|
نخبة عنتر ولبلب !!
حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 7057 - 2021 / 10 / 25 - 22:52
المحور:
كتابات ساخرة
موضوع الست المصرية الاصيلة التى تتحلى بالجراءة وتتصدى للفن والإبداع ليس جديدا، بل هو أمر ممتد منذ ماقبل عشرينيات القرن الماضى ، وكان يثير نفس الزوابع والفتن ويؤدى إلى معارك مشتعلة تستمر لسنوات فى كثير من الأحيان ، ويبدو أن الإحتلال البريطانى لمصر كان قد فطن إلى أهمية إستخدام المصريات الأصيلات لجذب اهتمام العامة ، فلجأ إلى تلك الحيلة الإلهائية ،لإبعاد المصريين عن مقاومته وتحويل وجهتهم لمسائل أخرى ، حتى أن الست أم كلثوم نفسها بدأت مشوارها الفنى بأغنية " أنا الخلاعة والدلاعة مذهبى " وذلك فى بداية العشرينيات من القرن الماضى ، حيث أثارت ضجة كبرى واهتمام واسع وتحولت بعدها الست أم كلثوم إلى كوكب الشرق ؟ لكن العمل الفنى الأكثر تأثيرا فى ذلك الوقت تمثل فى أغنية تعالى يا شاطر نروح القناطر التى غنتها" الست نعيمة المصرية " من كلمات بديع خيرى أو يونس القاضي، وألحان( الشيخ سيد درويش )والتي تقول فيها: (هات القزازة واقعد لاعبني ، دي المزة طازة والحال عاجبني) والتى يعتبرها البعض أغنية وطنية نضالية ؟ ثم إستمر الحال هكذا حتى أتحفتنا الست عايدة الشاعر برائعتها الشعبية المصرية الأصيلة " الطشت قاللى قومى إستحمى " وذلك عقب نكسة عام 1967 ؟ بينما جائت جمالات شيحة وخضرة محمد خضر وبدارة السيد والست أمينة من فوق شواشى الذرة والعربية الكارو والحنطور إلى أروقة الفن وأضوائه ودروبه، لإشباع الرغبة المكبوتة لدى شريحة كبرى متواضعة الثقافة والعلم، وإرضاءا لغرورها وتخديرا لها ؟ فاللعبة قديمة قدم الإحتياج السياسى العام ، وليس لنا أن نلغى عقولنا ، لكى نفترض ان شابا متوسط الذكاء لا تاريخ له، تحرك وحده ،وقام بتلقى تمويلات من جهات غامضة ، ثم ذهب لانجاز عمله وتنفيذه بمحافظة صعيدية ذات حساسية طائفية ، فاختار بطلة لفيلمه منها ومعها بقية أقربائها واقرباء أقربائها،ثم اخذ يدربهن ويعلمهن ويحفظهن ،دون ان يثير فضول احد، أو يحرك انتباه أو علم أولئك الذين لا يتركون شاردة أو واردة على ثغور المحروسة ، ثم قام بالتصوير والتمثيل والتجميع والحركة هكذا بدون تصاريح نقابية او امنية أو حتى عمالية ؟ ثم وبعد ان فرغ من عمله الكبير سافر للمشاركة بالمهراجانات العالمية بكل اريحية ودون قلق او ممانعة، حتى إذا فاز وعاد مظفرا تلقفته الست ايناس وكرمته ، وظل الأمر مع كل ذلك مخفى غير معلوم ،حتى اذا تم عرض العمل بمهرجان العرايا بعد نيل كل الموافقات الرسمية على تقديمه ،التفت اليه القوم فجاة وتذكروا ان فى الأمر ما يريب ؟ لتنتهى المسألة برمتها بالجملة المأثورة أن مصر لا تتأثر ؟ إن اللعبة قديمة جدا ، لكن استخدامها جاء عبقريا هذه المرة ويستحق التحية ، فاستخدام الست ام كلثوم والست نعيمة المصرى والست عايدة الشاعر وغيرهن كان يوجه بشكل أساسى لإستلاب عقول العامة وحدهم وتحويل وجهتهم، وكانت النخب فى غالبية الاحوال تتصدى للكثير من تلك الظواهر الممنهجة ، نظرا لان نموذج الست المصرية البسيطة التى تقتحم مجال الفن كان يقدم فى معظم الأحيان من خلال عمل سطحى تافه مسف متجاوز للاعراف والاخلاقيات، أو هابط ومتدنى من الناحية الفنية ، و فى كافة الأحوال كانت تلك الاعمال تأخذ مجالها وتمر سريعا كغيرها بعد ان ينكشف الغبار عن اهدافها فيعود الناس الى الاهتمام بالقضايا الأولى بالرعاية ، إنما العبقرى فى المسألة هذه المرة ويستحق كل التحية ، هو أن النموذج الحديث الذى تم تدشينه لم يتواكب مع عمل فنى هابط أو مسف ، لكنه وضع ( شكلا) فى صورة عمل يدافع عن المقهورين المسحوقين !! كما جاء إختيار أبطال العمل دقيقا وحساسا، والأمر كله تشابه مع تدشين نموذج شعبان عبد الرحيم الذى بدأ مشواره بكراهية إسرائيل والدعوة الى تبطيل السجائر من اول يناير؟ وبالتالى أصبح الموضوع شائكا ،فإما ان تزيط مع الزائطين، أو أنك ستصبح معاديا للبسطاء والفقراء ومؤيدا للحكومة واسرائيل وشرب الشيشة والسجاير ؟ أما اذا ما حاولت تقديم أية اسئلة منطقية عن الشخوص وتأهيلهم ومدى جدارتهم ، فستتهم بالعنصرية والطائفية والتعالى ؟ وحتى إن تجاوزت كل ذلك وصممت على استخدام المنطق والعقل، فإنك لن تتحدى العوام وحدهم ، بل ستجد نفسك فى مواجهة ساخنة مع النخب التى إنهارت مقاومتها هذه المرة وخارت وإنكفأت على وجهها، وبات موقفها يتطابق مع شخصية سراج منير فى فيلم عنتر ولبلب الذى لسعه فيه شكوكو على قفاه عشرات المرات طوال احداث الفيلم ؟
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ريش بعد المداولة !
-
فيلم ريش
-
الدفاع عن الفقراءمن فوق -حجر - المليارديرات
-
مذبحة الثالث من إكتوبر 1993-موسكو
-
مذبحة السابع عشر من إكتوبر ،،
-
بهاراتيا جاناتا ، وطالبان ، وجهان لعملة واحدة !
-
شبق الوصول إلى كأس العالم !
-
مع أمريكا ذلك أفضل جدا ،،
-
مع أمريكا ومارك، أفضل جدا ،،
-
من أبطال نصر إكتوبر، الشهيد إبراهيم عبد التواب
-
حرب عولمية ؟
-
ومن الذى يعتذر للدكتور جمال حمدان؟
-
عبد الناصر مدين لوالداى بإعتذار !
-
رجال المرحلة !!
-
الذكرى الحادية والخمسون ،
-
المناضلة الفلسطينية خالدة جرار
-
الإنشاءات العملاقة، والحرية
-
المشير طنطاوى
-
ماجور سد النهضة ؟
-
الأمور المنطقية فى مسألة التمييز؟
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|