أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رائد شفيق توفيق - بين التصنع والتلقائية والحرية المطلقة














المزيد.....


بين التصنع والتلقائية والحرية المطلقة


رائد شفيق توفيق
ِ Journalist and writer

(Raid Shafeeq Tawfeeq)


الحوار المتمدن-العدد: 7061 - 2021 / 10 / 29 - 16:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المجتمعات غريبة في تعاملها مع الحالات الانسانية عموما ، اذ انها تقيس وتقارن الحالة الشاذة بالحالة الطبيعية وتعتبر ان الحالة الطبيعية انجازا ، مع ان الحالة الشاذة لها عوامل ودوافع ساعدت على حدوثها والمفروض ان لاتقارن وانما تدرس وتبحث على حدة ، والحالة الطبيعية لا تعد انجازا نتفاخر به ونذكره كأنه معجزة ؛ نعم نفرح بها لكنها لاتبهرنا (*) فالحالة الطبيعية هي ما يجب ان نكون عليه لذلك عندما نصاب بمرض ما نذهب الى الطبيب لكي يصف لنا العلاج لنعود الى الحالة الطبيعية فنفرح بالحالة الطبيعية ، والحياة بطبيعتها ليست مثالية لانها متغيرة ولا يمكن التكهن بما ستؤول اليه وكذلك الناس ، هم ليسوا كما نتوقعهم وهو الاغلب الاعم اذ قد تجد انسانا لطيفا متعاونا مسالما لكنه قد يكون ساديا ويخفي ذلك او انه يجيد التمثيل على الناس ليظهر عكس ما هو عليه في حقيقته لكنه سرعان ما ينتقل الى حقيقته السادية اذا ما سنحت له الفرصة او وجد متسعا او انه يتعب من تمثيل وتصنع دور الانسان السوي فيعود الى حقيقته ، اذ انه من الصعب عليه ان يستمر في التمثيل والتصنع ، فقد يؤدي شخصية الانسان السوي لمدة طويلة لكنه من الصعب عليه الاستمرار في ذلك اذ تفضحه بعض التصرفات التلقائية التي لا ولم ولن يستطيع التخلص منها لانها اساس جوهري في طبيعته ومكون اساسي في شخصيته وقد قيل (ما أضمر أحد شيئا إلا ظهر فى فلتات لسانه وصفحات وجهه وبريق عينيه ) والامثلة على ذلك كثيرة ، في هذا السياق اقدمت الفنانة الصربية ( مارينا أبراموفيتش Marina Abramović ) وهي فنانة أداء وفنانة تشكيلية تدور أعمالها حول العلاقة بين الأداء والجمهور وحدود الجسد وإمكانيات العقل ؛ اقدمت هذه الفنانة سنة ١٩٧٤على خوض تجربة لتتعرف أكثر على تصرفات البشر إذا منحت الجمهور حرية القرار بدون شروط او ضوابط ؛ فقد قررت أن تقف لمدة 6 ساعات متواصلة بدون حراك واتاحت للجماهير أن يفعلوا بها ما أرادوا ، وكانت بجانبها طاولة بها العديد من الأدوات منها سكين ، مسدس ، زهور و أشياء أخرى ، في البداية كان رد فعل الجماهير سلميا فإكتفوا بالوقوف أمامها والنظر اليها لكن هذا لم يستمر طويلا ، فبعدما تأكد المتجمهرون أنها لن تقوم بأي ردة فعل مهما كان تصرفهم تجاهها أصبح المتجمهرون أكثر عدوانية فقاموا بتمزيق ملابسها وقام أحدهم بتوجيه المسدس الى رأسها لكن أحد الأشخاص تدخل وأخذ المسدس منه و قاموا بوخزها ببطنها بأشواك الأزهار وتحرش البعض بها جنسيا وبعد أن إنتهت الساعات الست تحركت مارينا من مكانها بهدوء وبدون أي رد فعل عدوانى تجاه المتجمهرين والمفجأة انها بمجرد أن بدأت بالتحرك هم المتجمهرون بالفرار.
نستخلص من تجربة مارينا هذة ان البشر الذين نتعامل معهم يوميا مهما إختلف اعراقهم واعمارهم وخلفياتهم مستعدون لارتكاب أفعال شنيعة لانها حقيقتهم التي يخفونها لاسباب عديدة اولها ان هناك ضوابط وقوانين تحكمهم ، ولما لم يوجد ضوابط تحد من عدوانيتهم تصرفو على سجاياهم التي جبلوا عليها من عدوانية او تسامح بدليل تدخل شخص لاخذ المسدس الذي وجهه احد هؤلاء الناس الى راس مارينا لكنه بالتاكيد لم يستطع ان يرد عدوانية الناس جميعا ، هذه العدوانية ظهرت عندما وجدوا الفرصة التي استطاعوا فيها التصرف على سجاياهم الحقيقية بتلقائية وبدون تمثيل لانها سجاياهم التي يخفونها لاسباب عديدة لا حصر لها ، وعندما تحركت مارينا فروا من امامها برغم انها وحيدة ولم تقوم باي رد فعل تجاههم وهم جمهور كبير وكانو يتنمرون عليها منذ لحظات .
هذا ما يؤكد أن السلطة بحاجة إلى القوة وأن الحرية لا يمكن أن تمنح بصورة مطلقة من دون رادع أو قانون أو نظام .
وهكذا فان رقي اي شخص وتحضره يستند الى وعيه وثقافته التي تبدأ من كتاب يدعوه الى ان يتخلص من عادات وتقاليد المجتمع المتخلفة التي لاتنسجم مع حياته المعاصرة ، من هنا يمكن ان ندرك إن جمال الكتب لا ينبع مما تقوله وتحتويه بل من قدرتها على الإنصات إلى ما في نفوسنا لذا فان وان على اي الشخص ان يبذل ما استطاع ليتخلص مما جبل عليه من طباع سيئة وهنا نؤكد التخلص من العادات والطباع وليس اخفائها والتمثيل او التصنع بالمثالية وهذا يستدعي العزم الحقيقي لا لاكتساب الضوء ليعكس شخصه بلمعان وبريق كاذب من خلال مظهره الخارجي وبهرجته وتزويقه كغلاف لاخفاء طبيعته السيئة بل العزم في تنوير عقله بهذا الضوء وانضاج تفكيره الذي ينعكس في سلوكه وتعامله مع الآخرين .
وحقيقة الحياة يعيش الانسان ساعة يبدأ فيها في فهم أنه يمتلك حريته التي هي اساس ابداعه بمعنى ان كل انسان يمتلك ابداعا في مجال ما ، وهو ذات الابداع الذي تتمتع به النباتات التي تخرج في الربيع من التربة وتتسلق ما حولها وتتحدى الرياح لتكتسب بعض الضوء لتخلق لنفسها حصة من الفرح في وسط مضياف اوغير مضياف ؛ وهذا يؤكد اننا كبشر نحتاج إلى ترميم بين فترة وأخرى، فالإنسان مادة والمواد يصيبها التلف ما لميتم تعهدها بالعناية ، فالعقول تصدأ والجوارح تذبل والروح تنكسر والقلب يشيخ والكلمات تشح كشجرة تتساقط اوراقها ورقة ورقة في فصل الخريف فنحن لا نموت حين تفارقنا الروح وحسب بل نموت قبل ذلك ؛ حين تتشابه أيامنا و نتوقف عن التغيير ؛ حين لا يزداد فينا شيئا سوي أعمارنا واوجاعنا ؛ إن إماطة الأذى عن مشاعر وقلوب الناس لايقل درجة واهمية عن إماطة الأذى عن طريقهم ؛ فإجبروا الخواطر وراعو المشاعر ‏وانتقوا كلماتكم ‏وتلطفوا بأفعالكم ‏ولا تؤلموا أحداً ‏وعيشوا أنقياء أصفياء فاننا ‏سنرحل ويبقى الأثر.



#رائد_شفيق_توفيق (هاشتاغ)       Raid_Shafeeq_Tawfeeq#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة الموت والجهل المقدس في العراق ملازم حتمي للمرأة
- العراق ميدانها .. طريق الحرير مواجهة بين امريكا والصين
- هلوسات من ركام الذكريات
- كثرة الالهة وضاع العراق عندما حل الجهل وصار الخونة قادة
- مواطنون بلا وطن ...
- لسنا بحاجة الى انتخابات مبكرة بل الى ثورة عارمة
- ما الذي يبقيك في بلد أنها ت اخلاقه؟! ...... صور عراقية قميئة
- عراق اليوم : سرقة وهدر مليارات وجهل وفساد وارهاب بكل اشكاله
- بذريعة الوقاية من فايروس كورونا ...... اجهضت الثورة وبيوت ال ...
- ما الكاظمي الا دفان جديد
- ما الكاظمي الا دفانا جديدا ..
- الفنان السويدي Magnus Lönn : يوظف جمالية الرمز والمعنى ل ...
- كورونا بين جانبين .. مشرق ومعتم
- الدياثة في زمن كورونا .... صور من العراق ...
- مليونية مقتدى مؤامرة على الانتفاظة العراقية ..... ...
- ايران تستعجل إخراج الأمريكان لإخماد الثورة العراقية ... ...
- قتل المجرم سليماني ليس دفاعا عن العراقيين .... ...
- اجهاض التظاهرات هو الهدف الستراتيجي من الهجوم الامريكي
- مبارك للمرأة انتصارها على الخرافة
- الى ابنتي مع حبي


المزيد.....




- ياسمين عبدالعزيز بمسلسل -وتقابل حبيب- في رمضان
- ياسين أقطاي: تركيا والنظام السوري الجديد أكثر دراية بمحاربة ...
- السويد- الإفراج عن مشتبه بهم فى حادث مقتل حارق القرآن
- عمّان.. لا لتهجير الفلسطينيين
- ترمب: بلادنا ليست منخرطة في أحداث سوريا
- لماذا يصر ترمب على تهجير الفلسطينيين من غزة لمصر والأردن؟
- كشف جرائم جنود أوكران بحق مدنيين بكورسك
- مئات اليمنيين يصلون على رئيس الجناح العسكري لحركة -حماس- بعد ...
- البيت الأبيض: واشنطن ستفرض رسوما جمركية إضافية على كندا والم ...
- مصر.. أسد يفترس حارسه بحديقة الحيوان


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رائد شفيق توفيق - بين التصنع والتلقائية والحرية المطلقة