شارع فيصل-.. بداية حراك شعبي في مصر أم حالة غضب فردي ...
- بعد إطلاق النار على ترامب.. بايدن يوضح ما قصده في -بؤرة الهد ...
- ترامب يختار السيناتور جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - المعرفة وماهية الوعي