|
المرأﺓ...ﺍﻟﻌمل الجمعوي أية علاقة؟
فاطمة الزهراء المرابط
الحوار المتمدن-العدد: 1651 - 2006 / 8 / 23 - 09:54
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
" إن وعي المرأة بأهمية ﺍﻟﻌمل الجمعوي يعتبر ضرورة ملحة، من أجل بلورة ممارسة نسائية تتجاوز التهميش الذي تعرفه قضايا المرأة، و الإلتحام بواقع النساء ومشاكلهن، من أجل إشراكهن في نقاش ذلك الواقع و إقتراح أساليب تجاوزه وتغييره ".
إن تموقع مدينة أصيلة في الفضاء الأروالمتوسطي، وغلبة الطابع السياحي على معظم أنشطتهاالإقتصادية،عرضها لعدة تأثيرات ثقافية أجنبية وخاصة ثقافة جنوب أروبا(إسبانيا)،الأمر الذي أدى إلى نشأة وضعية ثقافية متميزة. لكن المرأة في هذه المدينة لم تستفد من هذا المزيج الثقافي، فالفتيات شبه غائبات عن الأنشطة التلاميذية والطلابية وحتى الثقافية. كما أن جل النساء العاملات عازفات عن المشاركة في ﺍﻟﻌمل الجمعوي الثقافي أو الإنخراط في العمل النقابي أو الحقوقي. و ذلك بسبب ضعف وعي المرأة بأهمية ﺍﻟﻌمل الجمعوي، حيث تصنف نساء أصيلة في هذا الإطار إلى 3 فئات: ـ الفئة الأولى: تضم نساء قرويات لا دراية لهم باﻟﻌمل الجمعوي. ـ الفئة الثانية: مزيج من نساء أميات انخرطن في الجمعيات بهدف الإستفادة من دروس محو الأمية و الدروس الدينية، تجهلن تماما أهداف الجمعية أو مجال إشتغالها.و نساء منخرطات من أجل الحصول على مساعدات مادية أو تعلم حرفة ما(خياطة،طرز...). ـ الفئة التالثة: عبارةعن موظفات يعتبرن ﺍﻟﻌمل الجمعوي يتطلب وقت و تضحية و أنه ممارسة خاصة بالرجال، و هناك من يعتبره مجرد إطار لملئ الفراغ. في حين نجد شريحة نسائية و هي تشكل نسبة قليلة جدا، تؤمن بأن ﺍﻟﻌمل الجمعوي إطار حقيقي للدفاع عن قضية المرأة و النهوض بها. و هذا لا يدل على أن المرأة ناقصة العقل، و إنما التربية التي تتلقاها المرأة منذ طفولتها، خلقت منها إمرأة تافهة التقكير ليس في حياتها هدف سوى الزواج وإنجاب الأطفال، مستسلمة لسلطة التقاليد و الموروثات الثقافية، التي أقبرت فكرها و دجنت تفكيرها. فصارت أهم مواضيعها و مناقشاتها لا تخرج عن إطار المطبخ و الزواج، حيث تتلقى منذ صغرها دروسا أولية في الطبح و الخياطة و الأشغال المنزلية، في إنتظار العريس الذي قد يأتي و قد لا يأتي أبدا. خاصة و أن فرصة الزواج في سن مبكرة أصبح أمرا نادرا، في ظل الظروف الإقتصادية و الإجتماعية الراهنة التي يعرفها المجتمع المغربي بشكل عام. كما أن الرجل عندما يفكر في الزواج يبحت عن موظفة أو ذات دخل قار، من أجل التعاون على مصاعب الحياة. فالأم عندما تعمل على توجيه فكر إبنتها نحو الزواج الذي يصبح الهدف الوحيد في حياة إبنتها، لا تأخد بعين الإعتبار التحولات التي يعرفها المغرب من الناحية الثقافية و الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية. والنتيجة أفواج هائلة من العاطلات و اليائسات من وجود وظيفة تحميهن من غدر الزمن. إن الفكر السائد داخل مجتمع أصيلة، و الوضعية الإقتصادية للمدينة نفسها لا تساعد على إثبات قدراتها العملية و الفكرية بشكل إيجابي. فالعزلة و التهميش الذي تعاني منه المدينة بحكم موقعها الجغرافي و طابعها السياحي، و غياب بنيات إقتصادية أساسية. يدفع النساء إلى البحت عن لقمة العيش و ذلك بالعمل في أي مجال ( معمل الخياطة، تصبير السمك، المقاهي، البيوت...) في غياب كل شروط الحماية و التأمين، في حين هناك فئة من النساء تعاطت للعمل التجاري، خاصة السلع المهربة من إسبانيا أوالمجلوبة من المملكة العربية السعودية خلال موسم الحج أو العمرة. وهناك فئة أخرى أغلبهن منحدرات من البوادي المجاورة اضطرهن الفقر المدقع إلى التجارة في الأسواق، أو الإشتغال في البيوت و إرسال أطفالهن للعمل في بيوت المدينة. رغم كل ما يعتري هذا العمل من إستغلال بشع للطاقات النسائية المقهورة، و ما يكشفه عن ماسي إجتماعية تتسبب فيها الخادمات من جهة أو تمارسها المشغلات من جهة تانية. إن مجتمع أصيلة التقليدي الصغير يعج بحركة ثقافية متميزة، لكنها تعاني من أزمة الانفتاح على العنصر النسائي، الذي يفتقر إلى الوعي بأهمية الثقافة الجمعوية. و يمكن تقسيم العمل الجمعوي إلى نوعين: ـ إطارات نسائية: من المفروض أن تكون الموجه الوحيد للنساء، من أجل الرفع من وعيهن و الدفاع عن مطالبهن، عبر تكريس ثقافة جادة تهتم بقضايا المرأة و شؤونها. لكن للأسف، هذه الإطارات النسائية ليست سوى أم تانية، توجه إهتمام منخرطاتها نحو الأعمال المنزلية . إذ لا تخرج عن إطار ورشات لتلقي دروس في الطبخ و الخياطة و صيانة الأثات المنزلي. في حين أن المرأة في حاجة إلى ثقافة جادة تساهم قي توعيتها،و تحسيسها بواقعها و مشاكلها كإمرأة مهمشة مهضومة الحقوق، و المشاركة في مناقشة قضاياها و إقتراح أساليب لتغيير هذا الواقع و تجاوزه. ـ إطارات ثقافية: تكاد تخلو من العنصر النسائي ـ رغم أنها تتطرق من حين لأخر إلى مواضيع تساهم في تفعيل قضايا المرأة ـ و ذلك بسبب أزمة التواصل بين الطرفين، فمن جهة الجمعيات لا تحاول الإنفتاح على القاعدة النسائية ، و من جهة أخرى المرأة لا تهتم بعقلها وثقافتها كإهتمامها بمظهرها و نظرة الناس إليها. كما أن تسيير الجمعيات من طرف الرجال لا يشجع النساء على الإنخراط في ﺍﻟﻌمل الجمعوي، و نسبة نادرة جدا من النساء تمكنت من التمرد على هذه الوضعية الإجتماعية، لتمارس حريتها ضاربة بعرض الحائط كل الموروثات الثقافية، هدفها الأسمى في الحياة هو تنمية ثقافتها و بناء شخصية مستقلة عن سيطرة العائلة. رغم أن حريتها تكلفها الكثير حيث تتعرض لعدة ضغوطات من طرف المجتمع، و جملة من الأقاويل و الإشاعات التي تنناقل بسرعة كبيرة تفوق كل وسائل الإعلام و الإتصال. و خاصة و أن تواجدها في مدينة صغيرة كأصيلة تتناسل فيها المقاهي المملوءة طيلة النهار و تلثا من الليل. لكن هذه الفئة من النساء تؤمن بأن المرأة يجب أن تتخد مواقف شجاعة في حياتها الخاصة و العامة، و أن عليها أن تكون إنسانة لها عقل يفكر و ينتج، عليها أن تدرك أن وظيفتها الأساسية في الحياة هي الإنتاج الفكري في أي مجال تختاره. و بالتالي على المرأة أن تستغل هذه الحركة الثقافية التي تعج بها مدينة أصيلة، لتعرف إنبعات حقيقي ينطلق من ذاتها كإمرأة مهمشة تحت وطأة الأمية والموروثات الثقافية، عليها أن تعي بواقعها و حقوقها، و أن تبحت عن الوسائل التي ستجعل منها إنسانة واعية و فاعلة داخل المجتمع.
#فاطمة_الزهراء_المرابط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأستاذ التلميذ... أية علاقة ؟!!
-
- المرأة العاملة بين قانون الشغل و مرارة الواقع -
-
اصيلا ذات مساء
المزيد.....
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
-
روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت
...
-
فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|