|
العرب في الميزان
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 7063 - 2021 / 10 / 31 - 12:54
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
سأقتحم هذه الساحة مع ما فيها من تناقضات ومشاكسات ومماحكات ومد وجزر ، ولكنه القدر الذي كتب علينا أن نوضح وأن نسجل للتاريخ والأيام ، ما نعتبره حقايق وهذا بإعتبارنا شهود على حقبة من الزمن ، من تاريخ العرب ومواقفهم أزاء جملة قضايا وأحداث ، وسنكون بعون الله واضحين ذلك لأن الأمر لا يحتمل التراخي أو اللامبالات ولا أنصاف الحلول ولا التهويل والتجديف ، بل هي كلمة الحق التي يجب أن تقال ، لعلمنا إن ثمة ما يريب في النفس العربية الأمارة . ودعونا نسلسل الأحداث والمواقف بحسب أهميتها لدينا ، مبتدئين بالسؤال التالي : والذي يقول ، هل أتفق العرب على شيء من قضاياهم وواجهوهها سوياً مجتمعين ؟ ، والجواب بكل بساطة هو : - كلا وألف كلا - ، فالعرب إن كانوا جماعات أو متفرقين عادتهم أو الغالب عندهم هو أن يسيء بعضهم إلى البعض الأخر ، ويتآمر بعضهم على بعض الأخر ، بل يشمت بعضهم بالبعض الأخر ، حين تنتاب أحدهم بعض الدواهي أو يتعرض إلى بعض المشكلات ، فلا يسد بعضهم عن البعض الأخر ولا يحميه ولا يقف معه هكذا هم ، أشتات متفرقون في كل قضاياهم ولا يوحدهم شيئا ، فهذه قضية فلسطين التي صنعوا منها مشكلة تستعصي على الحل ، لماذا ؟ لأن لكل منهم جماعة وحزب ينابذ فيه ويحارب فيه الجماعات والأحزاب الأخرى التي شكلتها الدول الأخرى ، فالفسطيني عند العرب مجرد مرتزق يكيد الدسائس والمؤامرات والفتن ، وحسبنا في ذلك ما فعلته الدول ذات الشعار القومي العروبي ، وحسبنا كذلك الدول ذات المسوحات القبلية و الدينية ، وكذلك الدراويش منهم ، فهم أعداء بعضهم البعض وهذا بشهادة الأغيار عنهم . وحين تنادى صدام العروبي الذبياني وفتل عن شواربه وعضلات وراح محارباً إيران ، نجد إن العرب قد صفقوا له ليس حباً به ولا إيماناً بمعركته الخائبة ( ضد الفرس المجوس ) ولا بقادسيته الثانية !! ، لكنه الحنق والخشية والحسد من جيش العراق الذي أصبح في نهاية السبعينات من القرن الماضي جيشاً عرمرم ، أمتلك القوة والعدة والعتاد ، فخشي الأعراب منه فصفقوا لصدام وخيلوا له إنها مجرد أيام وتنتهي وتكون أنت البطل الهمام وحارس البوابة الشرقية ، لكنهم كانوا يراهنون على تدمير جيش العراق على يد إيران في ظن خائب ، ومرت سنيين الحرب ثمانية عجاف يتلو بعضهن بعضا ، حتى أستنزف العراق كل خيراته وكل أمكاناته ، لكنه مع ذلك ظل واقفاً لم ينهزم بالمعنى الكلي ، وهذا لم يرض دعاة الفتن من العرب فصوروا له مع تصفيق وهتاف مريب ، إن البعض يسلب حقك في النفط والمال ، ولم يراع لك حرمة ولا لتلك الدماء التي حفظت الأعراب من طموحات الخميني . فدفعوه على حين غفلة من الزمن ، ليحتل الكويت وليظمها إلى العراق في عملية كشفت الأيام خبث من صفق وهلل لها من عرب اللسان والجنسية ، وكانت الكارثة حين أجتمع الشرق والغرب ومعهم العرب بجيوشهم وأمكاناتهم ، وهجموا عليه هجمة رجل واحد ، ولم تنجل الغبرة إلاَّ وجيش العراق وشعب العراق وإقتصاد العراق قد دمر بالكامل ، وكل العرب كانوا عليه ألباً مع أعدائه ، بل هم أشد عداءاً منهم حين حاصروه ، ومنعوا منه الطعام والشراب سنيين ، إلى أن استسلم كل عراقي وأنهزم نفسياً ولم يستطع الصمود والمقاومة فمات ، من ألم الهزيمة والحصار والمذلة ، ولم ينسل منهم واحد ليقول كلمة الحق في وجه عاتيات الزمان ، إلى أن سقطت بغداد جريحة أسيرة مهانة ومعها شعب العراق وجيشه ، وقد تفكك وتحول القوم من بعد ذلك إلى داعمين وممولين لكل عمل طائفي ، فأحدثوا فيهم القتل ، ولم يكتف العرب بذلك ، بل سخروا قوى الشر الطائفي الديني لتقوم بكل عمل خسيس وجبان ، والعرب يصفقون ويهللون على زعم إنهم بذلك يناصرون جيش الخلافة !!!!!! ، وهاهو العراق الكسير المنحني لم ولن يتعافى من ويلات وفعلات العرب ، فلا الديمقراطية أفادت وأستفادت ، ولا دعاة الدين السياسي كانوا أهلاً للمسؤولية ، بل قبحوا وجه التاريخ فزلوا وأستزلوا . وهذا الوصف هو اليسير اليسير جداً جداً عن العراق ، ولكم في الربيع العربي ومافعله الأعراب فيما بينهم من التآمر والنكاية والخصومة ما تقشعر منه الأبدان مثالاً ، فجرح ليبيا الغائر والذي لم يندمل ولا أظنه كذلك ، وسوريا تلك البلاد الجميلة صارت هباءاً ، ونرى وترون كيف عبث بها العرب فقسموها وأحالوا نهارها ليلاً مظلماً ، فمزقوا شعبها طوائف وملل ، وهجروا شعبها في منافي العالم البعيد ، كل هذا بفعل العرب وماقاموا به ، ولن ننسى إذ ننسى فعلهم القبيح في تونس ومصر والجزائر واليمن التعيس ، وفي لبنان الذي مافتئ يندمل له جرح حتى يقيظوا له ألف جرح ، ويتكالبوا عليه وكأنهم فرسان الهيجاء في سوح القتال . العرب هم أسوء ملة في نقضهم للعهود والمواثيق وتآمرهم مع الأجنبي ، وكما قيل في الأثر : - المقيم بين أظهرهم مرتهن بذنبه والشاخص عنهم متدارك برحمة من ربه - ، ولهذا فر الكثير منهم مهاجرين هنا وهناك ، هرباً من هذا النفاق والكذب والدجل والتخريف ، وهرباً من سطوة أهل المال والسياسة ، وأنعدام الأمن والقانون و العدالة والحرية . وإني أرى أن الأيام القادمة ستكون أشد بؤساً على العرب ، فهم كما يقول البعض من أهل الخبرة لا يستحقون الحياة بين الأمم المتحضرة ، وإني واثق : - إن الله سيستبدلهم بأقوام غيرهم ولن يكونوا أمثالهم - ، وتلك سنة الله والطبيعة وإنَّا وإياكم لمنتظرون ، والأيام بيننا ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سمير جعجع و الفنتة
-
بيان حول أحداث مجزرة الناصرية
-
الماسونية ... الحلقة الثانية
-
الماسونية
-
العنصرية
-
كورونا ... والعراق
-
نظرة محايدة لدعاء كميل
-
مصطفى الكاظمي في ميزان العقل
-
الدجال
-
نظرة في الأصولية
-
إنهيار الحُلم الأمريكي
-
الانتظار في زمن الكورونا
-
سجن الحوت في الناصرية
-
تحذير هام
-
في صراع الهوية
-
الثورة العراقية الكبرى
-
ماذا تعني ثورة العراقيين ؟
-
إنتفض
-
أدعياء الوطنية الزائفة
-
الحراك العراق اللبناني
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في غزة.. نصر فلسطيني جزئي بعد خسائر لا يمكن
...
-
خواطر واعتراض واحدة من “أطفال يناير” على ميراث الهزيمة
-
الانتخابات الألمانية القادمة والنضال ضد الفاشية
-
م.م.ن.ص// رقم إضافي لقائمة حرب الاستغلال البشع للطبقة العامل
...
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تدعو إلى التعبئة قصد التنزيل
...
-
غضب صارخ عند النواب اليساريين بعد تصريحات بايرو عن -إغراق- ف
...
-
النهج الديمقراطي العمالي يحيي انتصار المقاومة أمام مشروع الإ
...
-
أدلة جديدة على قصد شرطة ميلان قتل المواطن المصري رامي الجمل
...
-
احتفالات بتونس بذكرى فك حصار لينينغراد
-
فرنسا: رئيس الوزراء يغازل اليمين المتطرف بعد تصريحات عن -إغر
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|