أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قاسم المحبشي - دور البحر في التاريخ الذي لم نفهمه بعد















المزيد.....


دور البحر في التاريخ الذي لم نفهمه بعد


قاسم المحبشي
كاتب

(Qasem Abed)


الحوار المتمدن-العدد: 7058 - 2021 / 10 / 26 - 14:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


( أين شواهدكم ، معارككم، شهداؤكم؟ أين ذاكرتكم القبلية؟ إيها السادة .. في القبة الرمادية . البحر . البحر قد أقفل عليها . البحر هو التاريخ) بهذا النص الشعري للشاعر الكاريبي ديريك والكوت الحائز على جائزة نوبل عام 1992استهل الكتاب مؤلفه. قرأت أشياء

ربما قرأنا عن تشبيه التاريخ بالنهر بوصفه صيرورة دائمة الحركة عبر الزمان من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل إذ أن التاريخ يجري كما تجري مياه الأنهار إلى مصالتها؛ أنها تجري باستمرار يستحيل الاستحمام بها مرتين! بحسب هيرقلطيس. لكن هل هذا التشبيه دقيق ويشبع المعنى؟
الأنهار تجري في مسار واحد تنساب أو تجرف لكنها جميعها تصب في آخر المطاف في البحر ؛ البحر البحر هو من يشبه التاريخ أو يشبهه التاريخ إذ أننا نعيشه كما تعيش الأسماك بالماء وكما هو قانون البحار وحياة الأسماك الكبيرة التي تتغذى على الأسماك الصغيرة يمكن النظر إلى التاريخ وحركته المستمرة. نعم هو يتحرك حركة ذاتية نسبية ولكنه لا يسيل إلى مكان ما خارج هذه الكوكب. ومن البحر استلهم الشاعر الكاريبي ديريك والكوت قصيدته ( البحر والتاريخ) فالبحر هو محور التاريخ حيث يحتفظ بالذكريات في قاعه كما يحتفظ بجثث ضحاياه وسفنهم ومقتنياتهم. ومن الاخطاء الفادحة في الدراسات التاريخية التقليدية أن الباحثين في التاريخ والآثار انشغلوا في تدوين ما حدث ويحدث في اليابسة وكل ما هو متاح للرؤية والمشاهدة بينما ظل التاريخ الحقيقي محتجبا عنكم في اعماق البحار والمحطات التي تشكل ثلاثة أرباع الكرة الأرضية مجازنا بينما هي في حقيقتها كرة مائية أو بحرية وصف أقرب إلى الحقيقة.
هذا الباراديم في رؤية التاريخ والعالم من جديد هو الذي لمحته وانا بصدد كتابة ورقة بحثية في مدارات ما بعد الكولونيالية. إنه البحر الذي يستحق القراءة منذ أقدم العصور ولا زال هو من يشكل ويعيد تشكيل العالم بمختلف الصور والأنحاء وكل دراسة لإحداث ووقائع التاريخ الأرضية تظل قاصرة بدون أن تشتمل على فهم دور البحر وتاثيره المباشر وغير المباشر في حياة الناس الترابية. وربما ادركت مدرسة التاريخ الجديد موخرا ذلك الأمر إذ عرّف المؤرخ الإنجليزي هاري المر بارنز (التاريخ الجديد) بأنه: "طريقة العرض التاريخي التي تحاول بصفة عامة أن تعيد صياغة تاريخ الحضارة ككل بوصفه على حد قول الاستاذ روبنسون – كل ما نعرفه عن كل شيء فعله الانسان أو فكر فيه أو أمل فيه أو حلم فيه.ويعد الأمريكي جميس هارفي روبنسون، الذي ورد اسمه في هذا التعريف أول من استخدم مصطلح التاريخ الجديد إذ كان قد نشر كتاباً في نيويورك في عام 1912 يحمل أسم (التاريخ الجديد) جاء فيه: "ان الانسان ليجد عزاءاًً وراحة عقلية في ترك أي محاولة لان يعرف التاريخ وأن يقنع باعتبار: مهمة المؤرخ أن يكشف أي شيء عن ماضي الجنس البشري يعتقد أنه شائق أو مهم يستطيع أن يضع يده على مصادر المعلومات عنه وقد أوضح الاستاذ بارنز أن ما هو جوهري في هذا التعريف لمصطلح التاريخ الجديد أنه يؤكد على البحث عن الأصل (Genetic Orientation) كالبحث عن أصل الانسان وتطوره، وأصل التنظيمات الحضارية وتطورها. ومن هنا، فانه يرى أن على المؤرخ الذي يسعى لكتابة التاريخ على وفق هذا التصور الجديد أن يكون لديه إلمام كامل بطبيعة الانسان وعلاقته ببيئته الطبيعية والاجتماعية الامر الذي يمكنه من معالجة مشكلة إعادة صياغة الاوجه المختلفة لتاريخ الحضارة. وفضلاً عما تقدم، فإن على المؤرخ أن يتلقى تدريباً مناسباً لتحليل التطور في النظم، وهو التطور الذي يحفظ سجل سيطرة الانسان تدريجياً على بيئته المادية ونجاحه المضطرد في تنظيم الجهود التعاونية لبني جنسه. وهنا يؤكد الاستاذ بارنز، أن هذا النوع من التاريخ الحضاري يتطلب من المؤرخ الطموح الذي يسعى للعمل في ميدانه أن يكون مزوداً بمعلومات اساسية من "علم الاحياء، وعلم الاجناس البشرية، وعلم النفس، وعلم الاجتماع. كذلك، فان عليه أن يتدرب تدريباً خاصاً في العلوم الاجتماعية والجغرافيا اهمها ، وفي بعض فروع العلوم الطبيعية، وعلم الجمال، ..."
أكد فرنان بروديل – وهو من أبرز رواد التاريخ الجديد – أن التاريخ يجب أن يكون شمولياً أو لا يكون، "وهو يحتاج إلى العلوم الاجتماعية الأخرى، وقادر على تبني اشكال التفسير الجديدة التي تبتدعها هذه العلوم وتكييفها لأغراضه الخاصة. والتاريخ قادر بدوره على تقديم ما تفتقر إليه العلوم الأخرى، وهو البعد الزمني، الذي يمثل خصوصيته، ولايهم في نظر بروديل ان أتهم البعض التاريخ بأنه (امبريالي) يريد ابتلاع كل شيء".
‏‎وقد أشار العروي إلى أن مفهوم الشمولية كما يعرضه بروديل وغيره من مؤرخي مدرسة الحوليات مستوحى من علماء الانثربولوجيا وبخاصة من الباحث الفرنسي مارسل موس الذي يرى أن "المجتمع، أي مجتمع، يكون في الحقيقة وحدة عضوية، فلا يمكن تجزئته الى قطع مستقلة تدرس كل واحدة منها على حدة. ان في قلب كل جزئية وظيفية يجب البحث عن مفعول الظاهرة الشمولية"
وهو الامر الذي فعله بنفسه حينما جعل من عالم البحر الأبيض المتوسط والعالم المتوسطي على أيام فيليب الثاني – وهذا هو عنوان الكتاب الذي أصدره عام 1949 – نموذجاً تطبيقياً لكتابة التاريخ بحسب المنهجية الشمولية التي يدعو إليها. وقد توصل بروديل من دراسته المستفيضة لهذا الموضوع إلى وجود شخصية تاريخية لهذا البحر. وقد تجلى ذلك في وحدة النظم الاقتصادية والسياسية التي سادت في معظم الدول التي قامت على شواطئه .
‏‎هكذا بدا الأفق الشمولي عند بروديل"مجموعة تاريخية يشملها نمط واحد من نظم الحياة المادية والروحية، والسمة الأولى للحضارة هي أنها حقيقة واقعية ذات مدة مفرطة في الطول، وسمتها الثانية هي أنها مرتبطة أوثق الارتباط بمكانها الجغرافي إذ تحدث بروديل عن ثلاثة أزمنة وهي: الزمان الجغرافي والزمان الاجتماعي والزمان الفردي. وفي اطار هذا الفهم تبرز "امكانية لكتابة ثلاثة تواريخ ثانوية أو فرعية تصب كلها في ذات التاريخ الأصلي (الكلي) أو (الشامل): أولها تاريخ جغرافي (يهتم بدراسة الطبيعة أو المكان كتاريخ)، ثانيها: تاريخ ظرفي اجتماعي (يعنى بدراسة المجتمع والحضارة)، ثالثها: تاريخ حدثي (سياسي). ولا يعني هذا الاخير عودة مقنعة إلى المنهج التاريخي القديم، بل التأكيد على أن ثمة شروطاً تحدد الحدث نفسه وتسمح بامكانه". وقد خلص بروديل من كل ما تقدم إلى أنه قد أنجز في كتابه (البحر الابيض المتوسط والعالم المتوسطي على عهد فيليب الثاني) تاريخاً متعدداً لكنه واحد، لأن حركته تسير من البنية، أي من شروط لامكان إلى الحدث.

في ضوء ما تقدم يمكن لنا القول بأن فهم تاريخ العالم الحديث والاستعمار أهم ملامحه لا يمكن أن يتاتى بدون فهم حركة الاكتشافات الجغرافية وطرق السفن والبحارة ورواية روبنسون كروزو
وفي ذات السياق "تضع أعمال قرنح المحيط الهندي في المركز كمكان، وخلاله تتخلق التواريخ والهويات والعلاقات والصلات والسياسات. إن الساحل الشرق إفريقي السواحيلي العريض، والذي لا يحظى بما يستحق من استكشاف مع ذلك، هو موطن مزيج ثري من أشكال التراث الإفريقي والآسيوي والعربي، وهذه العوالم هي التي يرسم قرنح خرائطها في رواياته"
والاكتشاف فعل حركة ونقلة وقوة وتفوق وسيطرة ومن يكتشف يصمم ويشكل يسمي الذات والأخر فمن نحن ومن الآخر وكيف يمكننا الخروج من هذه الشبكة العلائقية المستحكمة في تاريخنا الحديث والمعاصر؟



#قاسم_المحبشي (هاشتاغ)       Qasem_Abed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل الذي اشتعل فأضاء ورحل
- البرقاوي ومنهجية الوعي الانعكاسي
- الكولونيالية من قلب الظلام إلى ذاكرة الرحيل
- ثورة 14 اكتوبر الحلم الذي استيقظنا على زواله
- تحصين العقل وتجفيف منابع الإرهاب
- كيف تكون النصوص المكتوبة مفيدة ولذيذة؟
- جامعة صنعاء والحرية الأكاديمية
- آمنة النصيري.. أنثى الضوء واللون والحرف والمعنى .
- اليوم؛ العيد العالمي للأب .. نحن نحبك يا أبي
- في صالون علمانيون.. نحن نصنع التاريخ
- مناظرة فكرية بين الشيخ والفيلسوف .. في معنى الإرهاب الفكري
- بشارة النجاة من فيروس كورونا : من افريقيا بدأنا واليها رجعنا
- في التواصل الكلامي في الزمن الكوروني
- حينما تتعرى الحضارة قراءة في لوحة
- الشاعرة غالية عيسى - حين يغني الحنين أوجاع الوطن -
- جمال الرموش شاعر الأعماق والآفاق
- اليوم جان بول سارتر وتهافت الحضور
- حينما تعلق الاستاذة الدكتورة وجيهة السط
- العولمة وكورونا من وجهتي نظر أمريكية وصينية
- الأسس الفلسفية والثقافية لخطاب الصحة الاجتماعية المعاصر


المزيد.....




- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...
- محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت ...
- اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام ...
- المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قاسم المحبشي - دور البحر في التاريخ الذي لم نفهمه بعد