|
تحيا جمهورية زفتى العربية !!
حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 7061 - 2021 / 10 / 29 - 16:55
المحور:
كتابات ساخرة
من المساخر التاريخية التى لا تنسى ،أن بعض المصريين إفتكسوا حلا غير مسبوق لعلاج كارثة الإستعمار الجاثم على مجمل أنحاء البلاد ، فقاموا بتفعيل شعار الإستقلال التام أو الموت الزؤام بطريقة مبتكرة عندما أعلنوا عن قيام جمهورية مستقلة فى إحدى قرى الوجه البحرى التى تسمى زفتى ، وتنطق( زفتا ) وذلك بعد أن إستلقطوا بعض البنادق القديمة من سوق الجمعة حداهم، وقاموا بتخزين أشولة القمح والأرز وبعض الدجاج للإستخدام كمخزون غذائى إستراتيجى، مع مساهمة كل منزل فى جمع الحطب وأغصان الشجر لسد حاجة الجمهورية الجديدة من الوقود ! بالإضافة لتجهيز بعض دواب الركوب وتحويلها للإستخدام فى دوريات المراقبة على الحدود مع الجيران ! ثم تم إعطاء الأوامر لموظفى المركز والمدرسة الوحيدة هناك بأن يبدأوا يومهم بالهتاف "تحيا جمهورية زفتى العربية !! كما أصدر قادة الثورة بيانا إعتبروا فيه أن الإعلان عن إستقلال زفتى هو شأن داخلى يتعلق بمصالح الزفتاوية وحقوقهم المشروعة ، وطالبوا الجماهير بالصبر والثبات، لإن حرية أراضينا فوق كل الحريات ؟ و بمرور أيام قليلة تصور الخلق أن المسائل قد استتبت ، والدولة الجديدة قد استقلت، وترعرعت ،وصارت واقعا موقوعا ! لكن الأحلام تلاشت والأمنيات خابت ، عندما دبت الخلافات بين أعضاء مجلس قيادة( الثورة) و جموع المناضلين بالجمهورية الزفتاوية التى تم اعلانها فى مارس عام 1919، حيث رأت القيادة أن الإهتمام بالتحديات التى تواجه الجمهورية الجديدة ينبغى أن يتركز على مواجهة مشكلة النمو السكانى المتزايد،لانه مادامت الزيادة السكانية (مستمرة) ،فهى ستمثل خطرا كارثيا داهما( يهدد إستمرار الثورة) و يماثل فى خطورته أو يتطابق مع إعتقاد بعض الناس بأن الثورة (مستمرة) !؟ بينما رأى قليلون أن العلم والتدريب والاهتمام بالانتاج والاستعداد لمواجهة العدو الخارجى ،هى القضايا الأولى بالرعاية ، فيما رأى آخرون أن تجديد الخطاب الدينى هو الحل ،مع التأهب والإستعداد لمواجهة تجار الدين الذين يخترقون الصفوف للقفز على الثورة؟، فيما أصرت التنظيمات الثورية التى تتحدث بإسم العمال على ضرورة تأميم الممتلكات واعادة توزيعها على الجماهير بالتساوى فورا،وإجراء محاكمات ثورية لأعداء الشعب من الاقطاعيين والبورجوازيين ،لكن القوى الوحدوية خالفت الجميع وأصرت على ضرورة الاعلان الفورى عن الإندماج مع جمهوريتى فارسكور والمنيا الوليدتين ، مع توفير الدعم للأحرار المطالبين بالإستقلال فى جمهورية شبين، وجمصة ،وديرب نجم، وكفرالزيات، والسلوم ،والواسطى ،وتزمنت، وكوم أمبو، وإدفو، و دراو ،بالإضافة إلى بولاق ودرب شكمبة ،وشق التعبان ، تأكيدا لوحدة ونضال الحركة القومية وتحالف قوى الشعب العاملة ، لكن جمهرة أخرى من الناس صاحت بصوت جهورى مرتفع بإن البلاد لن ترى نصرا أو نجاحا و توفيقا إلا عندما يتم عقد الإجتماعات والمناقشات فى رحاب مبنى الجمعية الشرعية وتحت ظلال الزيزفون ؟ أما شيخ المنصر وكبير اللصوص الذى كان قد انضم للقوى الثورية وتعهد لقادتها بالإخلاص، فقد رفض كل تلك المواقف الفصائلية التى إعتبرها ترهات ، وأصر من جانبه على إعطاء مسألة الأمن والإستقرار الأولوية العظمى ، مع منحه هو ورجاله الحق المطلق فى التفتيش العام بيت بيت ،وزنجة زنجة وفرد فرد، لضمان نجاح الخطة الأمنية !! وكانت النتيجة الطبيعية لتلك المآسى، أن الأمور انتهت بفواجع و خلافات محتدمة، ومشاحنات ومشاجرات عاتية ، ومعارك جانبية طاحنة، وتقطيع ملابس ، وتحرير محاضر، ورفع قضايا خلع ؟و وردح ومكايدات وهتافات قميئة متبادلة من نوعية " حط باكو على باكو !! ؟ وفى النهاية سقطت الجمهورية الزفتاوية الجديدة بطريقة مهينة بعد أيام من إعلان قيامها ، فبمجرد أن أرسل المحتل الإنجليزى عدة جنود إستراليين و إنتشروا بمحيط البلدة، سارع رئيس الجمهورية المستقلة بالهروب برفقة مساعديه الأشاوس ، وتركوا الوطن والشعب الزفتاوى لمصيرهم المحتوم ، ثم هرع بعض الأعيان واللصوص المستثورين ونالوا (شرف) التفاوض مع جنود الإحتلال لفض الحصار وحل المشكلة ، فإشترطت عليهم الجند الإسترالية الإعلان الفورى عن إنتهاء الجمهورية المزعومة ، مع تسليمهم عشرين رجلا من قادة الثورة ،لمحاكمتهم وجعلهم عبرة وعظة حفاظا على هيبة الدولة ، فلم يكذب هؤلاء المستثورون خبرا ، و قرروا بالإجماع إلغاء الإستقلال، وقاموا بالقبض على عشرين رجلاً من أطهر وأطيب وأشجع رجال المدينة وأكثرهم إخلاصا ووطنية ، وسلموهم مقيدين مكبلين لجنود الإحتلال،حيث تم جلدهم وسحلهم وتعليقهم من أرجلهم لمدة طويلة ، ويُعتقد أن هؤلاء المساكين العشرين إنتهى مآلهم جميعا إلى الإقامة التاريخية بعنبر مشترك فى مستشفى العباسية، أو بمبرة الخانكة، تحت توصيف حالة عنوانه: " تحيا جمهورية زفتى العربية "
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السودان والعسكر والرفاق ؟
-
ديموقراطية على الذواق ؟
-
نخبة عنتر ولبلب !!
-
ريش بعد المداولة !
-
فيلم ريش
-
الدفاع عن الفقراءمن فوق -حجر - المليارديرات
-
مذبحة الثالث من إكتوبر 1993-موسكو
-
مذبحة السابع عشر من إكتوبر ،،
-
بهاراتيا جاناتا ، وطالبان ، وجهان لعملة واحدة !
-
شبق الوصول إلى كأس العالم !
-
مع أمريكا ذلك أفضل جدا ،،
-
مع أمريكا ومارك، أفضل جدا ،،
-
من أبطال نصر إكتوبر، الشهيد إبراهيم عبد التواب
-
حرب عولمية ؟
-
ومن الذى يعتذر للدكتور جمال حمدان؟
-
عبد الناصر مدين لوالداى بإعتذار !
-
رجال المرحلة !!
-
الذكرى الحادية والخمسون ،
-
المناضلة الفلسطينية خالدة جرار
-
الإنشاءات العملاقة، والحرية
المزيد.....
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
-
3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|