|
أخبارلا نتداولها عمدا
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 7057 - 2021 / 10 / 25 - 10:00
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
. هل أحضرت جيوش البدو طعامها و إحتياجاتها المعيشية معها من الجزيرة العربية وهي تنشرالإسلام بحد السيف بين سكان المجتمعات المحيطة. نفس السؤال .. عن جيوش المأمون عندما أعادت إستعمار مصر ورجع كل جندى من جنودة و ملء كفيه دنانير ذهب غنائم.. و سليم الأول العثماني الذى شحن كل كنوز مصر وخيرة رجالها إلي بلده برا و بحرا بعدما غزا المنطقة و إحتل أقطارها. هذه الجيوش الجرارة عندما كانت تستقر في مكان ما تم إستعماره .. هل كانت قوافل الإمداد تصلها .. من ( المدينة أو بغداد أو إسطنبول ) .. أم كانت تشترى من المواطنين المحليين مؤنها .. و تدفع في مقابلها .. كما فعلت الجيوش المصرية في زمن تحتمس الثالث و رمسيس الثاني . أو عبد الناصر في اليمن في الحقيقة لا هذا و لا ذاك.. لقد إستولت بالقوة و العنف علي أقوات الشعوب المستعمرة لصالح جنودها .. بل كما ذكرت نزحوا ثرواتها ( من الفيء و الغنائم ) و صدروها في إتجاة الأماكن التي أتوا منها . هذا ليس نقدا لهذه الجيوش .. فقد كان واقع الحال في ذلك الزمن أن ينهب المنتصر أموال و ثروات الخاسر و في نفس الوقت يستعبدة هو و أسرته .و يبيعه في أسواق النخاسة . .. وبذلك كانت مصر بأرضها و أبناءها غنيمة للمنتصرين القبائل العربية ذاتها.. زاولت هذه العادة علي نفسها .. قطع الطريق علي القوافل .. مهاجمة التجمعات السكنية حول منابع الماء.. سبي نساء الخاسرين .. لذلك لم يكن غريبا أن يطبقوا ما إعتادوا علية .. علي الأقطار المستعمرة . العلاقة التقليدية بين البدو ( الرعاة ) الرحل من جهه و المزارعين المستقرين من جهة أخرى .. شائكة علي مر التاريخ .. فطالما هاجم الجوعي جيرانهم و نهبوهم .. و سرقوهم .. و طالما دافع الزراع عن قراهم و ثرواتهم و بنوا الحصون علي الحدود ..وشكلوا حملات التأديب التي خرجت لردع المعتدين . حدث هذا في جميع العصور .. و الأزمان ..و الأماكن ..أن تغزو جيوش البدو الجيران من الحضر.. و تخرب مدنها و تستولي علي كنوزها .. بما في ذلك الهند و الصين و أوروبا و (بالطبع) دام الكر و الفر لقرون في المنطقة التي يطلق عليها الشرق الأوسط اى من حدود إيران حتي المحيط الأطلسي. .. خصوصا في ممالك فارس ومصر و العراق و الشام و هكذا نعرف بدرجة كبيرة من اليقين عن طريق الباحثين الغربيين (( أن قصة غزو البدو ( من الشرق و الغرب و الجنوب ) لوادى النيل إستمرت منذ أن إستطاع المصرى ترويض النهر و زراعة ضفافة و تخزين المحاصيل لاستخدامها علي مر شهورالعام .. بينما البدو المحيطون يتضورون جوعا و عطشا ويهاجمون القرى لسرقة ثروات اهلها او يسعون خاضعين للتسول من خيراتها)) و كان ملوك مصر لأربعة الاف سنة ..منذ (مينا ) موحد القطرين 3150 ق.م حتي (المقوقس ) مندوب القيصر( 630 م ).. يجهزون الجيوش لصدهم أو ردعهم .. كأمر متكرر و مستمر ..ويقومون بحملات لإبعاد أضرارهم عن حدودهم )) .. الأمر الذى حرص علي أداءه و دونه علي جدران المعابد و المسلات أغلب حكام مصر القدماء ونعرف أيضا بالتفصيل .. ما حدث للصينيين .. فحتي اطفال المدارس يتعلمون ((أن بناء سور الصين العظيم كان من أجل حماية البلاد من البدو الأعداء والغزاة الشماليين، والمغول الذين نفذوا غارات عديدة على المنطقة)).. و أنه ((على الرغم من تشييد هذا السور إلّا أنّ غارات المغول لم تنتهي)) أى أن هدف بناء سور الصين العظيم الأساسي لم يكن ليزوره السياح و إنما ((هو هدف عسكري لضمان السلام والاستقرار الزراعي في المجتمع الصيني القديم)). و نعرف ما حدث للهند عندما غزتها لقرون طويلة قبائل البدو و إستولت علي ثروات أهلها و نزحتها للخارج ((شنت إمبراطورية المغول العديد من الغزوات علي شبه القارة الهندية من عام 1221 إلى عام 1327، بالإضافة إلى العديد من الغارات اللاحقة التي قام بها مغامرون من أصل مغولي.)) .. ((إحتل فيها المغول أجزاء من شبه القارة لعقود. وتقدموا في المناطق الداخلية الهندية حتي وصلوا لمشارف دلهي)). و كذلك نعرف ما حدث لأوروبا .. و الأضرار التي تسبب فيها القادمون من الشرق ( الهون) و (العثمانيون) أو من الشمال الجرمان و الفايكينج العثمانيون توغلوا بأوروبا حتي مشارف النمسا.. و من قبلهم ((وصل الهون إلى نهر الفولغا، بحلول عام 430 م و فرضوا سيطرة واسعة علي أوروبا ، وقهروا القوط والعديد من الشعوب الجرمانية الأخرى)) ((أقدم الهون، خاصة في عهد الملك أتيلا على شنّ غارات متكررة ومدمرة على الإمبراطورية الرومانية الشرقية و مقاطعة الغال الرومانية الغربية)) .. (( .. الهونيون بقيادة أتيلا ذكر أنهم شربوا الدماء، وكان يصعب عليهم السير على الأقدام بسبب قضاء أوقاتهم على ظهور الخيول، وكان الرومان ينظرون الى أتيلا على انه قزم بشع قطب عينيه بصورة رهيبة متمتعا بالرعب الذي بثه.)) أما من الشمال .. ((فلقد تم اجتياح حدود امبراطورية روما في القرن الخامس من جانب البرابرة القوطيين الجرمان والونداليين والبرغنديين)) . ((ومع انتهاء القرن الخامس انهارت الامبراطورية روما الغربية وسقطت عاصمتها بيد الجرمان )). ((كذلك مع بداية القرن التاسع قام الفايكنغُ بمُهَاجَمَة جيرانِهم الجنوبيِين. واتخذت هذه الغزوات أشكالاً عديدة وامتدَّت في عدة اتّجاهات، في الجُزُرِ البريطانيةِ و بعض الأجزاءِ الفرنسيةِ ، وفي الأندلس ..وتَغيّرت الهجماتُ تدريجياً مِنَ «الكر والفر» إلى غزوات أكبر وأكثر طموحاً أسست فيها فِرقُ البحّارِة المهاجمين قواعدًا قضوا فيها فصل الشتاء. )) و نعرف كذلك أنه ((في أواسط نفس القرن ، نَمت جيوش الفايكنغ في الحجمِ واستعمروا أراضي ظَهروا فيها أولاً كلصوص ومهاجمين. ثم اعتنقوا المسيحيةِ تدريجياً وجَلبوا عائلاتهم من وطنهم الأم أو تَزاوجوا مَع السكان المحليّينِ. في مناطق مثل شمال إنجلترا، ونورماندي بالساحل الشمالي لفرنسا)) . و لكننا في المقابل لا نعرف علي وجه اليقين ما حدث في مصر في زمن مقارب (سنة 639 م )..و نغمض أعيننا عن أحاديث المستشرقين .. و نعتبر أن ألأمورقد مرت بسلام لان أخوتنا في الدين هم الذين نهبونا و قهرونا .. و ندعي أن الغزاة وجدوا ترحيبا في كل مكان .. لكونهم مسلمين .. رغم أن القرأن لم يكن قد دون بعد حتي ذلك الزمان ( قبل ولاية الخليفة عثمان ) و لا علم لأهل البلد به أو بلغته أو بالدين الجديد .. و القائد عمرو بن العاص أتي مصحوبا بجنود ..ليس بينهم دعاة يتحدثون بألسنة المصريين التي لم تكن من بينها العربية . بمعني كان التواصل الديني و الثقافي مفقودا و لمدة طالت حتي الغزو الفاطمي بعد ثلاثة قرون .. و لم يكن بين المحتلين و المقهورين الذين نهبت قراهم و منازلهم .. أى تفاعل أو إختلاط أو تزاوج .. إلا مداومة الإستنزاف المادى و الكرب في تعظيم التحصيل . هذا التجهيل مفهوم أسباب إستمراره عندما كانت المعلومات ضنينة و إنتشارها شديد الصعوبة .. و لكن كيف دام لأربعة عشر قرنا تالية ..بعد أن عرفنا أن العرب (كما دون كل نـُسّاخ أخبارهم الذين وصلت لنا كتبهم) قاموا منذ بداية غزوهم لمصر بإساءات ضد المصريين .. لازال مسكوتا عن ذكرها .. داخل إطار صمت جماعي أقرب للمؤامرة . (( حينما إستولوا علي نقيوس (وكانت مركزا للديانة المسيحية ) قتلوا الآلاف من أهل المدينة ونهبوا كثيرا من الأسلاب وأسروا النساء والأطفال وتقاسموهم فيما بينهم وجعلوا المدينة قفرا)) .. نفس الأمر تكرر مع مدن أخرى و منها العاصمة الأسكندرية بعد ثلاث سنوات ((كانت مصر فريسة للعربان وكان عندما يدخل المسلمون بلدا يقتلون الرجال ويغتصبون النساء ويأخذون الأطفال ولم يشفقوا علي أحد، نهبوا وقتلوا كل ما هو موجود وحرقوا ما تبقي قبل ان يغادروا)) (( دفع عمرو بالآلاف من المصريين لحفر خليج تراجان بأمر من الخليفة عمر حتي تسير فيه السفن حاملة الخيرات المنهوبة من مصر الي الحجاز وذلك إثر مجاعة حلت بالعرب عام 21 هـ )). الكتب القديمة لإبن إياس و المسعودى و إبن عبد الرحمن وغيرهم حتي الجبرتي تمتلئ بمثل هذه الفظائع التي سأورد بعضا منها .. وتشير أيضا إلي مقاومة المصريين . فمنذ خلافة الوليد بن عبد الملك(705 - 714 م ) و المصريون يهربون من مكان الي مكان، يهجرون الأرض الزراعية حتي أن الخليفة التالي له أصدر لنائبه في مصر أمرا بوشم الفارين من الجبايات المالية . ((ومع ذلك إستمرت حركة الهروب بحيث أخذت شكلا واسعا في فترة حكم (قرة بن شريك)، عندما كانت أسر بأكملها تهرب من مكان الي اخر فرارا من دفع الاموال المطلوبة منها، واضطر ابن شريك إلي إنشاء هيئة خاصة مسلحة لوقف تلك الحركة وإعادة كل هارب الي موضعه ولكي لا يتمكن أحد من الهروب عملت سجلات للأهالي بمحلات إقامتهم وألزم الشخص الذى يريد الانتقال من جهة الي أخرى أو يريد الابحار بسفينة أن يحمل معه سجله)). السؤال الذى يدورون حوله.. و يتجاهلونه كنتاب التاريخ المحدثين ..هل كان العرب الغزاة بدو .. ينطبق عليهم ما قيل عن تناقض الرعاة و الزراع ..؟ أم دعاة لدين جديد يسعون لنشرة بالحكمة والموعظة الحسنة بين الكفار و المكذبين أستاذ الأساتذة الدكتور (جواد علي) في موسوعته عن ((العرب قبل الاسلام )) يتساءل في مطلع كتابه عن الأسباب التي دعت إلى تعمد المسلمين طمس أخبار الجاهلية ( وتاريخ المجتمعات المستعمرة ) بعد ظهور الإسلام !! (( بسبب انهم لم يكن لديهم كتب مدونة في تأريخهم ولا علم بأحوال أسلافهم، وأن الاسباب كانت قد تقطعت بينهم وبين من تقدمهم فلم يكن لديهم ما يقولونه عن ماضيهم غير هذا الذي وعوه فتحدثوا به إلى الإسلاميين، ووجد سبيله إلى الكتب؟)) العرب ((لم يكونوا يميلون إلى تدوين تواريخهم، فلم يكونوا مثل الروم أو الفرس يجمعون أخبارهم وأخبار من تقدم منهم وسلف، فلما كان الإسلام، وجاء زمن التدوين، لم يجد أهل الأخبار أمامهم من شيئاً غير هذا الذي رووه وذكروه من بقايا ما ترسب في ذاكرة المعمرين من أخبار.)) (( لقد عزا بعض الباحثين هذا التقصير إلى الإسلام كمنهج تفكير و اسلوب حياة ، فزعم إن رغبة الإسلام كانت قد اتجهت إلى استئصال كل ما يمت إلى أيام الوثنية في الجزيرة العربية بصلة، مستدلا بحديث: (الإسلام يهدم ما قبله) ، فدعا ذلك إلى تثبيط همم العلماء عن متابعة الدراسات المتصلة بالجاهلية، والى محو أثار كل شيء تفرع عن النظام القديم، لم يميزوا بين ما يتعلق منه بالوثنية والأنصاب والأصنام،وبين ما يتعلق بالحالة العامة كالثقافة والأدب والتأريخ ، فكان من نتائجه ذهاب أخبار الجاهلية، ونسيانها، وابتدأ التأريخ لدى المسلمين بعام الفيل. ولهذا كان المؤرخون أو الأخباريون، الذين يحاولون تدوين أخبار الماضي وحفظ مفاخره، ينظر اليهم شزراً في المجتمع الإسلامي، وخاصة في العهد الإسلامي الأول والراجح أن السبب في ذلك هو الرغبة في عدم دراسة الأشياء التي قرر الإسلام طمسها، أعني بذلك الديانات والطقوس الوثنية في بلاد العرب)) و كان هذا سلوكهم مع الأقطار التي غزوها .. نفي كل ما سبق الإسلام كما قال الخليفة عمر لولاته علي الأقطار .. بأنهم ليسوا في حاجة لكتب الكفار إذا كانت تخالف القرأن .. أما إذا كان بها نفس المعلومات .. فلدينا الأصل . وهكذا من الصعب معرفة كيف كان مجتمع ما قبل الدعوة الا من خلال ماسمح به كتاب السيرة بعد عدة عقود و مأخوذ معظمه عن الإسرائيليات . . ولكننا نستطيع بدرجة مناسبة من الثقة يمكننا أن نقول ان الثقافة التي سادت في ذلك الزمن و العلاقات الاقتصادية والاجتماعية كانت تدور في الغالب حول مجتمع بدوى يحمل كل الملامح المعروفة لمثيله عبر العصور .. أو كما أورد الأستاذ (( وانه قد تم دعمه من الخارج بواسطة الجماعات المسيحية (الايروسية )اللاجئة لشبه الجزيرة والتي كانت تؤمن بإنسانية المسيح ومضطهدة بسبب ذلك في جميع أنحاء الامبراطورية .. فطعمته بكل المتيسر لها من القدرات والاسباب التي جعلت من السكان المتصارعون دوما علي الكلاء و الماء المختلفي اللغات و اللهجات والاديان جماعه موحدة متماسكة قادرة علي هزيمة اضخم إمبراطوريتين عرفهما الزمن القديم)) . ثم يسأل سؤال شديد البراءة (( هل كانت السيدة خديجة رضي الله عنها و إبن عمها ورقة بن نوفل من أتباع المسيحي الفار لشبه الجزيرة (إريوس ) لذلك لم يتزوج سيد الخلق عليها حتي وفاتها !!.وكان مقتنعا أن السيد المسيح( النبي إلانسان ) لم يصلب و إنما شبه لهم )). تعقيبا علي ذلك يطفو سؤال أخر لابد من طرحه .. هل لاقت جيوش الغزاة المسلمين .. عونا من الطوائف المسيحية المعادية لبيزنطة .. علي أساس أنهم شعبة ( إيروسية ) من شعب المسيحية الشرقية .؟. لا توجد ردود كافية مؤكدة أو نافية فهي من الأخبار التي لا نتداولها عمدا..و لكن ما تفسير تعاون بعض رجال الدين المسيحي المحلي مع الغزاة المسلمين في الأقطار التي كانت تحتلها الإمبراطورية البيزنطية . . غير تصورهم أنهم يحملون شعبة من الدين المسيحي الشرقي المناهض للدين الرسمي للأمبراطورية . يكمل الأستاذ .. و ((بذلك لن يكون مدهشا أن معظم طقوس و اساليب القوم في الحياة لم تتغير باعتناقهم الدين الجديد إلا قليلا .. شهورهم قمرية و مناسك حجهم إبراهيمية و حرفتهم الغزو للمناطق الغنية او الزراعية .. قطع الطرق علي القوافل وسلبها سار كما إعتادوا ، و الكعبة لم تختلف الا بازاحة الاصنام من حرمها .. والتجارة في العبيد و الجوارى والاغنام و الابل كما هي ..وأسلوب تقسيم غنائم الغزوات و الحروب ..و إحتقار المرأة حتي مستوى إعتبارها جلابة للعار و الشؤم .. والولاء لشيخ القبيلة المتحكم في الارزاق والامان..والتفاخر بالانساب مع إلاقلال من شأن الاخر لم يتبدل.)) هذا هو ما حدث في الأقطار المقهورة .. طمس تاريخهم .. تدمير مكتباتهم .. وبدء التاريخ لديهم من زمن (الفتح ) وتهميش حضارة أصحاب الأرض ..و تلويثهم ..أو كما أورد المسعودى عن المصريين ((نساؤها شر نساء الارض وعندهم خبث ودهاء و مكر ورياء وهي بلد مكسب لا مسكن .. فكن منهم علي حذر )).. او ما كتبه عنهم ابو الصلت ((أهل مصر الغالب عليهم إتباع الشهوات و الانهماك في اللذات و الانشغال بالترهات .. و التصديق بالمحالات وعندهم مكر وخداع ولهم كيد و حيل )). فإذا كان العرب غزاة مصر من البدو الذين لم تغيرهم تعاليم الدين الجديد وبقي سلوكهم علي حاله إلا في تجميعهم معا .. فهل حقا وجدوا ترحيبا .. و أحضانا دافئة من السكان المحليين .. فلنتابع قصة نهب مصر و إفقار سكانها .. لحساب المستعمرين المستبدين .!! نهايةعام 640م تحرك في إتجاه العريش 3500 شخص من عربان الجزيرة (الذين لا نعرف عنهم الكثير الا ما خطه بعد ذلك أنصارهم من أحاديث لفقوها لتمرير كونهم من اشراف القوم ومبررين أبتزازهم للموالي من سكان المستعمرات ) وهاجموا مصر . نهبوا و سرقوا ثروات اهلها و عاثوا فيها فسادا يدمرون بناياتها (بما في ذلك فك منارة الاسكندرية وكسوة الهرم الاكبر) ، يسرقون الذهب و الجوهر من الاثار علي اساس انها خبيئة فرعون وأهله ،يردمون المصارف لمرور خيلهم فتطبل ارض شرق الدلتا و تملح و تخرج من الانتاج ،يحرقون المكتبات والكتب ، يسبون الاطفال و النساء ويبيعونهم في اسواق النخاسة و يرهبون السكان فارضين الاتاوات المجحفة . وتهاجر قبائلهم تتحلق حول القرى في تجمعات منفصلة لا تختلط بالمحليين ولا تعمل في الفلاحة كما يعمل المصريون ..إنما تعيش عالة علي الجيران...ثم يرسلون كل ما غنموا من الفيء الي مقر الخلافة اينما كان لمدة 340 سنة (من 18 هجرية الي 358 ) ثلاثة قرون ونصف فقد فيها المصريون (من الذين إتبعوهم أو من الذين إحتفظوا بدينهم) كل ثرواتهم وناتج كدهم حتي ضعفوا و اصبحوا مطمعا لعابث اخر قادم من الغرب إحتل بلادهم دون مقاومة تذكر الوالي البدوى عمرو بن العاص..عندما إستقر بمصر وضع الاسس التي سار عليها بعد ذلك باقي الولاة وهي أن مال المصريين و ناتج عرقهم ليس لهم و إنما هو فيء للخليفة القابع في مكان ما منتظرا ما يجمعه له عماله من الخراج و الجزية الفردية و الجماعية و أن اى اموال توجد بحوزة الاقباط يتم مصادرتها (كغنيمة) . و هكذا لم تكن من اولوياته هو ومن تلاه خلال ثلاثة قرون ونصف تقديم الاسلام للمصريين كي يعتنقوه او يتبعوه .. بل لم يميز من (أمن) عن من (بقي) علي دينه ..ولم يحصل علي حقوق و مميزات من (أمن) مثله من العرب بل تم تسميتهم موالي .. لتسقط اى دعاوى تتصل بان الغزو كان بهدف نشر الاسلام و تبقي حقيقة وحيده أن البدو في لحظة ضعف. مصرية .هاجموها للحصول علي درها وصرها كما كانوا يفعلون خلال أربعة الاف سنة منذ بداية تكوين الدولة المصرية . ((ثم أن عمرو عندما إستقر في مدينة الفسطاط جمع القبط وقال لهم من كان عنده كنز وكتمه عني ضربت عنقه )) (( فوجد مخبأة أسفل الفسقية فيها ذهب دنانير مسبوكة فنقله بالقفاف الي داره ثم إكتال الربع فإذا هو إثنان و خمسين اردبا )) ... (( ثم أن عمرو احضر بطرسا بين يديه وضرب عنقه بحضور جماعة من القبط فلما راوا ذلك كل من كان عنده كنز احضره بين يدى عمرو )). الجزية هي ما دفعه من لا يدينون بالاسلام مقابل حماية ورعاية الدولة لهم وهم على دينهم (او هكذا كان الادعاء) ...و كان يطبق في مصر جزيتان احدهما علي رؤوس الرجال و ألاخرى علي أهل القرية بالتضامن فمن هلك منهم يوزع نصيبه ليدفعه الباقي من سكانها عوضا عن المتوفي . وظلت هذه الجزية مطبقة في مصر علي من اسلم و من بقي علي دينه أغلب سنين حكم البدو. وكان يضاف لها ما يقال له حق الضيافة و هو حق لكل بدوى يطأ ارض الكفرة من الموالي .. وقد يصل هذا الي إستضافة جيش باكمله كما حدث مع المأمون اثناء إعادة إحتلال مصر . أما الخراج فكان يدفعه المصرى من المال أو المحصول وتم فرضه على إجمالي الأرض الزراعية المصرية علي اساس انه قد تم فتحها عنوة فتصبح بذلك حق لبيت المال البدوى حتي لو اسلم شاغلها فإن ارضه تعتبر كافرة و كانت هذه الارض الكافرة تترك في يد أصحابها يزرعونها ويدفعون خراجها ، وكان الخلفاء يحاسبون عمال الخراج حساباً عسيراً الفييء بمعني ما أفاء به الله (كمنحه) للمسلمين دون قتال وما يتصالح به الكفار معهم من خراج وجزية وتقديم كنوز مخبأة . فقد امر الخليفة عمر بعدم توزيعه علي الغزاة وبان يذهب كله الي بيت المال. هو و كل ما (إغتنمه ) البدو المسلمون في الحرب من الأعداء سواء كانوا أسرى ( من الرجال المقاتلين) او سبى (من النساء والأطفال) أوأراضي وأموال لقد كان الخليفة ( في كل العصور ) يولي مصر لمن يلتزم بتوريد قدر معلوم من الاموال لبيت المال و كان الوالي يقسم مصر الي مناطق يقطع كل منها الي ملتزم و كان الملتزمون يجتمعون في جامع عمرو فينادى عليهم ((صفقات صفقات )) و تتم مزايدة لالتزام مدتة اربع سنوات و من يرسو عليه المزاد يتولي تحصيل الخراج من المزارعين علي أقساط تغطي (( نفقاته و أرباحه ونفقات الوالي و جنوده و عماله و ارباحه و تسدد ما إلتزم به للخليفة )) وهكذا كان الولاة عندما يتم تعينهم ((يطلق عليهم عمال الخراج ويشترط عليهم الخلفاء في كتب تقليدهم المال الذى يلتزمون به و عليهم الهدايا و التقادم من الخيل العربية والبغال الحبشية والجمال الباجوية و الثياب الديبيقية ومقاطع الشرب الاسكندرانية والطرز البهناسوية و إجلال الخيل و الستور الفيومية و عسل النحل البنهاوى وغير ذلك من أصناف لا توجد الا بمصر )). لقد كان علي المصرى أن يدفع دينارين عن كل رأس ثم زادها معاوية الي ثلاثة هي كل ما يمكن للفقير إدخاره في عام ..سواء كانت الايام أيام رخاء او كانت أيام قحط او طاعون او حروب وفي هذه الايام كان المزارع و البيوت و الاجران تصبح عرضة لنهب جماعات البدو المتحلقة حولها و كانت النساء و الاطفال عرضة للسبي و الخطف و البيع في أسواق النخاسة .. (عبيد الله بن مروان الحمار )اخر خلفاء بني امية .. عندما طارده (عبد الله بن علي )باوامر من (عبد الله السفاح ) اول خلفاء بني عباس لجأ لمصر و منها الي النوبة عام 133 هجرية طالبا الحماية من ملكها الاسود الذى لا يتحدث العربية .. فقال له من خلال مترجم : ((قل له أنتم تلوذون الي نبيكم بقرابة و أنتم تشربون ما حرم عليكم من الخمر .. وتلبسون الديباج و هو محرم عليكم و تركبون في السروج الذهب و الفضة وهي محرمة عليكم و لم يفعل نبيكم شيئا من هذا ؟ و بلغنا عنك لما وليت مصر كنت تخرج للصيد وتكلف أهل القرى .. وكل هذا من أجل كركي تصيده قيمته سبعة أنصاف وهذه بدع إخترعتموها من أنفسكم)) (( ولما إستحللتم ما حرم الله عليكم سلبتم ملككم و أوقع الله بكم نقمة لم تبلغ غايتها بعد .. وانا أخاف علي نفسي إن أنزلتك عندى أن تحل بي تلك النقمة التي حلت عليكم .. و لكن إرحل عن أرضي بعد ثلاثة أيام و إلا أخذت ما معك من أموال و قتلتك)). . عندما عين الخليفة (المستعين بالله )أحمد بن طولون واليا علي مصر عام254 هجرية ((كان ضيق الحال يحتقره من يراه وكان بمصر شخص من الاعيان يقال له علي بن معبد البغدادى فلما رأه في ضيق بعث اليه عشرة الاف دينار صدقة فقبلها منه ..)) عندما مات احمد بن طولون270 هجرية بعد 16 سنة حكم ((خلف من الذهب العين عشرة الاف الف الف دينار (عشرة مليارات ) و من المماليك سبعة الاف و من العبيد الزنج اربعة و عشرون الف عبد و من الخيول سبعة الاف و من البغال ستة الاف و الجمال عشرة الاف و من الفصوص و الجواهر مائة صندوق هذا غير الضياع و الاملاك و البساتين )). لم يكن إبن طولون حالة خاصة فالزبير ابن العوام ترك بعد موته أيضا ثروة عظيمة وقصور بالبصرة و الكوفة و الفسطاط و الاسكندرية وعبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقاص لقد كان البعض يوهب كامل خراج الاقليم مثلما حدث لابن العاص عندما إستخلص مصر من العلويين فوهبها له معاوية لمدة خمس سنوات وترك يوم وفاته حقيبة مصنوعة من جلد ثور كامل مملوءه بالذهب . وهكذا كان الولاة جميعا يحضرون الي مصر بهدف واحد أن ينهبونها لانفسهم و للخليفة و لباقي عصابات المحتلين بما في ذلك المامون الذى عندما أعاد إحتلالها بعد ثورة البشموريين القبط في شرق الدلتا بسبب عسف الولاة في تحصيل الخراج و الغرامات ..رجع ومعه لكل جندى من جنودة ملء كفيه دنانير ذهب نهبت من مصر و اهل مصر .. لتمضي صفحة اخرى من دفتر إنكسار المصريين وتميز بدو الصحراء عليهم ..يحددون لهم بصلف نوع ملابسهم وحجم عمامتهم و وسائل انتقالهم مانعين اعيانهم من ركوب الخيل والافراس محددين ما يقومون به من إحتفالات محرمين شرب النبيذ في عيد النيروز . كان من الممكن أن نظل علي جهالتنا نردد ما قاله عنا غير العارفين و المغرضين نشعر بالخزى و الدونية لولا غزوة نابليون لبلدنا و جهد علماء فرنسا أو كما كتب وول ديورانت ((علم الاثار المصرية جاء كنتيجة ثانوية من نتائج حروب نابليون الاستعمارية فقد شملت هذه الحملة بعض العلماء الذين كانوا يهتمون بمصر إهتماما يظنه الناس سخفا في تلك الايام . و يسعون لفهم التاريخ فهما أوفي و أفضل مما يفهمة المؤرخون و قتئذ و كانت هذه العصبة من الرجال هي التي كشفت للعالم الحديث عن هياكل الاقصر و الكرنك كما جاء بكتاب ( وصف مصر ) الذى أعده المجمع العلمي الفرنسي من عام (1809 -1813 ).. وكان أول خطوة خطاها العلماء في دراسة هذه الحضارة المنسية)).. هذا هو موضوع الجزء التالي من القصة قد أكتب عنه في يوم ما
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثاروا.. ثم أقاموا قصورا وسجونا
-
ما فائدة إضاءة الانوار في منزل يقطنه عميان.
-
أحاديث ما بعد التقاعد (4)
-
أحاديث ما بعد التقاعد (3)
-
أحاديث ما بعد التقاعد (2).
-
أحاديث ما بعد التقاعد (1) .
-
و تعفنت عراجين البلح علي أكمامها .
-
المتوافق مع مجتمع مريض .. هو نفسة مريض
-
أن نفر حتب في قاعة ماعت (3)
-
أن نفر حتب ..في قاعة ماعت (2 )
-
أن نفر حتب ..في قاعة ماعت
-
البردية المجهولة ((الجزء الثالث))
-
((البردية المجهولة))..الجزء الثاني
-
أحلامي المحبطة ..(( البردية المجهولة ))
-
إشاعة (الخوف) .. إنجازكم الأعظم .
-
السقوط في حبائل صندوق الدين(3 ) .
-
السقوط في حبائل صندوق الدين (2)
-
السقوط في حبائل صندوق الدين
-
الاكابر.. وصناعة الطبقة العليوى.
-
أمريكا و جيوش التوابع .
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|