|
كتاب السعادة _ دفتر 1 مع المقدمة والهوامش
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 7060 - 2021 / 10 / 28 - 14:17
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
كتاب السعادة _ دفاتر جديدة
هذا الكتاب
فن السعادة ( أو التعاسة والشقاء )... أحمل بعض التصورات المحددة والبسيطة ، حول موضوع السعادة . أرغب بمناقشتها خلال الفصول القادمة ، مثل مفارقة اللذة والسعادة ومغالطة الغباء والسعادة ، أيضا العلاقة بين الصحة العقلية والسعادة ، وكذلك العلاقة بين القيم الأخلاقية والسعادة وغيرها . عدا ذلك أعتبر نفسي قارئ أول للكتاب ، ... مثل قارئ _ة جديد _ة . .... مقدمة عامة
لماذا لا يعيش الانسان بسعادة !؟ أو بالصيغة التي قدمها معلمو التنوير الروحي منذ عدة آلاف سنة : هل كان أحد ليختار الشقاء ! .... بالطبع الجواب البسيط ، والمباشر ، والنهائي لا . السؤال بصيغته الأولى أقرب إلى الحوار ، وجوابه أيضا بسيط ومباشر ونهائي : لأنه لا يعرف كيف يعيش بسعادة . 1 اشتغلت سابقا على موضوع ( السعادة ) ، كفكرة وخبرة ونمط عيش وخاصة علاقتها بالصحة العقلية . وهي منشورة على صفحتي في الحوار المتمدن ، ويمكن للقارئ _ة الرجوع إليها بسهولة عند الحاجة أو الرغبة . وهذا الكتاب ، يمكن اعتباره نوعا من التكملة مع الإضافة والمراجعة والتدقيق لبحث السعادة المستمر ، والمتجدد منذ عدة سنوات . ويعود الفضل في إعادة إحياء الفكرة ، أيضا تحويل خلاصة البحث إلى كتاب للصديق الأستاذ أبو العز له كل الشكر والامتنان . .... السؤال الثاني ، البسيط والواضح أيضا : لماذا لا يعرف الانسان ، الفرد الناضج والبالغ ، كيف يعيش ( أو تعيش ) بسعادة ؟ جواب السؤال الثاني أيضا سهل ومباشر ونهائي : لأنه لا يعرف نفسه . السؤال الثالث ، المباشر أيضا : لماذا لا يعرف نفسه ( أو تعرف نفسها ) هذا الانسان ؟ جواب السؤال الثالث واضح ، وصادم : لأنه لا يحب نفسه . والفضل في هذا الجواب يعود إلى الفيلسوف والمحلل النفسي المعروف أريك فروم . السؤال الرابع ، واضح أيضا : لماذا لا يحب الانسان نفسه ؟ الجواب على هذا السؤال يمثل خلاصة البحث السابق ، وهو واضح وصادم أيضا : لأنه لا يمنح نفسه الاهتمام الحقيقي ، أو بكلمات أخرى ، لأنه لا يعطي لنفسه الجهد والوقت اللازمين والكافيين . وهذه الأسئلة سوف أناقشها عبر الفصول القادمة ، بشكل أوسع ، وخاصة سؤال الحب المتبادل ( الذاتي والموضوعي ) بالتزامن . 2 تتمثل مشكلة فهم السعادة ، كسلوك وفكرة ونمط عيش ، بالخلط بينها وبين اللذة والفرح وبينها وبين الألم والحزن . والأهم من ذلك ، الفصل التعسفي بين السعادة والصحة والعقلية ( وبين التعاسة والمرض العقلي ) . .... السعادة والصحة العقلية وراحلة البال متلازمة ، وأعتقد أنها أقرب إلى المترادفات منها للمتشابهات . والعكس أيضا الكآبة والمرض العقلي والجشع أو عدم الكفاية متلازمة ، وهي مترادفات أيضا . .... تتمثل الصحة العقلية بالاتجاه : ( أيضا اتجاه السعادة وراحة البال ) اليوم افضل من الأمس وأسوأ من الغد . وعلى النقيض من ذلك اتجاه المرض العقلي : اليوم أسوأ من الأمس وأفضل من الغد . ( أيضا اتجاه الشقاء والاكتئاب ) . .... بين الصحة العقلية والمرض العقلي ، توجد الحياة الإنسانية بكاملها . بعد الانتقال من التصنيف الثنائي إلى التصنيف العشري مثلا ، تتكشف الصورة بوضوح ، وبينهما التصنيف الثلاثي : 1 _ المرض العقلي والتعاسة . 2 _ الحالة العادية والروتينية . 3 _ الصحة العقلية والسعادة وراحة البال . الحالة العادية ، أو المتوسطة ، تتمثل بمرحلة الطفولة أو المجتمعات البدائية أو الدول غير الحديثة . حالة الطفل _ة ( المتوسط _ة ) الطبيعية بين السعادة والشقاء ، وتمثل ثلاث درجات على المقياس العشري ( 4 و 5 و 6 ) . بينما تتمثل حالة السعادة ، بالتدرجات نحو الصحة العقلية المتكاملة من 6 حتى الدرجة النهائية . وبالعكس تتمثل حالة الشقاء ، بالتدرجات المعاكسة بين 4 والصفر . .... بعد هذا التوضيح يسهل فهم العلاقة بين السعادة واللذة ( او الألم ) ، بالمقابل العلاقة بين الشقاء واللذة ( او الألم ) . 3 تكمن مفارقة السعادة بأنها اقرب إلى الألم منها إلى اللذة ، والعكس صحيح أيضا ، حالة الكآبة والشقاء أقرب إلى اللذة منها إلى الألم . وهذه الفكرة الأهم كما أعتقد ، في هذا الموضوع . مثال تطبيقي : ممارسة التدخين لذة وبقية العادات السلبية ( الإدمان ) ، بينما التوقف عن التدخين سعادة . والعكس بالنسبة للعادات الإيجابية ( الهوايات ) ، حيث العلاقة بين اللذة والسعادة طردية ، او وفق متوالية هندسية . .... العلاقة بين اللذة والسعادة ثلاثة أنواع ، أو مستويات : 1 _ المستوى الأول ، الأعم والأشمل ، علاقة تناقض . مثال التدخين ، وبقية العادات السلبية ( الإدمان ) . 2 _ المستوى الثاني ، وينافس المستوى الأول بدرجة اتساعه وانتشاره يتمثل بالعلاقة النسبية أو المحايدة . مثلها علاقة الفرد بالطعام أو الشراب أو العمل وغيرها ، قد تكون علاقة إيجابية تدعم الصحة المتكاملة والسعادة أو العكس ، علاقة سلبية وإدمانية . 3 _ المستوى الثالث ، وهو لحسن الحظ متوفر للجميع أيضا ، العلاقة بينهما طردية . اللذة والسعادة في اتجاه واحد مع الصحة العقلية بالطبع ، مثالها العادات الإيجابية ( الهوايات ) . .... المسؤولية الإنسانية ، الحقيقية _ زيادة التجانس بين التكلفة والجودة وبين الغاية والوسيلة _ محور الزمن القادم ... بتسارع يتعذر ضبطه أو تحديده ، أو حتى اللحاق به وفهمه بالفعل ، خاصة مع بداية عصر الذكاء الاصطناعي _ يتمثل بالتعلم الذاتي للروبوت _ يتزايد الترابط بين القرارات والأفعال مع المسؤولية الشخصية والمباشرة . تتناقص إمكانية التهرب من المسؤولية _ تزوير الماضي الموضوعي ( كل ما سبق حتى هذه اللحظة ) ويتزايد الأمر بسرعات جنونية _ ويحدث بالتزامن مع تصنيف جديد للأفراد بدلالة الأداء الشخصي والمعايير الموضوعية ، بصرف النظر عن بقية الاختلافات بين البشر والأفراد خاصة . أعتقد أن هذا الموضوع يحتاج _ ويستحق _ الاهتمام والحوار المفتوح ... 4 في الخمسين تغيرت حياتي بشكل دراماتيكي . كنت مدمنا على الكحول والتدخين والسهر حتى الخمسين ، وفي السنة الأولى بعد الخمسين سنة 2011 _ السنة العجائبية ، بالنسبة لي شخصيا وللعلم كله _ فقد بدأتها وبشكل شخصي بمشروع ثلاثي : التوقف عن التدخين ، والكحول ، مع الالتزام بتدوين يوميات السنة يوما بيوم . ونجحت تجربتي الشخصية ، حيث أخفق الربيع العربي بصورة مأساوية وتحول إلى حروب أهلية ، وخارجية ، مدمرة في سوريا واليمن وليبيا بصورة خاصة . .... كنت أشعر وأعتقد أنني أحب التدخين والسكر والسهر والحفلات ، والعلاقات الجديدة خاصة ، وكنت أظن أن ذلك النمط من العيش يمثل ذروة الحياة السليمة ، ويمثل طريق السعادة الأساسي والوحيد كما كنت أعتقد . تلك التجربة كما عشتها وعايشتها في سوريا ، منشورة على صفحتي في الحوار المتمدن بعنون " 2011 سنة البو عزيزي " ، وأعتقد أنها جديرة بالقراءة والاهتمام . فهي شهادة شخصية عن خبرة التوقف عن الإدمان المزدوج للتدخين والكحول ، بالتزامن مع تدوين يوميات تلك السنة بشكل اقرب ما يمكن إلى الموضوعية . .... كانت معرفتي عن السعادة ضبابية وغامضة ، تمثل الموقف الاجتماعي والثقافي السوري العام . وكنت أعتبر أن ( السعادة واللذة والفرح ) تسميات لفكرة وخبرة واحدة . سنة 2014 ، كنوع من الاستجابة ( غير التقليدية ) لظروف العيش في الداخل السوري ، بدأت مشروع دراسة عن السعادة . وأشكر بشكل خاص ، موظفات _ ين المراكز الثقافية في بيت ياشوط واللاذقية ، حيث ساعدوني بكل لطف واحترام على الوصول إلى الكتب الموجودة في المركزين ، حول موضوع السعادة . .... أريد أن أضيف فكرة واحدة فقط ، كي لا تطول المقدمة كثيرا ، استفدت من كتب أريك فروم بشكل خاص ، أيضا موقف الدلاي لاما ، بالإضافة لآراء الصديقات والأصدقاء عبر الحوار المفتوح والمستمر ... يعتبر أريك فروم أن السعادة والصحة العقلية واحد لا اثنين ، ونقيض السعادة الاكتئاب لا الحزن أو الألم . موقف الدلاي لاما يتلخص بعبارته : السعادة غاية الحياة . كل الشكر والمودة والامتنان . بدأ مشروع الكتاب ، بشكل فعلي ، خريف 2021 . .... .... كتاب السعادة _ دفتر 1
1 محاولة التمييز بين اللذة والسعادة مشكلة مزمنة ، ومتجددة في الفكر والفلسفة ، وفي الثقافة العالمية بصورة عامة ، وهي ليست عملية سهلة بالطبع ، كما أنها تختلط بالغرور والطيش غالبا _ ربما . لا أزعم بأنني توصلت إلى طريقة علمية وصحيحة ، منطقيا وتجريبيا ، للفصل بينهما بشكل دقيق وموضوعي . ولا أعتقد أنني فشلت . وربما تكون تجربتي المتكاملة ، الثلاثية ، مع السعادة ( كفكرة وخبرة ونمط عيش ) تستحق الاهتمام والقراءة _ خاصة تجربة التدخين الارادي . .... تشبه عملية التمييز بين اللذة والسعادة محاولة التمييز بين الادراك والوعي ، مع فارق نوعي يزيد من صعوبة التمييز بين اللذة والسعادة ، حيث أن اللذة تمثل وجها واحدا من ثنائية اللذة والألم _ وجهان لعملة واحدة _ لا يمكن أن يوجد أحدهما بمعزل عن الثاني . بينما علاقة اللذة والسعادة تختلف من حيث أنها تتكون من ثلاثة أنواع : العلاقة الطردية حيث التوافق والانسجام الثابت بينهما ( الهوايات ) ، أو العكس حيث العلاقة بينهما متناقضة ( اللذة عكس السعادة _ كما في حالة الإدمان ) ، والنوع الثالث والعادي ، حيث العلاقة الاعتباطية بينهما ويشمل هذا النوع من العلاقة ، أغلب الأنشطة الضرورية ، والحيوية خاصة مثل الأكل والشرب والتنفس . .... التغير المستمر من لحظة الولادة إلى الموت ، غير المرئي وغير المريح _ بل المثير للخوف والذعر على المستوى اللاشعوري غالبا _ مصدر ثابت للمعاناة الإنسانية كما تفيد الحكمة الشرقية والبوذية خاصة . ( وهذا أيضا _ سوف يزول ) مقولة يرددها حكماء الهنود باستمرار لأنفسهم ، ومع تلاميذهم ومريديهم ، وتنسب إلى بوذا . التعامل الصحيح والمناسب مع حقيقة أن التغير دائم ، _ يشمل الوجود بلا استثناء _ يكون عبر الفهم والتقبل الواعيين . يترجم ذلك على مستوى الخبرة اليومية ، والعملية من خلال الامتنان لمعطيات الوجود والحياة . 2 الواقع أو الوجود ثلاثي البعد بطبيعته ، ويتكون من التقاء السبب والصدفة معا في كل لحظة ، الماضي والحياة مصدر السبب ، والمستقبل والزمن مصدر الصدفة بالمقابل . هذه الفكرة الأساسية في النظرية الجديدة ، تمثل نقلة نوعية في فهم الواقع والوجود الذاتي والموضوعي بالتزامن . بعد فهمها على المستوى المنطقي والتجريبي معا ، يسهل فهم الفرق بين اللذة والسعادة وبين الأمس والغد . .... لنتخيل ولادة طفل _ة الآن ... قبل سنة وأكثر ، كان _ت في وضع مزدوج ، وشديد الغرابة : جسده وحياته ( مورثاته ) جاءا من الماضي عبر أجساد الأسلاف _ بعدهما الأبوين ، بالتزامن ، كان زمنه الحقيقي ( عمره ) في المستقبل . وهما ( الحياة والزمن ) يلتقيان لحظة الولادة ، أو لحظة تلقيح البويضة . لنتخيل الفكرة ( التجربة ) نفسها بشكل مزدوج : قبل / وبعد مئة سنة ... الصورة واضحة ، ومفهومة بالنسبة لمن ولدوا قبل قرن ، سنة 1921 . هم انتقلوا إلى الماضي ، أو في طور الاحتضار اليوم . تتكشف الصورة بوضوح كامل ، مع تخيلها في الجهة المقابلة أيضا : مواليد سنة 2121 وما بعد ... جميعهم الآن ، في نفس الوضع المزدوج : مورثاتهم وحياتهم في أجساد الأسلاف _ بالتزامن زمنهم الحقيقي ( عمرهم _ أعمارهم ) موجود الآن في المستقبل _ بالطبع ليس في الماضي ولا في الحاضر . 3 النصر الذاتي والسعادة والصحة العقلية والحب والمسؤولية متلازمة . .... النصر الذاتي أو تحقيق الانسجام بين العمر العقلي والعمر البيولوجي ، هدف مشترك بين الفلسفة والعلوم الإنسانية والثقافة بصورة عامة . يتمثل الهدف المشترك بعملية رفع الانسان ، ونقله من العيش على مستوى الغريزة إلى العيش على مستوى العقل . .... الجزء الثاني علاقة السعادة والألم السعادة نتيجة ، حالة أو مرحلة ثانوية بطبيعتها . مثلها أو نقيضها حالة الكآبة والشقاء . .... ما العلاقة الصحيحة ، الحقيقية والموضوعية ، التي تربط بين الألم والسعادة ؟ كتبت سابقا ( الألم يجعل المرء خبيثا ) ، وهو بحث منشور على صفحتي في الحوار المتمدن . موقفي الآن مختلف ، واشعر بالحرج والخجل بصراحة . لقد تطور فهمي للعلاقة بين الألم والسعادة ، من خلال البحث واللحوار . الألم غالبا أقرب إلى السعادة من اللذة ، ويمكن فهم ذلك بدلالة الفائدة . وأخيرا تتكشف الصورة الحقيقية ، العلاقة بينهما ، بالكامل بعد تغيير الموقف التقليدي من المصلحة _ الفردية خاصة . بعد إدخال عامل الفائدة ، إلى العلاقة بين اللذة والألم ، تتكشف العلاقة الحقيقية والمتكاملة بين السعادة واللذة _ وبين السعادة والألم بالتزامن . يمكن تصنيف اللذة ، أيضا الألم ، بدلالة الفائدة إلى ثلاثة فئات : 1 _ الألم ( أو اللذة ) المفيد _ ة . 2 _ الألم ( أو اللذة ) الضار _ ة . 3 _ الألم ( او اللذة ) المحايد والاعتباطي . اللذة المفيدة معروفة للجميع ، مثل الهواء والماء والغذاء . أيضا الهوايات . الألم المفيد معروف أيضا ، ويرتبط بمرحلة التعلم والصبر _ والتسامح بصورة خاصة . الإدمان والهوايات نقيضان ، أو نوعين من العادات سلبية أو إيجابية : الإدمان ( العادة السلبية ) ، سهل التعلم ، لذيذ وممتع في البداية . ويصعب التحرر الذاتي منه . الهواية على النقيض تماما : صعبة التعلم في البداية ، قبل تحويلها إلى عادة سارة ومبهجة . ويسهل التحرر منها دوما ، بل أكثر من ذلك ، ترك الهوايات عملية سهلة ولذيذة ومريحة . تفسير ذلك سهل أيضا : الهوايات ( العادات الإيجابية ) ترفع نمط العيش ومستواه درجة أعلى من العادي والمتوسط الاجتماعي ، فيسهل الخلاص منها والنزول إلى المشترك والمتوسط . والادمان بالعكس ، يخفض نمط العيش ومستواه عن المتوسط الاجتماعي والعادي ، فيتعذر الخروج من الحفرة أو الهاوية ( بحالة المخدرات مثلا ) بشكل منفرد . بين العادات الإيجابية ( الهوايات ) والعادات السلبية ( الإدمان ) توجد العادات الجديدة التي تنشأ عن التطور الطبيعي ، مثلا أدوات التواصل الحديثة أو الذكاء الاصطناعي . بالإضافة إلى ذلك ، يشمل مجال الألم المفيد مختلف جوانب العيش غالبا ، فهو يتوافق مع توسيع دائرة الراحة ، بعكس العادة والتكرار . المثال النموذجي للألم المفيد مهارة وخبرة الصبر والتسامح على سبيل المثال . ( التسامح يتضمن الثأر والانتقام ، بينما العكس غير صحيح . موقف التسامح مستوى أعلى بطبيعته ، ويشبه مهارة تعلم لغة جديدة واكتسابها ) . الألم الضار المؤذي ندركه بشكل غريزي ، وهو ما يمنح للألم مزاياه الإيجابية الخاصة مقارنة بالملذات . تتوضح الفكرة بدلالة عتبة الألم . حيث أن عتبة الألم المرتفعة دلالة على السعادة والصحة العقلية بالتزامن . والعكس صحيح أيضا ، عتبة الألم المنخفضة جدا دلالة المرض العقلي والشقاء ، كما في حالات الهوس والهستيريا التي نعرفها ونخبرها جميعا . تتكشف العلاقة الحقيقة بين الألم والسعادة بدلالة المصلحة الفردية خاصة . يوجد سوء فهم شائع ، ومشترك ، لفكرة المصلحة الشخصية خاصة . حيث يقتصر الفهم العام للمصلحة على الجانب الضيق منها ، المباشر والأناني . بينما المصلحة الحقيقية للفرد ، تتضمن حياته المتكاملة بمختلف مراحلها في الماضي والحاضر والمستقبل . من المفارقات الطريفة ، التي حدثت معي خلال بحث السعادة كانت فكرة المصلحة الشخصية والمتكاملة أكثرها أهمية كما اعتقد . وهي تتصل مباشرة بالفهم الصحيح للواقع ولحركة الزمن . كما أنها دفعتني بشكل مباشر إلى الاهتمام بالأزمنة الثلاثة ، الحقيقية ، الماضي والحاضر والمستقبل وعلاقتها الفعلية مع بعضها . ثم تطور ذلك الاهتمام إلى العلاقة بين الحياة والزمن ، وهذا مجال واسع وجديد ، ناقشته بشكل تفصيلي وموسع عبر الكتاب الأول ( النظرية ) ، بجزئيه . يمكن تقسيم المصلحة الإنسانية ، على المستوى الفردي خاصة ، إلى ثلاثة مستويات وأنواع : 1 _ المصلحة المباشرة . الأنانية والضيقة بطبيعتها ، وتتمثل بالانغماس بالشهوات والملذات . 2 _ المصلحة المتوسطة . تمثل العلاقة مع القادم والمستقبل ، بين سنة وخمس سنوات . 3 _ المصلحة الحقيقية والمتكاملة . تشمل الحياة الشخصية بمجملها ، من الولادة إلى الموت . بين المراحل الثلاثة للمصلحة علاقة تتام ، تشبه إلى درجة المطابقة العلاقة بين الطفولة والمراهقة والكهولة . الكهولة تتضمن المراهقة والشباب ، بينما العكس غير صحيح . العيش على مستوى الطفولة ، او بدلالة المصلحة المباشرة فقط ( الأنانية ) ، كلنا خبرنا هذا المستوى في المراهقة والشباب الأول على الأقل . حيث الغضب المزمن ، والجشع وعدم الكفاية . المستوى الثاني ، والثانوي ، أو العيش على مستوى المراهقة والمصلحة المتوسطة وبدلالة السنوات الخمسة ، يتمثل بتبادل المنافع والانتهازية ، أيضا نعرفه جميعا . المرحلة النهائية ، حيث النضج المتكامل والمصلحة الإنسانية الحقيقية . يوجد مثال نموذجي كما أعتقد ، يتضمن العلاقة بين السعادة واللذة والألم والفائدة بالتزامن ، ويتمثل بالسنة الدراسية لطالب _ة بكالوريا . أيضا بالتقسيم الثلاثي : 1 _ الفئة الأولى ، تمثل المقدرة على بذل الجهد والوقت . هذا المستوى أو النمط من العيش يمثل المصلحة المتكاملة . ( مهارة الصبر والمرونة العقلية ) . 2 _ الفئة الثالثة والأخيرة ، تتمثل بعدم المقدرة على التركيز ، أو بذل الجهد والوقت اللازمين للفهم والنجاح . 3 _ الفئة الثانية ، والمتوسطة ، وتمثل الغالبية في مختلف الثقافات واللغات والمجتمعات ، حيث الشخصية النمطية والمتوسطة . .... على هامش الدفتر 1 لا تقل أهمية ما نجهل ، عن قيمة وأهمية معرفتنا ، بل تتجاوزها . يحددنا ما نجهل بطرق يتعذر معرفتها ، ليس هذا فقط ، بل كل ما نعرفه اليوم حالة خاصة ، وتفقد القيمة والمعنى في المستقبل بصورة مؤكدة . هذا الواقع الثقيل يدفعنا في اتجاهين ، نحو التواضع والحكمة أحيانا ، ويدفعنا إلى الغرور والطيش غالبا للأسف . ملحق 1 مؤلمة ، وغير مفهومة وبلا منطق أحيانا ، ويتعذر تحملها غالبا ، لكن مع ذلك ، هي كل ما لدينا . .... السعادة نمط عيش ، وهوية ثانية أو موقف عقلي متكامل . .... الطريق ، أو الطرق ، التي نستجيب بها لأحداث الحياة تمثل المصدر الثابت للشقاء أو السعادة ، والاحتمال الثالث شبه الحياد أو عدم التأثير . تتوضح الفكرة _ الخبرة من خلال مقارنة بسيطة بين تجربة الصوم الارادي ، وبين المنع القسري عن الطعام والشراب كعقوبة تفرض من الخارج . في حالة الصوم الارادي ، وخاصة عن التدخين أو الكحول وغيرها من أشكال الإدمان المتنوعة ، تكون نتيجة التجربة حالة من الرضا والتقدير الذاتي المرتفع والمناسب أيضا . وعلى النقيض من ذلك ، في حالة المنع بالقسر والاكراه ، النتيجة تؤدي غالبا إلى موقف الضحية ، السلبي والذي يدمر الثقة بالنفس والآخر . ملحق 2 الواقع المباشر ، يمكن تصوره بشكل تقريبي على مستوى الكرة الأرضية . فهو مجال فوق سطح الأرض ، فجوة أو مساحة أو فضاء ، يتشكل بنتيجة الالتقاء بين تيارين متعاكسين بطبيعتهما ، تيار الحياة وتيار الزمن . الحياة تبدأ من الماضي الموضوعي أو الأصغر في اتجاه المستقبل والأكبر ، عبر الحاضر الآن والمباشر . والعكس اتجاه تيار الزمن ، من المستقبل أو الأكبر في اتجاه الماضي الداخلي والأصغر . .... بعد استبدال عبارة ( الواقع المباشر ) بمكوناتها الثلاثة : الحياة والزمن والمكان أو الحضور والحاضر والمحضر ، تتكشف الصورة بوضوح . .... أعتقد أن للفهم الصحيح ، مع تشكيل التصور المناسب للواقع والوجود دور محوري في الصحة العقلية والسعادة ( أو المرض العقلي والتعاسة ) . ملحق 3 التسامح مع أنه قفزة يتعذر تبريرها منطقيا ، يبقى الشرط الدائم والأولي للعيش في الحاضر . كيف يحضر الانسان في العالم ؟ هو الأهم بدون شك . .... لا أحد يعرف نفسه لتهدأ نفسك .... ما أزال أرى الأحلام الغريبة كل يوم ، رغم أني تركت 61 سنة خلفي . مثلك تماما كل يوم أتفاجأ بصورتي في المرآة ، وأضحك ... ثم اضحك من كل قلبي . .... التسامح فخ أيضا ... مكافأة المعتدي تحوله إلى وحش . ....
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كتاب السعادة _ دفتر 1
-
مقدمة كتاب السعادة
-
كتاب السعادة _ دفاتر جديدة
-
النظرية الجديدة _ الصيغة النهائية
-
خلاصة ، مؤخرة ، بتكثيف شديد النظرية الجديدة
-
خلاصة ، ملخص بتكثيف شديد ، النظرية الجديدة
-
النظرية الجديدة _ المخطوط الكامل
-
الفصل الأخير _ النظرية الجديدة
-
النظرية الجديدة _ الخاتمة
-
النظرية الجديدة _ الفصل 13
-
هوامش وملاحظات بين الفصلين 12و 13
-
مخطوط النظرية الجديدة _ حتى الفصل 12
-
الفصل 12 مع التكملة
-
ساعة الزمن وساعة الحياة _ مؤخرة الفصل 12
-
جملة اعتراضية
-
النظرية الجديدة _ الفصل 12
-
النظرية الجديدة _ الجزء الثالث الفصل 11
-
لعبة ذهنية
-
الفصل 11
-
النظرية الجديدة _ الجزء الأول والثاني مع الفصل العاشر
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|