وديع بكيطة
كاتب وباحث
(Bekkita Ouadie)
الحوار المتمدن-العدد: 7052 - 2021 / 10 / 20 - 15:23
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
نجد في روايات المعراج العديد من العناصر التي تعود إلى أخبار وأساطير جاهلية كانت منتشرة في جزيرة العرب ما قبل الإسلام. مثل السلم الذي يُصعد به إلى السماء. وقد ذكره عدد من شعراء ما قبل الإسلام، وأبرزهم زهير بن أبي سلمى. يستوقفنا عند هذا الشاعر حلم صعود أو معراج رواه لأبنائه قبل موته. وجاء في كتاب الأغاني للأصفهاني عنه: "ومما يُروى من خبره أن زهيراً كان نظاراً متوقياً، وأنه رأى في منامه آتيا أتاه، فحمله إلى السماء حتى كان يمسها بيده. ثم تركه فهوى إلى الأرض، فلما احتُضر قص رؤياه على ولده، وقال: إني لا أشك أنه كائن من خبر السماء بعدي شيء، فإن كان فتمسكوا به وسارعوا إليه". (كتاب الأغاني: 61).
وقد عرفت مرويات ما قبل الإسلام الخيل ذوات الأجنحة، والخنازير المجنحة، ورؤية العرش والله، كما مع ابن الصياد، وذلك بتأثير يهود يثرب. والعرش نفسه نجد له وصفا في أشعار أمية بن أبي الصلت (ت 5 هـ). وديوان هذا الشاعر الجاهلي المخضرم ظاهرة بحد ذاتها. ومصدر نهلت منه، على ما يبدو، روايات المعراج، لا سيما بشأن وصف السموات والجحيم، والحور في الجنة وغير ذلك. والتشابه الذي نراه بين الكثير من أبيات هذا الشاعر السابق للإسلام وآيات القرآن أمر يستدعي البحث المعمق في سيرته وشعره وصلته بالرسول، صلعم. وكان من الأحناف، ويتطلع إلى النبوة ويتمناها. ويذكر الرواة أنه كان يرتاد الأديرة والكنائس ويحاور الرهبان. ويبدو أنه أخذ عنهم كثيرا من أخبار الأنبياء ومناهج التصوف. يقول عنه أبو الفرج الأصفهاني (ت 356 هـ) في كتاب الأغاني: كان قد نظر في الكتب، وقرأها، ولبس المسوح تعبدا".
ويروى عن أمية بن أبي الصلت حادثة شق صدره التي ذكرت عن النبي محمد أيضا. ويذهب بعض الباحثين إلى حد القول إن شعره أحد مصادر القرآن. فيجيبهم آخرون أن هذا الشعر نحل إليه بعد الإسلام. ويرد الدكتور عبد الحفيظ السلطي جامع ديوانه بالقول: فشهرة أمية بن أبي الصلت لا تقوم في الأصل إلا على شِعره الديني بالذات. ولا يمكن أن يضيع كل ما له من شِعر ديني أصلا، ثم يوضع له كل ما نجده الآن من شعر ديني، وإذا بلغنا من شعره ما فيه هجاء وتعريض بالمسلمين والرسول، فمن باب أولى أن يبلغنا شيء من شعره الديني الموثق".
#وديع_بكيطة (هاشتاغ)
Bekkita_Ouadie#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟